«ورشة العَمرة».. مقصد الأمريكيين والأوروبيين والأفارقة: نصنع قطع الغيار بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية

«ورشة العَمرة».. مقصد الأمريكيين والأوروبيين والأفارقة: نصنع قطع الغيار بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية
- أرض الواقع
- إبراهيم فوزى
- الإرادة السياسية
- الاتحاد السوفيتى
- الحكومة المصرية
- الحكومة الهندية
- الدول العربية
- الدولة المصرية
- الشركات العالمية
- أرض الواقع
- إبراهيم فوزى
- الإرادة السياسية
- الاتحاد السوفيتى
- الحكومة المصرية
- الحكومة الهندية
- الدول العربية
- الدولة المصرية
- الشركات العالمية
«مصر صنعت محرك طائرة نفاثة أسرع من الصوت، وطار 93 ساعة بكفاءة»، حقيقة عاشتها «الوطن» فى «مصنع المحركات»، التابع للهيئة العربية للتصنيع، عبر مشاهدة «المحرك»، وتفاصيل مراحل إنتاجه داخل «المصنع»، ضمن عدد من الإنجازات التى حققها فى مجال الصناعات الحربية والدفاعية، فضلاً عن إنتاجيته المدنية فى ظل استغلال فائض قدراته الإنتاجية لصالح المشروعات التنموية للدولة بعد حالة السلم التى شهدتها مصر منذ عام 1973 حتى الآن.
البداية كانت عام 1960، حين أسست الحكومة المصرية بتعليمات من «عبدالناصر»، شركة فى سويسرا تُدعى «MECO»، والتى أُسست لترعى مشروع مصر لإنتاج طائرة مقاتلة نفاثة أسرع من الصوت محلياً، مع استخدام مُحرك تنتجه شركة بريطانية لتطير به «المقاتلة»، إلا أن احتياج هذه الشركة لتكاليف باهظة دفع الدولة المصرية لإنشاء مصنع فى مصر تحت مُسمى «135 الحربى»، وهو المعروف حالياً باسم «مصنع المحركات»، الذى هدف منذ بداية نشأته لتصميم وتطوير وإنتاج المحركات التوربينية المستخدمة فى الطائرات الحربية النفاثة. ونجح «135 الحربى» فى تصنيع جميع أجزاء محركات الاختبار بالكامل محلياً، وتم تصنيع 4 محركات اختبار خلال 6 سنوات فقط منذ بدء المشروع، تم اختبارها على طائرة النقل العسكرى من طراز «أنتينوف 12»، عبر إزالة أحد محركاتها، وتركيب المحرك المصرى، الذى حمل اسم «A300»، لتطير الطائرة على سرعات منخفضة، ثم على ارتفاعات منخفضة، ثم تم اختبارها على ارتفاعات وسرعات أعلى، لينجح المحرك فى العمل بكفاءة.
{long_qoute_1}
بعدها اتجهت «الإرادة السياسية» لاختبار المحركات المصرية على طائرة مقاتلة ذات محركين، ليتم التواصل مع الحكومة الهندية، واستخدام المقاتلة الهندية من طراز «HF24»، عبر نزع أحد محركاتها، وتركيب المحرك المصرى، ليتم الاختبار، وتطلب الحكومة الهندية استخدام المحرك المصرى فى طائرتها بعد رفعه لأدائها، إلا أن إعطاء الاتحاد السوفيتى لهم رخصة تصنيع الطائرة «ميج 21»، أدى لاستبعاد تلك الفكرة قبل تنفيذها.
وعقب الاختبار، نفذ مصنع «135 الحربى» 18 محركاً، وكان من المقرر تنفيذه بـ3 نماذج، الأول خاص بالطائرة المصرية «القاهرة 300»، والثانى للطائرة «هندوستان HF24»، وتم تنفيذهما بنجاح، وكان هناك نموذج خاص بطائرة مدنية إلا أنه لم يتم تنفيذه على أرض الواقع.
وبلغ عدد الاختبارات الأرضية واختبارات التحميل بمنصات الاختبار فى المصنع نحو 4 آلاف ساعة دوران، مع استخدام المحرك المصرى على «الطائرة الهندية» برفقة محرك آخر كانت تطير به الطائرة لنحو 93 ساعة طيران، تجاوزت خلاله الطائرة سرعة الصوت «عدة مرات».
وكان من المخطط أن تطير «القاهرة 300» بالمحرك المصرى فى فبراير 1970، إلا أن إيقاف العمل بالمشروع عقب هزيمة 1967 حال دون ذلك. ورغم مرور قرابة 51 عاماً من إيقاف العمل فى مشروع إنتاج «المقاتلة المصرية»، والـ«محرك» الخاص بها، إلا أن القيادات السياسية المتعاقبة للبلاد طوال تلك الفترة، حرصت على ألا يتوقف العمل فى «135 الحربى»، ولو للحظة، حيث تم ضم «المصنع» للكيان الوليد الذى سُمى بـ«الهيئة العربية للتصنيع»، بالتعاون بين الدول العربية فى عام 1975، حيث واصل المصنع عمله، لكن تم تغيير مسماه إلى «مصنع المحركات»، وما زال حتى اليوم يعمل فى مجال محركات الطائرات الحربية والمدنية، ولكن تلك المرة فى مجال عمرتها، وصيانتها، واكتشاف العيوب الفنية، وشروخها، وإصلاح تلك المكونات لتكون صالحة للعمل لسنوات طويلة، بدلاً من شراء أخرى أو عمرتها فى الخارج بفارق زمنى ومالى كبير.
واصطحب اللواء مهندس إبراهيم فوزى، مدير عام عمرة الطائرات فى مصنع المحركات، «الوطن»، فى جولة داخل الورش التى يشرف عليها داخل «المصنع»، أوضح خلالها أنهم يمتلكون قدرات إجراء العمرات لـ11 نوعاً من المحركات لمختلف الاستخدامات، سواء كانت مدنية أو عسكرية، مشيراً إلى أن أبرز الأنواع التى يجرون لها «العمرة» حالياً، هى طائرة النقل الاستراتيجى لمصر حالياً «C130»، وطائرات «الميراج»، وطائرة «البيتش كرافت»، وكذلك محركات الطائرة «K8E»، وهى طائرة العروض الجوية والتدريب والدعم الأرضى المصرية، والطائرة العتيقة «ميج 21»، التى استخدمتها مصر فى حرب أكتوبر المجيدة.
{long_qoute_2}
ويوضح «فوزى» أن «مصنع المحركات» من ضمن المصانع ذات السمعة العالمية الجيدة فى مجال عمرة المحركات، موضحاً أنهم دخلوا فى مجال عمرة وإصلاح محركات الطائرات النفاثة والمروحية، وإنتاج قطع الغيار اللازمة لها منذ عام 1983، وذلك بالتعاون مع كبرى شركات الطيران فى العالم. ويشير مدير «العمرة» إلى أنهم نجحوا فى تصنيع قطع غيار نمطية وغير نمطية للمحركات التى يتم إجراء العمرة لها على مستوى العالم، بالإمكانيات التكنولوجية المتاحة لديهم.
ورغم كون القوات الجوية المصرية هى العميل الرئيسى الذى تم إنشاء المصنع من أجله، وأن تلبية احتياجات «نسور الجو» المصريين هى الهدف الأساسى لهم، كما يوضح «فوزى»، إلا أنه يشير كذلك إلى أن مصنعه لديه عملاء فى عدد من دول العالم، سواء فى أوروبا أو أفريقيا أو دول عربية مثل أمريكا، وكندا، ونيجيريا، وإيطاليا، وكينيا، وتايلاند، وغيرهم من العملاء. ويشير «فوزى» إلى حرص الهيئة على تدريب الطاقات البشرية والكوادر الفنية لمواكبة التطور السريع فى تكنولوجيا محركات الطائرات بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية.
ويؤكد أن عمرة المحركات داخل مصنعه توفر مبالغ مالية كبيرة للدولة تصل لمئات الملايين من الدولارات، مشيراً إلى أنهم يتعاونون مع عدد كبير من الشركات العالمية منها «جنرال إلكتريك»، و«برايت آند ويتنى»، ومعهد اللحام الفرنسى الذى يجرى اختبارات للحامين فى المصنع، ويمنحهم شهادات اعتماد سنوياً، كما أن مصنع المحركات حصل على شهادة اعتماد من هيئة الطيران الأمريكية، وسلطات الطيران المصرية، مشيراً إلى أن دقة عملهم فى المصنع تقدر بـ«الميكرون».
ويلفت «فوزى» إلى أن إحدى الشركات العالمية عرضت توريد معدات خاصة بالتعامل مع المحركات بقيمة آلاف الدولارات، فى حين أن مهندسى المصنع صمموا مُعدة متحركة أفضل منها وبربع التكلفة تقريباً، مما أبهر تلك الشركة، وطلبت تصميم تلك المعدة لتصنيع مثيلها لديهم واستخدامه. وأوضح مدير «العمرة» أن دولاً أفريقية، ومن أمريكا، وكندا يستخدمون مصنعهم لعمرة طائرات «البافلو»، موضحاً أن بابهم مفتوح لكل من يريد عمرة محركات طائراته، من الطرازات التى يعملون فيها.
من جهته، قال المهندس محمود القرش، المهندس المسئول عن عمرة محرك الطائرة «البافلو»، إنه يتم تعمير المحرك من «الألف» إلى «الياء»، مضيفاً: «الحمد لله نتفوق على الجهات الخارجية فى عمرة المحركات، ولدينا خبرة 30 عاماً فى محركات البافلو». وفى ورشة محرك طائرة «الألفاجيت»، رصدت «الوطن»، خلال جولتها، وجود أجزاء من المحركات مفكوكة، وبعضها عليه ورقة خضراء، وأخرى صفراء، وهو ما تحدثت عنه المهندسة هيام عبدالعال، مهندسة «الورشة»، مشيرة إلى أنه فور وصول المحرك يتم فكه إلى أجزاء، ويتم معايرة والتأكد من صلاحية كل جزء للاستخدام، والصالح يتم لصقه بلون «أخضر»، وما يحتاج لإصلاح يستخدم معه اللون «الأصفر»، أما غير الصالح للاستخدام فيكون لونه «أحمر» ليتم استبعاده. وأضافت «هيام»، لـ«الوطن»، أن نوعية العمرة أو الصيانة تتحدد حسب عمر المحرك والعطب الذى قد يكون موجوداً به، مشددة على قدرتهم على التعامل مع مختلف المشكلات التى قد تكون موجودة فى العمرة أو الصيانة.
وأشارت مهندسة ورشة «الألفاجيت»، إلى أن جميع الأعمال التى يحتاجونها فى العمرة تكون داخل الورشة.