الجامعات المصرية.. وجهة العراقيين للدراسة والإقامة وارتداء «الروب والقبعة».. وأشياء أخرى

كتب: أحمد العميد

الجامعات المصرية.. وجهة العراقيين للدراسة والإقامة وارتداء «الروب والقبعة».. وأشياء أخرى

الجامعات المصرية.. وجهة العراقيين للدراسة والإقامة وارتداء «الروب والقبعة».. وأشياء أخرى

بالنسبة لهم كانت مصر الخيار الأنسب، لم تعطهم الأمان وحسب، بل إنها تعطيهم العلم الذى يريدونه، فلا يزال بعضهم يردد أن جامعتها العتيقة، جامعة القاهرة، هى قبلة العلم والعلماء، لا يزالون يكررون أن مصر «أم الدنيا»، التى يرون النور فيها، بعد الظلام الذى نشره الاحتلال والإرهاب فى بلادهم.

بالنسبة إلى ماجدة عبدالله سليمان تُعد كلية الصيدلة حلماً كبيراً كانت تطمح إليه خلال سنواتها التعليمية بالعراق فى مدينة الموصل، لكن الحظ لما يحالفها فى المجموع الكلى بالمرحلة الثانوية، حيث كان عائقاً حال بينها وبين كليات الصيدلة فى الجامعات العراقية، فسريعاً اتجهت أنظارها إلى مصر التى يسمح لها مجموعها بالالتحاق بهذه الكلية فيها، وفى جامعة القاهرة التى تصفها بـ«العريقة».

{long_qoute_1}

تشرح «ماجدة» الأسباب التى دفعتها لاختيار جامعة القاهرة، مشيرة إلى أنها جامعة معترف بها دولياً، إلى جانب أن مجموعها لم يسمح غير بكلية الهندسة داخل العراق، موضحة أنها وصلت فى أكتوبر 2016 مع شقيقتها كمرافقة، وأن اختيار مصر كان أنسب لأنها، مقارنة ببقية الجامعات فى الدول العربية كالأردن والإمارات، أرخص من حيث رسوم الالتحاق والمصروفات الدراسية الأخرى.

وعن الإقامة، تقول «ماجدة»: «حصلت على إقامة دراسية، لكن كانت تواجهنى مشكلة أختى، فما يعطوها إقامة من أجلى، لأنه لا بد الأب أو الأم أو الأخوات الأصغر، فتجلس أختى معى بفيزا سياحية، وكلما تسافر إلى بغداد تقوم بدفع الغرامة لأنها تأخرت فى الخروج من مصر، حيث لم يُسمح لها إلا بشهر واحد»، وتضيف ماجدة أنها كوّنت صداقات مع مصريات، ومن خلال وجودها فى الكلية اكتشفت أن الصديقات المصريات أفضل من مثيلاتهن العراقيات.

وعن المشكلات التى تواجهها فى الدراسة، تؤكد «ماجدة» أن اللهجة المصرية تُعد من العوائق التى تواجهها فى دراستها، إلى جانب الزحام الشديد فى قاعات المحاضرات داخل الكلية، قائلة: «ما بنقدر نفهم وسط الزحام بالمدرج، وكمان الدكتور يتحدث بسرعة ما بنقدر نفهم، فنضطر نتابع التدريس مع السناتر لأن المدرس فيها بيطوّل باله شوى ويكرر، ومفيش خدمات بكلية الصيدلة تحقق الراحة للطلاب، مدرجات مو جيدة والمبنى مو جيد».

{long_qoute_2}

وأوضحت أنها تعلم، من خلال تواصلها مع صديقاتها بالموصل، أن الدراسة فى جامعة القاهرة أصعب بكثير من حيث المنهج العلمى، مؤكدة أن هذه الصعوبة تصب فى مصلحة الطالب وتُعد من الإيجابيات التى تتمتع بها الكلية المصرية، وأنها لهذا السبب تتمنى استكمال دراستها العليا من ماجستير ودكتوراه فى مصر، بل والعمل فيها.

أما عمر وليد، 32 عاماً، فيحضر رسالة الدكتوراه فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، قسم الشريعة الإسلامية، وكانت لديه أسباب خاصة لاختيار مصر للدراسة الجامعية، بل وإكمال دراساته العليا من ماجستير ودكتوراه، فهو يرى منذ صغره أن مصر هى رائدة فى العلم الإسلامى، وتُعد فى مقدمة الدول التى بها علوم إسلامية، وبها علوم ومفكرون على طول تاريخها.

ويشير إلى أنه درس فى جامعة الأزهر الشريعة الإسلامية، وانتقل إلى جامعة القاهرة لتحضير دراساته العليا، فحضّر رسالة الماجستير، وها هو الآن يكمل الدكتوراه، وأن بقاءه سنوات طويلة فى مصر دفعه لينشئ «جروب» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تحت اسم «رابطة الطلبة العراقيين الدارسين فى مصر»، وذلك قبل 7 سنوات تقريباً، وكان لا يتجاوز عددها العشرات، ولم يكن بها سوى مجموعة من طلبة الماجستير والدكتوراه، ولم يكن هناك طلبة من الدراسات الأولية، وهدفها مساعدة الزملاء لبعضهم، وأصبح الجروب هو الأشهر بين كل الطلاب العراقيين الدارسين فى مصر، بل والطلاب العراقيين الذين بالعراق.{left_qoute_1}

ويتابع: «عدد أعضاء الجروب أكثر من 31 ألف طالب، ولدينا طلبات معلقة، نحو ألفى طلب، وفى الجروب نساعد الطلاب العراقيين، سواء الموجودون أو الراغبون فى القدوم إلى مصر، ونعرفهم بطبيعة الحياة الدراسية فى مصر، وتكاليف الدراسة وسعر الحياة وأماكن التسوق والتنزه والإقامة، وكلها أمور خدمية، وقد أغلقنا أى باب للنقاش فى السياسة أو مسائل طائفية أو مذهبية، فالرابطة تسعى للملمة الجالية والطلبة»، مشيراً إلى أن الكثير من الحديث على الجروب عن طيبة الشعب المصرى وكرمه وأخلاقه فى التعامل مع العراقيين، وأن الكثير من الطلاب الذين أنهوا دراستهم فى مصر حنُّوا إلى العودة لمصر، معلقاً: «كيف ما تقولون، إللى يشرب من نيلها لازم يرجع لها».

وحول عدد الطلاب العراقيين الموجودين فى الجامعات المصرية، قال «أدمن» رابطة الطلبة العراقيين الدارسين فى مصر، إن «الأعداد تتراوح ما بين 8 و10 آلاف طالب عراقى فى كل الجامعات المصرية، وهذا العدد تقديرى»، مشيراً إلى أن أكثر الطلاب العراقيين يلتحقون بجامعة القاهرة، ومن بعدها تأتى جامعة الإسكندرية، ثم جامعة المنصورة وبقية الجامعات، والعاصمة تستحوذ على نصيب الأسد من الطلاب العراقيين، بسبب وجود جامعة القاهرة وعين شمس، فضلاً عن جامعة أكتوبر وجامعة مصر للعوم، موضحاً أن هناك إقبالاً من الطلاب الدارسين للعلوم الإنسانية على جامعتَى القاهرة وعين شمس.

ولفت إلى أن معهد البحوث والدراسات العربية، التابع لجامعة الدول العربية، كان يستحوذ فى الماضى على نحو 70% من الطلاب العراقيين، ولكن بعد أن ألغت وزارة التعليم العراقية منذ 5 سنوات الاعتراف بالمعهد، قلّت هذه النسبة، معلقاً: «السبب فى عدم الاعتراف به هو سهولة الدراسة فيه وعدم ضرورة حضور المحاضرات، لكن المعهد كان يوفر الإقامة للطلبة، ولم يحتج من الطالب الحصول على الموافقة الأمنية، وهذا ليس موجوداً فى الجامعات المصرية الأخرى».

{long_qoute_3}

ويقول «عمر» إن الكثير من الطلبة العراقيين يريدون القدوم إلى مصر لإكمال دراستهم، ولكن الموافقات الأمنية وصعوبة الحصول على الفيزا والإقامة تُعد من أكثر المشكلات التى تواجه الطلبة، لأن بعضهم يدخل سياحة وينوى الدراسة بمصر، وبالتالى يحتاج إلى إقامة ليتمكن من الدراسة فى مصر، مناشداً الجامعات أن تتولى مسألة استخراج الإقامة لتسهل على الطلاب التفرغ للدراسة، وعدم المعاناة فى مجمع التحرير والوقوف فى طوابير طويلة، لافتاً إلى أن رسوم الدراسة بعدما ارتفعت فى السنوات الأخيرة أصبحت قريبة من رسوم الدراسة فى دول أخرى مثل أوكرانيا وماليزيا، وأن طالب الدراسات العليا أصبح يدفع فى السنة نحو 8 آلاف دولار، وهذا المبلغ جعل العراقيين يختارون ماليزيا وأوكرانيا.

وفى جامعة المنصورة، يواصل أحمد كاظم الجبورى، 43 عاماً، دراساته العليا فى كلية الإعلام، فعلى الرغم من اشتغاله موظفاً فى التليفزيون العراقى وحصوله على 14 هوية إعلامية من المؤسسات الصحفية ووكالات الأخبار التى عمل بها، فإنه أصر أن يأتى لمصر لاستكمال دراسة الماجستير والدكتوراه بها، وهو يقول إنه أحب مصر، وهذا السبب كان كافياً فقط ليأتى إليها، ولم يخب ظنه، فمنذ أن جاء فى بداية العام الحالى، وجد ترحيباً شديداً من الطلاب وأساتذته الجامعيين، معلقاً: «بصراحة بس لمجرد إنى أقول عراقى الناس كلها ترحب بى، والله أحسّ إنها بلدى وما فى غربة».

ويضيف «كاظم» أنه عانى فى البداية من استخراج الفيزا والإقامة لأنه جاء إلى مصر بفيزا سياحية، وبعدما قدم على فيزا دراسة وجد أنها لا تعطيه حق البقاء فى مصر سوى لثلاثة أشهر فقط، ما اضطره وهو عائد إلى بغداد أن يدفع غرامة مالية قدرها 1200 جنيه، لتأخره فى العودة إلى بغداد حتى يجدد فيزا سياحية لحين إنهاء استخراج الإقامة، مؤكداً أنه ينوى البقاء فى مصر ولن يغادرها.

وحول أماكن إقامتهم، قال سعد رميض جثام، ابن مدينة الضلوعية، التابعة لمحافظة صلاح الدين، الذى جاء إلى مصر هذا العام، لتحضير رسالة الماجستير فى قسم السياحة والفنادق بجامعة المنصورة، إن العراقيين يفضلون التجمع واستئجار الشقق، ويبتعدون عن المدن الجامعية حتى يشعروا بأنهم فى بلدهم وغير مقيدين بنمط معيشى معين، موضحاً أن غالبية الطلبة العراقيين يسيرون على هذا المبدأ فى تجميع أنفسهم واستئجار شقق سكنية.

اقرأ أيضًا:

العراقيون فى مصر «النيل بطعم الفرات»

طالبو اللجوء: عطف المصريين يهوّن علينا تجاهل «مفوضية اللاجئين»

رجل أعمال عراقى: مصر تشبه أمريكا فى الفرص.. ومناخ الاستثمار أفضل من الخليج

«الموصلى».. شاعر عراقى يكتب 40 قصيدة «فى حب مصر»

«الكباب العراقى» من الفلوجة إلى 6 أكتوبر.. «أكلة الألف سنة» باقية

سر صنعة الخبز العراقى.. الرمى بـ«الطبقية» واللقط بـ«الماشة»

«فتحية»: اخترت مصر لأنها «أم الدنيا»

رئيس الجالية: العراقيون والمصريون أكثر شعبين متجانسين

«زعيم» أقدم أبناء الجالية شارك فى «المقاومة الشعبية» سنة 67.. وحصل على الجنسية بأمر «السادات»


مواضيع متعلقة