النيابة الإدارية تكشف أوجه القصور والخلل بمنظومة إشارات السكة الحديد

كتب: أحمد ربيع

النيابة الإدارية تكشف أوجه القصور والخلل بمنظومة إشارات السكة الحديد

النيابة الإدارية تكشف أوجه القصور والخلل بمنظومة إشارات السكة الحديد

أصدرت هيئة النيابة الإدارية تقريرا عن أوجه القصور والخلل في منظومة الإشارات بالسكة الحديد وكيفية علاجها، بمناسبة إنهاء تحقيقاتها في حادث قطار المرازيق وإحالة 10 مسؤولين بهيئة السكة الحديد للمحاكمة التأديبية.

وتنشر "الوطن" نص التقرير الذي أعده المستشار سعد خليل عضو المكتب الفني لرئيس هيئة النيابة الإدارية تحت إشراف المستشار عصام المنشاوي مدير المكتب الفني.

عرض التقرير مقدمة عامة ذكر فيها، أن دور النيابة الإدارية لا يقتصر على مباشرة التحقيق في المخالفات فقط بل تمتد رسالتها في أسمى غايتها؛ لتحديد أوجه القصور والخلل الذي أدى إلى حدوث هذه المخالفات وتقديم الحلول القانونية والعملية الكفيلة بعلاج هذا الخلل والقصور وبذلك تكتمل منظومة الرسالة التي تجملها النيابة الإدارية وهي الرسالة التي أوكلها لها قانون إنشائها باختصاصها بضبط أداة الحكم تحقيقًا للصالح العام وضمانًا لحسن سير أداء المرافق العامة للدولة.

وتبين للنيابة الإدارية في أثناء تحقيقها للقضية رقم 112/2018 رئاسة الهيئة بشأن خروج جرار وعربات القطار رقم 986 عن القضبان وانقلاب بعضها يوم 13/7/2018 نتيجة عطل بالتحويلة الخاصة بمحطة المرازيق – أن هناك خلل في منظومة العمل بالسكة الحديد متمثل في الآتي:

أولاً: قصور وخلل بالمنظومة الفنية للإشارات للسكة الحديد.

ثانياً: قصور وخلل بمنظومة العمل "العنصر البشري" بالسكة الحديد.

وبشأن أوجه القصور والخلل في منظومة الإشارات بالسكة الحديد وكيفية علاجها أفاد التقرير

أولاً: أوجه القصور والخلل في منظومة الإشارات بالسكة الحديد وكيفية علاجها:

كانت سكك حديد مصر ظلت مهملة منذ أكثر من 30 عاما وقد شهدت العقود الأخيرة العديد من حوادث وكوارث القطارات التي أودت بحياة العديد من أبناء هذا الوطن وبعد كل حادثة كانت النيابة الإدارية – بمناسبة تحقيقاتها – تدق ناقوس الخطر وتنادي بضرورة تطوير منظومة السكة الحديد في ضوء توصياتها لعلاج أوجه الخلل والقصور، والنيابة الإدارية على يقين بأن توصياتها ستجد لها آذان مصغية في ظل ما تتسم به هذه المرحلة من مواجهة تركة الفساد الإداري ووضع حلول جذرية لها في كافة المجالات.

أولا-  منظومة الإشارات بالسكة الحديد:

تعتمد منظومة الإشارات بالسكة الحديد على نظام الربط الكهربائي أو الدوائر الكهربائية وذلك وفقا للنظام المستحدث عام 1992 ببعض الخطوط وأن الخطوط الأخرى مازالت تعمل بنظام الربط الميكانيكي القديم.

عيوب هذا النظام:

1- أن هذه الأنظمة قديمة جداً ولا تواكب الأنظمة الحديثة والمتطورة بأنظمة السكك الحديدية.

2- لا توجد قطع غيار لهذه الأنظمة لأن الشركات المنتجة لا توقف عن إنتاجها او العمل بها منذ فترة طويلة ولذلك يتم الاعتماد قطع غيار بديلة قد تؤثر في كفاءة المنظومة.

3- إن نظام الربط الكهربائي أو الميكانيكي لا يعتمد على نظام التحكيم المركزي لسير القطارات.

4- هذه الأنظمة لا يوجد بها نظام تسجيل للأحداث الخاصة بسير القطارات سوء بالإدارة المركزية أو لوحة التشغيل.

5- هذه الأنظمة تعتمد على العنصر البشري اعتمادا أساسياً في تشغيل وتسير القطارات ولكل محطة او برج او تحويلة أو مزلقان على وحدة لعدم وجود نظام للتحكم المركزي لسير القطارات بتلك الأنظمة، ودائماً ما يحدث إهمال أو تقاعس من العنصر البشري يؤدي إلى حدوث كوارث.

6- وجود خلل في تشغيل أجهزة (A.T.C) حيث أن هذه الأجهزة توضع في مكان بالجرار معروف للسائق وحده وأن مفتاح الصناديق الخاصة (A.T.C) يسهل فتحها مما يمكن بعض السائقين من تعطيلها حتى يتمكن من قيادة القطار بالسرعة التي يراها ودون الالتزام بالسيمافور بدعوى أن ذلك يعطل مسير القطارات، كما أنه يمكن سرقة جهاز ( A.T.C) (ما يطلق على الصندوق الأسود) كما حدث في الحادث الأخير موضوع القضية رقم 112/2018 رئاسة الهيئة حيث تبين سرقة الجهاز بعد الحادث مباشرة، فضلاً عن تبين من سرقة بعض أجهزة ( A.T.C)  الموضوعة على السكة الحديد.

أوجه العلاج للخلل والقصور بمنظومة الإشارات بالسكة الحديد: -

1- يتعين الاعتماد على نظام الربط الإلكتروني بمنظومة الإشارات ومسير القطارات – (أسوة بما هو متبع بالخط الثاني والثالث لمترو الأنفاق) – حيث أن هذا النظام يعتمد على نظام التحكم المركزي لسير القطارات بما يضمن سلامة التشغيل، كما أن هذا النظام يوجد به نظام تسجيل بأحداث الخاصة بسير القطارات فضلاً عن أن هذا النظام يعتمد في المقام الأول على التشغيل الإلكتروني الأمر الذي تقل معه الأخطاء البشرية في هذه المنظومة ويضاف إلى ما سبق توافر قطاع غير المنظومة الإلكترونية.

{long_qoute_1}

وتقد خطط السكة الحديد للتطوير دائما التطور الشامل لكل قطاعات وأنظمة السكة الحديد سواء الإشارات أو البنية الأساسية للقضبان والسكة ذاتها أو تطوير الجرارات و العربات وهو ما يتطلب مبالغ طائلة قد تعوق التطوير – إلا أن النيابة الإدارية ترى أن أولوية التطوير تبدأ بتطوير منظومة الإشارات وهى المتعلقة بأنظمة    (A.T.C) السيمافورات / التحويلات / المزلقانات، باعتبارها الأهم في التطوير وأن منحة صندوق النقد الدولي تغطى تطوير هذه المنظومة.

2- لحين العمل بمنظومة الربط الإلكتروني يمكن اتخاذ بعض التدابير الأتية: -

أ- وضع كاميرات مراقبة على غرف الريليهات و أبراج المحطة وكذلك على لوحة التشغيل وذلك لتحقيق قدر كبير كم الرقابة المركزية على المحطات و الأبراج وما يدور بها.

ب- وضع جهاز (A.T.C) في مكان بالجرار لا يمكن للسائق أو غيره ممن له ثمة مصلحة في الوصول له حتى لا يتمكن من تعطيله وحتى لا يمكن سرقته وذلك بعد وقوع حوادث.

ثانيا- أوجه الخلل في منظومة صيانة الإشارات وكيفية علاجها:

تلاحظ للنيابة الإدارية أن معظم أنظمة وقطاعات السكة الحديد مغطاة بعقود للصيانة مع شركات أخرى وذلك كصيانة الجرارات و العربات و غيرها إلا أن صيانة الإشارات تتولاه الهيئة القومية لسكك حديد مصر بنفسها وقد يرجع ذلك لإحجام الشركات عنها لضعف المقابل المالي و لخطورة المنظومة، وقد تلاحظ الاتي:-

1- -صورية أعمال الصيانة للإشارات: -

تقوم هيئة سكك حديد مصر بوضع خطة سنوية لصيانة الإشارات ومنها ( السيمافورات و التحويلات ، غرف الريليهات ) وعلى أن تكون صيانة الداخلي ( غرف الريليهات ) كل 6 أشهر وصيانة الخارجي ( اللوحة و السيمافورات و التحويلات وغيرها ) كل 3 شهور و تتضمن كراسة الصيانة إجراء تجارب للأجهزة للوقوف على حالتها.

إلا أنه تلاحظ عند مطالعة كراسات الصيانة (داخلي / خارجي ) لمحطة المرازيق عن الفترة خلال عامي 2017 ، 2018 أن جميع التجارب والأجهزة منتهية بالتقرير أنها تعمل بصورة جيدة بما ينبئ عن أن هذه الصيانة صورية .

2- تلاحظ عدم تضمن كراسات الصيانة لبنود متعلقة بالأعطال السابقة للإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على الحالة العامة لها طوال فترة الصيانة.

3- أعمال الصيانة تتم في غير حضور كبار المختصين بالصيانة بالمنطقة وإنما يتم اعتمادها منهم فقط.

4- لا يوجد سجل بالمحطة ليوقع فيه المختصين بالصيانة منه أثناء مرورهم الشهري أو الأسبوعي – حسب الاختصاص – لمتابعة عمل و صيانة الإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على حقيقة المرور الفعلي.

أوجه علاج الخلل والقصور في منظومة صيانة الإشارات:

1- يتعين تصوير التجارب وأعمال الصيانة أثناء القيام بها وفقًا لخطة الصيانة (داخلي /خارجي) على أن ترفق أسطوانة مدمجه (C.D) عليها المقاطع المصورة الخاصة بأعمال الصيانة بكراسة الصيانة وذلك للتأكد من القيام بالصيانة الفعلية، وعلى أن تتم الصيانة في حضور مدير عام الصيانة أو مدير إدارة الإشارات.

2- يتعين إثبات كافة الأعطال الخاصة بالإشارات بكراسة الصيانة للمحطة خلال فترة الصيانة –حتى ولو تم إصلاحها- لإمكانية الوقوف على الحالة العامة للأجهزة بالمحطة ولإمكانية تحليل هذه الأعطال والوقوف على أسبابها ومتابعتها في ضوء ذلك.

3- إنشاء سجل بالمحطات لتوقيع المختصين بالصيانة أثناء مرورهم بالمحطة أو البرج أو تمكينهم من التوقيع بسجل الزيارات 350 الموجود بالمحطة وذلك للتأكد من المرور الفعلي. 

عدم وجود نظام لتحليل الأعطال والوقوف على أسبابها:

تعتمد الهيئة القومية لسكك حديد مصر على منظومة الأوراق والسجلات فقط للإخطار بالأعطال وإدراج الهام منها بالسجلات اليومية الهامة لإخطار كافة الإدارات المختصة به وهو نظام يفتقر إلى إمكانية الربط بين الأعطال وتكراراها في الفترات الزمنية المختلفة، وهو نظام لا يمكن معه الوقوف على تكرار الأعطال أو تحليل أسبابها.

أوجه العلاج:

يتعين إعداد برنامج بالحاسب الآلي يتم فيه إثبات كافة الأعطال التي يتم الإخطار بها سواء كبيرة أو صغيرة وكافة البيانات المتعلقة بكل محطة أو برج وذلك حتى يمكن من خلال هذا البرنامج الوقوف على تكرار الأعطال سواء في المكان الواحد أو عدة أماكن بما يمكن معه توفير قاعدة بيبانات عن كافة الأعطال وتكراراها سواء من حيث النوعية أو المكان حتى يمكن وضع تحليل أو تصور كامل لمنظومة العمل بالسكة الحديد والأعطال التي ترد عليها وإمكانية صيانتها أو إصلاحها.

ثالثا: أوجه القصور والخلل بمنظومة العمل (العنصر البشري) بالسكة الحديد وكيفية علاجها:

رغم أن المنظومة المطبقة حاليًا بالسكة الحديد سواء الربط الكهربائي أو الميكانيكي تعتمد على العنصر البشري اعتمادًا كليًا لتطبيق المنظومة فإنه وفقًا للبيان الرسمي المقدم من المختصين فإن وظائف التشغيل الأساسية والتي يعتمد عليها مسير القطارات عددها 5333 وأن العجز في هذه الوظائف يبلغ 7786 وهو ما يترتب عليه تشغيل هذه العمالة 12 ساعة وراحة 12 ساعة وراحة 24 ساعة وفي حالات الضرورة يتم تشغيلها 12 ساعة وراحة 12 ساعة، ومن المفارقات العجيبة أن عدد العاملين بهيئة السكك الحديدية يتجاوز 52 ألف عامل في حين من يتولى التشغيل لا يتجاوز عددهم 6 الأف عامل وهو ما يؤكد الفساد الذي كانت تحيا فيه السكة الحديد في العقود الثلاثة الأخيرة.

أوجه العلاج:

- إنشاء معهد يتبع السكة الحديد أو إعادة تشغيل معهد وردان بالسكة الحديد؛ وذلك لتدريب وتعيين كوادر تشغيل جديدة لسد العجز في وظائف التشغيل.

- محاولة توطين أو تقريب أماكن العمل لوظائف التشغيل من محال إقامتهم لإمكانية تقليل ساعات العمل والاستفادة من ساعات الراحة وذلك حتى يظل العامل بكامل قوته وتركيزه.

- يتعين منح مميزات خاصة لوظائف التشغيل القائمة بالعمل الفعلي كمح حافز خاص بهم لأداء العمل فعليًا.

- يتعين تدريب وظائف التشغيل على سلامة التشغيل ومواجهة الأزمات.


مواضيع متعلقة