سيول السودان وثلج السعودية إنذار مناخى عاجل!

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

انتباه.. سيول السودان وثلج السعودية وحرارة أوروبا!! يريد الله أن يرسل لعباده إنذاراً تلو إنذار ألا تعلوا فى الأرض ولا تفسدوا فيها، ولقد أكد كثير من العلماء أن الفساد فى الأرض هو ارتكاب المعاصى وهو وجه لأحد خمسة أوجه عرفت الفساد فى القرآن: أولها الشرك بالله بين تعبيرى الظلم أى ظلم الإنسان لنفسه بشركه بالله فيقع فى الذنب الأكبر، أو المفسدون الذين ينطبق عليهم «ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً»، ثانيها من يعيثون فى الأرض فساداً بالمعاصى الأخلاقية وأشهرهم قوم نوح، وثالثها فراعنة الظلم للبشر تجبراً وإذلالاً مثل فرعون موسى، ورابعها ظلم ولى الأمر من أب أو عم لأولاده وزوجته بأكل حقوقهم أو التخلى عن رعايتهم ديناً ودنيا، وخامسها وهو الأشهر والأكثر خلطاً فى التفسير، فأشهر معانى آيات الفساد فى الأرض «من يفسد فيها» تكررت كثيراً ولكن أعظمها «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ»، هنا لو توقفت عند نصف الآية لظننت أنها فساد الخلق ولكن أكمل الآية لتتعجب من عظمة القرآن «لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِى عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»، هنا المعنى واضح فى التسمم الغذائى الناتج عن التلوث الهوائى والأرضى والمائى الذى أصاب الزرع والضرع حتى أصبح الميكروبلاستيك جزءاً من طعام البشر، ووجدوه فى أمعاء البطريق هناك فى أقصى الأرض عند المحيط الجنوبى فمات ما يقرب من ١٥٠ ألف طائر بطريق وتقلص عدد طيور البطريق من ٢٥٠ ألف طائر إلى ١٠ آلاف طائر فقط، خاصة بعد تغير المناخ الذى ساق لهم جبل جليد ارتفاعه شاهق لم يكن موجوداً فحجز الطيور عن أماكن غذائها أو تطير ١٧٠ ميلاً لتحصل عليه بينما تهاجمها سفن الصيد الراسية عن قرب لتقتنص آلافاً منها فى كارثة تصاحب كارثة الاحترار العالمى الذى يذيب الجليد هناك.

وبينما تفكر الإمارات فى سحب جبل جليدى من أستراليا بعد ذوبان الجليد ونقله لشواطئ دبى حتى يكون لديها مخزون ماء عذب نقى ومجمد منقول ومن غير ثلاجات وليس بالمركب! إذ بالسعودية تفاجأت بسقوط غزير لأمطار ثلجية فى عدة مناطق وتلحق بها أمطار غزيرة فى مناطق بالإمارات، كل هذا وأوروبا «البردانة دائماً» تسيح من العرق بسبب الارتفاع الجنونى للحرارة تخطت فيه ٤٥ درجة مئوية واشتعلت النيران فى اليونان وكاليفورنيا والسويد وفقدت آلاف الهكتارات من الغابات بسبب حرائقها المريعة التى عجزت معها بعض الدول مثل اليونان وطلبت تدخلاً دولياً لمساعدتها، وهكذا فاجأت السيول السودان وفقدت ٨٠ قتيلاً منهم ٥ بنات لأم واحدة ماتت فوراً حزناً عليهن، وشردت ٢٦ ألف أسرة وانهار ١١ ألف منزل و١٦٠ مدرسة وارتفع منسوب النيل ١٥ متراً ووصل مصر من الفيضان ٤٠ مليار متر مكعب بحجم إيراد سنة من نهر النيل غصباً عن سد النهضة واستمرت الأمطار الغزيرة حتى كتابة هذا السطور وصاحب ذلك رياح عاتية شديدة فى مناطق الخرطوم وكسلا والقضارف مذكرة السودانيين بضحايا فيضان عام ٢٠١٣ حيث تستقبل الأمطار الموسمية من يونيو إلى نوفمبر كل عام وتشتد فى يوليو وأغسطس، وشهدت الخرطوم أسوأ فيضان منذ ٢٥ عاماً وتكررت مأساة ٢٠١٣ و٢٠١٤ حيث ضربت نصف ولايات السودان ودمرت ١٥ ألف منزل وتكرر ذلك عامى ٢٠١٥ و٢٠١٦ وهى السنة التى بلغ فيها منسوب النيل أعلى مستوى منذ ١٠٠ عام واستمر ذلك عام ٢٠١٧ حين بلغ منسوب النيلين الأزرق والأبيض أعلى مستوى له على الإطلاق، وهكذا استمرت هذا العام نفس المأساة، وحسناً فعل الرئيس السيسى بالمساعدات العاجلة، فالوضع خطير جداً والسودان لا تحتمل تكرار المأساة ٥ سنوات متتالية.

وكانت مصر العام السابق قد شهدت مأساة مشابهة لا علاقة للنيل بها إذ تسببت السيول فى غرق أحدث المدن المصرية وهى القاهرة الجديدة التى غرقت فى «شبر ميّه»، الأمر الذى جعل الرئيس السيسى يوفد عاجلاً رئيس الرقابة الإدارية بنفسه ليلاً ليرى المأساة بنفسه؛ منازل فاخرة تحت المياه وسيارات محاصرة على كل الطرق وتوقف لمحطات الصرف نظراً لعدم احترام مسار السيول التى تؤكد خرائطها أنها فى صميم مسار القاهرة الجديدة، وصاحب ذلك أعاصير وسيول فى الصين والهند وجنوب شرق آسيا وتهدد بتشريد آلاف من بيوتهم، إذن نحن أمام حزام يحيط الكرة الأرضية من شرقها إلى غربها يتفق فى شدته وعنفه وقسوته التدميرية ويختلف فى شكله من سيول أو جفاف أو رياح أو حرارة.

فما هو الدرس الذى يجب أن يلتفت إليه الجميع، وحكومة «مدبولى» على رأسهم؟ هو أن الإنذار قد وصل والرسالة واضحة، الكرة الأرضية تحاصرها الكوارث الطبيعية من كل جهة، والمناخ كشر عن أنيابه، والطبيعة ستلقن تجار الفحم والبترول درساً لن ينسوه، وسيأتى يوم قريب يحظر فيها دولياً استخدام الفحم والبترول فى الطاقة بعد أن ضاع أمل العلماء فى وقف ارتفاع درجة الحرارة بنهاية العام ٢٠٢١ عند درجة واحدة ونصف درجة، فإن ضاعت هذه الفرصة فلن تعود، وليتوقع الجميع عصراً جديداً من الكوارث قد تضيع فيه قارات مثل قارة أطلنطا المفقودة!. أو يصبح البحر المتوسط صحراء متوسطية كبرى جديدة تفوق صحراء أفريقيا الكبرى.

وختاماً: «أيها الحكومة المصرية انتبهى فالخطر على الأبواب».