بديع خيري.. بين حلم التمثيل وريادة المسرح الكوميدي المصري

كتب: حاتم سعيد حسن

بديع خيري.. بين حلم التمثيل وريادة المسرح الكوميدي المصري

بديع خيري.. بين حلم التمثيل وريادة المسرح الكوميدي المصري

رائد المسرح الكوميدي في مصر، واحد من أهم فناني ورواد المسرح المصري في عشرينات القرن الماضي، كتب عدد من الأغاني لأكبر مطربي عصره، مثل "محمد فوزي، أسمهان، وليلي مراد"، كان أشهرها "شحات الغرام" لمحمد فوزي، و"أبجد هوز" لليلى مراد، و"بطلوا ده واسمعوا ده" للفنان عزيز عثمان التي تغني بها في فيلم "لعبة الست"، إضافة لتعاون كبير مع الموسيقار سيد درويش، إذ قدما العديد من "الأوبريتات" والأغاني الناجحة التي أكدت عمق الشخصية المصرية، وكون مع الفنان الكبير نجيب الريحاني ثنائيا فنيا مسرحيا وسينمائيا مميزا، ساعدهما في تقديم عدد من الأعمال الفنية المميزة، إنه واضع أسس المسرح الكوميدي في مصر، الفنان بديع خيري.

وتحل، اليوم 17 أغسطس، ذكرى ميلاد رائد المسرح الكوميدي في مصر، بديع خيري، الذي ولد عام 1893، فبعد مشوار دام 46 عاما في الحياة الفنية، قال إنه "لا يضاهي سعادته شيئا مثلما كان يجلس وراء الكواليس في عروض مسرحياته، ويتابع الممثلين فور دخولهم وخروجهم إلى خشبة المسرح، ويتابع أداءهم أثناء العرض، ويوجههم عندما يرى أي خلل أو نقص في سير الأداء التمثيلي أو العرض المسرحي"، خلال لقاء نادر له ببرنامج "لقاء المشاهير"، عرض على التلفزيون المصري، مؤكدا أن "ضحك الجمهور واستمتاعهم بما يكتبه، يمنحه شعورا لا متناهيا بالسعادة، ويمده بالقوة اللازمة ليتم عمله، وشكل عزاءه الوحيد بأن هناك تقديرا لعمله، ورغبة في الاستمتاع بالمزيد منه".

وعن بداياته، يقول خيري إنها كانت في الرابعة عشر من عمره، حينما كان مغرم بالتمثيل، وكان دائم القراءة والاطلاع على كل ما يخص فن التمثيل، ويذهب لمشاهدة المسارح الشعبية بمنطقة الحسين، بجانب متابعته أيضا لمسرح الشيخ سلامة حجازي، وكان يتمنى أن "يصبح ممثلا"، وبالفعل قدم نفسه لفرقة جورج أبيض ليعمل كممثل هاو دون أجر، وبعدها أسس هو ومجموعة من زملاؤه "جمعية نادي التمثيل العصري"، وبدأوا بعمل بروفات خاصة لمسرحياتهم.

خلال تلك الفترة تحديدا، بدأ خيري كتابة الـ"مونولوجات"، وصدفة أعطى إحدى كتاباته لفنانة شهيرة، حينها، تدعى فاطمة قدري، وحين قدمت الـ"مونولوج" حقق نجاحا كبيرا، وبدأت تنهال عليه العروض من الفنانين والـ"مونولجيست" ليكتب لهم، وكان أول مبلغ تقاضاه عن أول مونولوج  50 قرشا، ثم ارتفع إلى جنيه، يصف خيري ذلك "الجنيه الذي تقاضيته مثل لي سعادة كبيرة، رغم أني أعمل مدرسا، وأتقاضى راتبا، ولكنه كان أول مبلغ أحصل عليه من عملي بمجال الفن".

نجاح خيري في كتابة الـ"مونولوج" دفع زملاءه في "جمعية نادي التمثيل العصري" للاستغناء عنه كممثل وتحويله لكاتب، لحاجتهم إلى مؤلف للفرقة ينتج نصوصا مصرية كوميدية خالصة وليست معربة أو مترجمة، مثل المنتشر في ذلك الوقت، وانصاع لهم بديع خيري، وبدأ بالفعل في كتابة أول مسرحية كوميدية مصرية 100% عام 1908، كانت بعنوان "أما حتة ورطة"، وقد حققت نجاحا كبيرا وصار هو مؤلف الفرقة.

وعن علاقته بنجيب الريحاني، قال إنها "كانت صدفة مدهشة"، إذ كانت فرقة الهواة التي كونها هو وأصدقائه تعرض أعمالها على مسرح الريحاني، وكان الريحاني يسكن أعلى المسرح، وفي يوم شاهد زحام أمام المسرح ليعرف أن فرقة هواة تعرض مسرحية، ليقرر الريحاني مشاهدة العرض المسرحي، الذي تزامن، مصادفة، مع بحثه عن مؤلف لفرقته بعد خلافٍ مع مؤلف فرقته أمين صدقي، الذي كان واحدا من أكبر المؤلفين آنذاك، وحينما شاهد الريحاني مسرحية "أما حتة ورطة" كاملة، اندهش أعضاء الفرقة، وزاد اندهاشهم عندما طلب مقابلة مؤلف المسرحية، بديع خيري، ليتعرفا وتبدأ رحلة التعاون المشترك بينهما، قدما خلال عددا من أنجح الأعمال في السينما والمسرح.

وقدما أول عمل فني لهما، لفرقة الريحاني، عام 1923، ثم توالت الأعمال المسرحية، مثل "الحكم بعد المداولة، ريا وسكينة، الستات ميعرفوش يكدبوا، و30 يوم في السجن"، إضافة لبعض الأعمال السينمائية، مثل "سي عمر، سلامة في خير، وغزل البنات".

برحيل الريحاني، تأثر بديه خيري كثيرا على المستويين الإنساني والعملي، فقل إنتاجه بشكل واضح جدا.

ورحل الفنان بديع خيري، أول فبراير 1966، عن عمر ناهز 72 عاما، تاركا خلفه تاريخا حافلا بالأعمال الفنية المميزة، ما بين أغاني ومسرح وسينما.


مواضيع متعلقة