الحرب القادمة تحسم مصير غزة

جيهان فوزى

جيهان فوزى

كاتب صحفي

هدوء حذر يلف غلاف قطاع غزة بعد الضربات الصاروخية التى وجهتها إسرائيل للقطاع، وانتهت بتدمير مركز المسحال الثقافى وارتكابها مجزرة بحق عائلة تتكون من أُم حامل وطفلتها، واستهداف المقاومة لعدة مستوطنات رداً على العدوان الإسرائيلى، لكن التوتر ما زال يخيّم على أجواء القطاع، وسط محادثات للتوصل إلى اتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل ترعاه مصر، ومن الواضح أن هذا الاتفاق سيكون على غير إرادة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، خاصة فيما يتعلق باتفاق المصالحة بين فتح وحماس.

فمنذ قرابة الثلاثة أشهر ومع تزايد وتيرة التصعيد الإسرائيلى ضد قطاع غزة، تبذل مصر جهوداً حثيثة للتوصل إلى اتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل، وكان الإعلام الإسرائيلى قد أشار لزيارة سرية قام بها «نتنياهو» للقاهرة فى مايو الماضى، قضى فيها بضع ساعات تناولت البحث فى حل للوضع فى غزة مع الرئيس السيسى، ضمن الاهتمام المصرى بالتوصل إلى تسوية سياسية فى قطاع غزة تتم من خلال سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع ثانية، وتحمل مسئولية إدارة القطاع بدلاً من حماس حتى لو حدثت الخطوة بشكل تدريجى دون التطرق لنزع سلاح حماس كشرط مسبق، وذلك من خلال الضغط على «أبومازن» من المجتمعين الدولى والعربى لتحمّل مسئولية إدارة غزة رغم عدم رغبة الأخير فى ذلك.

التسوية السياسية التى تهدف لتحسين أوضاع السكان فى القطاع سلاح ذو حدين، حيث يواجه «نتنياهو» معارضة داخل حكومته وتحديداً من وزراء يعارضون التوصل لتسوية مع حماس، لا سيما سيطرة السلطة على غزة مجدداً، فكل محاولة لإعادة سيطرة «أبومازن» على غزة، والربط بين السلطة فى الضفة وغزة عبر معبر آمِن سيمر عبر إسرائيل يشكل تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل، وبالتوازن الديموغرافى بين إسرائيل والفلسطينيين، لم تكن تلك المعارضة الوحيدة، فرئيس السلطة الفلسطينية، كما صرح مسئولون فلسطينيون، مستاء من تدخل القاهرة فى غزة، ولا يرغب فى استمرارها، ويبدو أن حبال الثقة بين السلطة والقاهرة آخذة فى التآكل وباتت ضئيلة للغاية، خصوصاً بعد أن لمحت السلطة، من خلال تصريحات لأكثر من مسئول، عن سأمها من التدخل المصرى فى الشأن الفلسطينى، وضيقها باللقاءات المتكررة بوفود حماس دون التنسيق معها، رغم أن القاهرة تبذل جهوداً حثيثة للتوفيق بين حركتى فتح وحماس منذ يوليو الماضى، ضمن مساعى التوصل لهدنة بين إسرائيل وحماس فى غزة، وظلت المساعى المصرية للتهدئة مستمرة رغم التصعيد الإسرائيلى وتبادل إطلاق الصواريخ على جانبى القطاع حتى لا يحدث التدهور الذى سيتأثر به جميع الأطراف.

موافقة حماس على الورقة المصرية كشفت حجم التوتر الحادث داخل السلطة تجاه التدخل المصرى، فحركة فتح ليست سعيدة بالوساطة المصرية، خاصة بين حماس وإسرائيل ومساعيها لإبرام صفقة شاملة تضم هدنة طويلة المدى فى غزة، ومبادلة أسرى بين حماس وإسرائيل، وإتمام المصالحة بين الحركتين، والسلطة الفلسطينية بدأت تنتقد الدور المصرى علناً، وتلقى باللوم على المسئولين المصريين، خاصة بعد الورقة التى وافقت عليها حماس، لأنها ترى أن الورقة المصرية للمصالحة تحمل بصمات حماس، خصوصاً بعد موافقتها عليها، وتعتبر موافقتها على مناقشة الورقة المصرية التى تعترض عليها جاء من منطلق تقزيم التدخل الأمريكى فى القضايا الفلسطينية! التوتر بين السلطة الفلسطينية والقيادة المصرية لا تخطئه عين، «أبومازن»، يعتقد أن هناك تهميشاً للسلطة الفلسطينية وتدخلاً فى الشأن الفلسطينى، خاصة أنه لا يريد تحمّل مسئولية غزة، وإسرائيل تسعى لتهدئة تضمن مصالحها الأمنية دون إعطاء الأمان لحماس، وحماس تحاول تحقيق مكاسب سياسية ولوجيستية على الأرض، أما مصر فدخلت ماراثون التناقضات للوصول إلى حلول باتت مستحيلة، لأنها ترفضها جميع الأطراف، والحرب القادمة التى تستعد لها إسرائيل هى ما سيحدد خيارات المرحلة الجديدة.