الإنسان المصرى.. روشتة بناء

لقد اختصر علينا الرئيس السيسى الطريق عندما تحدث عن بناء الإنسان المصرى وبناء مصر الجديدة، مؤكداً أنه لن يستطيع عمل ذلك بمفرده، وإنما يجب أن تتعاون معه كافة قطاعات الشعب المصرى.

وإذ نقدر للرئيس هذ البعد الثاقب فى نظرته للإنسان المصرى وما ينتظره من رخاء فى المستقبل القريب، إنما نركز على الشق الثقافى فى بناء الإنسان.

نحن نعترف بأن الحكومة المصرية تبذل جهداً كبيراً فى القضاء تماماً على عشوائية السكن والإقامة، لكن تبقى عشوائية الفكر والعقول التى يجب أن يتصدى لها المثقفون بنشر كتبهم وتوزيعها على نطاق واسع، إذ لا يستقيم الحال ونحن نتكلم عن بناء الإنسان ولا نتكلم عن الثقافة والوجدانيات.

فمصر بلد عميد الأدب العربى (طه حسين) وعملاق الفكر العربى (عباس محمود العقاد) يجب أن تظل فى المقدمة، والتقاعس الذى اعتورها فى العهود السابقة انتهى إلى غير رجعة، فلقد عادت مصر وعادت شمسها الذهبُ.

فقط هذا البناء يجب أن يعرف فيه أهل الثقافة دورهم، وأن تقوم وزارة الثقافة لتكون مظلة لجميع المبدعين فى شتى المجالات، وأن تساعد فى أن تكون البيئة المصرية حاضنة للمواهب، وأن تُفسح المجال أمام حرية الفكر والإبداع فى الكتابة والدراما والموسيقى والسينما، وأن يجد المثقفون مساحة لاستكمال هذا البناء لإنسان القرن الثانى والعشرين.

لا ننكر أننا فى حاجة إلى طه حسين جديد وعباس العقاد آخر ولرواد التنوير يُطلون علينا بعقولهم المتفتحة وجرأتهم فى التعامل مع واقع الحياة، نحن فى حاجة إلى أن نتنفس الثقافة فى حياتنا اليومية ويلعب الكتاب دوراً توعوياً وتنويرياً كما كان.

بالطبع لقد تغيرت أساليب الحياة العصرية، ودخل الموبايل وشبكات التواصل الاجتماعى فتغيرت تبعاً لذلك العلاقات الإنسانية، واعتور كثير من التراجع حياتنا، لكن ثقتنا فى الإنسان وقدرته على الإمساك بالدفة لا حدود له، فقط علينا أن نمد أيدينا للقيادة السياسية التى تكفلت بوضع روشتة بناء إنسان العصر الحديث وأعادت الانتماء يسرى فى عروقنا كما يسرى الماء فى العود.

باختصار بناء الإنسان المصرى هو صفحة جديدة دشنتها القيادة السياسية، وعلى رجال الثقافة والإبداع مراقبة ذلك وترجمته والمشاركة فيه، رافعين شعار أن تُصلح الثقافة ما يمكن أن تُفسده أنانية الإنسان وجهله ولا مبالاته فى شتى مجالات الحياة.