أصدقاء مسعف غزة يسترجعون لـ"الوطن" ذكرياتهم معه: تطوع لنيل الشهادة

كتب: محمد علي حسن

أصدقاء مسعف غزة يسترجعون لـ"الوطن" ذكرياتهم معه: تطوع لنيل الشهادة

أصدقاء مسعف غزة يسترجعون لـ"الوطن" ذكرياتهم معه: تطوع لنيل الشهادة

استهداف المسعفين ومتطوعي الإسعاف يعد خرقا صارخا لكل المعاهدات والمواثيق الدولية، التي تطالب بحماية المسعفين خلال واجبهم الإنساني في إنقاذ ورعاية الجرحى، ورغم ذلك طالت رصاصات غادرة خرجت من فوهة بندقة أحد قناصة الاحتلال الإسرائيلي المسعف المتطوع عبدالله القططي، أثناء تقديم المساعدات للجرحى على حدود غزة في فعاليات الجمعة العشرين لمسيرات العودة الكبرى، لينال الشهادة بعد تأثره بالإصابة.

أشخاص جمعتهم مواقف عديدة مع الشهيد القططي، ابن عمه وصديقه ومصاب تلقى الإسعافات الأولية على يديه وزميل دراسة، تذكروها عبر "الوطن"، ليجمعوا على أنه كان شابا طيبا ولا يتوانى عن مساعدة أحد.

إبراهيم الناطور، صديق الشهيد عبدالله منذ 5 سنوات، أكد أنه كان ضحوكا ومرحا وشاب مثل جميع الشباب في القطاع، وحينما شاهد مقاطع الفيديو التي تبرز جرائم الاحتلال ضد المشاركين في مسيرات العودة دفعته للمشاركة.

ويقول الناطور لـ"الوطن": "عبدالله صديقي المقرب، حيث كنا نذهب إلى البحر ونقوم بالشواء سويا، كان شابا عاديا ومسالما"، مشيرا إلى أنه اعتبر القضية الفلسطينية قضيته الوطنية الأولى، وحينما كان ينصح الشهيد بعدم الذهاب للحدود لم يكن يتجاوب معه بل دافع عن موقفه، حيث إنه كان عنيد جدا، وكان هذا آخر موضوع تناقشا فيه منذ 3 أيام.

"عبدالله كان محبوبا للغاية ولم يأذي أحدا في حياته، وكان مرحبا به في أي منطقة يزورها، ولم يحب التدخل في الأمور الشخصية لأي شخص"، حسب الناطور. 

ويوضح الناطور، أن الشهيد عبدالله كان ذاهبا على الحدود كعادته كل يوم جمعة منذ بدء مسيرات العودة الكبرى، لكن هذه الجمعة تحديدا كان متحمسا للغاية، غير مهتم برصاص الاحتلال وكان ثائرا جدا.

شقيق عبدالله، ناقش رسالة الماجستير قبل يومين وحدد يوم الأحد المقبل للاحتفال، ولم يتوان الشهيد في دعوة الأصدقاء والمعارف لمشاركة شقيقة الفرحة، حيث خططا أن حفل زفافهما سيكون في يوم واحد، لكن رصاص الغدر الصهيوني اغتاله وهو مرتديا ملابس الإغاثة.

الناطور أراد توجيه رسالة لصديقه، قال فيها: "أعرف أن الوقت مضى وأتمنى إذا كنت تسمعني، حديث كثير تأخر، يا صديقي لا أريد سوى أن تظل معي وأحميك، ليتني اتصلت بك قبل صلاة الجمعة، كنت متأكدا أنك ستأتي للمنزل، القلب به وجع من فراقك".

وباستشهاد المسعف القططي يرتفع عدد الشهداء المسعفين خلال مسيرات العودة إلى 3 شهداء، بينهم سيدّة.

الشهيد عبدالله ترك بصمة كبيرة في مسيرات العودة، حيث تواصلت "الوطن" مع أحد المصابين الذين أسعفهم القططي، حيث قال عطية خليل ياسر "تعرفت عليه أثناء مسيرات العودة وتحديدا يوم إصابتي قبل 15 يوما، في الجمعة قبل الماضية".

ويضيف ياسر لـ"الوطن"، أن عبدالله لم يكن مسعفا فقط، بل كان إنسانا، حيث زاره أكثر من مرة في منزله للاطمئنان على صحته بعد إسعافه على حدود قطاع غزة، مشيرا إلى أنه كان في حالة ضجر وضيق شديد بسبب قوة تفجير الرصاصة بقدمه، لكن ابتسامة عبدالله ساعدته على تحمل الألم.

وعن استقبال ياسر لخبر استشهاد عبدالله، يقول "كنت في المنزل بسبب الإصابة وتلقيت خبر استشهاده، حينما كنت أتابع بث مباشر على فيسبوك من مسيرات العودة شرق رفح فقال الصحفي هناك إصابة حرجة لمسعف فأول شخص جاء في ذهني هو عبدالله، وقولت إنه الذي أصيب وحينما رأيت الجثة محمولة تأكدت من توقعي رغم عدم وضوح الرؤية بسبب أعداد الناس والغبار والدخان".

أما أحمد عبدالغفور، زميل الشهيد القططي في الجامعة، قال لـ"الوطن"، إن آخر ما سمعه على لسان الشهيد عبدالله في نهاية الفصل الدراسي عندما سأله أحد الأصدقاء عن سبب ذهابه للحدود، فكان رده "لو إحنا ما دافعنا عن وطنا مين راح يدافع عنه، ومارح ناخد إشي معنا ولا شي يستحق الحياة في غزة".

ويقول أنس القططي، ابن عم الشهيد عبدالله، إنه كان شابا خلوقا ومجاملا في الأفراح والأحزان، ودرس الإسعافات الأولية خصيصا لمساعدة المصابين، رغم دراسته في كلية التربية بقسم الإرشاد النفسي.

وأضاف القططي لـ"الوطن": "عبدالله لا يسكن بالقرب من منزلي لكن حينما كان يصادف وجودي في أي مناسبة أو يراني في الشارع كان يقابلني بالأحضان دائما، وصحيح أنني لم أجلس معه كثيرا لكنه كان ودود وطيب".

واستشهد منذ بدء مسيرات العودة، أكثرَ من 170 مواطنا فلسطينيا، بينهم ما يزيد عن 25 طفلا و3 سيدات وأصيبَ نحو 20 ألفَ مواطن، وفق ما ذكرته وزارة الصحة الفلسطينية.

كما تعرضت طواقم الإسعاف، أيضا، لمختلف الاعتداءات من قتل وجرح واستهدافٍ للنقاط الطبية ومركبات الإسعاف.


مواضيع متعلقة