وقفة عرفات
- أقسام الشرطة
- إعادة الحياة
- الأحداث الإرهابية
- الإذاعة والتليفزيون
- الإعلام المصرى
- الإنتاج الحربى
- التقاط الصور
- الجزء الأول
- الجولات الميدانية
- أجانب
- أقسام الشرطة
- إعادة الحياة
- الأحداث الإرهابية
- الإذاعة والتليفزيون
- الإعلام المصرى
- الإنتاج الحربى
- التقاط الصور
- الجزء الأول
- الجولات الميدانية
- أجانب
قبل اندلاع أحداث يناير 2011، كان الجزء الأول من نشرات الأخبار الرسمية فى الإذاعة والتليفزيون مخصصاً لخبر يومى ثابت يقول: «تلقى سيادته اتصالاً تليفونياً»، وتفاصيل هذا الخبر تدور حول الاتصالات الهاتفية التى تلقاها السيد رئيس الجمهورية وأسماء أصحابها من الرؤساء والملوك والأمراء العرب والأجانب، وذلك دون التعرض لمحتوى هذه الاتصالات إلا فى حالة التهنئة بمناسبات دينية أو قومية.
بعد يناير، تحول الخبر الرئيسى فى النشرات إلى الأحداث الإرهابية وضحاياها والمظاهرات الأسبوعية والإضرابات والاعتصامات (إلخ)، ثم دخلت البلاد مرحلة من الاستقرار وإعادة البناء تراجعت أخبار الاستثمار فى الإذاعة والتليفزيون والصحف بعد أسابيع قليلة من تعيين السيد الأستاذ الدكتور المهندس هشام عرفات وزيراً للنقل، حيث تمكن معاليه من حجز مساحة يومية فى كل وسائل الإعلام المصرى تغلب على الكابتن محمد صلاح فى بعض الأيام التى لا يحرز فيها «صلاح» أهدافاً، ولا يمارس خلالها أنشطة انتجاعية أو احتفالية أو خيرية أو ثقافية.
لا أحد يعرف على وجه التحديد الموازنة المالية المخصصة لوزارة النقل، ولكن المؤكد أن جانباً محترماً من هذه الموازنة يضيع فى نفقات الجولات الميدانية والمتابعة المصورة والحراسة الأمنية وغيرها من الإجراءات الضرورية اللازمة لمثل هذه الأنشطة الوزارية. ولا أحد يعرف على وجه التحديد رؤية السيد الوزير لصلاحيات منصبه، هل يراه منصباً سياسياً تكفى فيه إدارة شئون الوزارة بوضع وتنفيذ السياسات التى تكفل لها النجاح، أم أنه يرى نفسه متحدثاً إعلامياً لوزارة النقل، أو تغلب عليه النزعة الفنية بوصفه أستاذاً فى الهندسة فيؤدى دور كبير المهندسين ورئيس العمال وقائد الورش وملاحظ السائقين والمشرف العام على العطشجية والمنسق الهندسى لأعمال وشئون الأنفاق حفراً وصيانة (إلخ)؟!
فى عهد مضى، حقق المحافظ عبدالسلام المحجوب إنجازات شبه إعجازية من خلال العمل الميدانى، وكنا نشاهده فى كل شوارع الإسكندرية يشرف بنفسه على تنفيذ الكثير من المشروعات، وكان بوسع أى مواطن الحصول على رقم تليفون «المحجوب» والاتصال به فى أى وقت بخصوص أى شأن يخص المواطن أو المحافظة، ولكن «المحجوب» لم يكن يصطحب الكاميرات والحراسة والأعوان والإعلام معه فى أى عمل ميدانى يؤديه لصالح سير العمل.
وفى زمن الوزير أحمد رشدى كان هذا الرجل يذهب وحده دون كاميرات أو مساعدين أو أى مرافقين إلى أقسام الشرطة ويتفقد بنفسه سير العمل ويحاسب المقصرين حساباً فورياً، وشن حرباً حقيقية ضد تجارة المخدرات وتعهد بالقضاء عليها، وأعاد الانضباط الحقيقى إلى الشارع فى كل المحافظات دون أن يدلى بتصريحات يومية أو يظهر فى صور تليفزيونية أو فوتوغرافية أو أى شىء من هذا القبيل.
لا أحد يعترض على نشاط وجدية السيد وزير النقل، ولكن الاعتراض الأساسى يخص التصريحات المتكررة التى نسمعها كل يوم حول عدم رفع التذاكر فى السكة الحديد إلا بعد تحسين الخدمة، هذا الكلام يتكرر يومياً فى كل الصحف مثل النشرة الجوية ومواعيد الصلاة! ثم تصريحات أخرى حول الجرارات الجديدة التى سوف تصل من الخارج بعد عامين أو ثلاثة، والاتفاقات مع شركات لتصنيع هذه الجرارات فى مصر، والاتفاق مع شركات أخرى لتوريد عربات جديدة خلال ثلاث سنوات، والشروع فى كهربة الإشارات من بركة السبع حتى كفر الزيات، وتغيير القضبان التالفة بين جرجا وسمالوط، وإعادة الحياة للخط الأول للمترو، وتكليف شركة سيماف ووزارة الإنتاج الحربى بالمشاركة فى إنقاذ السكة الحديد، والاحتفال الرسمى بإعادة تأهيل أحد الجرارات!!
ثم -ولا مؤاخذة- ما جدوى زيارة السيد الوزير لمحطة القطار بعد منتصف الليل؟ وما جدوى جلوسه بجوار سائق القطار أو سائق المترو خلال بعض الرحلات؟ وما جدوى التقاط الصور التذكارية لهذه الأنشطة؟ هل من مهام السيد وزير النقل المساهمة فى حسن قيادة القطارات؟ هل يستطيع سيادته اقتحام عربة قطار درجة ثالثة لإقناع مئات الركاب بدفع التذاكر بدلاً من مراوغة الكمسرى، الذى يستحيل وصوله أصلاً إلى هؤلاء الركاب؟
هل يتمكن السيد الوزير من القضاء على الظروف اللاآدمية واللامنطقية التى يمارس عمال السكة الحديد مهامهم فى ظلها؟ وهل بوسع سيادته إلغاء الركوب المجانى لكل الفئات السيادية والأخوية التى تستخدم هذا الحق التعسفى على حساب كل الآخرين؟
هذا الكلام ليس هجوماً على وزير النقل، فقد يكون شخصاً محترماً مخلصاً مجتهداً ولكنه لا يملك إمكانيات تحقيق النجاح بسبب ظروف الدولة والحكومة والناس. المطلوب منه فقط أن يكف عن التصريحات اليومية لأننا حفظناها عن ظهر قلب، وأن يكف عن الزيارات الميدانية المصورة ويكتفى بإدارة سياسات وشئون وزارته، وإن كان حريصاً على العمل الميدانى، فليكن ذلك دون تدخل من وسائل الإعلام، وليته يزور القطارات والمترو والورش وحده دون إعلان أو إعلام أو حراسة حتى يتمكن من ضبط العمل بصورة واقعية دون منظرة أو أونطة.
الصحافة تقول إن السيد وزير النقل راجل محترم وبتاع ربنا وعضو فى إحدى الطوائف الصوفية، وإن كان هذا الكلام صحيحاً نرجو منه أن ينتهز فرصة اقتراب موعد وقفة عرفات، ويتوقف قليلاً مع نفسه ويتخلى عن العزة بالإثم، ويعاهد الله بأن يعمل بإخلاص لتحقيق أقصى قدر ممكن من النجاح دون تصوير ودون تصريحات ودون أية مظاهر استعراضية أخرى، ونتمنى أن تسفر وقفة عرفات -الوزير وليس الجبل- عن انتقال وزارة النقل من مرحلة الكلام إلى عهد الإنجاز، الذى يتحدث عن نفسه ويشيد به الناس، وكل سنة وانت طيب يا معالى الوزير.