إلى السفير معصوم مرزوق: مع حرب الاستنزاف بدأت مصائبنا الاقتصادية!

خرج علي الرأي العام السيد السفير السابق معصوم مرزوق القيادي بالتيار الشعبي المرتبط بالمرشح الرئاسي السابق السيد حمدين صباحي بما قال انه مبادرة للخروج مما يري انها ازمة سياسية في مصر، انطلق السيد معصوم في مبادرته من ان هناك تأييد شعبي جارف لوجود ازمة، ناجمه عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعانيه البلاد وسبل المواجهة التي يتبعها النظام الحالي لهذه الازمة، وان هناك تيار شعبي جارف يعارض نظام الحكم الحالي!

تصور السيد معصوم، في مبادرته، ان الحل لهذه الازمة التي يراها هو الدعوة لاستفتاء شعبي للتصويت علي استمرار النظام الحالي من عدمه، اضاف انه اذا لم يستجب النظام الحاكم لدعوته بالترتيب للاستفتاء فإنه يدعو الجماهير التي يراها غفيرة للخروج الي ميدان التحرير بعد صلاة الجمعه! للمطالبة برحيل النظام، ما يعد حسب السيد معصوم اعلانا دستوريا بحل الدستور والبرلمان وكل مؤسسات الدولة !

وذهب السيد مغصوم في مبادرته الي اكثر من هذا، وافترض انه سيتم تشكيل مجلس حكم انتقالي، ووضع له تشكيل ومهام ومدة ينجز خلالها ما تصوره السيد معصوم من مهام واهداف حصرها جميعا في وضع دستور جديد والافراج عن المسجونين في قضايا الرأي ! .. وادرج السيد معصوم في مبادرته سيناريو مابعد الفترة الانتقالية وما سيتم عمله بعدها !

بالطبع قوبلت مبادرة السيد معصوم بمباركة من الهاربين اللاجئين من اذناب جماعة السر واعوانهم، وفي الوقت ذاته هاجم كثيرون مبادرة السيد معصوم، واتهمه البعض بإتهاما تمس وطنيته احيانا وقواه العقلية احيانا اخري !

وبين اولئك وهؤلاء ، فإنني التزم سبيلا مختلفا، سأناقش محتوي مبادرة السيد معصوم بما اراه تعقل ومنطق ، بحسب علمي وفهمي للامور ، وانوه مسبقا الي ان لا ادافع عن النظام الحالي، ولا اسوقه، وفي الوقت ذاته لا ارفض اي منطق معارض سوي عقلاني لسياسات النظام الحالي .

لقد استهل السيد معصوم مبادرته بتقديم نفسه للناس بإنه احد مقاتلي حرب الاستنزاف وانه حصل علي نوط الشجاعة حين كان ملتحقا بسلاح الصاعقة بالجيش المصري .

واقول للسيد معصوم ، الا تعلم ياسيادة السفير السابق ان كل مصائبنا الاقتصادية بدأت مع حرب الاستنزاف، وكيلا يساء فهمي فإني لا اقلل او اشكك في حرب الاستنزاف كملحمة بطولية شريفة وطنية سوف تظل محفوظة بأحرف بارزة في سجل النضال والكفاح الوطني وسيذكر كل من شارك فيها بكل الخير والامتنان والتقدير، ولكني هنا وفي ردي علي السيد السفير اتحدث عن الجانب الآخر من حرب الاستنزاف، واقول للسيد السفير الا تعرف ان حرب الاستنزاف، لم تكن الا صرخة من الجيش والشعب بإن مصر لا تزال تنبض وحية رغم هزيمة ٦٧ ، ولم تكن سوي استنزافا لجيش العدو ولامكانياتنا المادية والبشرية، الا يعلم سيادة السفير ان هذه الحرب فرضت علينا بلا استعداد او تخطيط بعد القرار الذي اتخذه الزعيم الراحل بسحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء، ما فهم منه انه اعلان حرب علي العدو ، رغم ان جيشنا لم يكن مستعدا للدخول في معركة وكان يديره المشير عامر ، صديق عمر الزعيم بطريقة برقبتي ياريس ، ورغم ان القوة المؤثرة في جيشنا ( الفرقة الرابعة) كانت في اليمن تنفيذا لقرار اخر من الزعيم الراحل لنصرة الثورة في اليمن ضد الامام احمد !، وكان تواجد قواتنا في اليمن تكبد الخزانة المصرية مليون جنيه كل يوم منذ بداية تدخل الجيش في اليمن عام ١٩٦٢ ! ، الا يعلم سيادة السفير ان فرار ارسال الجيش الي اليمن جاء بعد فشل مسروع الزعيم الراحل في اوحدة مع سوريا ( ١٩٥٨ - ١٩٦٢ ) .

يا معالي السفير السابق ان الازمة الاقتصادية الخانقة التي نعنيها جميعا ، ولا يرتاح لتبعاتها احد، لم تكن الا نتاج للتخبطات التي مارسها الزعيم الراحل ، التي بددت قدراتنا الاقتصادية واوقفت خطط التنمية والخطط الخمسية للتنمية التي كان قد وضعها الزعيم الراحل ايضا ، ومنذ ذلك الحين والازمة الاقتصادية تاصاعد وتتصاعد الي ان وصلت الان لاسباب عديدة، نتفق ونختلف عليها، واشير الي انني لا افهم في اسس الاقتصاد وفي خطط المواجهة للأزمات الاقتصادية، ولكني افهم ان اي علاج لازمة اقتصادية حتما ستكون له تبعات واضرار، وربما تتصارع مدارس ورؤي اقتصادية متباينة حيال سبل مواجهة الازمة الاقتصادية التي نواجهها ، ولكن لا اظن ابدا ان اي رؤية للاصلاح الاقتصادي يمكن ان تتم بلا تبعات !

يا سيادة السفير السابق ..الا تدرك ان جزء اساس من ازمتنا العامة بما فيها الازمة الاقتصادية راجع للفكر الذي ينتجهسباسبونا الغارقون في الاحلام والاوهام والشعارات، الا تعلم ان سياسينا يكتفون بالتنظير وترديد العبارات الخالية من اي معني ، واظن ان مساعي الزعيم الراحل ومن جاءوا بعده لاحداث حراك سياسي لم تكن سوي مسببات لازمة الفراغ السياسي التي نعانيها، وانتجت مجتمعا سياسيا بلا فاعلية ! .. ودعني ادلل علي صحة ما اقول بما اشرت اليه حضرتك فيما قلت انه مبادرة للخروج من الازمة، فقد نوهت انت الي ثورة يناير ٢٠١١ ، دون ان تدرك ان هذه الثورة ، كما تسميها انت ، كانت كاشفة عن الخواء السياسي والفراغ الذي يعانيه كل سياسينا فقد سرق الاخوان الثورة بهدؤ، وكنتم جميعا تتفرجون !

يا سيادة السفير السابق .. ان اي متابع منصف لا يستطيع ان يعطي للنظام الحالي صكا بسلامة كل الخطط التي يتبعها، ولا يستطيع في الوقت ذاته ان يصدر عليه حكما عاما بالفشل في كل مساعيه ، فالكمال لله وحده ، واكيد اكيد هناك ما يحسب لصالح النظام وما يحسب ضده، والتصويب وتعظيم الايجابيات يأتي بالمشاركة وليس بالسعي للتوقف والبحث عن نقطة بداية !

يا معالي السفير السابق اننا في حاجة الي ان يعتنق سياسينا فكر مختلف في الممارسة السياسية، وان يعتنق نظام الحكم ايضا افكارا مختلفة لدعم هذه الممارسة فالتعاون الصادق بين المعارضة والنظام هو اساس يجب ان يتبع ، فهو ضمانة للاستمرار والاستقرار .

اخيرا وليس اخرا .. ان اي شخص مهما كان سيمضي الي قدره كما مضي السابقون وستبقي مصر الارض والدولة ، وكلما حرص عليها ابناءها ، كل ابناءها ستكون اقوي واكثر استقرارا .