«البرامج الدينية».. من التنوير إلى «الثراء بالعملة الصعبة»

كتب: أحمد حسين صوان

«البرامج الدينية».. من التنوير إلى «الثراء بالعملة الصعبة»

«البرامج الدينية».. من التنوير إلى «الثراء بالعملة الصعبة»

تعيش البرامج الدينية، على القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، حالة من الرواج، زاد منها وجود قنوات متخصصة فى هذا الشأن فقط، مع ذلك يوجد انقسام لدى جماهير المشاهدين حولها؛ فالبعض يراها صاحبة رسالة حقيقية لوعظ الناس، فيما ينظر إليها آخرون على أنها «سبوبة»، تسعى إلى «الشو» فقط وابتعدت عن رسالتها الحقيقية المتعلقة بالتنوير والتثقيف لصالح جنى الأموال.

البرامج الدينية تقوم بعرض نماذج وشخصيات من السير النبوية، والتصدى للأفكار الإرهابية، ونشر الدين الوسطى، والالتزام بالقيم الصادقة من خلال استضافة علماء الأزهر، لأن هذه الفترة تشهد حرباً فكرية تستهدف زعزعة الاستقرار وغسل عقول الشباب.

وينقسم «شيوخ الفضائيات» إلى فئتين؛ منهم من يُقدم برنامجاً بشكلٍ ثابت، مثل عمرو خالد، ومصطفى حسنى، ومبروك عطية، وخالد الجندى، ورمضان عبدالمعز، وسعد الدين الهلالى، فيما يظهر النوع الآخر كضيف على برامج مثل أشرف الفيل، ومبروك عطية، وأحمد صبرى، وإسلام رضوان.

{long_qoute_1}

ويقول الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى، إن البرامج الدينية تحولت إلى وسيلة لكسب المال، من خلال التركيز على القضايا ذات الطابع الاستهلاكى، وليست القضايا الجادة التى يمكن أن تسهم فى تعزيز الواقع الثقافى المصرى، وهناك عدد من الوعاظ والدعاة ينظرون إلى دورهم على الشاشات من منطلق «الشو» لتحقيق نسبة مشاهدات عالية، من خلال مجموعة من الممارسات بعضها يتعلق بلغة الجسد، واستخدام الألفاظ الحادة والعبارات الصادمة، و«فبركة» المكالمات الهاتفية.

وأكد مصدر من داخل أحد البرامج الدينية، التى عُرضت فى رمضان الماضى، أن هذه النوعية من البرامج تُحقق نسب مشاهدات عالية، ونرصد ذلك من خلال رد فعل الجمهور وأرقام المشاهدات عبر السوشيال ميديا ويوتيوب، مشيراً إلى أن الداعية -مقدم البرنامج- لا يسعى لـ«الشو» بهدف جذب الانتباه، ويوجد فى الاستديو باستمرار، ويتعامل مع فريق العمل فى إطار من الحب.

وقالت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، إن إشكالية البرامج الدينية بدأت منذ خروج شخصيات لا يُعرف عنهم شىء، يطلقون فتاوى شاذة، ويحرضون على العنف، والعداء بين المسلمين والمسيحيين، معربة عن استيائها من «الدعاة الشباب»، ووصفت هذا المصطلح بـ«المصطنع»، لأنهم يفتقدون التأثير، رغم محاولتهم المستمرة لاستقطاب الشباب، وطالبت بإسناد البرامج إلى إعلاميين يديرون حواراً من خلال استضافة علماء ورجال الدين، والاكتفاء ببرنامج واحد يومى على التليفزيون المصرى، وآخر أسبوعى.

{long_qoute_2}

ونوهت الدكتورة إلهام يونس، أستاذ الإعلام المساعد ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالمعهد الدولى العالى للإعلام، إلى أن البرامج الدينية بعيدة عن رسالتها الأصلية، وحالها مثير للجدل والبلبلة ونشر ثقافة الفوضى، من خلال الفتاوى الشاذة، التى تكون مادة شيقة للتداول عبر السوشيال ميديا، كما أن غياب المُقدم المُثقف والمحترف ساهم فى فتح المجال أمام الكثير من الشخصيات التى تتخيل أن مجرد ارتداء الحجاب طريق مختصر لتقديم البرامج الدينية، حتى وصل الأمر إلى إعلان الراقصات رغبتهن فى تقديم هذه البرامج بشكل مثير للجدل ومسئ للخطاب الدينى. وطالبت «يونس» بضرورة إعادة النظر فيما وصلت إليه هذه النوعية من البرامج على الفضائيات الخاصة، بداية من شخصية مُقدم البرنامج، وكيفية الإعداد، وتوثيق المادة العلمية، والفتاوى، حتى تعود البرامج الدينية لرسالتها الأصلية كأداة للبناء.

وأكد الإعلامى حسن الشاذلى، مقدم أحد البرامج الدينية، أنه يتعين على البرامج اتباع القيمة وتوصيل الرسالة، لأن بعض القنوات الدينية المصرية يتجاوز تأثيرها حدود مصر، وتتابعها شعوب أخرى، ويحفظون جميع برامجها، وبالتالى فهى قادرة فى التأثير عليهم بشكل كبير، مشيراً إلى أن الداعية لفظ مطاط، ومن الممكن أن يتخفى فيه الكثير، وبالتالى يجب تنقية القائمين على هذا الأمر.

وأوضح أن غياب المحتوى الإعلانى عن بعض القنوات الدينية يرجع أحياناً إلى الإيمان بـ«الرسالة»، فالجميع داخل هذه القنوات يشعر أنه «صاحب رسالة»، ولا يعنيه الجانب المادى بقدر وصول رسالته لأكبر عدد من الجمهور.

وأوضحت شيرين فتحى، رئيس تحرير أحد البرامج التليفزيونية، أن عدداً كبيراً من الشيوخ والدعاة يحصلون على مكافآت مقابل الظهور فى البرنامج، تتراوح بين 500 وألف جنيه، مؤكدة أن هناك بعض الشيوخ يطلبون 4000 جنيه، نظير الظهور لمدة ساعة فى الحلقة، نافية ما يتردد بشأن «فبركة» المكالمات الهاتفية، وأكدت أن الفقرات الدينية تحقق نسبة مشاهدات عالية، والدعاة لديهم قدرة فى التأثير على الجمهور، مضيفة: «الفبركة دى قديمة، وفاشلة جداً، الناس مش هتستوعبها.. بتتكشف بسرعة.. الجمهور عنده وعى كبير».


مواضيع متعلقة