"محسوبيات وللأغنياء فقط".. تاريخ التعليم في مصر قبل ظهور مكاتب التنسيق

كتب: محمد رمضان

"محسوبيات وللأغنياء فقط".. تاريخ التعليم في مصر قبل ظهور مكاتب التنسيق

"محسوبيات وللأغنياء فقط".. تاريخ التعليم في مصر قبل ظهور مكاتب التنسيق

يواصل خريجو الثانوية العامة ماراثون التنسيق الإلكتروني بحثا عن فرص وأماكن متاحة في الكليات والمعاهد، حيث انطلقت المرحلة الثالثة للتنسيق بعد ظهور نتيجة المرحلة الثانية.

ولكن كيف كان حال التعليم المصري قبل ظهور مكاتب التنسيق؟.. ومتى بدأ ظهور التنسيق في نظام التعليم المصري؟، هذا ما تجيب عنه بعض الكتب والمراجع، ومنها كتاب "تاريخ التعليم في مصر" لسعيد إسماعيل علي، و"التعليم والتغيير الاجتماعي في مصر في القرن التاسع عشر" لسامي سليمان السهم.

عرفت مصر التعليم منذ الحضارة الفرعونية، حيث كان لزاما على المصري لتأسيس هذه الحضارة العريقة أن يتعلم الطب والتحنيط والهندسة والزراعة، وكانت مراحل التعليم الفرعوني تبدأ بـ"المرحلة التعليمية الأولية" وتنتهي بـ"الثقافة العالية"، وكان من أشهر مدارس الطب التي عرفها المصريون تلك التي كانت في مدينة سايس إحدى عواصم مصر القديمة.

وفي العصور الوسطى ظهرت المساجد والكتاتيب خصوصا مع دخول الإسلام إلى مصر، وفي العصرين الأموي والعباسي ظهرت المدارس الدينية المذهبية، وفي عهد محمد علي كانت أهم أهدافه هي بناء جيش قوي يرهب به أعداءه واتجه في سبيل ذلك لتطبيق نظام تعليمي حديث للنهوض بقدراته الحربية، ومن ثم أرسل البعثات للتعلم في الخارج في فرنسا وإيطاليا لإعداد القوة البشرية المنافسة لقوات العدو، والنهوض بالدولة من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وأهمل التعليم في الأزهر والكتاتيب وكان ذلك خارج نطاق اهتمامه، فكان اهتمامه بالمقام الأول بنظام التعليم الحديث.

ثم ظهر دور علي مبارك في الاهتمام بالمؤسسات التعليمية الأهلية في تنظيم لائحة 1868م، تلك اللائحة التي كانت تسمى بلائحة إصلاح التعليم وسميت بـ"رجب 1868م"، التي تم وضع المدارس الأهلية تحت إشراف وزارة المعارف، وبنصوصها أدخلت الكتاتيب في الهيكل التعليمي للوزارة.

وبسبب الاحتلال الإنجليزي، كان التعليم في تلك الفترة مقتصرا على الطبقة الغنية، ولكن الحركة الوطنية عملت على نشر التعليم بين الفقراء، وفي ظل ذلك تمكنت الحركة الوطنية من إنشاء أول جامعة أهلية في 21 ديسمبر 1908م وذلك من خلال حماسة الزعيم مصطفى كامل، والاستجابة العامة للتبرعات والهيئات من مختلف فئات الشعب وطوائفه.

ومع اقتراب ثورة 23 يوليو، انتعشت الحياة الحزبية وازدادت الطبقة الوسطى وأصبح المجتمع أكثر وعيا، وشهدت تلك الحقبة إلى جانب جامعة الملك فؤاد الأول "القاهرة" إنشاء جامعة الملك فاروق الأول "الإسكندرية" عام 1942م، ثم صدور المرسوم الملكي بإنشاء جامعة أسيوط عام 1949م وبدأت عملها في عام 1957م، ثم جامعة إبراهيم باشا "جامعة عين شمس" عام 1951م.

كانت إمكانيات الدولة ومواردها ضعيفة أيضا في ذلك الوقت، فقد تراوحت المصروفات المدرسية بين 40 جنيهاً في كلية الطب، 30 جنيهاً في كلية الحقوق، و20 جنيهاً في كلية الآداب وقد كان ثمن الفدان الخصب الصالح للزراعة في ذلك الوقت يتراوح ما بين 40 – 50 جنيهاً وكان مسموحاً لأقل من 10% من طلاب الكليات الالتحاق بالمجان شريطة أن يكونوا من أوائل البكالوريا "الثانوية العامة" وممن يثبتون أنهم فقراء بشهادة فقر رسمية.

 كما شهدت تلك الحقبة ظهور المدارس العسكرية والتي كانت متمثلة في "الكلية الحربية" التي ترتب إنشاؤها على معاهدة 1936م حيث كان الالتحاق بها مقتصراً على عدد محدود من الطلاب من الأسر الغنية، وأيضاً "مدرسة البوليس" أو "كلية الشرطة" التي أتاحت الفرصة بعد ثورة 1952م لإنشائها وإتاحة التحاق الطبقة الوسطى بها بعد أن كان الالتحاق بتلك المدارس محرما عليها.

وفي حقبة ثورة 23 يوليو، ظهر نظام التنسيق للقبول بالجامعات بعد المرحلة الثانوية وتم إنشاء مكتب التنسيق ليعتمد معيار القبول والتوزيع بين مختلف الكليات على معدل الدرجات التي يحصل عليها الطالب في امتحان اتمام شهادة الثانوية.

وبذلك قضى هذا التنظيم على ما كان يحدث من قبل من تدخل الوساطة والمحسوبية واستخدام السلطة والنفوذ من أجل إلحاق أبنائهم في الجامعات ومعاهد التعليم العالي.

وفي السبعينيات، جاءت سياسة الانفتاح لتفسح المجال أمام خصخصة التعليم، وظهور المدارس الخاصة، وعرفت مصر نظام إعارة المدرسين إلى دول النفط، وأسست العديد من الجامعات الإقليمية والخاصة الموجودة حتى الآن.


مواضيع متعلقة