الرئيس المشترك لـ«سوريا الديمقراطية»: لا شروط مسبقة للتفاوض مع «الأسد» ونريد دستوراً يحمى «كل المكونات»

الرئيس المشترك لـ«سوريا الديمقراطية»: لا شروط مسبقة للتفاوض مع «الأسد» ونريد دستوراً يحمى «كل المكونات»

الرئيس المشترك لـ«سوريا الديمقراطية»: لا شروط مسبقة للتفاوض مع «الأسد» ونريد دستوراً يحمى «كل المكونات»

«الحرب السورية لم تنته ولم توشك على الانتهاء، وربما يتم تسويف الأزمة إلى موعد الاستحقاق الرئاسى عام 2021 لتخرج بعدها القوى العالمية بشكل جديد للأزمة».. هكذا يؤكد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية الشيخ رياض درار، الذى أكد أن «سوريا الديمقراطية ليس لديها أى شروط للدخول فى مفاوضات مع النظام السورى»، مشيراً -فى حواره لـ«الوطن»- إلى أن «عدم إيجاد حل للأزمة السورية حتى عام 2021، يعنى أننا سندخل فى حرب جديدة تشعل المنطقة»، لافتاً إلى أن «جماعة الإخوان كانت السبب الرئيسى فيما وصلت إليه الأزمة السورية حالياً، لأنهم كانوا أول من حمل السلاح ودعا إليه وسيطروا على المنظمات المدنية وأنفقوا أموال المساعدات لشراء الولاءات لهم، وباتوا يتصرفون وكأنهم جزء من الأتراك وليس السوريين»، وقال «درار» إن حل مشكلة التطرف والإرهاب فى مرحلة ما بعد الحرب، يجب أن يتركز حول إعادة فهم الدين والقرآن وتقديم فقه معاصر يتناسب مع الزمن الحالى. وإلى نص الحوار:

{long_qoute_1}

بداية، تناولت بعض وكالات الأنباء مؤخراً تصريحات عن تشكيل منصة تمثل المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية استعداداً للدخول فى مفاوضات مع الحكومة السورية، هل هذا صحيح؟

- ليس تشكيل منصة وإنما توحيد المجالس المحلية والمجالس المدنية والإدارات الذاتية فى إدارة موحدة لتقوم بالتنسيق بين المناطق المختلفة الواسعة بعد طرد «داعش» من الرقة ومن شرق دير الزور، والهدف من التوحيد هو ألا تكون هناك تصرفات بها نوع من الإخلال أو التجاوز سواء فى الأسعار أو المعاملات وغيرها، ولهذا نعمل على تكوين إطار واحد ضمن مجلس سوريا الديمقراطية.

لكن بشأن المفاوضات مع الحكومة، هل هى مطروحة حالياً؟ وما شروطكم أو الضمانات التى ستطلبونها؟

- عندما توجه الرئيس السورى فى أحد لقاءاته إلينا بأنه يمكن التفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية، استجبنا على الفور بأننا مستعدون للتفاوض بلا شروط، وهذه ورقة سياسية رفعناها منذ البداية لئلا يفكر أحد بأن منطقتنا تفكر بالانفصال أو الانقسام عن وحدة سوريا، وإنما نريد أن نحافظ على وحدة السوريين أرضاً وشعباً، ونعمل بشكل جدى للدخول فى مفاوضات، لا توجد شروط لنا بالمعنى المتعارف عليه، وإنما استحقاقات وطنية نطالب بها لأن هناك الكثير من المظلوميات والظروف المتغيرة التى صارت الآن بين أيدى من يتحكمون فى الأوضاع السياسية والعسكرية فى المنطقة ونحن نريد شكلاً دستورياً متميزاً يحمى كل المكونات ويعطيها دورها فى كل المجالس، ونريد رفع شعار اللامركزية، وكل هذه أمور يمكن مناقشتها مع الحكومة، وأعتقد أن البداية يجب أن تكون فى مسألة الخدمات والطاقة والتعليم والصحة وغير ذلك، وبعد ذلك تكون مرحلة زرع الثقة بين الطرفين بعد ما تم من خطوات تمهيدية فى مجال الخدمات.{left_qoute_1}

فى مقابلة فى مايو الماضى، قال الرئيس السورى بشار الأسد: «بدأنا بفتح الأبواب أمام المفاوضات لأن غالبية هذه القوات من السوريين (ويقصد هنا قوات سوريا الديمقراطية)»، لكنه استطرد: «إذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة بوجود الأمريكيين أو بعدم وجودهم»، هل تتوقع أن يلجأ النظام فعلاً إلى هذا الاتجاه باستخدام القوة؟

- بالتأكيد، أولاً قواتنا ليس بينها وبين الجيش السورى أى احتكاك وليس بيننا دماء كما حدث مع بعض الفصائل، وكان لى تصريح سابق قلت فيه إن قوات سوريا الديمقراطية ستكون جزءاً من الجيش السورى بعد التسوية، وبهذا نحن نرفع شعاراً ونعطى إشارات لنبدأ خطوات إيجابية تجاه الحل السياسى، ونؤكد أن الأمر ما زال على حاله.. نحن سنكون جزءاً من الجيش السورى بعد التسوية، لكن مسألة التهديد باستخدام القوة، أعتقد أنها مبالغة صحفية خصوصاً فى وجود الأمريكيين فى المنطقة، وقد حدثت محاولات لتجاوز حدود نهر الفرات لكن القوات الأمريكية ردت بسرعة، وهناك اتفاق روسى أمريكى على حدود مناطق النفوذ أكبر من قواتنا ومن قوات النظام، ولهذا نحن نؤيد التفاوض دون شعارات أو عنتريات لا طائل منها.

فى لقاء سابق لصحيفة «الوطن»، قالت الرئيسة المشتركة السابقة لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد، إن المشكلة ليست فى رأس النظام وإنما فى النظام نفسه، وإنه إذا حدث وتحولت سوريا إلى فيدرالية ديمقراطية، فلا مانع من بقاء «الأسد»، ما رأيكم؟

- نحن لا نتحدث عن الأشخاص، هناك أخطاء كثيرة ارتكبت لدى النظام، والحل الأمنى العسكرى لم يكن مناسباً وكان على النظام أن يتجاوز هذا الطريق ويبعد سوريا عن التكلفة التى حصلت خلال السنوات الماضية، ولا بد من فتح الطريق للحل السياسى، وقد يكون هذا صعباً ولكنه سيكون أقل تكلفة، مرة أخرى، نقول إن الجميع أخطأ ويجب علينا أن نفكر فى المشروع السورى.. كيف نعيد الاستقرار والأمن ثم نفتح الباب أمام المشروع الديمقراطى ليستطيع السوريون التعبير عن ذاتهم، ومن خلال ذلك يكونون قد وضعوا دستوراً مناسباً ننتهى بعده إلى انتخابات، وهذا كله يمكن أن يؤدى إلى بقاء شخص أو ذهابه، ولكن بأسلوب ديمقراطى.

بمناسبة الحديث عن الديمقراطية، البعض يعتبر أن مشروع مجلس سوريا الديمقراطية (مشروع الأمة الديمقراطية) ما هو إلا محاولة للانفصال، فكيف تردون على ذلك؟

- فكرة الفيدرالية التى نطرحها هى فكرة مشروع اتحادى مناطقى يمكن أن يجعل الناس أكثر استقراراً فى مناطقهم، ويديرون عملاً ديمقراطياً من خلال انتخاب المسئولين والمرشحين من بينهم ويحاسبونهم ويحاكمونهم على أساس ذلك، وبالتالى اسم الفيدرالية هو اسم لا يتفهمه السوريون لأنه طُرح منذ البداية على أنه مشروع انفصالى من قبل المعارضين سواء من الحكومة أو المعارضة الخارجية أو بعض ممثلى الأحزاب السياسية وبعض أطراف النخبة التى تتحدث عن السياسة وما إلى ذلك، وكل هذا بقايا التصورات التى تحمل أشكال الأنظمة الاستبدادية السابقة، لأنه لم يكن لديهم مشروع وطنى حقيقى يفهم معنى الفيدرالية، ولكن المشروع الذى طُرح فى الشمال السورى من أجل إدارة البلاد لأن فيها مناطق متعددة، فتمت تسميته باسم «الفيدرالية»، ففيه إقليم الجزيرة وإقليم كوبانى وإقليم عفرين ومنطقة تل أبيض، كان هذا فى البدايات عندما وضع هذا المشروع، أما الآن فأصبحت المنطقة أوسع بعد تحرير «الرقة» و«دير الزور» و«الطبقة». وقد يكون لـ«منبج» إدارة خاصة لأن عليها خلافات، ولكنها تظل تحت سيطرة القوات التى حررتها، وبالتالى نحن نسير فى هذا الاتجاه ويمكننا التحدث بصيغة أخرى، ففى مؤتمرنا الثالث بدلاً من أن نطرح فكرة الفيدرالية تحدثنا عن فكرة اللامركزية، لأن الناس تخشى من اسم «الفيدرالية»، ولهذا تحدثنا عن اللامركزية الموسعة الديمقراطية، وهو مشروع يمكن من خلاله أن تدار البلاد وتكون تجربة للمجتمع السورى فى حال الذهاب إلى التسوية والحل السياسى.

{long_qoute_2}

البعض يقول إنه لولا الأمريكان لما كانت قوات سوريا الديمقراطية وصلت إلى ما وصلت إليه، وفى نفس الوقت يقولون إنه لو انسحبت «واشنطن» من دعمكم كما فعلت فى العراق، فإن موازين القوى ستختل ضدكم، ما رأيك؟

- بالتأكيد لو انسحب الأمريكان بشكل كبير لتأثرت موازين القوى وتأثرنا نحن أيضاً، ولكن المسائل لا تدار بهذا الشكل، تهديدات «ترامب» بالانسحاب كانت تهديدات سياسية أكثر منها عملية، ثم إن الأمريكان حموا الأجواء فى الفترة السابقة ولا يزالون يعدون بأنهم سيظلون يحمون الأجواء وأن طائراتهم لن تسمح لأحد بعبور الفرات، وإذا تمت انسحابات تكتيكية هنا أو هناك فإن هذا يتعلق بالقوات العسكرية وبالحسابات الأمريكية مع دول الإقليم.

لديك خط دينى يمتزج بالديمقراطية والعلمانية، هل تعتقد أنه بهذا الشكل يمكن مواجهة فكر داعش فى المناطق المحررة؟

- مشروع بناء الديمقراطية فى الإسلام مشروع قديم تحدثنا عنه حين كنا خطباء، وكنا نتحدث عنه باسم تيار الإسلام الديمقراطى، أنا ومجموعة من الخطباء الذين كانوا يتبعون أفكاراً تنويرية لمواجهة الإرهاب والتطرف، وأن يكون الإسلام فى البيت والشارع وبعيداً عن السياسة، وأن يكون السياسى بعيداً عن التدخل فى الدين، ويبتعد رجل الدين عن السياسة، لأن كليهما يفسد إذا تدخل فى مكان ليس له، وبهذا يجب فصل الدين عن السياسة، بمعنى أن يعمل كل فيما يختص بعمله، أى فصل العلاقة وليس الانفصال عن الحالة التوجيهية بحسب مكانة كل شخص، وهذا ما نحتاجه لتبنى إصلاحات نجدها مهمة فى الفترة المقبلة لمواجهة التطرف الفكرى الداعشى والتطرف الآخر الذى أفسد الفقهيات وفقه العبادة، وهو فكر مأخوذ عن فترة تاريخية سابقة كانت تحاصرها بيئة يعيش فيها الفقهاء وغيرهم، ولهذا نحتاج إلى فقه معاصر يعتمد رؤية جديدة وقراءة جديدة للقرآن، وقد بدأنا فى شمال سوريا التعاون مع كل علماء الدين من كل الأطياف.{left_qoute_2}

فى رأيك، كيف تطورت العلاقات بين الكرد والعرب فى السنوات الأخيرة؟

- لا تزال هناك عنصرية خفية فى نفوس الكثير من المثقفين العرب، وللأسف هى موجودة فى نفوس المثقفين الذين كنا نسمعهم يوماً يتكلمون عن القومية السمحة وغير ذلك من الشعارات، ولكن وجدناهم أكثر احتقاراً للطرف الآخر وإنكاراً له، وبدأوا ينظرون عن حقيقة الطرف الآخر وغير ذلك من الأمور التى تقول إن هذا العقل عقل انفصالى، وبعد النجاحات الكردية الأخيرة، بدأت المكونات المختلفة عرباً وكرداً وغيرهما فى التعامل مع الكرد الذين حرروا تلك المناطق، وباتوا يجدون فرقاً فى التعامل بين ما كان يحدث فى السابق وما يحدث الآن، صحيح أنه تحدث مظاهرات قد تضطر قوات الأمن الداخلى فى بعض الأحيان إلى منعها أو تفريقها بالقوة، ولكن لا يؤخذ أحد إلى السجون لفترات طويلة لمجرد أنهم تظاهروا، وقد وجد المواطنون متنفساً فى الديمقراطية وتخلصوا من «داعش»، ويعتقدون أن هذا المشروع يناسبهم لأنه لا يقطع يدهم ولا يتشدد ضدهم، وهذه العلاقة يمكن أن تعطى تصوراً جديداً للشكل الإيجابى فى التعامل بين الكرد والعرب، وهذا يشجع أيضاً الروح الحزبية فى التعامل بينهم.

دعنا نتحدث عن الإخوان المسلمين.. كيف ترى دورهم فى الأزمة السورية خصوصاً فى ظل الدعم الكبير الذى يحصلون عليه من جانب تركيا؟

- الإخوان المسلمون كانوا سبباً رئيسياً فى فشل مسار الثورة، هم أول من فكر بحمل السلاح، وهم أول من شجع المظاهر المسلحة، وبعد ذلك حاولوا الالتفاف على القوى العلمانية التى شاركتهم لأنهم شكلوا عدداً كبيراً من المنظمات تحت اسم المنظمات المدنية ولكن إداراتها كانوا من الإخوان، وبهذا سيطروا على كل الأموال التى كانت تأتى للمساعدة ويصرفونها ويشترون بها الولاءات، ومن هنا كان لهم الدور الأوفى فى فساد المعارضة الأولى، وفى تصورى هم تصرفوا بشكل سلبى أدى إلى نتائج سلبية نرى شكلها فى المعارضة الآن، ولكنهم يجيدون التعبير ويدعون أنهم مع السلمية، ولكن أى سلمية هذه التى تكون فى إطارها كل القوات المسلحة تأتمر بأمرهم، خصوصاً بعد أن احتضنهم «أردوغان» وأعطاهم التعبيرات التى تعزز موقفهم، وربما يحاول إنشاء كانتون أصولى بقيادتهم فى شمال سوريا وفى إدلب إذا استطاع، هذا ما يفعله «أردوغان» لأنهم -كما نجدهم- فرحين باحتلال «عفرين» ويزورونها كأنهم منتصرون، وهم يتصرفون وكأنهم جزء من الجيش التركى وليس كسوريين، هم يتصرفون كالأتراك فكراً وممارسات.

{long_qoute_3}

أخيراً، البعض يقول إن الحرب فى سوريا أوشكت على الانتهاء، هل تتفق مع هذا الرأى؟ خصوصاً أن البعض يقول إنه حتى وإن انتهت الحرب فإن الجلوس إلى طاولة المفاوضات وحل الأزمة السياسية سيستغرق سنوات أخرى طويلة؟

- أبداً لم توشك الحرب على الانتهاء، لأن مشروع تحرير إدلب لن ينتهى قريباً، بل إن معارك «إدلب» ستحتاج إلى سنوات إن لم أقل على الأقل إلى نهاية حكم بشار الأسد عام 2021، وهذا يعد جزءاً من التلاعب الدولى بسوريا وأقدار السوريين، الحرب لم تنته وستستمر وقد يكون عدم وجود حل عام 2021 بداية لحرب جديدة وإشعال جديد للمنطقة، أما طاولة المفاوضات فعلاً ستطول، لأن تمرير اللجنة الدستورية فيحتاج إلى وقت وأشهر طويلة حتى ينضج، وهذا جزء من التلاعب بالوقت لمرور العامين المقبلين للوصول إلى الاستحقاق الرئاسى عام 2021، وعندها ستكون الدول الكبرى قد رسمت مسارات أخرى للحرب، وهذا يعنى أن مقترحات اللجنة الدستورية قد تطول وقد لا تخرج بأى شىء، وقد تخرج ببعض إشارات ويأتى الدستور جاهزاً من جهات أخرى ويوافق عليه السوريون بحكم أنهم يريدون الانتهاء من الحرب والخروج من الأزمة بأى شكل، وتنتهى الأمور وكأن الدماء لم تسفك ويعود الناس إلى مجريات حياتهم بشىء من التغيير النفسى والتغيير السياسى.

 

آثار الدمار الذى لحق بالمبانى فى سوريا


مواضيع متعلقة