إمبراطورية «التسول» فى السويس.. أطفال مستأجَرون هرباً من الفقر وسيدات يبحثن عن الثراء

إمبراطورية «التسول» فى السويس.. أطفال مستأجَرون هرباً من الفقر وسيدات يبحثن عن الثراء
- التسول
- تسول الأطفال
- السويس
- متسولات
- متسول
- تأجير الأطفال للتسول
- استغلال الأطفال
- التسول
- تسول الأطفال
- السويس
- متسولات
- متسول
- تأجير الأطفال للتسول
- استغلال الأطفال
ما بين الفقر وقلة الحيلة، لا يجدون مفراً سوى التفريط فى أطفالهم، إما بالتخلى عنهم أو استغلالهم كمصدر للمال، يؤجرونهم للمتسولات اللاتى يستخدمنهم فى استدرار عطف الناس فى الشوارع وأمام المساجد بغرض الحصول على جنيهات قليلة، تتجمع تلك الجنيهات بنهاية اليوم لتكون رقماً ضخماً قد يصل إلى 1500 جنيه فى أشهر معينة خلال العام، وفى النهاية تستولى المتسولة على حصيلة اليوم، مقابل منح أسرة الطفل المؤجر مبلغاً لا يتعدى 75 جنيهاً، وسط محاولات الأجهزة الأمنية للحد من تلك الظاهرة.
«سعدية»، تزوجت من صياد بمحافظة الفيوم، وأنجبت منه 5 أولاد و3 بنات، وحين ضاقت بهم الأحوال طالبها زوجها بالانتقال لمحافظة السويس للعمل بمهنة الصيد هناك، وبالفعل قدموا للسويس، واستأجروا شقة بإحدى المدن الجديدة، ومروا بأيام صعبة للغاية وصلت إلى درجة الجوع والعجز عن علاج أبنائهم إذا أصيب أحدهم بالمرض.
مع تدهور الحال، فوجئت «سعدية»، برحيل زوجها، ترك لها الجمل بما حمل هارباً، لتواجه مصيرها المجهول مع 8 من الأطفال، ما اضطرها إلى تأجير طفليها، الأول يبلغ من العمر 5 أعوام، والثانى عامين للعمل مع المتسولات مقابل الحصول على مبلغ 150 جنيهاً يومياً، لتحصل على قدر من المال يعينها على أعباء الحياة، رافضة وصف ما فعلته مع طفليها بأنه تأجير، بل عمل يقومان به، فرضته عليهما ظروف الحياة القاسية رغم صغر سنهما، كما ألحقت اثنين من أبنائها، حمودة، 17 عاماً، والثانى سيد، 14 عاماً، للعمل بورش صناعية. فاطمة.م، إحدى المتهمات بالتسول، تم ضبطها برفقة طفل أثناء التسول، إلا أنها دافعت عن نفسها خلال التحقيقات بتأكيدها أن الطفل الذى ضُبط معها بأحد شوارع السويس، هو ابن شقيقتها المقيمة بإحدى القرى فى القطاع الريفى بحى «الجناين»، مؤكدة أنها اتفقت معها على استخدام طفلها الصغير، الذى لم يتجاوز عمره عاماً واحداً، ليساعدها فى التسول مقابل تقسيم حصيلة اليوم فيما بينهما، مبررة لجوءها للتسول باحتياجها للمال وتجهيز نفسها لتتمكن من الزواج، لاسيما أن عمرها تجاوز 32 عاماً ولم تتزوج حتى الآن.
{long_qoute_1}
وكشفت المتهمة أنها لجأت لارتداء النقاب، حتى تتمكن من التسول بشوارع السويس دون أن يتعرف عليها أحد من جيرانها بالقطاع الريفى، وتشيع بينهم أنها تعمل بمصنع ملابس فى السويس، موضحة أن ظروف الحياة الصعبة هى التى دفعتها للتسول بعد وفاة والديها، خاصة أن زوج أختها الكبرى عاطل لا يصرف مليماً واحداً على زوجته وأبنائه الثلاثة، على حد قولها.
ومن واقع أحد المحاضر المحررة بمباحث الأحداث، قالت «نعمات.ع»، متسولة: «أنا متزوجة من عامل باليومية، ومتزوج من سيدتين غيرى ونقيم جميعاً فى إحدى القرى بمحافظة الإسماعيلية، ونحن الثلاثة نعمل بالتسول بمعرفة الزوج الذى يوفر لنا كل شىء حتى نخرج يومياً لنستقل أول قطار متجه للسويس من أجل التسول ونعود بحصيلة اليوم ليحصل عليه كاملاً بحجة أنه المسئول عن الصرف علينا وعلى أبنائنا، وكان هو صاحب فكرة اصطحاب أطفالنا الصغار للتسول بشوارع مدينة السويس ولا يبالى بحرارة الجو وتأثيرها على الأطفال، فكل همه هو جمع المال لتناول المواد المخدرة».
وأضافت «نعمات» أن موسم رواج التسول، يكون فى شهر رمضان من كل عام، حيث تستغل تعاطف الناس معها خلال هذا الشهر الكريم، وتلجأ للوجود أمام المساجد وخاصة عقب صلاة الجمعة، وتابعت: «إذا كنا خلال الأيام الأخرى نحقق ما بين 800 و900 جنيه فى اليوم الواحد حصيلة التسول، ففى شهر رمضان تصل حصيلة اليوم الواحد إلى أكثر من 1500 جنيه.. أنا أعمل بالتسول رغماً عنى، فزوجى يجبرنى أنا وزوجتيه على هذا العمل ومن يعترض منا يتعرض للضرب والإهانة لأنه رجل جشع، ولا يعترف بأننا بشر من الممكن أن نصاب بالمرض ومن يعترض منا يهددها بالطرد للشارع ومنعها من رؤية أبنائها».
«عطيات.ح»، تتسول منذ 10 أعوام وسبق القبض عليها ثلاث مرات فى محافظات «الإسماعيلية، السويس وبورسعيد»، وهى أم لخمسة أبناء أحدهم متزوج، كشفت أنها تركز فى العمل خلال شهر رمضان أمام المستشفيات والمساجد، لأنها الأماكن التى يخرج منها المواطنون ويتعاطفون معها.
مصدر مسئول بمديرية التضامن الاجتماعى فى السويس، أوضح أن المديرية ترصد تلك الظاهرة منذ فترة طويلة، وهناك تنسيق بينها وبين مباحث الأحداث للحد منها وأن المديرية أعدت أكثر من بحث حول انتشار الظاهرة بشوارع السويس، ورصدت حالات خاصة قامت فيها بعض الأسر بتأجير أطفالها للمتسولات، وتبين أن معظم تلك الأسر تكون من خارج محافظة السويس، ولاسيما محافظات الشرقية والإسماعيلية وبعضها من محافظة القليوبية، وعند سؤال أسر هؤلاء الأطفال يبررون الأمر بأنه عمل مثل أى عمل يقوم به الأطفال لتوفير احتياجاتهم.
منذ أيام، ضبط عدد من الأهالى بحى الأربعين، متسولة، واتهموها فى محضر رسمى باختطاف طفلين بينهما رضيع، عندما فشلت فى إثبات أنها والدتهما، حيث لفتت المتهمة الأنظار إليها بعدما اعتادت التردد على بعض المحال التجارية بشارع أحمد عرابى فى حى الأربعين للتسول، وشك فيها المواطنون بسبب صراخ الرضيع وعدم قدرتها على تهدئته، وبسؤالها عن الطفلين ادعت أنها والدتهما، وبسؤال الطفل ظل صامتاً ولم يرد، وبمواجهتها ارتبكت، فطلبوا لها النجدة، التى ألقت القبض عليها وتبين أنها تدعى «منال. ف»، 30 عاماً من محافظة الشرقية، وتحرر محضر تضمن اتهامها باستخدام طفل عمره 7 سنوات، ورضيع آخر عمره 8 شهور فى التسول، وأحيلت المتهمة للنيابة للتحقيق، فاعترفت بأنها قامت باستئجار الطفلين من إحدى السيدات بالشرقية مقابل مبالغ مالية.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة مع المتهمة، أن عملية تأجير الأطفال لاستخدامهم فى التسول منتشرة بشكل كبير، وأن معظم المتسولات يحضرن للسويس من محافظات أخرى وبصحبتهن الأطفال المؤجرون، وأن المتسولات يتفقن بينهن وبين بعضهن على استحواذ كل متسولة على شارع من شوارع المحافظة، حتى لا يحدث خلاف بينهن، وأنهن يحضرن للسويس فجر كل يوم عبر القطار، ويعدن ليلاً لمحافظاتهن. من جانبه، أكد اللواء أحمد حامد، محافظ السويس، اهتمامه بالحد من تلك الظاهرة التى انتشرت بشكل مريب خلال الفترة الأخيرة، حيث وجه المحافظ مديرية التضامن الاجتماعى ومديرية الشئون الصحية بالتواصل مع مباحث الأحداث من أجل التحفظ على الأطفال الذين يتم ضبطهم برفقة المتسولات، وتسليمهم لأهلهم، ووضع من لا يثبت وجود أسرة له داخل إحدى الدور لرعايته.