مسرحيون يحتفون بمحمود دياب فى أولى ندوات «الملتقى الفكرى»

كتب: إلهام زيدان

مسرحيون يحتفون بمحمود دياب فى أولى ندوات «الملتقى الفكرى»

مسرحيون يحتفون بمحمود دياب فى أولى ندوات «الملتقى الفكرى»

انطلقت، أمس الأول، فعاليات الملتقى الفكرى المنعقد على هامش الدورة الحادية عشرة من المهرجان القومى للمسرح، بالمجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا، بندوة حملت عنوان «مسرح محمود دياب»، تحدّث خلالها الدكتور حسين عبدالقادر، أستاذ المسرح، والباحثة شيماء محمود، عن أعمال «دياب» المسرحية ورحلته الفنية والإنسانية.

وأدار الندوة الدكتور محمود نسيم، الذى بدأها بالحديث عن الكاتب الراحل محمود دياب، قائلاً: «احتفاؤنا بدياب ليس من أجل إحياء ذكراه فقط، بل لأنه تجاوز آليات الكتابة فى عصره بمؤلفات ستظل باقية، كما أن إطلاق اسمه على هذه الدورة لاقى ترحيباً كبيراً، لأن صاحبه كاتب استثنائى، وستظل إسهاماته فى الحركة المسرحية باقية رغم رحيله منذ سنوات عديدة».

وأضاف: «رغم كتابته للقصة والرواية والسينما، فإن إبداعه المسرحى يظل هو الأبرز فى مشواره، فتصوراته وآراؤه تشابهت مع تجربة سعد الله ونوس، وبخلاف قدرته على تدوين الفكرة الشعبية، كانت لديه مهارة أيضاً فى رصد وتمصير الروايات العالمية، خاصة ليونيسكو، وستبقى (البيت الكبير) وآخر أعماله (أرض لا تنبت الزهور) من أهم علاماته المضيئة».

{long_qoute_1}

أما الباحثة شيماء توفيق، فأشارت فى بداية حديثها، إلى أن تجربة «دياب» فى القضاء تستحق تسليط الضوء عليها، لافتة إلى أن رحلته مع الكتابة بدأت فى مطلع حقبة الستينات التى زخرت بالعديد من الأحداث السياسية التى أعقبت ثورة 23 يوليو وأثرت فى وعى المجتمع.

ونوهت إلى أن نصوص «دياب» تحمل طابعاً خاصاً: «لم يكن يوماً أسيراً لرمزية الشخصية، فدائماً كنا نجده يعبّر بدقة عن القرية والعلاقات القائمة بين أفرادها، كما أن فكرة دعوات التأصيل تحققت بشكل كبير فى العديد من كتاباته، وتأثر بشكل كبير بكتّاب مسرح العبث، ولأنه خلق حالة من التحاور بين هذه الاتجاهات، فقد خرج لنا بمسرح مختلف تماماً».

واستطردت: «المركز والأطراف أبرز قضية ظهرت فى مسرحيات محمود دياب، علاوة على أنه استطاع تجسيد مفردات القرية المصرية وعزلتها عن المركز والمدينة، ونجد ذلك واضحاً فى مسرحية (الزوبعة) التى صدرت عام 1966، فقد عرض من خلالها الكاتب، حال القرية وأبنائها منذ القدم، واستشهد بإحدى وقائع الظلم التى تعرضوا لها، عندما تم اتهام عائل إحدى الأسر، ظلماً، بارتكاب جريمة، ويحكم عليه بالسجن لمدة عشرين عاماً بسبب شهود الزور وحالة الصمت التى كان عليها أهل القرية».

وتابعت: «تأثر دياب بمسرحية (المفتش) للروسى نيقولاى جوجول التى كتبها عام ١٨٣٥، ومن العروض الأخرى التى تتناول فكرة المركز والأطراف، مسرحية (ليالى الحصاد) عام 1968، التى تدور أحداثها فى ليلة سمر بإحدى القرى المنعزلة». وعقب «نسيم» على استخدام شيماء مصطلح المركز والأطراف، قائلاً: «أتفق معكِ نسبياً فى هذا المصطلح، فقد تناول دياب من خلال عرض (باب الفتوح) عودة صلاح الدين الأيوبى لتحرير القدس، حيث يعود (أبوالفضل) لاستعادة بيته فى هذه المدينة، ليجد يهودية قد سكنته، ليتساءل فى النهاية: لمن النصر؟».

وأكمل: «دياب تطرّق أيضاً إلى صورة الجماعة فى (الزوبعة)، التى يتم تقديمها كجماعة متوحشة، فعندما سجنوا حسين أبوشامة ظلما، وعلموا بموته فى محبسه، ارتكبوا جريمة أخرى».

وقال الدكتور حسين عبدالقادر: «دكتور نسيم له دراسة رائعة عن الثنائى محمود دياب وصلاح عبدالصبور، وعندما توليت إدارة مسرح الغد قدمت عرض «أرض لا تنبت الزهور»، الذى كانت ترفضه الرقابة لسبب لا نعلمه».

وأضاف: «دياب إنسان شاءت الأقدار أن يولد فى الصفوف الأولى التى واجهت المستعمر الذى احتل الأرض التى هى بمثابة العرض عند المصريين، وكما قلت فى الفيلم المسجل عن الكاتب الراحل، إنه ليس غريباً عليه أن يكتب رواية (طفل فى الحى الغربى) عام 1972، فحينها كان يبلغ من العمر 40 عاماً، وتقول لى ابنته إن هذا الطفل هو محمود دياب نفسه».

وطالب «عبدالقادر» بضرورة طباعة أعمال محمود دياب ومقالات الدكتور فاروق عبدالقادر عنه لأهميتها القصوى. وعقّب «نسيم»، بقوله: «هيئة الكتاب بصدد إصدار الأعمال الكاملة لمحمود دياب فى أربعة مجلدات، ونحن فى طريقنا للتواصل مع ابنته هالة فى هذا الصدد، وكنت أتمنى طبع مجلد واحد عنه، لطرحه بالتزامن مع فعاليات المهرجان».

وتواصلت «الوطن» مع «عبدالقادر»، الذى قال: «لا بد من إعادة تقديم أعمال محمود دياب على المسرح برؤى وقراءات نقدية جديدة، وبمخرجين وممثلين جدد، خصوصاً أن أعماله كثيرة، وأطالب الرقابة بألا تتخذ موقفاً صلباً من أعماله، وأن تعتد بأسلوب التحاور فى مناقشة أعماله، وذلك حتى نتمكن من المساهمة فى بناء الغد».


مواضيع متعلقة