"محمد ناصف".. الموسيقى من خيالات الرواية الأدبية

"محمد ناصف".. الموسيقى من خيالات الرواية الأدبية
يريد قارئ الرواية دائمًا أن يربط بين ما يقرأه والعالم الحقيقي الذي يعيشه، وتذهب به أحداث الرواية أحيانًا إلى تخيل نفسه البطل؛ الذي ينفذ العدالة من منظوره، أو فيل أزرق يقرر المشهد الحالي داخل "دماغ مغيبة"، وربما يذهب إلى أكثر من ذلك فيتخيل نفسه عبد الحي المرحوم الذي يطير وهو على قيد الحياة، هو ما نفذه الملحن الشاب، محمد ناصف، فهو يربط الخيال بالواقع.
مشاهد الانتقام، الأشجار المتداخلة، السفر عبر الأزمان، تحليق الروح، عالم لا يقبع إلا في جزء من العقل مرتبط بورقة أو أكثر من الرواية المفضلة، يشكل فيلمًا تخيليًا داخل الدماغ، يصنع ناصف الموسيقى التعبيرية له، فهذا الشاب الثلاثيني هو أحد رواد ما يسمى بالـ"Novel Tracks" في مصر.
"الفيل الأزرق هي الملهم لي في تلك الموسيقى، وهي الرواية الوحيدة التي لحنت لها معزوفتين"، صداقته بأحمد مراد، الروائي الشاب، منذ الطفولة كانت لها أفضل الأثر على كلاهما، فمنه استمد مراد المشهد الرئيسي من روايته "فيرتيجو"، ومن الفيل الأزرق استمد ناصف أول لحن موسيقي له بعنوان "مقدمة الفيل الأزرق" وعقبه لحن آخر بعنوان "القرص الثالث".
"اللحن الذي أؤلفه لا يرتبط بوقت قراءة الرواية بل هو ترجمتها إلى الشكل الموسيقى، عكس ما يوجد عالميًا وهو CD مصاحب للرواية يساعد فقط على الدخول في أجواء القصة ولا يمثل أحداثها"، هكذا يشرح ناصف موسيقاه ويقول أنه لا يستطيع أحد ممن لم يقرأ الرواية أن يفهم الرابط بينها وبين المقطع الموسيقي، لكن إذا قرأت الرواية سترى تفاصيل الفيلم الذي تخيلته يتحول إلى حقيقة من خلال تلك الموسيقى.
يعمل الملحن الشاب في المجال الموسيقي منذ صغره، فقد تعلم اللعب على البيانو هو لا يزال في طور الطفولة، وتلقى تعليمًا حر في الكونسرفاتوار، ثم احترف الموسيقى ويعمل في مجالها داخل مصر وخارجها، أراد أن يذهب بفنه إلى شيء مبتكر ليزيد من رغبات الناس في القراءة، فهو يقول "طموحاتي تتعدى الوقت الحالي، أريد في المستقبل أن يصاحب كل رواية ألبوم موسيقي كامل يشرح حالة وأحداث الرواية".
أربعة مقاطع موسيقية للروايات طوال عامًا ونصف هي خبرة الشاب الثلاثيني في هذا المجال، كان للفيل الأزرق منها نصيب الأسد، ومقطع لتراب الماس وآخر لرواية المرحوم، يعتمد ناصف في كل مقطوعة موسيقية على التيمة الأساسية بالرواية المرتبطة بها، فتخير ناصف للفيل الأزرق أسلوب الحضرة، لما له من طابع شعائري خاص، أما تراب الماس فاحتوى المقطع الموسيقي الخاص بها على بعض المؤثرات الصوتية التي ترتبط بحقبة ما في الرواية، أما المرحوم فكانت التيمة الأساسية بالرواية وكذلك المقطع الموسيقي هي المواويل.
تربى ناصف في عائلة فنية، فوالده هو عازف البيانو الكبير عمر ناصف، ومن علمته البيانو هي "nevarte damadian" العازفة الأرمينية الشهيرة، ويرجع أسباب نجاحه في عمله إلى مساندة زوجته وتشجيع والدته له، إضافة إلى خبرته الواسعة في مجال الموسيقى التصويرية فهو مهتم بموسيقى الأفلام التسجيلية، كل تلك الأسباب جعلت منه خبير بما يجب تألفيه لرواية ما، وبكيفية توظيف الآلات المختلفة مع بعضها، ويقول ناصف "أميل أكثر إلى استخدام الوتريات مع دمجها بالإيقاع وبعض الآلات الشرقية وأيضا استخدام المؤثرات الصوتية له أهمية كبيرة".
لمقاطع هذا الملحن الصغير الموسيقية شهرة واسعة بين قارئي الروايات، وتنتشر بسرعة كبيرة بينهم، فناصف نفسه قد تفاجأ من كم ردود الأفعال حول تلك الموسيقى، وهو ما يعطيه أمل في تحقيق حلمه في مجال الـ"Novel Tracks"، ففي نهاية حديثه لـ"الوطن"، يقول ناصف، "أنا في الحقيقة تفاجأت من ردود الأفعال الإيجابية، وأكثر تعليق أعجبني رغم مبالغته هو وصف أحد المتابعين بأنني "هانز زيمر مصر"، وهو ملحن وموسيقار عالمي.