بعد المارد والشيطان.. إعلام التناقضات يغازل زعيم كوريا

كتب: علاء الجعودي

بعد المارد والشيطان.. إعلام التناقضات يغازل زعيم كوريا

بعد المارد والشيطان.. إعلام التناقضات يغازل زعيم كوريا

ظلت وسائل الإعلام الإمريكية والعالمية لسنوات طويلة تهاجم بشكل مبالغ فيه النظام الحاكم في كوريا الشمالية دون أن تتحدث عن أي إيجابيات، وكانت تستهدف هذه الوسائل بشكل واضح الرئيس الكوري كيم جونغ أون لتمسكه بإجراء تجارب نووية، ووصفت "كيم" بـ"المارد والشيطان" في بعض الأحيان.

وبمجرد أن وافق الرئيس الكوري على الدخول في مفاوضات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف أنشطة السلاح النووي، وأعلنت أمريكا عن سياسة الاحتواء للمارد الكوري بدلا من الحرب، في ليله وضحاها راحت أغلب هذه المنابر تتحدث بشكل إيجابي عن الرئيس الكوري الشمالي وتقلل من حدة الهجوم.

وفي 21 أبريل 2018 تحدثت قناة "بي بي سي" البريطانية عن أعلان كيم جونغ-أون زعيم كوريا الشمالية وقف الاختبارات النووية والصاروخية ونقلت عنه قوله إنه سوف يغلق موقعا للتجارب النووية في وسائل الاعلام الكورية الشمالية ونشرت وصف الرئيس الأمريكي إعلان كوريا الشمالية وقف التجارب النووية والصاروخية بأنه "أخبار جيدة جدا".

وفي نفس الشهر نقلت وكالة "رويترز" الأمريكية والمنحازة للإدارة الأمريكية زيارة زعيم كوريا الشمالية للسفارة الصينية في بيونجيانج للتعبير عن "بالغ تعاطفه" بعد حادث حافلة قتل خلاله 32 سائحا صينيا وأصيب اثنان بجروح خطيرة.

ونقلت "رويترز" عن وكالة الأنباء المركزية الكورية أن كيم "قال إن الحادث غير المتوقع اعتصر قلبه وأنه يتملكه حزن جارف عند التفكير في الأسر المكلومة التي فقدت ذويها".

وفي 27 مايو نقلت قناة "بي بي سي" عن وسائل إعلام حكومية في كوريا الشمالية إن الزعيم كيم جون-أون لديه "إرادة راسخة" في أن تمضي القمة مع الرئيس الأمريكي قدما في سنغافوة، وتزامن هذا مع تصريحات لترامب قال فيها إن استعدادات عقد قمة مع زعيم كوريا الشمالية في 12 يونيو، "تسير بشكل جيد".

وجاءت تصريحات ترامب في أعقاب اجتماع مفاجئ جمع بين رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن والزعيم الكوري الشمالي في بلدة بانمونغوم الحدوية بين البلدين.ويوم 20 يونيو الماضي جاء في وكالات الانباء الامريكية والعالمية تصريحات للرئيس الامريكي دونالد ترامب اكد خلالها على أن امريكا استلمت رفات 200 جندي أمريكي متوفي في الحرب الكورية.

وأدلى بذلك أثناء مخاطبته لمؤيديه في ديلوس في ولاية مينيسوتا الامريكية ، قائلا إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون وعده بتحقيق التفكيك النووي، وصرح الرئيس ترامب بالقول "استلمنا اليوم رفات أبطالنا الاعظم المتوفيين في الحرب الكورية، حيث تمت استعادة رفات 200 جندي".

{long_qoute_1}

وحول هذا التناقض في الإعلام الأمريكي والبريطاني والعالمي يقول سامي عبدالعزيز الخبير الإعلامي، إن مدرسة الإعلام الأمريكية والعالمية ترسم صورًا ذهنية للأطراف التي تتعامل معها حسب المصالح الأمريكية، لافتا إلى أن الهدف من هذا ضمان تأييد الرأي العام العالمي والأمريكي للسياسة الأمريكية وحلفائها أو قبولهم للقرارات التي ستتخذها أمريكا بعد التفاوض مع خصومها.

وأضاف عبدالعزيز لـ"الوطن" أنه عندما تكون مصلحة أمريكا تتعارض مع مصلحة أي دولة أو رئيس تُسخر وسائلها الإعلامية لوصفة بـ"الشيطان"، بينما عندما يتغير الهدف الأمريكي وتستعين بسياسة الاحتواء بدلا من العداء مثلما حدث مع زعيم كوريا الشمالية تستخدم ذات الالاعيب الإعلامية طبقا للهدف الاستراتيجي للمصالح العليا الأمريكية.

وأكد أن هذا ما حدث في علاقة أمريكا بمصر والدول العربية بعد ثورة 30 يونيو، منوها إلى أن مصر يجب أن تتحرك لوضع خطة لمواجهة الميديا الأمريكية والإعلامية لا سيما وأن نجاح الدولة في التسويق السياسي الدولي سيساهم في كسب الرأي العالم العالمي ورفع الحصار عن السياحة والاقتصاد المصري.

{long_qoute_3}

ووصف الربان عمر صميدة رئيس حزب المؤتمر الإعلام الأمريكي والعالمي بـ"إعلام المصالح والتوازنات"، لافتا إلى أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تستهدف التهدئة لفتح اسواق لها في الدول المعادية لأمريكا وكسبها في مواجهة الصين المنافس الأول للمصالح الأمريكية، منوها الى ان تمجيد الاعلام في زعيم كوريا الشمالية يساهم في تقوية العلاقات بين امريكا وكوريا.

وأضاف صميدة أن قوة العلاقات بين البلدين يضمن فتح سوق لامريكا وحلفائها مثل كوريا الجنوبية واليابان في كوريا الشمالية مما سيعود بمكاسب اقتصادية كبيرة عليهم ويضمن تحقيق السلام في شرق اسيا ووقف مخاطر الحرب النووية.

ويقول سيد عبدالغني رئيس الحزب الناصري، إن التناقض الواضح في الإعلام الأمريكي تجاه القضايا العربية والعالمية كان له بالغ الأثر في تحقيق المصالح الأمريكية الاقتصادية على مدار سنوات طويلة، لافتا إلى أن دول العالم الثالث يجب أن تواجه هذه الميديا العالمية بقنوات ووسائل إعلام عالمية تخاطب الرأي العام العالمي أكثر من الداخل.

وأشار عبدالغني إلى أن أمريكا وأوروبا ساعدوا على انتشار الجزيرة في الفنادق الأوروبية والأمريكية والعالمية من أجل السيطرة على عقول الرأي العام العالمي، منوها إلى أن الوسيلة الإعلامية التي ترضي عنها أمريكا حتى لو كانت عربية تسوق لها بشكل متميز من أجل أن تحقق الأهداف الأمريكية وأصحاب الشركات العملاقة.

{long_qoute_2}

وقال ياسر عبدالعزيز الخبير الاعلامي، إنه هناك أخطاء شائعة عن الإعلام الأمريكي، أبرزها أنها تتبنى موقف سياسي واحد أو تعبر عن نسيج واحد وهذا غير صحيح على حد قوله، لافتا إلى أن الإعلام الأمريكي لا يعمل كمنظومة سياسية واحدة ويتميز بقدر كبير من الاستقلالية، مشيرًا إلى أن بعض القنوات والصحف والمواقع الأمريكية هي التي تتأثر بالدولة والأجهزة تسرب لها بعض التقارير والمعلومات.

وأضاف عبدالعزيز أن كثيرا من وسائل الإعلام الأمريكية تقع في أخطاء وانحيازات جوهرية ورغم ذلك تتميز الميديا الأمريكية بالتنوع والتوازن لأن بعضها له انحياز مختلف عن سياسات المؤسسات الحكومية أو الرسمية في أمريكا، مؤكدًا أن كثيرا من وسائل الإعلام الأمريكية لا تستطيع الدولة أن تدخل في عملها أو تفرض عليها سياسة بعينها.

ويقول بلال حبش عضو المكتب السياسي بحزب المصريين الأحرار، إن الإعلام الغربي بشكل عام تتحكم فيه أجندة المصالح الأمريكية وحلفائها، لافتا إلى أن هذا التحكم يرجع لتمويل هذه المؤسسات سواء من رجال أعمال أو شركات عابرة للقارات أو حكومات.

ولفت إلى أن الإعلام مرتبط بحركة الأموال في العالم ويستخم لتحقيق مصالح اقتصادية وعسكرية بعيدة في أغلب الوقت عن مصالح الشعوب وأحيانا ضدها.


مواضيع متعلقة