الخادمات يشتكين من سوء المعاملة: «إهانة وضرب»

كتب: سارة صلاح

الخادمات يشتكين من سوء المعاملة: «إهانة وضرب»

الخادمات يشتكين من سوء المعاملة: «إهانة وضرب»

يظل «ضيق الرزق» هو الذى يدفع المئات من البنات والسيدات إلى العمل كخادمات فى المنازل، ورغم ما يتعرضن له من إهانة ومعاملة قاسية وضرب فى بعض الأحيان، بحسب تأكيداتهن، فإنهن مُجبرات على تحمل تلك المهنة بصعوباتها حتى يتمكن من الإنفاق على ذويهن، فبعضهن تركن قراهن الريفية قبل أن يكملن عامهن العاشر، بحثاً عن باب رزق فى أحياء القاهرة الراقية، وأخريات جئن إليها مع أزواجهن بعدما ضاقت عليهن بلادهن.

«سميحة. م»، 32 سنة، من محافظة الفيوم، وطئت قدماها أرض القاهرة منذ أن كانت فى العاشرة من عمرها، حيث أجبرها والدها على ترك دراستها بعدما أخبره صديقه الذى يعمل بواباً بإحدى العمارات، فى مدينة نصر، عن وجود فرصة عمل لها كخادمة فى منزل سيدة خمسينية: «فى أقل من يومين كان أبويا واخدنى لصاحبه، والست لما شافتنى قالت له دى صغيرة وهتتعبنى، لكنهم فضلوا يتحايلوا عليها عشان تشغلنى ووعدوها إنى هكون فى طوعها، وقبل ما أبويا يسيبنى قال لى اعملى حسابك مش هتيجى القرية تانى غير زيارة».

رغم ما كانت تتعرض له «سميحة» من سب وضرب من قبل صاحبة المنزل، إلا أنها كانت مضطرة إلى الاستمرار فى العمل معها، مبررة ذلك بأن والدها كان ينتظر منها فى نهاية كل شهر الراتب الذى تحصل عليه من سيدتها: «عندى 3 إخوات أصغر منى، وأبويا قال لى لازم تساعدى فى تربيتهم، ولو مرة ما بعتش القرشين اللى كنت باخدهم، كان بيتصل بىّ يستعجلنى عشان يعرف يأكلهم».

{long_qoute_1}

استمرت «سميحة» فى العمل مع تلك السيدة حتى أتمت عامها الـ15، ثم قررت بعدها أن تبحث عن مهنة أخرى تعوضها عما رأته خلال هذه السنوات، لكن بعد رحلة بحث دامت لأكثر من شهر، لم تجد سوى العمل فى منزل آخر بمنطقة فيصل: «كل الزباين بتتعامل معانا بتكبر لأننا فى نظرهم خدم، ما يعرفوش إننا بنجرى على أكل عيشنا، ولولا إننا محتاجين القرش ما كانش حد فينا بهدل نفسه فى البيوت».

أما «أم مصطفى»، 36 سنة، فلم تجد عملاً يمكنها من الإنفاق على أسرتها بعد مرض زوجها سوى العمل فى البيوت، حيث تخرج السيدة الثلاثينية يومياً من مسكنها بالمرج متجهة إلى مكان عملها الذى يختلف فى أغلب الأوقات عما قبله، لأنها تفضل العمل باليومية: «بشتغل كل يوم فى بيت شكل، وساعات بتعدى أيام عليّا من غير شغل، وبتيجى لى فرصة إنى أشتغل مع ناس إقامة كاملة بس برفض لأن معايا أطفال بربيهم».

يختلف الأجر الذى تحصل عليه السيدة الثلاثينية بحسب المكان الذى تعمل به، بجانب طبيعة عملها فيه، حيث يُطلب منها فى بعض الأحيان الجلوس بالأطفال فقط لعدد ساعات معين، وأحياناً أخرى يطلب منها تنظيف المنزل مع طهى الطعام لصاحبته، ووفقاً لكلامها: «باخد على ترويق الشقة لو مساحتها كبيرة 150 جنيه، ولو هعمل لهم الأكل باخد 50 زيادة، أما لو هقعد بالأطفال باخد 100 لأن المجهود بيكون أقل، وفيه زباين بروح لهم 3 أيام فى الأسبوع، ودول بتفق معاهم إنى آخد مرتبى بالشهر، وعلى حسب المكان اللى هشتغل فيه بحدد الأجر»، وتتابع «أم مصطفى» التى جاءت مع زوجها من محافظة المنيا قبل 10 سنوات للعمل بالقاهرة حديثها، قائلة بلكنتها الصعيدية: «لما كان جوزى شغال باليومية كان بيرفض إنى أطلع شغل، لكن بعد ما بقى ضهره بيوجعه مبقاش يقدر يتحرك، واشتغلت عند ناس كتير كان فيه منهم اللى بيعاملنى بما يرضى الله، ومنهم اللى كان أسهل حاجة عندهم إنهم يزعقوا ويشتموا فيّا لو حصل منى حاجة».

{long_qoute_2}

لم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لـ«وفاء. أ»، التى تعمل مع مكاتب التخديم تارة، ومع «سماسرة» تارة أخرى، حيث ترى السيدة الثلاثينية ضرورة وضع العاملات فى المنازل تحت مظلة قانون يحميهن، وأن يكون لهن معاش وتأمينات تمكنهن من العيش حياة كريمة إذا أصيبت إحداهن بالمرض خصوصاً أن مهنتهن شاقة.

اتهامات كثيرة توجه إلى الخادمة المصرية من بينها السرقة وعدم الالتزام بالمواعيد والتدخل فى أمور المنزل الذى تعمل فيه، وهو الأمر الذى يثير غضب «وفاء» التى أكدت أن أغلبهن يخرج من منزله للبحث عن «لقمة عيش» شريفة: «طول الوقت بيشتكوا من المصريات مع إنهم ستات طالعة تشتغل وتسعى على أكل عيشها، وأغلبهم يا إما مطلقة أو أرملة أو طالبة بتكمل تعليمها وظروفها وحشة». وتضيف وفاء بنبرة غاضبة: «ليه بيرموا اللوم علينا ما فيه سيدات كتير بنشتغل معاهم ما عندهمش رحمة وبيبصوا للعاملة وكأنها واحدة معندهاش كرامة أو عشان الفلوس هتستحمل أى حاجة»، لافتة إلى أن بعض السيدات اللاتى عملت معهن خلال الـ5 سنوات الماضية كن يشتكين لها من سوء الخادمات الأجنبيات وأنهن تعرضن للسرقة بسببهن، بجانب أن نظام أكلهن يختلف تماماً عنا، ورغم ذلك مرتباتهن ما زالت الأعلى سعراً فى السوق المصرى، بحسب كلام وفاء.

تروى وفاء، ابنة محافظة بنى سويف، بعض المواقف التى مرت عليها خلال فترة عملها، قائلة: «فيه سيدات أختلف معاهم على السعر لأن الشقة بتكون كبيرة، وفى الوقت نفسه عايزة تدفع مبلغ قليل، وفيه ناس ما كنتش برتاح إنى أقيم معاهم، فبضطر أسيب الشغل وأمشى»، تصمت «وفاء» قليلاً لتتذكر أحد المواقف ثم تعود إلى كلامها، قائلة: «من حوالى سنة اشتغلت عند واحدة وكنت بروح لها كل يومين، وفى مرة طلبت منى إنى أروح عند والدتها أنضف لها الشقة، ولما وافقت بقت تاخدنى عندها أو عند حماتها بعد ما أخلص شغلى عندها، ولما بقول لها إنى تعبانة تقول لى هو انتى عملتى إيه يعنى، ومش عايزة تزود لى المرتب، رغم إنى بنضف شقتين، وقتها مستحملتش ومشيت».


مواضيع متعلقة