كأس العالم 2018 يقضي على أسطورة "كابتن ماجد"

كتب: رامي مصطفى

كأس العالم 2018 يقضي على أسطورة "كابتن ماجد"

كأس العالم 2018 يقضي على أسطورة "كابتن ماجد"

لا يخفى على أحد "الكابتن ماجد"، بطل السلسلة الكارتونية الشهيرة، التي داوم على متابعتها جيل الثمانينيات والتسعينيات من الشباب، لعشقه كرة القدم رغم فهمه المحدود لها حينها، وتقبله للخيال الواسع بصدر رحب، لذا عشقنا اللاعب الكارتوني الذي يستحوذ على الكرة ليقطع بها مسافات طويلة غير مفهومة من الملعب، مخترقًا دفاعات الخصوم بسهولة فقط لأنه قرر ذلك، ويسدد الكرة في الشباك بأي طريقة وفي أي وقت يرغب، فقط لأنه البطل ولابد أن يفوز في النهاية.

ولكن من الواضح أن البعض لم يستطع أن يفرق بعد بين عالم "كابتن ماجد" الخيالي، وواقع كرة القدم وقواعدها، فنجدهم يتغنون بلاعبهم المفضل، مدعين أنه يحمل فريقه بمفرده، ويحصد لهم الألقاب بمجهوداته فقط، ويحرز الأهداف بنفسه، ويصنع الأهداف لزملائه لأنهم يعتمدون عليه في كل شئ، متناسين أن لعبة كرة القدم لعبة جماعية في المقام الأول، تعتمد على إحدى عشر لاعبًا لكل منهم دورًا فعالًا للغاية، وجهازًا فنيًا يدير اللاعبين من الخارج، وجهازًا إداريًا يوفر لهم سبل النجاح.

كما أن كرة القدم لعبة معقدة للغاية، فيتدخل بها عناصر أخرى مثل الجماهير والتوفيق والتحكيم والإصابات والفساد في بعض الأحيان، لذا فإن اختصار كل تلك الأشياء في فرد واحد داخل عنصر وحيد من المنظومة هي سطحية منقطعة النظير، وهي نتاج لمشجعي "السوشيال ميديا"، الذي تنتصر أهوائهم الشخصية على العقل والمنطق حتى ينتصرون على بعضهم البعض في معارك وهمية، فمن يحصد "لايكات" أكثر من الآخر هو صاحب الرأي السديد في نظرهم.

نسخة كأس العالم 2018، والتي تقام فعالياتها حاليًا في روسيا، جاءت لتقضي على أسطورة اللاعب الخارق الذي يجلب الفوز وحده، منتصرًة لنقاط قوة كرة القدم الحقيقية، قوة الفريق ككل وتكامل خطوطه وانسجام عناصره وتوافق أفكار المدرب مع الامكانيات المتاحة.

في وجود تلك العناصر الأساسية أو بعضها، يستطيع اللاعبين أصحاب القدرات الخاصة أن يقوموا بدورهم في خلق الإبداع وتقديم الإضافة ووضع اللمسة الخاصة لكل لاعب منهم، التي تذهب بفريقه بعيدًا، فيحقق الفريق البطولات المختلفة، ويحقق اللاعب الألقاب الفردية.

فمن خلال تلك العلاقة يتم تبادل المنفعة بين الطرفين، فيرتقي اللاعب بقدرات الفريق وطموحاته، ويبرز الفريق بما يحقق من إنجازات وقتها، إمكانيات اللاعب وما يستطيع أن يحققه من إضافة، فلا أحد يستطيع أن ينكر دور دييجو أرماندو مارادونا في تتويج الأرجنتين بكأس العالم 86، أو دور زين الدين زيدان في تتويج الفرنسا بكأس العالم 1998، والظاهرة رونالدو دي ليما في فوز البرازيل بكأس العالم 2002، ولكن لم تتعارض أدوارهم الفعالة مع حقيقة امتلاكهم لفرق استحقت التتويج بالبطولة الأغلى على وجه الكرة الأرضية.

بالعودة إلى النسخة الحالية بكأس العالم، سنجد أن جميع منتخبات اللاعب الواحد حققت أداءات هزيلة ونتائج مخيبة لآمال جماهيرهم، فتواجد صاحب الـ 5 كرات ذهبية ليونيل ميسي في تشكيل المنتخب الأرجنتيني الضعيف تحت قيادة المترنح سامباولي، لم يحقق سوى فوزًا وحيدًا في 4 مباريات، جاء بشق الأنفس على نظيره النيجيري، ليخرج أمام الديوك الفرنسية في ثمن النهائي.

صاحب الـ5 كرات ذهبية الآخر، كريستيانو رونالدو، ورغم وصوله لجاهزية فنية وبدنية عالية مع بدء منافسات كأس العالم، ورغم مساهمته القوية بجلب 4 نقاط كاملين أمام منتخبي إسبانيا والمغرب، بإحرازه لـ 4 أهداف، لكن ذلك لم يغير من كون فريقه الذي عاني الأمرين أمام منتخبين متوسطين التصنيف والمستوى، وهم المغرب وإيران، لم يكن ليستحق أكثر من الوصول إلى دور الـ16.

محمد صلاح، أفضل لاعب بالدوري الإنجليزي وهدافه، وحديث الجميع خلال موسمه الأفضل، كان شاهدًا على خسارة منتخبه لمباراتين متتاليتين، رغم إحرازه هدفًا بكل مباراة، ونيمار صاحب الموهبة الفذة لم يكن صاحب التأثير الأكبر في صعود المنتخب البرازيلي إلى ثمن النهائي من دور المجموعات، فزميله بالفريق فيليبي كوتينيو كان صاحب تأثير أكبر، على الأقل حتى الآن.

وإذا ألقينا نظرة على المنتخبين اللذان استطاعا الوصول إلى دور ربع النهائي حتى الآن، وهم فرنسا والأوروجواي، فرغم بروز دور كل من كيليان مبابي وإديسون كافاني، إلا أن جميع عناصر الفريقين قدما ما يستحقا عليه الوصول إلى تلك المرحلة، مساهمين في التأهل بشكل مباشر.


مواضيع متعلقة