سفير فرنسا بالقاهرة: العمليات الإرهابية تراجعت فى مصر منذ إطلاق عملية سيناء الشاملة.. ونسعى لتغيير سلوك إيران الإقليمى

كتب: أكرم سامي

سفير فرنسا بالقاهرة: العمليات الإرهابية تراجعت فى مصر منذ إطلاق عملية سيناء الشاملة.. ونسعى لتغيير سلوك إيران الإقليمى

سفير فرنسا بالقاهرة: العمليات الإرهابية تراجعت فى مصر منذ إطلاق عملية سيناء الشاملة.. ونسعى لتغيير سلوك إيران الإقليمى

أكد ستيفان روماتيه، سفير فرنسا بالقاهرة، أن العمليات الإرهابية فى مصر تراجعت بشكل ملحوظ منذ تم إطلاق عملية سيناء الشاملة 2018، مؤكداً أن مصر من الدول التى تقف فى الصف الأول لمواجهة الإرهاب، وكشف النقاب عن اعتزام الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون زيارة القاهرة خلال الأشهر المقبلة تلبية لدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأكد فى حوار خاص لـ«الوطن» أن باريس تسعى بالتعاون مع مصر لتفادى إعادة تشكيل المجموعات الإرهابية داخل المناطق الليبية، مشيراً إلى أن بلاده على استعداد لتلبية كافة الطلبات التى تتلقاها من مصر للقضاء على الإرهاب فى أقرب وقت، وعلق السفير فى حواره على كواليس ما يعرف بـ«صفقة القرن» مؤكداً أن أى اتفاق سلام يحرم الفلسطينيين من وجود دولتهم لن يحقق العدل ولن يستمر.. وإلى نص الحوار:

{long_qoute_1}

ما تقييمك لمستوى العلاقات بين مصر وفرنسا حالياً؟ ومتى يزور الرئيس الفرنسى القاهرة؟

- أود التركيز هنا على أن العالم العربى الذى يعانى من الكثير من الانقسامات والانشقاقات تعد مصر عاملاً مهماً من عوامل استقراره، وتدرك فرنسا هذه النقطة جيداً، وانطلاقاً من هذه الملاحظة تتركز استراتيجية فرنسا على بذل كافة الجهود الممكنة لمساندة ودعم استقرار مصر سواء على المستوى الاقتصادى الداخلى أو الإقليمى أيضاً، وهناك رغبة قوية من جانب فرنسا لمساعدة مصر فى الإصلاحات الاقتصادية التى تجريها حالياً خاصة فى المشروعات القومية التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويعد هذا هو الإطار العام لتلك الشراكة المصرية الفرنسية القوية بين البلدين، وقد حرص الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الذى تم انتخابه منذ عام على لقاء الرئيس السيسى بعد شهور قليلة من انتخابه فى باريس، وتمت الزيارة وحققت نجاحات عديدة، وهناك رغبة من الرئيسين خاصة بعد إعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى لمدة 4 سنوات جديدة فى بناء المزيد من العلاقات السياسية بين البلدين وكذلك على المستوى الشخصى بين الزعيمين، وتأتى الزيارة المقبلة للرئيس ماكرون خلال الشهور المقبلة فى هذا الإطار، ولكن لم يتم تحديد موعد دقيق لهذه الزيارة بعد.{left_qoute_1}

كيف تساهم فرنسا فى مساندة خطة الإصلاحات الاقتصادية المصرية خلال هذه الفترة الصعبة؟

- قامت مصر منذ عامين بإطلاق برنامج للإصلاحات الاقتصادية، ويعتبر برنامجاً طموحاً للغاية، ورغم الصعوبات التى مرت بها مصر، تشجع فرنسا الحكومة المصرية التى اتخذت قراراً بالانخراط فى الإصلاحات الاقتصادية الصعبة رغم آلامها، وبالطبع نحن نشعر ونقيس أثر هذه الإصلاحات الاقتصادية على المصريين وتحشد فرنسا كافة الجهود لمساعدة مصر فى هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة والوقوف بجانبها بشتى الطرق، كما أن فرنسا تقدم لمصر مساعدات يصل قوامها لـ200 مليون يورو سنوياً على مدار السنوات الماضية، ولا سيما تلك التمويلات المقدمة من الوكالات الفرنسية المتخصصة، وهناك أيضاً رغبة من جانب فرنسا لمساعدة مصر من خلال وجود الشركات الخاصة الفرنسية فى مصر، وبالطبع مصر سوق كبيرة بل هى أكبر سوق فى منطقة البحر المتوسط لعدد سكان يتجاوز مائة مليون نسمة، وسوف تساعد هذه السوق الكبيرة الشركات الفرنسية على زيادة أعمالها، ويجب على الشركات الفرنسية أن تكون موجودة بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة، وتتمثل مهمتنا الرئيسية فى مساعدة الشركات الفرنسية على الوجود بشكل أكبر فى مصر.

تحدث البعض عن توقف صفقة الطائرات «الرافال» الفرنسية بسبب الصعوبات الاقتصادية وعدم قدرة مصر على الالتزام بالسداد.. ما صحة ذلك؟

- هذه المعلومات غير صحيحة، والتعاون المصرى الفرنسى فى مجال الدفاع مستمر بصورة مكثفة فى الوقت الحالى، وتستمر عمليات تسليم طائرات الرافال وفقاً للجدول الزمنى المتفق عليه من قبل.

ماذا عن نتائج التحقيقات الخاصة بسقوط طائرة «مصر للطيران» التى أقلعت من مطار شارل ديجول؟

- حدثت هذه الكارثة الجوية منذ عامين، ويستدعينى الأمر هنا التذكير بالضحايا الفرنسيين والمصريين ومن الجنسيات الأخرى، وعقب هذه الكارثة الجوية تم إجراء تحقيقات قضائية فى مصر وفرنسا وتم إطلاق تحقيق قضائى من جانب السلطات المصرية، وهناك تحقيقات من قبل الجانبين فى مصر وفرنسا، ويرجع الأمر إلى القضاء ولا نتدخل فى الوصول إلى نهاية التحقيقات، لكوننا نؤمن بالفصل بين السلطات، ولا يمكن التعليق على سير هذه التحقيقات وليس لدىّ أى معلومات عن سير هذه التحقيقات، سواء من الجانب المصرى أو الفرنسى.

{long_qoute_2}

هل هناك توافق فى سياسة مصر وفرنسا تجاه إيران؟

- بما أننا شريكان فهناك نقاشات مصرية فرنسية حول القرار الذى اتخذه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بانسحاب بلاده من الاتفاق النووى، ونحن نتقاسم مع مصر نفس الأهداف فيما يتعلق بالملف الإيرانى، ونعمل على منع السباق النووى فى المنطقة، ومصر لديها طموح وهدف أقوى من خلال مشروعها لخلق منطقة منزوعة السلاح النووى فى منطقة الشرق الأوسط، وتتمسك القاهرة بهذا المشروع المصرى منذ سنوات عديدة قبل الوصول إلى الاتفاق النووى مع إيران فى عام 2015 فى عهد الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، والسؤال الذى يفرض نفسه على دول المنطقة والمجتمع الدولى، ما الإجراءات الأكثر فاعلية لمنع إيران من إنتاج أسلحة نووية؟ ونرى أن الاتفاق النووى الذى تم فى 2015 هو أفضل صيغة ممكنة تم التوصل إليها من أجل منع إيران من تنمية قدراتها النووية العسكرية، ونرى أن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ بانسحابها من الاتفاق النووى، ويتعين التعامل مع السلوك الإيرانى فى سوريا واليمن، وهناك أيضاً المسألة المتعلقة بالصواريخ البالستية الإيرانية، وهى أمور نتحدث فيها مع الجانب المصرى.

هل يمكن أن تقود فرنسا مبادرة للصلح بين دول الخليج وإيران؟

- هناك ملاحظة أولية يتقاسمها الجميع، وهى أن هناك استراتيجية قامت إيران بتطويرها وتعزيزها منذ عدة سنوات تكمن فى أعمال تنال من استقرار المنطقة، وهذا الأمر وجدناه فى صورة ميليشيات ومجموعات موالية لإيران، وهذا الأمر واضح للغاية فى سوريا، وهناك وضع خاص وفريد تتمتع به فرنسا كونها من الدول العظمى، التى يمكنها التحدث مع الدول العربية ومع إيران، والحوار مع إيران صعب ولكنه مطلوب ولا يمكننى الحديث عن الوساطة، ولكننا نسعى بأكبر قدر ممكن من التأثير على السلطات الإيرانية لتغيير سلوكها الذى ينال من استقرار المنطقة، حتى تتحلى إيران بسلوك إقليمى آخر.

هل يمكن أن نرى رئيساً جديداً فى ليبيا قبل نهاية هذا العام؟

- ليست فرنسا فقط التى تعتقد ذلك، ولكن كافة الدول المشاركة فى اجتماع باريس حول المسألة الليبية، الذى عقد فى 29 مايو بمشاركة مصر وكافة الأطراف الليبية وتم التصديق على إعلان سياسى صدر عن هذا المؤتمر، يرسم جدولاً زمنياً لمواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى ليبيا قبل نهاية هذا العام، وأود أن أؤكد أن المسألة الليبية هى أزمة كبرى ليست للمنطقة فقط، ولكنها أزمة بالنسبة لمصر، ويؤثر استمرار الفراغ السياسى فى الساحة الليبية على المصالح الأمنية لمصر، وتشكل الأزمة الليبية بالنسبة لفرنسا أولوية قصوى، ونسعى لتفادى إعادة تشكيل المجموعات الإرهابية داخل المناطق الليبية بما يؤثر على أمن مصر وأمن فرنسا وأوروبا أيضاً، وتعد ليبيا مركزاً لعبور المهاجرين غير الشرعيين، ما يجعل الأزمة الليبية مسألة رئيسية بالنسبة لفرنسا وأوروبا، وهو ما يجعلها على رأس الملفات التى تناقشها فرنسا مع مصر.

ماذا عن التعاون العسكرى بين مصر وفرنسا لمحاربة الإرهاب؟

- هناك تعاون وثيق بين فرنسا ومصر فى مكافحة الإرهاب فى ليبيا من أجل حماية الحدود الليبية، ونتقاسم التحليلات والمعلومات الاستخباراتية حول الشأن الليبى، وهناك تعاون كبير للغاية بين الجانبين ولدينا تقارب فى وجهات النظر تجاه ليبيا.

{long_qoute_3}

تتمتع فرنسا بعلاقات جيدة مع الدول الأفريقية، هل يمكن لباريس التوسط لحل أزمة سد النهضة؟

- يعتبر موضوع تقاسم مياه النيل مسألة حيوية بالنسبة لمصر وباقى الدول الأفريقية الأعضاء فى دول حوض النيل، وتدرك فرنسا جيداً هذا الموضوع الحيوى بالنسبة لمصر، وكانت هناك منذ عدة أسابيع مفاوضات جديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا، كما كانت هناك زيارة لرئيس وزراء إثيوبيا وفتحت آفاقاً وأموراً جديدة لتسوية قضية سد النهضة وعملية ملء خزان السد.

هل تنازلت فرنسا عن رغبتها فى تنحى الرئيس بشار الأسد عن الحكم فى سوريا؟

- أعتقد أنه يجب التحلى بالفطنة فيما يتعلق بالوضع فى سوريا، وننظر للأمور كما هى موجودة على أرض الواقع فيما يتعلق بالملف السورى، خاصة أن إرهاب داعش لم يتم دحره بصورة تامة ونهائية فى الأراضى السورية، وإن تنامى الإرهاب مجدداً لا سيما فى شرق البلاد يقتضى العمل على اقتلاعه بصورة تامة من كافة الأراضى السورية، وبالنظر لأرض الواقع فإن نظام الأسد ارتكب مذابح ومآسى وكوارث تسبب فيها للشعب السورى، وهذا النظام لا يزال موجوداً، وهناك عنصر ثالث فى المسألة السورية، حيث أصبحت الدولة السورية تعد أكبر ساحة تمارس فيها دول عديدة نفوذها، وينطبق هذا الأمر على روسيا وإيران وتركيا، والسؤال الآن: هل نريد أن يظل مستقبل سوريا تتحكم فيه هذه الدول التى لها مصالح خاصة للغاية؟ ويعد الأمل الوحيد لعلاج هذه المأساة السورية هو استعادة العملية السياسية، وهناك أيضاً عدد من المجموعات المعارضة السورية الموجودة فى مصر، وإلى جانب علاقات مصر وسوريا، مصر لديها علاقات مع روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، ويمكن لمصر التحدث مع كافة أطراف الشأن السورى وتستطيع أن تلعب دوراً نافعاً فى هذه القضية.

ما موقف فرنسا مما يطلق عليه «صفقة القرن» لتسوية القضية الفلسطينية؟

- فرنسا لن تتوانى عما تكرره منذ 30 عاماً بأنه لن يكون هناك اتفاق كامل للسلام لا يأخذ فى الاعتبار تلبية المطلب الفلسطينى الرئيسى المتعلق بوجود دولة فلسطينية، ونرى أن أى اتفاق سلام يحرم الفلسطينيين من وجود دولة، لا يمكن أن يحقق الاستمرارية ولا يحقق السلام الدائم، وكان الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ميتران أول رئيس من دول غربية أعلن هذا الموقف خلال زيارته لإسرائيل فى عام 1988، وكانت فرنسا أول دولة غربية تعبر عن هذا الموقف وهو نفس موقف مصر أيضاً، ونحن نعمل بصورة وثيقة مع الجانب المصرى، حيث نتقاسم نفس الأهداف.

 

السفير الفرنسى يتحدث لـ«الوطن»


مواضيع متعلقة