انتخابات الرئاسة ونظرية العرض والطلب

من المؤكد أن السياسة مرتبطة بالاقتصاد، وهذا الارتباط ليس فى الأزمات فقط ولكن هو ارتباط فى النظريات أيضاً.. ففى الاقتصاد هناك نظرية شهيرة هى نظرية العرض والطلب، بمعنى أنه كلما زادت كمية المعروض فى سلعة ما رخص سعرها وزهدها الناس لرخصها وسهولة الحصول عليها.. وكلما قل المعروض فى هذه السلعة زاد سعرها وطلبها الناس بإلحاح. دعونا نطبق هذه النظرية الاقتصادية البحتة على الحديث الدائر عن الترشح لانتخابات الرئاسة، من خلال مراجعة الأسماء المطروحة للترشح للانتخابات.. المؤكد أن هناك مرشحين ينطبق عليهم الجانب الأول من النظرية وهو زيادة المعروض، والمعروض هنا ليس سلعة بقدر ما هو رغبة وشهوة للوصول إلى قصر الاتحادية، لدرجة تجعلك تمل مجرد سماع أخبارهم، وتصنف أى حديث أو تصريح لهم بأنه يصب فى اتجاه واحد، وهو سعيهم الحثيث للوصول لمقعد الرئاسة، بصرف النظر عن أى حسابات أو قضايا أخرى، وبمنتهى الصراحة أجد على رأس هذا الفصيل من المرشحين السيد حمدين صباحى الذى أشتم من أنفاسه، قبل أى حديث أو حوار، حلمه الكبير بأن يصبح رئيساً.. لدرجة أن بعض مؤيديه داخل جبهة الإنقاذ مثل عزازى على عزازى ووحيد عبدالمجيد مارسوا نوعاً من محاولة اختطاف التوافق على ترشح حمدين للرئاسة بدعم جبهة الإنقاذ وهو ما لم يتم، حيث رفضت معظم أحزاب الجبهة الحديث المبكر عن دعم مرشح بعينه، خصوصاً فى ظل إعطاء أولية لإنجاز الدستور ثم خوض الانتخابات البرلمانية.. حمدين حينما وجد الطريق غير ممهد للحصول على التوافق على ترشحه داخل جبهة الإنقاذ ابتدع اختراع (يا كوتش) وهو حملة مرشح الثورة التى تظهر صباحاً ومساء لتؤكد التوافق على صباحى كمرشح للثورة.. الغريب أن حمدين رغم كونه سياسيا أراه فاهما وفاعلا سياسياً لم يدرك بعد أن المسرح السياسى تغير بشكل كبير عن الانتخابات الرئاسية السابقة، وفى تقديرى أنه لن يتجاوز نصف الأصوات التى حصل عليها فى الانتخابات الماضية على أقصى تقدير، إلا أننى أرى أن مشكلة حمدين الحقيقية فى المحيطين به الذين صوروا له أنه الرئيس القادم لا محالة، لدرجة جعلت حمدين لا يتصور أن أحداً غيره سيختاره المصريون رئيساً، وأصبح يحمل توكيلا فى الرد عن بعض الأسماء المطروحة للترشح، فحينما يُسأل عن موقفه من الترشح فى حالة ترشح الفريق السيسى يرد حمدين بإجابة لا علاقة لها بالسؤال وهى أن السيسى أكد عدم ترشحه!! الفصيل الذى ينطبق عليه الجانب الآخر من النظرية الاقتصادية بقلة العرض والكلام والسعى وبالتالى يقابل بزيادة الطلب الشعبى للترشح هو بعض الأسماء المطروحة للترشح وليس لديها سعى دءوب للوصول للمقعد، ولكن يؤجلون الحديث عن هذا الموضوع، وأبرز هؤلاء هو الفريق أول عبدالفتاح السيسى، الذى يراه فى تقديرى نسبة غالبة من المصريين الرئيس المنقذ الحاسم القادر على انتشال مصر من أزماتها.. السيسى الذى تخطى السياسيين وصنع رابطاً إنسانياً وعاطفياً بينه وبين جموع المصريين يتجاوز أى رابط سياسى لدرجة دفعت كثيرا من المصريين لجمع توقيعات تدفعه للترشح وتعليق صوره فى المنازل.. السيسى نجح فى وقت وجيز أن يحجز له مكاناً خاصاً فى قلوب وعقول المصريين يصعب من مهمة أى مرشح منافس له إذا قرر خوض الانتخابات الرئاسية.. أيضاً فى نفس الجانب السيد عمرو موسى الذى أراه وصل لقمة النضج السياسى الذى جعله وبكل صراحة ينهى الجدل حول مسألة ترشحه بتأكيده أن السيسى هو رئيس مصر القادم فى حالة ترشحه، بالإضافة إلى تأكيده الحقيقى أنه لن يخوض الانتخابات الرئاسية، وهو ما أكده لى شخصياً حين سألته وبشكل مباشر هل تنوى الترشح فى الانتخابات القادمة؟ فأجابنى بشكل قاطع: ليست القضية ماذا تريد أنت المهم هو ماذا يريد الشعب المصرى.. كلمات بسيطة لعمرو موسى جعلتنى أزداد ثقة فى قدرات هذا الرجل السياسية التى تجعله قادرا على حساب المشهد السياسى بالساعة وليس باليوم.