نقص أدوية «فيتامين د» يهدد الأطفال بـ«الكُساح».. وصيادلة: «الحُقن اختفت من السوق والبديل مستورد وسعره 400 جنيه»

كتب: منة عبده

نقص أدوية «فيتامين د» يهدد الأطفال بـ«الكُساح».. وصيادلة: «الحُقن اختفت من السوق والبديل مستورد وسعره 400 جنيه»

نقص أدوية «فيتامين د» يهدد الأطفال بـ«الكُساح».. وصيادلة: «الحُقن اختفت من السوق والبديل مستورد وسعره 400 جنيه»

«تأخر فى النمو، ألم فى العمود الفقرى والحوض والقدمين، الإصابة بالكسور، ضعف العضلات، انحناء الساقين»، كلها أعراض الإصابة بمرض «الكساح» نتيجة للنقص الشديد فى «فيتامين د» لدى الأطفال، الذى انضم مؤخراً لقافلة نواقص الأدوية من الصيدليات، ما أثر سلباً على آباء وأمهات الأطفال المرضى الذين يقطعون طريقهم ذهاباً وإياباً بحثاً عن حقنة «ديفارول» أحد أشهر العقاقير التى تحمل فيتامين د، فيما نفى الصيادلة وجود أى معلومات عن قرب انتهاء أزمة النواقص خاصة أدوية «فيتامين د».

«اللى يتعب فى البلد دى يموت، لإنه مش هيلاقى علاج ياخده» قالتها بغضب عفاف سعيد، من سكان منطقة شبرا الخيمة، عند حديثها عن نقص أدوية «فيتامين د» فى الصيدليات، إذ تعرض ابنها الذى لم يتجاوز عمره العامين، للإصابة بمرض لين العظام «الكساح»، وذلك بسبب نقص نسبة «فيتامين د» فى جسده منذ ولادته.

وتضيف السيدة الثلاثينية: «ابنى عنده سنة و9 شهور، من يوم ما اتولد وهو عنده لين عظام، ورجليه بدأ يكون فيها تقوس، وبياخد علاج حقن اسمها ديفارول، الدكتور كان كاتبها له عشان هى بتعتبر أقوى علاج لنقص فيتامين د، كنت بشتريها له بـ11 جنيه»، وأشارت إلى أنها طلبت من الطبيب الذى تتابع معه حالة ابنها الصحية، أن يغير لها العلاج، لأنه غير موجود بالسوق، ولن تعلم متى سيعاد طرحه من جديد، وبالفعل استجاب الطبيب، وقام بكتابة بديل لها، ولكن حين ذهبت إلى الصيدلية لشراء الدواء البديل، صدمها الصيدلى بسعر الأمبول الواحد من الحقنة، وذلك على حد تعبيرها: «رُحت الصيدلية عشان أجيب لابنى الحقنة البديلة، لقيت الدكتور فى الصيدلية بيقولى إن الأمبول الواحد بـ300 جنيه»، لم تستطع «عفاف» شراء العلاج البديل، وذلك لأن سعره مرتفع جداً، وذلك على حد قولها: «يعنى أنا كنت بجيب له الحقنة بـ11 جنيه، دلوقتى أروح أجيب له البديل بتاعها بـ300 جنيه، إزاى يعنى، أنا جوزى أرزقى على بابا الله، يوم فيه وعشرة لأ.. ربنا يرحمنا برحمته».

{long_qoute_1}

«عندى توأم ولد وبنت، والاتنين عندهم نقص فيتامين د، وماشيين على حقن معينة من يوم ما اتولدوا»، بهذه الكلمات بدأت منى محمود حديثها، وهى إحدى سكان منطقة شبرا الخيمة، إذ تعانى من نقص نوع الحقن التى اعتاد عليها طفلاها منذ ولادتهما، فتقول: «ولادى دلوقتى عندهم 7 شهور، ماشيين على حقن فيتامين د، لأن عندهم لين عظام»، وأضافت «منى»، التى تخطت الثلاثين بقليل، أنها منذ نحو شهرين تعانى من اختفاء الحقن: «بقالى شهرين بلف على الصيدليات عشان أجيب لعيالى الحقن بتاعتهم، لكن مش بلاقيها فى أى صيدلية، وحاولت أدور فى أماكن تانية غير شبرا الخيمة، لكن مفيش فايدة، مش لاقياها خالص»، وأشارت «منى» إلى أن أكثر من صيدلى عرض عليها أن تستبدل الحقن بأقراص، ولكنها رفضت، خوفاً على صحة طفليها، قائلة: «خايفة أغير لولادى علاجهم بعد ما اتعودوا عليه من صغرهم، هاضطر أروح أكشف لهم تانى وأشوف الدكتور لو يغير لهم العلاج، لو مفيش خطر عليهم»، وانتهت «منى» من حديثها بقولها: «مش عارفة إيه حكاية الأدوية اللى كل يوم بتختفى من الصيدليات دى، ربنا يسترها ويعديها على خير، لإن احنا تعبنا من كتر اللى بيحصل فينا ده».

سامية على، 41 عاماً، إحدى سكان منطقة الدقى، قالت إنها تعانى من كثرة ذهابها إلى الصيدليات فى أكثر من مكان، للبحث عن علاج لين العظام، فهى تذهب للصيدلية القريبة من منزلها يومياً لكى تسأل عن حقنة «ديفارول»، ولكنها فى كل مرة يخيب ظنها ولا تجدها: «تعبت من كتر السؤال على الحقنة لبنتى، كل يوم أروح الصيدلية، وبرضه الدكتور يقول لى لسة ما نزلتش السوق، ما بقتش عارفة أعمل إيه، ولا أجيبها منين».

ثلاث سنوات، هى عمر ابنة «سامية»، التى تعانى من «كساح»، إذ حدث تقوس بعض الشىء فى قدميها، نتيجة نقص نسبة «فيتامين د» لديها: «بنتى رجليها بان عليها تقوس، وعاوزة أعالجها منه قبل ما تكبر، لأن كل ما كانت صغيرة فى السن، كل ما كانت أسرع فى الاستجابة للعلاج».

واختتمت «سامية» حديثها، بنبرة غاضبة، قائلة: «حسبى الله ونعم الوكيل، إحنا نقدر نستحمل التعب من غير علاج، لكن ذنب أطفالنا إيه، إنهم يعيشوا تعبانين عشان الدوا مش موجود، ويا ريتنا حتى عارفين الأزمة دى هتخلص إمتى».

عدد من أصحاب الصيدليات بمنطقتى الدقى وشبرا الخيمة أكدوا اختفاء عدد من الأدوية الأكثر فاعلية وحيوية، فى علاج لين العظام «الكساح» الناتج عن نقص نسبة «فيتامين د» لدى الأطفال، خاصة حقنة «ديفارول»، وأنها اختفت من السوق منذ قرابة الثلاثة أشهر. وفى إحدى الصيدليات الشهيرة بمنطقة الدقى، جلست الدكتورة نورهان حسام، 25 عاماً، على كرسى خشبى، أمام جهاز الكمبيوتر الموجود بالصيدلية، وعند سؤالها عن النواقص من أدوية لين العظام (فيتامين د)، قالت إن «حقنة ديفارول» ناقصة منذ أكثر من شهرين، وتعتبر أهم علاج للين العظام، خاصة للأطفال المحتمل تعرضهم لمرض «الكساح»، بينما تتوافر الأقراص: «أهم علاج لنقص فيتامين د، هى حقنة ديفارول، لأنها أكثر حيوية وفاعلية، وهى مختفية تماماً فى السوق، داخلة فى 3 شهور، والشركة وقفت خط إنتاجها تماماً»، وأضافت «نورهان» أن سعر حقنة «ديفارول» 11 جنيهاً، فى حين وصل سعر البدائل المستوردة لها وهى حقن «ستيرو جل» إلى 400 جنيه: «نزل منها نوع حقن مستوردة بديل ليها، وكانت بنفس التركيز، وعدد الوحدات، ووصل سعرها لـ400 جنيه، لكن برضه مش موجودة فى السوق، ولا فى المخازن».

{long_qoute_2}

بديل آخر ظهر حديثاً، بعد اختفاء الحقن الأصلية والمستوردة، وصل سعر الأمبول الواحد منه إلى 250 جنيهاً: «فيه نوع جديد نزل السوق، كبديل لكنه مش نفس التركيز، لكن الناس مش بتقدر على تمنه، وبالتالى البديل لم يعالج مشكلة النقص».

داخل صيدلية أخرى بمنطقة الدقى، وقف صيدلى، رفض ذكر اسمه، مرتدياً بالطو أبيض، ونظارة طبية، ممسكاً فى يده كيساً من البلاستيك موضوعاً فيه عدد من الأدوية، يعطيها لسيدة أربعينية حضرت لشراء بعض الأدوية، مصطحبة معها طفلها الذى لا يتجاوز العشر سنوات من عمره، بعد انتهائه من الحديث مع السيدة، قال إن أدوية علاج لين العظام تعد من أهم الأدوية، لأن نقصها قد يتسبب فى إصابة الأطفال وجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمرض «الكساح»، وذلك على حد قوله: «فيتامين د من أهم الفيتامينات اللى بيحتاجها الجسم، خصوصاً الأطفال، لأن لو الفيتامين ده نقص فى جسمهم، هيتعرضوا للكساح، وهيحصل لهم مشاكل فى العظام»، وأشار الصيدلى إلى كثرة الزبائن الذين يترددون على الصيدلية يومياً للسؤال عن «حقن ديفارول»، قائلاً: «أكتر من 20 روشتة بتيجى لى الصيدلية كل يوم عشان يسألوا عن حقن فيتامين د، ومش ببقى عارف أعمل لهم إيه»، وانتهى الصيدلى من حديثه بقوله: «الأقراص موجودة فى السوق، لكن مفيش عليها طلب كتير زى الحقن، لأن الحقن بتكون أقوى وأسرع فى العلاج».

الدكتور حمدى السيد، فى أواخر الثلاثينات، صيدلى بإحدى الصيدليات الموجودة بمنطقة شبرا الخيمة، قال لـ«الوطن» إن هناك نقصاً بل اختفاء لأغلب الأدوية الخاصة بعلاج لين العظام (الكساح)، الناتج عن نقص نسبة «فيتامين د» لدى الأطفال، ما يؤثر سلباً على المرضى الأطفال منهم والكبار، وتابع «حمدى» قائلاً: «فيه بدائل نزلت لحقنة ديفارول، لكن أسعارها أضعاف سعر الحقنة الأساسية، طبيعى إن الناس مش هتقدر تشتريها، يعنى اللى كان بيجيب الحقنة بـ11 جنيه، مش هيقدر يروح يشتريها بـ400 جنيه، فيه ناس بيكون عندها أكتر من طفل مصاب بنفس المرض، هتجيب ليهم علاج منين؟!»، واختتم «حمدى» حديثه بقوله: «لحد النهارده ما نعرفش حل نقص الأدوية إيه، كل يوم بينقص نوع من الأدوية، ربنا يكون فى عون المرضى ويقويهم على اللى هما فيه».


مواضيع متعلقة