الشيخ أبوالعينين شعيشع.. آخر النجباء

كتب: عبدالوهاب عيسى

الشيخ أبوالعينين شعيشع.. آخر النجباء

الشيخ أبوالعينين شعيشع.. آخر النجباء

منذ لحظة ميلاده مروراً بالمحطات العديدة التى مر بها خلال حياته، تبدو مسيرة الشيخ أبوالعينين شعيشع مثيرة للغاية وجديرة بالتأمل، فقد ولد بمدينة «بيلا» بكفر الشيخ عام 1922، وكان الابن الـ12 لوالدين لم يكونا بحاجة لهذا المولود الجديد، بسبب فقر الأسرة، لكن الله قدَر وولد «أبوالعينين» ويقول عن ذلك فى أحد اللقاءات المسجلة له «كانت ولادتى غير مرغوب فيها، ووالدتى كانت تفعل المستحيل للتخلص منى ولكنى تشبثت بها حتى وضعتنى، لحكمة يعلمها الله، حيث كنت فيما بعد مسئولاً وسبباً فى إطعام كل هذه الأفواه فى ذلك الحين».

فى سن السادسة التحق بـ«الكُتاب» وحفظ القرآن قبل سن العاشرة، وبعدها جذبته القراءة، بعد طول تردد على المآتم لسماع المقرئين، فحرص على متابعة مشاهير القراء وتقليدهم، وساعده على ذلك حُسن صوته وشجعه إعجاب المدرسين به، لبذل مزيد من الجهد حتى أصبح قارئ المدرسة كل صباح والمناسبات الدينية والرسمية التى يحضرها ضيوف أو مسئولون، ثم قارئ قريته المميز.

وتجاوز صيت «شعيشع» حدود المحافظة بأكملها، وفى عام 1936 أرسل إليه مدير مديرية الدقهلية أى المحافظ يدعوه للتلاوة فى حفل ذكرى الشهداء بمدينة المنصورة، ولبى الشيخ الدعوة وذهب إلى المنصورة، ليتلو القرآن أمام نحو 4 آلاف شخص وكانت سنه وقتها 14 سنة، وفوجئ بعد الختام بالناس يلتفون حوله لحمله على الأعناق.

ودعى الشيخ بعد ذلك للقراءة فى وفاة الشيخ الخضرى شيخ الجامع الأزهر، وقد دعاه أحد أبناء قريته من علماء الأزهر وكان العزاء بحدائق القبة، وحينما جاء دوره فى القراءة ازدحم السرادق بالمارة فى الشوارع المؤدية إلى الميدان من شدة جمال صوت الشيخ، وطالبه عبدالله عفيفى أحد المقربين من القصر الملكى بالتقدم للإذاعة، وبعد عدة أيام جاءه خطاب اعتماده قارئاً بالإذاعة ثم بدأت شهرته تعم الأقطار العربية والأجنبية عن طريق الإذاعة التى التحق بها عام 1939م.

وساعد الشيخ فى مشوار الشهرة كثيرون، أبرزهم السياسى الراحل فخرى عبدالنور، ويقول عنه: «جلست فى بيته أياماً، ووجدت فى البيت سجادة صلاة ليست موجودة فى أى مكان، وكان يجلس تحت قدمى هو وأولاده موريس وأمين تحت الدكة ليستمعوا للقرآن مع أهل جرجا».

تعلم الشيخ أبوالعينين المقامات الموسيقية على تاجر غلال يدعى بشير السبع، وكان يرافقه فى هذه الدروس الشيخ مصطفى إسماعيل الذى تعلمها فى عامين، وهذا التاجر كان منزله يمتلئ بالآلات الموسيقية والتخت، ورغم أنه كان تاجراً إلا أنه «غاوى نغم»، وجمعت الشيخ أبوالعينين علاقة وطيدة بأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، يقول عنها «أم كلثوم كانت تحب تلاوتى وتلاوة الشيخ محمد رفعت، أما علاقتى بها فقد بدأت عندما دعتنى لأقرأ القرآن فى مأتم والدتها، ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع علاقتى بها حتى إنها تدخلت لرفع أجرى بالإذاعة»، وعين شعيشع قارئاً لمسجد عمر مكرم سنة 1969، ثم لمسجد السيدة زينب منذ 1992، وناضل الشيخ فى السبعينات لإنشاء نقابة القراء مع كبار القراء مثل الشيخ محمود على البنا، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، ثم انتخب نقيباً لها سنة 1988م، التى استمر بها إلى أن توفاه الله يوم 23 يونيو 2011م عن عمر يناهز 88 عاماً.

 


مواضيع متعلقة