«منشية النور ومنطقة التجارة».. اسمان لمنطقة واحدة تائهة بين المنوفية والبحيرة

كتب: أحمد عصر ومحمود الحصرى

«منشية النور ومنطقة التجارة».. اسمان لمنطقة واحدة تائهة بين المنوفية والبحيرة

«منشية النور ومنطقة التجارة».. اسمان لمنطقة واحدة تائهة بين المنوفية والبحيرة

«المعروف أن الحدود بين الدول فقط هى ما كانت تشكل الأزمات وتشعل حروباً طاحنة أحياناً، لكن لم يعد من غير المنطقى أن يظل عشرات الآلاف من المواطنين عالقين بين محافظتين، المنوفية والبحيرة، الأولى ينتمى لها السكان والثانية تنتمى لها الأرض، وتتعاظم المشكلة على مدار ثلاثة عقود، والأمر الفاصل فيها هو أن هذه المناطق التائهة بين المحافظتين هى عبء يتنصل منه مسئولو المحافظتين، وكان الأمر سيختلف كثيراً لو كانت هذه المناطق تشكل مكاناً حيوياً يدر دخلاً للخزائن الحكومية مثل منطقة «المحاجر»، المتنازع عليها بين محافظتى الشرقية والإسماعيلية، لكن فى حالة منطقة «التجارة» التى يقطنها نحو 20 ألفاً و«الخفوج» التى يقطنها نحو 7 آلاف مواطن ويتبعون مركز كوم حمادة فى البحيرة، وفعلياً لقرية كفر داوود التابعة لمركز السادات فى محافظة المنوفية، يحرم الأهالى من أبسط الحقوق وأولها معرفة لأى محافظة ينتمون وما يترتب على ذلك من خدمات.. كتلة انتخابية ضخمة من الممكن أن تحسم انتخابات دائرة بأكملها رغم أنهم قانونياً لا يتبعون هذه الدوائر، وبالتالى يختارون نواباً لن يستطيعوا تمثيلهم أو الدفاع عن حقوقهم المشروعة، بالإضافة إلى قرى البريجات ودمشلى وعلقام، الذين يتطلعون للانضمام للمنوفية الأقرب خدمياً.

«الوطن» زارت عدداً من المناطق العالقة بين المنوفية والبحيرة، ومنها منطقة التجارة، إحدى أبرز وأضخم المناطق السكنية التائهة بين المحافظتين، وتقع مباشرة على طريق كفر داوود - السادات.. للوهلة الأولى يعتقد زائرها أنها قرية كبيرة بشوارع منظمة وواسعة تضاهى شوارع المدن وبمستوى معيشى معقول لكنها تفتقد جميع الخدمات من أمن ورعاية صحية ومدارس وإسعاف.

محمود عمران، أحد أهالى المنطقة التائهة، بدأ حديثه ممسكاً بفاتورة مياه وأخرى للكهرباء لمنزل واحد تحمل عنوانين مختلفين، الأولى حصلتها الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بالمنوفية، تضمنت أن عنوان منزله هو «مركز السادات، منطقة التجارة، شارع التجارة»، والأخرى حصلتها شركة البحيرة لتوزيع الكهرباء تضمنت أن عنوان المنزل هو منشية النور، يقول «عمران»: «قبل قرار ضم السادات وتوابعها إلى محافظة المنوفية كنا نتبع محافظة البحيرة والآن لا نعرف أى محافظة نتبع، شهادات الميلاد والوفيات وبطاقات الرقم القومى ورخص القيادة وتسيير المركبات نستخرجها من المنوفية، باعتبارنا منطقة تابعة لقرية كفر داوود مركز السادات، بينما تصاريح البناء والهدم وتراخيص المحلات التجارية والسجل التجارى والحيازة الزراعية نستخرجها باعتبارنا تابعين لمركز كوم حمادة فى محافظة البحيرة»، وأضاف أن هناك مخبزاً فى شارع قريب منه اضطر لاستخراج تصريحين من المنوفية والبحيرة حتى يستطيع العمل، رغم أنه يصرف حصته من تموين المنوفية، وتابع: «من حقى كمواطن أن يتم تحديد هويتى وتبعيتى لأى من المحافظتين»، وتساءل: «20 ألف بنى آدم عايشين هنا فى المنطقة هنسأل مين علشان نبنى مستشفى أو وحدة صحية أو مدرسة لأولادنا اللى بيضطروا يمشوا أو يعدوا طريق سريع علشان يوصلوا لمدارسهم بقرية كفر داوود؟».

رضا عباس، موظف بمجلس مدينة السادات وأحد قاطنى منطقة التجارة، أكد أن الوضع القائم حرم المنطقة من أبسط الحقوق، مثل وجود وحدة صحية أو إسعاف أو مدارس تعليم أساسى، رغم توفير الأهالى لقطعة أرض مناسبة تبرعوا بها، وأشار إلى أنه رغم عدم اعتراف محافظة المنوفية فإن المنطقة تم إنشاء مدرسة التجارة بنات بها، التى تعتبر الوحيدة التى تخدم كافة قرى مركز السادات، وأطلق عليها مدرسة كفر داوود التجارية قبل أن يتم تغيير اسمها مؤخراً إلى مدرسة الشهيد أحمد مدكور الثانوية التجارية بنات.

وأكد الدكتور سامى المشد، نائب دائرة مدينة السادات، أن المشكلة بدأت منذ القرار الجمهورى رقم 333 لسنة 1991 والمعدل بالقرار رقم 37 لسنة 1992 بضم السادات وتوابعها إلى محافظة المنوفية، وكانت هناك حدود طبيعية تفصل بين المحافظتين، مثل الريّاح الناصرى وطريق شبين الكوم الإقليمى، ومع صدور القرار احتج أهالى الوحدة المحلية بالبريجات، التابعة لمحافظة البحيرة، مع انتشار شائعة اعتبارها ضمن توابع الوحدة المحلية بكفر داوود وحرمانها من المزايا التى تتمتع بها الوحدات المحلية وتم استثناؤها من القرار الجمهورى، وعند عملية فصل الحدود لم يكن هناك فواصل طبيعية، والأمر تم بالاجتهاد، فمثلاً هناك تابع يسمى منطقة الخفوج تتبع الوحدة المحلية لكفر داوود وبها مدرسة ابتدائية وتم ضمها للوحدة المحلية بالبريجات وحرم أهالى المنطقة من إلحاق أبنائهم، واقتصرت على التلاميذ بتوابع البريجات، وبعض الاستثناءات بموافقة المحافظ السابق.

وأضاف «المشد» أن هناك طلبين فى مجلس النواب، الأول خاص بإعادة ترسيم الحدود الإدارية بين محافظتى البحيرة والمنوفية لإنهاء هذه المشكلات، بالإضافة إلى طلب آخر بضم البريجات واعتبارها وحدة محلية تابعة لمركز ومدينة السادات تتمتع بكافة الخدمات، نظراً لقرب المسافة مع باقى مراكز المحافظة وسهولة الوصول إلى مدينة السادات وكذلك عاصمة الإقليم مدينة شبين الكوم وليس إلى كوم حمادة كما هو الوضع القائم الآن.


مواضيع متعلقة