سائقو الحناطير: «لما نلاقى ناكل.. نبقى نأكَّل الخيول»

كتب: سماح عبدالعاطى وأحمد منعم

سائقو الحناطير: «لما نلاقى ناكل.. نبقى نأكَّل الخيول»

سائقو الحناطير: «لما نلاقى ناكل.. نبقى نأكَّل الخيول»

إلى صورة فوتوغرافية معلقة داخل الحنطور يشير حسن صابر، 30 سنة، يشد لجام الفرس ويوقف العربة قبل أن يقول: «شوفى كنــــت عامل إزاى، كنت بألبس أحسن لبس، أحسن من الخواجات نفسهم». يتحسر صابر، سائق الحنطور، على الأيام التى كان يكسب فيها 500 جنيه فى اليوم، حينما كانت الأقصر تزدحم بالسائحين، أما الآن «البهايم ماتت مننا من قلة الأكل، كان معايا حصانين ماتوا، وفرستى ولدت بعت ابنها عشان مش معايا أوكله»، بالفعل كانت الفرسة هزيلة للغاية، تبرز عظامها فى وضوح تام، نسأله عن السبب فيجيب: «من 3 سنين ما كانتش كده، هى عايزة كل يوم بـ 30 جنيه أكل، دلوقت أنا مش باكسب التلاتين جنيه عشان أوكلها»، يضاف إلى مشاكله «أنا متجوز وعندى بنت ومراتى حامل وبيتى مفتوح، وهاعمل إيه، لى نصيب أقعد فى الشمس».[SecondImage] إلى جوار فندق «ونتر بالاس» يتجمع سائقو الحناطير تحت مظلة مصنوعة من البوص، يربطون خيولهم إلى جوارهم فيما ينشغلون بتصليح العربات وقضاء الوقت الذى لا يمر، يقول أحمد سكى، 46 سنة: «من ساعة ما السياحة وقفت وإحنا تعبانين خالص»، يشير «سكى» إلى فرسته «دى عايزة لها أكل بـ30 جنيه فى اليوم حشيش وغلة، وبيتى عايز 50 جنيه، يعنى حسبة 80 جنيه، ولا فيه 80 ولا 50 ولا حتى 10 جنيه، لما أبقى ألاقى آكل أبقى أوكلها». مثل باقى الخيول يبدو على حصان «سكى» الهــــزال الشديد، يبرر هو ذلك بغياب السيــــاحة التى حرمته دخلاً كان يأتــيه قبـــــل الثورة «كان الأول ييجو الإنجليز والفرنساويين والطلاينة والإسبان والأمريكان وكانت العملية ماشية، دلوقتى مفيش أى حاجة». نفس الحال يتكرر مع مصطفى محمد، 14 سنة، إذ منذ أن توقف السياح عن النزول للأقصر وهو يعتمد فى كسب عيشه على المصريين من أبناء البلد الذين يقول إنهم لا يدفعون أكثر من خمسة جنيهات فى المشوار الواحد مهما طال، وأحيانا ينظر الواحد منهم للحصان فيجده هزيلاً فيمتنع عن ركوب الحنطور، يرق صوت مصطفى قبل أن يقول: «إحنا بنقول يا رب السياحة ترجع عشان نلاقى ناكل والبهايم كمان تاكل وكل الناس تسترزق»، مصطفى يقول إنه ينفق على أسرته من عمله كعربجى، تسأله عن حال أسرته فيرق صوته أكثر «ربك اللى يعلم، النهارده فيه وبكرة ما فيش، وأهى بتتسهل».[ThirdImage] تتداخل أصوات سائقى الحناطير، يتحدث ممدوح سالم، 27 سنة، عن «شيك» قال إن الحكومة خصصته لأصحاب الحناطير حتى ينفقوا منه على إطعام خيولهم، ولكنه ذهب إلى جيوب من سماهم «رجال الحكومة ونقابة سائقى الحناطير»، فيما يشكو عطا عبدالراضى، 40 سنة، من عجزه عن تدبير نفقات ولادة فرسته «شهرها اللى جاى، والعمل عمل ربنا، يا عاشت يا ماتت»، فى نفس الوقت يتحدث رأفت حجاج، 19 سنة، عن الحظ العثر الذى جعــــله مسئولاً عن 4 أحصنة «أنا باستلف عشان أوكلهم»، يزيد من همومه أن إيجار شقته التى يسكن فيها «مكسور بقاله شهرين»، وبالطبع غياب السياحة جعل من الصعوبة تسديد ديونه، ودفع إيجار مسكنه. أخبار متعلقة «الوطن» ترصد مأساة «عاصمة العالم القديم»: معابد مهجورة.. فنادق خاوية.. وأحوال ناس «تصعب ع الكافر» «هولندية» تنقذ الخيول من الموت بـ«قليل من الطعام» السوق السياحى.. «فين أيام البيع والشرا» فى المعابد.. مرشدون بلا سياحة الفنادق والبواخر العائمة.. قليل من الزبائن كثير من المديونيات المراكبية: «بناكل ونشرب بس اللى جاى مش مكفى اللى رايح» المقاهى والمطاعم «مفتوحة على الفاضى»