رجاء حسين: خالى هددنى بالقتل بسبب التمثيل.. وأرفض الخروج عن عباءة أمى

كتب: نورهان نصرالله

رجاء حسين: خالى هددنى بالقتل بسبب التمثيل.. وأرفض الخروج عن عباءة أمى

رجاء حسين: خالى هددنى بالقتل بسبب التمثيل.. وأرفض الخروج عن عباءة أمى

هى واحدة من جيل الرواد، تمتلك قدرات تمثيلية استثنائية تليق بجيل العظماء، كانت محظوظة فى مسيرتها الفنية لأنها تتلمذت على يد جيل الرواد، طرقت أبواب الفن للمرة الأولى وهى فى سن 17 سنة بعد معارضة شديدة داخل الأسرة وصلت إلى حد تهديد خالها لها بالقتل، وصلت الآن إلى مشارف الـ80 لكنها ما زالت مثل الوردة تحتفظ بعبيرها الفواح من ذكريات زمن الفن الجميل، الإذاعة كانت نقطة بدايتها الأولى، ثم تنقلت فى محراب الفن بين المسرح والتليفزيون والسينما، لتقدم على مدار مشوار فنى طويل ما يقرب من 150 عملاً تعاونت فيها مع كبار المخرجين والممثلين، إنها الفنانة القديرة رجاء حسين التى خصت «الوطن» بحوار عن ذكرياتها الرمضانية وطقوس حياتها وبعض محطات مسيرتها الفنية والصعوبات التى واجهتها.

هل يختلف الروتين اليومى الرمضانى الآن عن زمان؟

- كان هناك روتين يومى مقدس فى منزلنا خلال شهر رمضان وما زلت أحرص عليه بعد زواجى وإنجابى، فقد كنت حريصة على أن يفطر أبنائى على الطبلية حتى تنتمى جذورهم للعائلة، وأنا صغيرة كانت ترسلنى والدتى الساعة الرابعة عصراً لشراء الخبز و«الطرشى» بالإضافة إلى الفجل والجرجير لزوم الإفطار، وأتذكر السيدة التى كنت أشترى منها الخضراوات، كانت تجلس أمام فرشة وتضع أمامها «فرشة» مليئة بالخضراوات وبجانبها «قلل» حتى يستطيع المارة وقت المغرب أن يتناولوا المياه، وعندما أعود وأصعد إلى البيت أجد «الطبلية» مليئة بالطعام، صنف واحد قامت والدتى بصنعه، بالإضافة إلى أصناف أخرى قامت الجارات بإرسالها لنا، وكانت والدتى تحرص على إرسال أطباق من الطعام إلى الجيران، وكان يتنافس فى ذلك المسيحيون قبل المسلمين، فلم يكن بيننا أى نوع من الحساسية أو التفرقة، بل كنا عائلة واحدة كبيرة.

{long_qoute_1}

وما أبرز العادات التى تفتقدينها فى رمضان حالياً؟

- المسحراتى، كنت أظل مستيقظة طوال الليل حتى أستطيع سماع المسحراتى وهو ينادى على اسمى كل ليلة، فكان يحفظ كل العائلات وأولادها، وأتذكر أنه كان ينادى على والدى «حسين أفندى» ثم أنا وأشقائى بالاسم، وكانت تنتابنى حالة كبيرة من السعادة عندما أسمعه ينادى «اصحى يا رجاء»، وأتذكر جلسات والدتى مع جاراتها عقب الإفطار بعد ذهاب والدى إلى أصدقائه، وكن يتناولن المكسرات، «أبوفروة» مع «كنكة» القهوة، كانت أيام عامرة بالسعادة والخير.

هل طبيعة عمل والدك التى كانت تفرض عليكم التنقل أثرت عليك فى مشاهداتك وخبراتك الحياتية؟

- أنا فى الأصل من مواليد القليوبية، ولكن كنا نتنقل كثيراً بسبب عمل والدى، ولكن الفترة الراسخة فى ذهنى كانت أثناء وجودنا فى طنطا، ثم بعد ذلك تم نقله إلى الفيوم، فرفضت السفر إلى هناك، وانتقلت برفقة والدتى وإخوتى إلى القاهرة بمنطقة شبرا، فنحن لدينا عادات وتقاليد ومجتمع محافظ على إيمانه وأخلاقياته، وأنا واحدة من الناس التى ما زالت تحيا على عادات وتقاليد زمان وعلمت أولادى بهذه الطريقة، ورفضت تماماً الخروج من عباءة والدى ووالدتى، والقيم التى زرعوها فينا.

{long_qoute_2}

وهل هذه القناعات لم تتغير مع عملك فى الفن، خاصة أنك بدأت فى التعامل مع مجتمع مفتوح؟

- إطلاقاً، أنا ملتزمة من تلقاء نفسى بسبب التربية التى تلقيتها من والدى، فجذورها ما زالت قوية داخلى، ولم أستطع تغيير ذلك طوال حياتى، أنا سافرت وذهبت إلى أماكن هامة وجلست مع رؤساء ووزراء وفنانين كبار، ولم يستطع أحد تغييرى، وكنت أشعر بينهم أنى عظيمة وأحياناً أكثر عظمة منهم، على الأقل رأيى لا يتغير، والأشياء التى لا أفهمها لا أتحدث فيها، وليس من العيب أن أقول «لا أعرف» حتى لا أكون مثل الدبة التى قتلت صاحبها، أقول كلمة عن عدم معرفة تضعنى فى موقف سيئ، الوضع قديماً لم يكن بالصورة الفجة الموجودة فى الوقت الحالى، فالناس كانوا يخشون على سمعتهم وأن يتم الخوض فيها بطريقة أو بأخرى، وكان الصحفيون لديهم قيم وأخلاقيات ومبادئ ولا يكتبون أى شىء إلا بدليل ويتحرون الدقة، ولكن الآن تغيرت المفاهيم ودخلت ممارسات وأفكار غريبة، وفقدنا الخط بين الحرية والتسيب وعدم المسئولية، خاصة مع دخول التكنولوجيا الحديثة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعى التى يُكتب عليها أشياء بشعة، وأحمد الله أن ليس لدىّ أى وجود عليها ولا أتعامل معها، وليس لدىّ فضول لدخول هذا العالم لأنى أراه غير جدير بالاحترام، بالرغم من التطور التكنولوجى الذى وصلنا إليه، إلا أننا نسىء استخدامه بشكل واضح، أصبحت هذه المواقع مزيجاً من الفضائح والأكاذيب، أنا لا أظهر فى برامج التوك شو لأن ليس لدىّ قصص جواز وطلاق، أو فضائح أو خلافات مع الوسط الفنى.

{long_qoute_3}

هل تأثير والدتك فى حياتك ما زال موجوداً رغم رحيلها؟

- لدرجة كبيرة، فأنا ما زلت أحرص على «غلى» الملابس أثناء غسلها لتكون نظيفة كما اعتادت أن تغسل، وما زلت أرتدى بنطالاً تحت ملابسى كما علمتنى أيضاً، لقد كانت ترفض أن أرتدى أنا وشقيقاتى ملابس بعضنا البعض لأسباب صحية، ومع عملى فى التمثيل عندما كنت أؤدى دور فلاحة أو صعيدية فى التليفزيون، كنت أرفض ارتداء الملابس من المخازن وكنت أذهب إلى خياطة تصنع لى ملابسى الخاصة حتى لا أرتدى ملابس أحد، ووقتها متر القماش كان بـ13 قرشاً، وكنت أسمع عن فنانات يرتدين فساتين بـ3 آلاف جنيه وأكثر، ولكن «ما يقدر على القدرة إلا ربنا»، كنت أذهب إلى المحل بألف جنيه وأشترى ما يقرب من 5 أو 6 فساتين، وأرتديها أكثر من مرة، لقد كان من غير المنطقى بالنسبة لى أن أدفع هذا المبلغ فى فستان واحد لن أرتديه أكثر من مرة، ولم يكن لدىّ المقدرة المالية، فوالدى توفى وعمره 65 عاماً وترك لى عائلة كاملة ولدين وأربع بنات ووالدتى، ومعاشه كان 28 جنيهاً فقط، وبالتالى كان علىّ أن أعمل حتى أستطيع مساعدة الأسرة وأنا فى الـ17 من عمرى.

واجهت صعوبات كثيرة حتى تستطيعى العمل بالتمثيل، كيف تغلبت عليها؟

- أحب التمثيل للتمثيل وليس من أجل الأموال، لأننا نقدم شريحة من المجتمع الذى نعيش فيه ونقوم بعملية تنوير للمجتمع، ولم تكن الحكايات التى نقدمها مباشرة وفجة مثل ما يقدم فى الوقت الحالى، فهناك العديد من المبالغات خاصة فى شكل الفنانات اللاتى تصحو إحداهن من النوم وهى تضع مكياجاً كاملاً، وهو أمر بعيد عن المصداقية تماماً، أنا كنت عاشقة للتمثيل منذ وجودى فى المدرسة، ولكن العائلة رفضت تماماً، وتعرضت للضرب والإهانة، ووصل الأمر إلى أن خالى قال لوالدتى: «رصاصة بـ11 مليم ونخلص منها»، ولكنى لم أخف وتصديت لكل ذلك، فعندما يحب الإنسان ما يعمل ويكون مؤمناً به يكون قادراً على فعله مهما كلفه الأمر، وفى النهاية نجحت فى تحقيق ما أرغب فيه».


مواضيع متعلقة