السينما على طريقة «الحواوشى»

السينما على طريقة «الحواوشى»
ظاهرة لافتة فى أفلام موسم عيد الأضحى السينمائى، وهى تكرار الاعتماد على تقديم نفس التوليفة الفنية التى نجحت فى المواسم السابقة، والتى تفرض أن يحتوى الفيلم على شخصية البلطجى والراقصة والمطرب الشعبى، وبالتحديد أغنيات المهرجانات التى انتشرت فى الفترة السابقة، بات المنتجون وصناع الأفلام يراهنون على تلك التركيبة الجاذبة للجمهور، والتى حققت نجاحاً فى أفلام مثل «عبده موتة وقلب الأسد» لنجدها تتكرر مرة أخرى فى أفلام مثل «عش البلبل» و«القشاش» وأخيراً فى «8%». البعض رأى أن هذه النوعية من الأفلام لن تحقق النجاح المرجو منها وأن رهانات المنتجين لن تتحقق، والبعض الآخر وجد أن الجمهور لم يصل بعد لمرحلة التشبع من هذه الأفلام.
فى البداية تحدث الناقد على أبوشادى قائلاً: «هؤلاء المنتجون يعتمدون على مبدأ اللعب فى
المضمون، مستخدمين مزيجا من الاستنساخ والاستسهال، وهى ظاهرة تكررت بشكل مستمر فى السينما المصرية على مدار تاريخها، خاصة فى السنوات الأخيرة، حيث يلجأ بعض صناع السينما إلى استنساخ «تيمات» الأفلام التى حققت إيرادات عالية، أملا فى تحقيق نفس القدر من الإيرادات، وظنا منهم أن الجمهور سيقبل عليها بالضرورة، متجاهلين أن النسخ يؤدى إلى أن تبهت كل نسخة بمرور الوقت بشكل تدريجى، حتى يصل الأمر إلى عدم إقبال الجمهور على تلك الأفلام، فلكل تجربة ناجحة جماهيرياً ظروف اجتماعية قد تتغير بمرور الوقت، ويصبح لدى الجمهور حالة من «الملل» وليس فقط التشبع من تلك النوعية المكررة، وأعتقد أن ذلك ينطبق على موسم عيد الأضحى بأفلامه التى استنسخت بنسبة كبيرة أفلاما سابقة حققت نجاحا، مثل «عبده موتة» و«قلب الأسد» بشكل مخيب للآمال، ولا أعتقد أن الجمهور سيقبل على تلك النوعية من الأفلام بنفس الحماس الذى أقبل به على الأفلام التى ظهرت فى البداية، وسيظل هذا الإقبال يتناقص تدريجياً حتى ينعدم تماماً وينصرف عن تلك النوعية لأفلام أخرى»
اتفق معه فى التحليل الناقد طارق الشناوى، حيث قال: «أشك فى أن تنال هذه الأفلام فى موسم عيد الأضحى نفس النجاح الذى توفر لمثيلاتها فى السابق، فقد حدث للجمهور حالة من التشبع من هذه التوليفة، وبعد أن شاهدت فيلما مثل «عش البلبل» تأكد لدىَّ أنه من الصعب أن تتم المراهنة على التوليفة السبكية، التى تعتمد على البلطجى والراقصة وأغنية المهرجانات والألفاظ البذيئة، لصناعة فيلم ناجح جماهيرياً، فالنجاح الذى نال فيلمى «قلب الأسد» و«عبده موتة» يرجع فى تقديرى لجاذبية محمد رمضان كنجم سينمائى، وبالتالى عندما تتوافر نفس التركيبة بعناصر أخرى لن يحالفها نفس النجاح، حيث سيصطدم صناع تلك الأفلام بقانون «التشبع» الذى سيصيب الجماهير من تلك النوعية التى اعتبرها المنتجون الورقة المضمونة لتحقيق الإيرادات»
ويرى الناقد نادر عدلى أن تلك التوليفة هى الأنجح فى السنوات الماضية، منذ أن ابتكرها محمود السبكى وتغيرت بعض مفرداتها فى بعض الأحيان بزيادة شخصية البلطجى أو استثمار وجود أغنيات المهرجانات والغناء الشعبى، ويضيف نادر عدلى: «أتصور أن تلك الأفلام ستواصل حصد النجاح فى دور العرض محققة إيرادات عالية، وذلك لأن الجمهور اعتاد عليها وبات يبحث عنها فى الفترة الأخيرة، ولكن ذلك فى رأيى مرهون بمدى ظهور نوعيات جديدة جاذبة للجمهور، مثل فيلم «8%» الذى يعتمد على تيمة أغنيات المهرجانات فقط، ليصبح هنا البطل ليس شخصية البلطجى محمد رمضان وإنما أوكا وأورتيجا ليتبع ذلك موجة من أفلام مطربى المهرجانات إن جاز التعبير، فالبطل البلطجى ما هو إلا انعكاس لمجتمع لم يفرز فى الواقع أبطالا حقيقيين خلال الفترة الماضية، فكان لا بد أن تلجأ السينما إلى تلك النماذج المنبوذة اجتماعياً، بحثاً عن الإيرادات من جمهور لا يعرف الكثير عن طبيعة تلك الشخصيات، ولكن فى النهاية تظل كل الأفلام المقدمة فى العيد، سواء كانت تعتمد على البلطجى أو أغانى المهرجانات، ما هى إلا أفلام موالد مرتبطة بإيرادات الأيام الأربعة للعيد، وبعد ذلك لا يمكن أن تحقق نجاحاً أو استمراراً»
وأخيراً يتحدث الناقد رامى عبدالرازق، قائلاً: «للأسف ليس لدينا فى هذا الموسم منتج يعمل وفق رؤية فنية تضيف للصناعة، وإنما يبحث كل منتج عن التركيبة الرابحة التى تدر إيرادات وتمت تجربتها فى مواسم سابقة وحققت نجاحا، وفى رأيى أن ما يتم تقديمه فى هذا الموسم من أفلام هو خارج إطار المواصفات الفنية، فصناعة الأفلام الحقيقية متوقفة خلال العام الجارى، وبالتالى لا نملك مقارنة تلك الأفلام بأى منتج فنى آخر، ولا يملك الجمهور الاختيار بين أكثر من نوعية، لأن كل ما يتم تقديمه له من نفس النوعية، وأعتقد أن حالة التشبع لدى الجمهور من تلك الأفلام ستحدث عاجلاً أو آجلاً، لأن المنتجين يصرون على تكرار استخدام تلك العناصر والمفردات، لدرجة تكرار بعض الوجوه مثل حورية فرغلى التى شاركت فى «قلب الأسد» و«عبده موتة» والآن فى «القشاش»، ولا أتصور أنهم قادرون على أن يحصلوا من تلك التركيبة على أكثر مما تحتويه، وبمرور الوقت ستفقد تلك الأفلام بريقها حتى لدى الشريحة التى توجه لها من المراهقين ومتوسطى التعليم، وسينصرفون عنها لنوعيات جديدة».