في رحاب رضوى عاشور.. ملكة الجبال وأميرة التِرحال

كتب: محمد أسامة رمضان

في رحاب رضوى عاشور.. ملكة الجبال وأميرة التِرحال

في رحاب رضوى عاشور.. ملكة الجبال وأميرة التِرحال

«على نولها في مساء البلاد، تحاول رضوى نسيجًا، وفي بالها كل لون بهيج، وفي بالها أمة طال فيها الحداد، على نولها في مساء البلاد، وفي بالها أزرق لهبي الحواف»، هكذا وصف مريد حبيبته رضوى عاشور، بنولها وخيوط روحها وأمانيها وانكسارات أمتها، امرأة كتبت اسمها على صفحات السماء بأحرف من نور.

قالت: «كان جدي مولعا بالجبال فسماني رضوى حبا في جبل رضوى، وسمى أخي طارقا حبا في جبل طارق».

نصّبها جدها ملكة على جبال الأرض في مثل هذا اليوم 26 مايو منذ 72 سنة، ونصبناها نحن على جبال قلوبنا شامخة مرتفعة بقلمٍ رصين، حفرت في صخور حياتنا ما لن تمحه السنون.

تعلمك رضوى كيف تحب فهي تضرب بنظرية «الحب أعمى» عُرض الحائط؛ فلها فيه رأي مغاير تماما تضعه دستورا لكل مُحب ففيه تقول: «لا يمكن أن يكون الحب أعمى لأنه هو الذي يجعلنا نبصر».

وتضع الحب في قَالب الأبدية والنظرة الطفولية الخالية من أي شائبة كما في رواية «فرج» فتقول: «غريب أن أبقى محتفظة بنفس النظرة إلى شخص ما طوال ثلاثين عاما، أن يمضي الزمن وتمر السنوات وتتبدل المشاهد وتبقى صورته كما قرّت في نفسي في لقاءاتنا الأولى».

وتصف آلام الذاكرة بكلمات من حرير في «الطنطورية» فتقول: «الذاكرة لا تقتُل. تؤلم ألمًا لا يطاق، ربما. ولكننا إذ نطيقه تتحول من دوامات تسحبنا إلى قاع الغرق إلى بحر نسبح فيه. نقطع المسافات. نحكمه ونملي إرادتنا عليه».

وفي الفراق واللقاء لا تجد إلا تراث معشوقتها فلسطين ومعشوقها مريد فتتغنى بالتراث الفلسطيني «إحنا افترقنا وعلى الله الرجوع.. والمفرّق والمجمّع ربنا».

تصف الرحيل كما لم يصفه أحد، فتصفه في «ثلاثية غرناطة» كسحب الأرض من تحت الأقدام، فأي حياة يعيشها الإنسان ولا أرضَ تحته ولا حنين يضمه «يقررون عليه الرحيل، يسحبون الأرضَ من تحت قدميه، ولم تكن الأرضُ بساطًا اشتراه من السوق، فاصل في ثمنه ثم مد يده إلى جيبه ودفع المطلوب فيه، وعاد يحمله إلى داره وبسطه وتربع عليه في اغتباط، لم تكن بساطًا بل أرضًا، ترابًا زرع فيه عمره وعروق الزيتون، فما الذي يتبقى من العمرِ بعد الاقتلاع؟ في المساء يغلقُ باب الدارِ عليه وعلى الحنين، تأتيه غرناطة، يقولُ يا غربتي! راحت غرناطة، يسحبونها من تحت قدميه».

تضع رضوى عنوانا لحياتنا في عشر كلمات فقط فتقول «أنا من أهل المدينة المنكوبة يا سيدي، ما جدوى التفاصيل؟».


مواضيع متعلقة