دراسات اقتصادية: حصيلة الخصخصة منذ 1980: بيع 15 ألف شركة.. ومعظمها فى دول تقترض من «البنك الدولى»

دراسات اقتصادية: حصيلة الخصخصة منذ 1980: بيع 15 ألف شركة.. ومعظمها فى دول تقترض من «البنك الدولى»
- أسباب الفشل
- أسعار الأسهم
- أسهم الشركة
- أسواق العالم
- أم القرى
- أمريكا اللاتينية
- أوروبا الشرقية
- إدارة المرافق
- إصلاح الاقتصاد
- آثار
- أسباب الفشل
- أسعار الأسهم
- أسهم الشركة
- أسواق العالم
- أم القرى
- أمريكا اللاتينية
- أوروبا الشرقية
- إدارة المرافق
- إصلاح الاقتصاد
- آثار
منذ بدایة السبعینات عرف العالم ظاهرة اقتصادية جدیدة سُميت وقتها بـ«الخصخصة»، وظهرت لها عدة تعريفات شائعة تركزت حول تخلى الدولة عن ملكیتها للقطاع الخاص، أو بشكل آخر نقل الملكیة من القطاع العام إلى الخاص، حيث بدأت الخصخصة كظاهرة اقتصادية عالمية فى العالم فى الفترة من 1980 وحتى 1992، وفى تلك الفترة تمت خصخصة أكثر من 15000 شركة، منها 3800 عملية خصخصة فى دول تقترض من البنك الدولى، 85% من هذه العمليات فى اقتصاديات اشتراكية سابقاً، بأوروبا وآسيا الوسطى، وأمريكا اللاتينية.
وتعرض «الوطن» رؤية للتجربة المصرية فى الخصخصة، من خلال دراسة صادرة عن المركز المصرى للسياسات العامة، أعدها الباحث الاقتصادى محمد عبدالوهاب، إضافة إلى بحث مقدم من الباحثة نحمده عبدالحميد ثابت للمؤتمر العالمى الثالث للاقتصاد الإسلامى بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية عام 2004.
{long_qoute_1}
التجربة المصرية فى الخصخصة
وحول التجربة المصرية عرّفت دراسة المركز المصرى للدراسات العامة الخصخصة بأنها «تخلى الحكومة وتنازلها عن بعض وظائفها وأنشطتها للقطاع الخاص» أو أنها «الاعتراف بالأولویة والأفضلیة للقطاع الخاص فى إشباع الحاجات الفردیة والعامة على السواء، باعتبار أن النشاط الخاص هو النشاط الأساسى فى الأصل، وأن النشاط الحكومى ما هو إلا استثناء من هذا الأصل».
وأوضحت الدراسة التى حصلت «الوطن» على نسخة منها أن ظاهرة الخصخصة تعكس الاتجاه المضاد لتوسع الدولة فى التدخل فى النشاط الاقتصادى والاجتماعى، وأضافت أنه مع بدایة التسعینات من القرن الماضى آثرت الدولة المصریة وحكوماتها المتعاقبة آنذاك التحرر السوقى كطريق للوصول إلى قدر من الرفاهية لدى المواطنین، إلا أن تلك الخطط الاقتصادیة ومنها الخصخصة كانت محل خلاف دائم بین النخب المصریة.
وكشفت الدراسة أن السیاسات الاقتصادیة المدخل الوحید الذى ینتقد منه النظام المصرى حینها، فقد كانت الدولة المصریة بعد مرور ما یقارب أربعة عقود یتمیز اقتصادها بأنه قائم بالأساس على القطاع العام، فكان مجرد طرح فكرة التحول إلى اقتصاد السوق یؤدى لخلق معارضة شدیدة خاصة فى نظام سیاسى لم یعتد طرح أفكاره على المواطنین وطرحها للنقاش العام، قبل أن تجمدها الحكومة المصرية عام ٢٠٠٨ بعد اجتماع لجنة السیاسات بالحزب الوطنى، حيث أعلن محمود محيى الدين وزیر الاستثمار آنذاك قرار الحكومة بتجمید برنامج الخصخصة.
وأبرزت الدراسة أن تبريرات اللجوء إلى برنامج الخصخصة يأتى دائماً مع ازدياد عجز الموازنة العامة للدولة، ومع ازدیاد تدخل الدولة فى الحیاة الاقتصادیة والاجتماعیة وعجز الموارد العامة عن مواجهة التكالیف.
وحددت الدراسة عدة طرق أو أنواع لتنفيذ الخصخصة، والطريقة الأولى منها هى البيع العام لأسهم الشركات المملوكة للدولة، من خلال قیام الحكومة بطرح كل أسهم رأسمال المنشأة للبیع للجمهور، وذلك من خلال سوق الأوراق المالیة «البورصة»، ویعد هذا الأسلوب من أفضل الأسالیب لما له من أثر مباشر على توسیع قاعدة الملكیة ودعم المنافسة والشفافیة.
أما الطريقة الثانية فأشارت الدراسة إلى أنها البیع الجزئى لأسهم الشركات والاحتفاظ بباقى أسهم المنشأة ملكاً للدولة، وتصبح المنشأة فى هذه الحالة مختلطة، أى ملك «للحكومة والقطاع الخاص».
ولفتت الدراسة إلى أن الطريقة الثالثة وهى طرح الأسهم فى اكتتاب خاص، ویقصد بالطرح الخاص بیع أسهم المنشأة أو جزء منها لمستثمر واحد أو مجموعة مختارة مـن المستثمرین، ویمكـن التمییز بین أسلوبین شائعین للطـرح الخاص، هما العطاءات والتفاوض.
وذهبت الدراسة إلى أن الطريقة الرابعة التى تتمثل فى بيع أصول المنشأة بالمزاد العلنى، وهى الطریقة التى تأخذ شكل شراء أصول المنشأة بصفة أساسیة، بمعنى آخر تقوم الدولة ببیع كل أو جزء مما تملكه المنشأة من أصول (مبان - آلات - معدات) وبنهایة عملية البیع خاصة الكلى ینتهى وجود المنشأة إلى الأبد، ویتم تنفیذ هذا النوع عن طریق المزاد العلنى، بينما الطريقة الخامسة تتعلق بضخ استثمارات خاصة جدیدة فى المنشأة، وغالباً ما یحدث ذلك بسبب رغبتها فى التوسع أو التحدیث لعملیاتها، ویتم ذلك من خلال فتح باب المساهمة فى رأسمال المنشأة للقطاع الخاص، ویلاحظ فى هذه الطریقة للخصخصة أن الحكومات لا تتصرف فى ملكیتها الحالیة للمنشأة، بل تزید من الملكیة الخاصة مقارنة بملكية الدولة، وتتولد تركیبة ملكیة مشتركة بینها وبین القطاع الخاص، وتسمى هذه الحالة «شركة مشتركة» وآخر طرق الخصخصة التى أشارت إليها الدراسة هى شراء الإدارة أو العاملین للمنشأة وعقود التأجیر والإدارة، وتتضمن هذه الطریقة التعاقد مع خبراء من القطاع الخاص. {left_qoute_1}
تجارب عالمية فى الخصخصة
أما عن التجارب العالمية للخصخصة، فأكدت الباحثة نحمده عبدالحميد ثابت للمؤتمر العالمى الثالث للاقتصاد الإسلامى بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية عام 1425هـ، التى أكدت فى بحثها أن عقد التسعينات شهد زيادة عدد الشركات المخصخصة زيادة كبيرة عبر دول العالم، وأصبحت الخصخصة نهجاً يعم كل المناطق الجغرافية فى العالم على اتساعها.
وأشار البحث إلى أن السبق فى الخصخصة كان من نصيب الدول الصناعية الكبرى، التى يغلب على اقتصادها الطابع الرأسمالى مثل إنجلترا وفرنسا، رغبة منها فى زيادة إنتاجية إدارة شركاتها العامة، بينما كان الجو السياسى العام ملائماً لتطبيق برنامج الخصخصة فى بعض البلدان الاشتراكية، مثلما حدث فى دول أوروبا الشرقية (بولندا - تشيكوسلوفاكيا - المجر)، حيث لم تواجه الحكومات ضغوطاً سياسية ذات قيمة، ما جعل هذه الحكومات تخطو خطوات جدية وسريعة.
ولفت البحث إلى أن دول أوروبا الشرقية اتبعت أسلوب الصدمة فى الخصخصة أو ما يعرف بالتوجه الضخم إلى الخصخصة للتخلص من المشاكل المتراكمة، وعلى سبيل المثال فإن أكثر من 1800 شركة فى تشيكوسلوفاكيا تمت خصخصتها فى أقل من أربع سنوات، أما فى روسيا فإن أكثر من 1500 شركة متوسطة وصغيرة تمت خصخصتها فى سنتين.
وأكدت الباحثة أن توسيع قاعدة الملكية هو الركيزة التى يمكن أن تعطى برنامج الخصخصة طابعاً ديمقراطياً، وصورة ذهنية إيجابية قوية، وتأييداً جماهيرياً واسعاً.
التجربة البريطانية
وصفت الباحثة التجربة البريطانية فى الخصخصة بالناجحة، منذ أن بدأت مع حكومة المحافظين برئاسة مارجريت تاتشر فى ذلك الوقت، وعزت ذلك إلى أن أسباب النجاح تجمعت فيها، وهى من أولى البدايات فى هذا المضمار، لذا تعد بحق من التجارب الرائدة من حيث التهيئة التشريعية والسياسية والاقتصادية، مع إجراء إصلاحات فى سوق الأوراق المالية والهيكل الضريبى، ثم شمول الخصخصة كافة قطاعات الاقتصاد القومى السلعية والخدمية، وهى تركز فى المجهودات الترويجية على استخدام حملات إعلامية وإعلانية مكثفة موجهة إلى كل القطاعات السوقية المستهدفة (الشعب - المستثمرين - العاملين - المديرين - الأجهزة الرسمية - القيادات السياسية والاجتماعية)؛ وذلك لإقناعهم وترغيبهم واستمالتهم بجدوى الخصخصة، فمثلاً استمرت الحملات الإعلامية والإعلانية فى بيع شركة British Telecom سنة ونصف السنة وإعمال الأسلوب التدريجى فى الخصخصة ومؤسسى الشركات.
وأكد البحث أن الحكومة البريطانية عملت على توسيع قاعدة الملكية بعدة خطوات، على رأسها تشجيع الدولة للمؤسسين فى المقام الأول على شراء نصيب الدولة من الأسهم أو جزء منها، وتشجيع المديرين والعاملين بإعطائهم أولوية فى شراء الأسهم، أو إعطائهم أسهماً مقابل نصيبهم فى الأرباح أو تخفيض ثمن الأسهم لهم، أو إعطائهم حافزاً للشراء، أو منح المتميزين من العاملين أسهماً مجانية لكونهم ذوى المسئولية الأولى فى استمرار عطائهم للشركة وتطويره ومضاعفته (إعطاء مزايا واضحة للعاملين) ووضع قيود على المستثمرين الأجانب فى عمليات الخصخصة، وألا تزيد حصة المستثمر الأجنبى على 15% من إجمالى أسهم الشركة، مع عدم مشاركة الأجنبى فى مجلس الإدارة واحتفاظ الحكومة بسهم خاص يسمى السهم الذهبى Golden Share فى الشركة المخصخصة، يحق لها به حضور الجمعية العمومية، والتصويت، وتعيين ممثل لها من رجال الأعمال فى مجلس الإدارة، وكذلك يحق لها الاعتراض فى الأحوال الطارئة على بعض القرارات، وهذا يعطى صورة ذهنية أمام المواطن أن الشركات المخصخصة تعمل بمراقبة الدولة لإعمال الصالح العام ودون إضرار متعمد بحقوق المستثمرين والمساهمين.
وأضاف أن التجربة البريطانية خيرت المديرين فى المؤسسات العامة فى الدولة، والمعارضين للخصخصة إما بنقلهم إلى وظائف بديلة فى المؤسسات المخصخصة أو بحل هذه المؤسسات، فيفقدون وظائفهم.
وأخيراً توخت الحكومة البريطانية طريقتين فى ضبط أسعار البيع للشركات المعروضة للخصخصة، إما بقرار مباشر منها أو عن طريق المزايدات، وفى كلتا الحالتين يسبق قرار السعر تقييم يقوم به مكتب محاسبة متخصص بالاشتراك مع البنك المسئول ووزارة المالية ثم ينتهى الأمر إلى ضبط سعر يؤخذ به فى عمليات الخصخصة المباشرة إلى بعض أصناف المستثمرين أو يؤخذ به كحد أدنى فى عمليات المزايدة التى تلجأ إليها الحكومة.
وانتقل البحث إلى عرض تجربة الترويج لبرنامج الخصخصة فى ماليزيا، حيث بلغ عدد الشركات الحكومية نحو 900 شركة تساهم فى الناتج الإجمالى المحلى بنحو 48% ويعتمد الاقتصاد الماليزى على تصدير منتجين رئيسيين هما المطاط والقصدير، وحدثت تقلبات فى الأسعار والأسواق وركود اقتصادى فى عام 1985م، لهاتين السلعتين لدرجة سلبية معدل النمو الاقتصادى فى هذا العام مقارنة بمعدل نمو 6.3% عام 1983م، 7.3% عام 1980م، ونظراً لتزايد الحاجة لبناء وتحديث البنية التحتية Infrastructure وتوسعة القاعدة الصناعية، تبنت الدولة استراتيجية الخصخصة، حيث بلغ عدد المشروعات المخصخصة 110 مشروعات، منها 25 مشروعاً جديداً تماماً فى الفترة من 1983م، وحتى 1994م، وشاملة للخطوط الجوية الماليزية، الاتصالات، الكهرباء، النقل، البريد والمواصلات، الصرف الصحى، وقد اتصفت الجهود الترويجية للحكومة الماليزية بمراقبة الدولة، من خلال إطار رقابى تنفذه وحدة تنظيمية ملحقة بكل وزارة للأنشطة التجارية والمرافق التى تمت خصخصتها عن طريق إصدار التراخيص لمدة زمنية محددة لإدارة الخدمات العامة وبعد أن تنتهى يتم تعديل شروطها وفق المتغيرات المستحدثة، لزيادة نطاق المنافسة، ومراجعة آلية الأسعار، وأما الطريقة الثانية فهى منح عقود الامتياز Concession Agreements لإدارة المرافق العامة، متضمنة شروط تغيير بعض بنود العقد حسبما تراه الدولة ضرورياً.
ومنحت الحكومة العاملين فى الشركات المخصخصة فرصة تخصيص 5% من رأسمال الشركة لاكتتاب العاملين بشروط ميسرة، وتمكنهم من شراء نسبة محددة من الأسهم بسعر الإصدار بعد مضى ثلاث سنوات من العمل فى الشركة، مع سعى الحكومة لتوفير مزايا أخرى لتحفيز العاملين لرفع مستوى أدائهم.
وانتقل البحث إلى تجربة الترويج لبرنامج الخصخصة فى المكسيك، حيث مر الاقتصاد المكسيكى بكارثة اقتصادية ضخمة، بحلول عام 1982م، ففى الفترة من 1971م، وحتى 1982م، زادت ديون الدولة بمعدل 26% سنوياً: وفى العام الأخير من الفترة زادت بمعدل 57%، وانهار سعر صرف العملة، وزاد الوضع الاقتصادى سوءاً، حتى بلغت نسبة التضخم فى عام 1987م، 159.2%، فقررت الحكومة فى عام 1988م، إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية وعقدت اتفاقية التكافل الاقتصادى القومى.
وتعتبر بداية الشروع والتوجه للخصخصة، مع بداية الثمانينات، وكانت تتصف بالبطء، ولم تتسارع إلا فى النصف الثانى من عقد الثمانينات، وكانت الأهداف الرئيسية آنئذ تتمثل فى ترشيد الإنفاق الحكومى، وتدبير سداد الديون الحكومية، وجلب الاستثمارات الأجنبية، وتدعيم مشروعات البنية التحتية، وزيادة الكفاءة الاقتصادية.
وتتصف الجهود الترويجية لبرنامج الخصخصة فى المكسيك نتيجة الحاجة الملحة للأموال، بعزل الاعتبارات والمتغيرات الاجتماعية تماماً عن التأثير فى مسارات الخصخصة، والشفافية والعلانية فى الإجراءات، والبيع النظيف، والبيع لأعلى الأسعار والسماح للمستثمر الأجنبى بالتملك لنسب قد تصل إلى 100% من رأس المال، وفقاً لطبيعة القطاع، عدا القطاعات الاستراتيجية مثل البورصة، الإذاعة والتليفزيون، الغاز الطبيعى، قطع الغابات، وفى كل الأحوال فإن القدرة التصويتية للأجنبى لا تزيد على 49% مهما بلغت نسبة ملكيته.
التجربة الفرنسية
وفى فرنسا بدأت فكرة الخصخصة تجد رواجاً وقبولاً بين الأوساط القيادية الفرنسية، منذ أن تولى فرانسوا ميتران الحكم، وكان ثمة تطلع لنتائج تجربة الخصخصة فى بريطانيا، وقد بدأت تجربة الخصخصة فى فرنسا 1986م، بخصخصة شركة رينو لصناعة السيارات، وكانت الأهداف والأساليب المتبعة لتنفيذ برنامج الخصخصة فى فرنسا شبيهة إلى حد كبير بالأهداف والأساليب المتبعة فى برنامج الخصخصة لدى الحكومة البريطانية (الذى بدأ تنفيذه عام 1979م، بحكومة المحافظين برئاسة مارجريت تاتشر).
وقامت الحكومة الفرنسية بتهيئة المناخ الاستثمارى، وتطوير أسواق رأس المال الفرنسية، وأعطت اهتماماً متزايداً لتوسيع قاعدة الملكية، وقامت الحكومة بتشجيع صغار المستثمرين المواطنين، بإعطائهم أولوية فى شراء الأسهم المعروضة، وإعطاء المزيد من الاهتمام للعاملين فى الشركات التى يشملها برنامج الخصخصة، بإعطائهم حق الاكتتاب فى حدود 10% من أسهم منشآتهم.
واحتفظت الدولة لنفسها بسهم ذهبى فى بعض المنشآت، وقامت الحكومة الفرنسية بتطوير القوانين لجذب الاستثمارات الأجنبية، مع وضع ضوابط لمساهمة المستثمرين الأجانب، حتى لا يترتب عليها ضرر للاقتصاد، والقيام بحملات إعلامية ضخمة لتشجيع المواطنين على شراء الأسهم، وبخاصة أسهم الشركات التى يعملون فيها.
تجربة البرازيل
أما عن تجربة الترويج لبرنامج الخصخصة فى البرازيل فأكدت الباحثة أن حكومة البرازيل بدأت فى تنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادى الهيكلى ومنه الخطط التى تتعلق بالخصخصة، منذ منتصف عام 1994م.
وقامت الحكومة البرازيلية بتهيئة كاملة للمناخ الاستثمارى، لتحفيز الإنتاج والتصدير، وجذب الاستثمار الأجنبى، ولكن وضعت قيوداً على الاستثمار الأجنبى فى بعض القطاعات الاستراتيجية مثل البترول والصناعات الاستراتيجية والمرافق العامة، إلى جانب ضرورة أن يسجل المستثمر السلع والاستثمارات حتى ولو كانت غير ملموسة، كالعلامات التجارية فى المؤسسة القومية للملكية الصناعية فى البرازيل، بالإضافة إلى تحصيل ضرائب مرهقة نسبياً دون أى إعفاءات للمستثمر الأجنبى أكثر من المستثمر الوطنى، رغم تعديل التشريعات الضريبية فى الإصلاح الاقتصادى ولكن وفقاً لنوع الصناعة.
واهتمت الحكومة البرازيلية بتنمية مهارات العاملين، كما تقدم الحكومة برامج تدريبية مجانية للعاملين فى المدن الرئيسية، والمناطق الصناعية فى ظل التركيز على التوجه التصديرى بعد عبور سياسة الإحلال محل الواردات.
الخصخصة فى شيلى
وحول التجربة الشيلية فى الخصخصة، أوضح البحث أن الخصخصة فى شيلى بدأت فى فترتها الأولى فيما بين 1975-1984م، حيث كان القطاع العام يساهم بـ40% من إجمالى الناتج المحلى، إلا أن الدولة قامت بإعادة المنشآت المؤممة إلى أصحابها السابقين فى القطاع الخاص، كما قامت بتحرير التجارة الخارجية وإزالة القيود المفروضة على النشاط الاقتصادى، وتمثلت المجهودات الترويجية وما يعضدها من مجهودات تسويقية لبرنامج الخصخصة، حيث استخدمت حكومة شيلى أساليب البيع بالمزاد، والعطاءات، وإجراء المفاوضات المباشرة.
وأفرز أسلوب الخصخصة فى الفترة (1975-1984) إفلاساً لكثير من المشروعات، وتصفية بعضها، كما وضعت الحكومة يدها على المشروعات التى كانت تديرها البنوك، بالإضافة إلى تصفية وإدارة بعض التكتلات الصناعية.
لقد كان من أهم أسباب الفشل أن عمليات الشراء يتم تمويلها بأموال مقترضة، والتكالب على شراء المشروعات المعروضة للبيع دون أن يتوافر للمستثمرين خبرات فنية وإدارية بطبيعة النشاط، بينما تلهفت حكومة شيلى إلى البيع، لزيادة إيرادات الدولة، ولتخفيض العجز فى الموازنة.
أقدمت حكومة شيلى فى الفترة التالية للخصخصة من (1985-1988)، ونتيجة للفشل، على علاج السلبيات التى عانى منها الاقتصاد فى السابق، مثل التكتلات الصناعية والمالية، وتركز الملكية، وعجز الموازنة نتيجة التوسع فى القروض الممنوحة، فاتجهت الحكومة إلى توسيع قاعدة الملكية عن طريق تشجيع العاملين فى المؤسسات العامة على شراء الأسهم بأسعار مغرية أو تقديم قروض ميسرة لهم، إلى جانب تنويع المشروعات المخصخصة.
فتحت حكومة شيلى الأبواب أمام صغار المستثمرين، مع تقديم الحوافز للمواطنين لإعادة الأموال المهربة للخارج، وتعديل القيود المفروضة على النقد الأجنبى، والسماح بمقايضة الدين الأجنبى بأسهم عادية محلية، وشراء ديون البلاد الخارجية وتحويلها إلى ديون داخلية، وتم اللجوء إلى أسلوب البيع بالمزاد العلنى مع وضع سقف للملكية، ألا تزيد حصة المشترى على 20% من رأسمال المشروع، وكذلك طرح الأسهم للاكتتاب العام، مع اشتراط أن يكون 50% من رأس المال للمشروع مملوكاً على الأقل لمائة مساهم أو أكثر.
خلاصة البحث
وخلص البحث إلى عدة توصيات لنجاح تجربة الخصخصة فى مصر، حيث أكد ضرورة أن يتم تفعيل وترويج برنامج الخصخصة من خلال إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية شاملة برؤية استراتيجية واعدة، وأكد البحث ضرورة أن يتم تطوير سوق رأس المال، وفى الدولة النامية تتركز السلطة الاقتصادية، ومن ثم السلطة السياسية، فى أيدى قلة من الأطراف الفاعلة، مما ينتج عنه سوق غير مستقرة، وصغيرة، وقد تكون حديثة العهد، فيترتب على ذلك تقلبات كبيرة فى أسعار الأسهم كنتيجة طبيعية للتداول، أو التلاعب المتعمد أو عدم الشفافية، ويصبح ذلك عقبة كؤوداً لتطوير سوق رأس المال، ما يعوق الترويج لبرنامج الخصخصة، ورفع الكفاءة، وزيادة معدلات النمو.
وأشار إلى ضرورة تطوير أداء ومهنية العمل لدى المديرين على مستوى الدولة، فى الشركات الخاصة والعامة، انطلاقاً إلى الإدارة التحويلية بدلاً من الإدارة التقليدية، ومن الضرورى تدعيم بيئة السوق، وتنظيم الشركات والحوافز الإدارية، وهذا هو الذى يعزز أداء الشركات، وليست الملكية فى حد ذاتها، وكذلك ضرورة تعزيز الأسواق القابلة للتنافس، وإعمال اقتصاديات السوق باعتبارها مخرجاً مهماً للتعامل فى الأسواق العالمية والاقتصاد الدولى، وباباً لتفعيل جهود التصدير والميزات النسبية فى عالم تسيطر عليه التكتلات الاقتصادية والسياسية الضخمة، وينبغى أن ندرك أن الخصخصة بذاتها لا تصنع بيئة تنافسية، والمنافسة لا تتطلب أن تكون جميع المؤسسات مملوكة للقطاع الخاص.
وأوصى البحث بإنشاء مجالس للمشورة Deliberation Councils يتم معها إشراك القطاع الخاص، وكل الأطراف مع الحكومة فى صنع السياسات الاقتصادية، وكذلك تضمن المشاركة لكل الأطراف فى العوائد الريعية Rent دون تمييز بين طرف وآخر.
ولفت البحث إلى أهمية تحليل مؤشرات أداء السياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة، وتقييمها فى ضوء الأهداف المخططة لها، كأساس لدراسة المشكلات التى تكتنف إدارة تلك السياسات، دون الاكتفاء بتحليل الإحصاءات والتقارير الرسمية للتعرف على جوانب القصور والآثار الجانبية.
وأخيراً يرى البحث ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية والإعلانية، فى ترويج برنامج الخصخصة فى مصر، ذلك أن الوجه السلبى، والنفور، والفزع، والخوف من أخطاء وآثار السياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة فى ماضى الزمان، ما زالت قابعة فى نفوس المصريين، ما يحتاج إلى جهد مضاعف للإقناع والترغيب والاستمالة والتوعية لكل الأطراف المرتبطة بالبرنامج والمتعاملة معه، وهذا أساس مهم لنجاح الترويج للبرنامج.