عمال بناء «المنصورة الجديدة»: «بنبنى مستقبل»

كتب: صالح رمضان وأحمد العميد

عمال بناء «المنصورة الجديدة»: «بنبنى مستقبل»

عمال بناء «المنصورة الجديدة»: «بنبنى مستقبل»

على عوارض خشبية تتقاطع مع بعضها لتشكل شبكة معقدة تسند كبسولات خشبية تحوى بداخلها أعمدة خرسانية سميكة، يتنقل محمود همام، 26 عاماً، بين الأعمدة الملتحفة بأخشابه لينزعها من القطع الخرسانية الكبيرة، مستخدماً مفتاحاً حديدياً لا يزيد طوله على نصف المتر، وبحركات سريعة يخلع العوارض الخشبية رغم احتوائها على مسامير طويلة ومدبّبة بمهارة اكتسبها منذ 9 سنوات قضاها فى هذه المهنة التى بدأها فى بلدته بمركز الزرقا فى دمياط، وهى فترة طويلة جعلته يعمل فى مناطق عدة لجهات مختلفة، لكنه رغم ذلك يؤكد: «الشغل هنا مميز فيه نظام وتركيز، مفيش حاجة بيحصل فيها أى غلط، المهندسين هنا بيراقبوا ويشرفوا على كل حاجة، والتقسيم بتاع البيوت محترم».

ويضيف «همام» أن العمل فى المشروعات الكبيرة التى تقيمها الحكومة أفضل، فتقسيمها مريح للمواطنين الذين سيسكنون المواقع الجديدة، حيث إن المساحة المخصّصة للشارع وتقسيمات المنازل واسعة ومريحة، موضحاً أنه حتى المساحات الصغيرة تم تقسيمها بشكل يناسب المساحة واستغلالها كلها، وأنه عمل فى مشروعات أخرى غير مدينة المنصورة الجديدة يتسم العمل فيها بالانضباط، وأن المجمع يكون به الكثير من العمال، من الحدادين والنجارين وعمال الكهرباء: «تحس إن فيه حفلة شغل وكل شوية عمال شغالين مع المقاول بتاعهم متجمعين على العمارة وبيخلصوا شغل، وفى الاستراحة بنقعد وبتبقى لمة حلوة».

{long_qoute_1}

ويقول عبدالحافظ محمد عبدالحافظ، 40 عاماً، مقاول خشب، إنه تم إسناد 3 عمارات فى المشروع له وأنه كان مستعداً لتولى العمل فى عمارات أخرى، إلا أن أحد المكاتب حدّد له هذه العمارات فقط وألزمه بمدة محددة، مشيراً إلى أن العمل هنا فى المشروع لا يتم بشكل عشوائى، وكل خطوة يتم اتخاذها لها معنى ولها هدف فى سير المشروع، موضحاً أن لديه 12 عاملاً يعملون فى الـ3 عمارات، وأنهم ينجزون العمل قبل موعده، إلا أنه ملتزم بمواعيد المهن الأخرى: «أنا لو عليّا أخلص بدرى، بس أنا مرتبط بالحداد اللى بييجى يحط الحديد، والكهربائى اللى بيخلص شغله، كل واحد بياخد خطوة والتانى بييجى يكمل عليها، أصل الحركة بركة».

ويضيف «عبدالحافظ»، أنه عازم على تسليم العمارات قبل موعدها بعد أن يُلح على بقية المهن الأخرى والمهندسين على قبول التعجيل وإنجاز العمل بصورة أسرع من دون أى تأثير على الجودة، لافتاً إلى أن الجودة فى المشروع لا يمكن المساس بها بسبب النظام الصارم فى الإشراف من المهندسين على المشروع: «الحمد لله مش بنغلط، لأن المهنة دى شاربينها، المهندس بيراقب على الحاجة لو فيها غلط يقول لك الباكية دى مش مظبوطة دى مترحلة، بس الحمد لله مش بيحصل، لأننا مش بنقلب الشغل وخلاص، إحنا ماشيين زى ما بيقول الكتاب، ولازم يبقى فيه ثقة، لأن الغلطة هتخسّرنى مشاريع كتيرة».

ويتابع «عبدالحافظ»: «المشروع هنا بيجمّع الناس من المحافظات ويعرّف الناس على بعضها، أنا من منشية شومان فى بلقاس الدقهلية، والعمال اللى معايا من النواحى بتاعتى، وفيه من أماكن بعيدة، وتلاقى كل مقاول جاى ومعاه عماله، وكله بيتعرف على كله ويسود الود، نستلف من بعض عدة، ولو معاهم عربية بتجيب ميّه نشرب منها معاهم، يعنى المشروع لمّ شملنا»، لافتاً إلى أن العمال أغلبهم غير متعلمين، لكن يعلمون أصول الشغل، وأنه لا يقرأ ولا يكتب، لكنه يفهم أى رسم هندسى ويطبقه كما هو، متابعاً: «الحمد لله مفيش حاجة بتقف قدامى، أنا أبص على الرسمة أعرف هو عايز يقول إيه».

{long_qoute_2}

ويشير أحمد عبدالحكيم، مقاول خشب يتولى بناء عمارة واحدة، إلى أن ظروف العمل فى مشروع المنصورة الجديدة يعد مثالاً رائعاً لأى مدينة جديدة، حيث إن المساحات مناسبة مع الارتفاع وعرض الشوارع والطرق الفرعية التى تشق المدينة، موضحاً أن مساحة القطعة 480 متراً مقسّمة إلى 4 وحدات سكنية، مما يعنى أن الوحدة تبلغ مساحتها 120 متراً تقريباً وعدد الطوابق 5، بخلاف الطابق الأرضى، وبذلك فالبناية لا تحتاج إلى مصعد، والمصاعد يتم تركيبها فى البنايات التى تزيد طوابقها على الـ7 أو الـ8.

وعن طريقة عمله وعدد العمال لديه، يقول «عبدالحكيم» إن عماله يحبون المشاريع القومية رغم أنها تكون بعيدة عن المدن والأسواق، وهو ما يشكل مشكلة بالنسبة إليهم لحاجتهم الدائمة إلى الطعام والشراب والسجائر، وذلك بسبب التجمع الكبير الذى يتم لمئات العمال من جميع المحافظات، والعلاقات تنشأ بين فئات العمال ما بين حداد ونجار وكهربائى وعمال البناء: «بس اللقمة بتحلو لاجل الصحبة الحلوة، وآدينا بنقضيها شغل ومغنى»، موضحاً أن المهندسين فى المشروع يتعاملون معاً بود، رغم تدقيقهم البالغ فى العمل ومرورهم بكثرة على البنايات لتسلم كل طابق بعد الانتهاء منه لمراجعة الزوايا والقوائم: «لازم يراجع الزوايا، لو حاجة معوجة، وبرضه ميعاد فك الخشب، يعنى العمود بيتفك بعد يوم واحد من صب الخرسانة إنما السقف بيتساب ممكن لحد 10 أيام فى الشتا وفى الصيف ممكن 6 أو 7 أيام، لأن السقف شايل نفسه، فلازم الخشب يسنده فترة طويلة لحد ما يمسك نفسه، وبنستخدم الشمعة اللى هو العمود التخين المكعب علشان يسند الأسقف، والمهندسين بيستلموا بما يُرضى الله».

وأمام مجموعة كبيرة من أسياخ الحديد، يجلس فايز لطفى إبراهيم، 48 عاماً، ممسكاً بأسياخ الحديد ويضعها على فم القاطع ليقطع الأسياخ المعدّة سابقاً للتقطيع بعدما تم تعليمها بالطباشير، لم تكن المرة الأولى له فى العمل ضمن مشاريع البناء القومية، وخلال 35 عاماً قضاها عاملاً فى مهنة الحدادة المسلحة، لم ير -حسب قوله-أعمال بناء فى مصر بهذا النظام والدقة والانضباط فى المواعيد: «أنا اشتغلت فى المشاريع الجديدة فى دمياط وبورسعيد والحق يتقال، الشغل ده محترم، ومتقسم صح، والناس أسلوبها كويس، وبنتعرف على ناس من مناطق بعيدة وبيلم شملنا».

ويوضح «لطفى» أن العمل يبدأ عند الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى الساعة الرابعة عصراً، وخلال هذه المدة يقوم كل العمال بالأعمال المكلفة لهم، وكل مرحلة فى البناء لها جدول تسليح والمهندسون متشددون فى عملية التدقيق والمراقبة: «العمدان مختلفة فيه عمود بيحتاج 8 أسياخ أو 10 أو 20 أو 30 هو فيه جدول تسليح لازم تمشى عليه زى الكتاب ما بيقول، وكمان بيقول لك فى كل عمود لازم يكون فيه كام كانة، وفى أنهى منطقة بالظبط، والكانات هى عصب الحديد، يعنى ممكن العمود ينفجر والعمود بيكون فيه مثلاً 26 كانة، لو كانة واحدة ناقصة يقول لك حطها».

ويتداخل فى الحديث شعبان إبراهيم، الشهير بـ«أبومريم»: «يا باشا النظام هنا أحلى من أى مكان تانى، ما شاء الله العمدان هنا واخدة حقها حديد تالت ومتلت، واحنا صعايدة، أهو بنبى البيت فى الوجه البحرى، عقبال ما نبنى فى محافظاتنا»، مشيراً إلى أنه يعمل مع أحد المقاولين ويتولون بناء 4 عمارات فى المشروع، وأساسات البناية تتحمّل ليس فقط 5 طوابق، بل 10، موضحاً أنه شارك فى مشاريع بناء مختلفة، كبارى ومدارس، وكل مشروع يحتاج إلى كمية من الحديد تناسب المهمة، سواء كان مدرسة أو مقراً حكومياً، متابعاً: «أنا من المنيا فى الصعيد، وأتمنى أن المشاريع دى تنزل عندنا فى الصعيد علشان أولادنا يستفادوا منها، ما هو أنا فى يوم من الأيام هاكبر وعايز أرجع أقعد فى وسط أهلى واولادى، يبقى الاهتمام مايبقاش فى وجه بحرى»، مشيراً إلى أنه يحصل على بدل إقامة فى المناطق البعيدة، مما يسمح له بتوفير مبلغ من المال لأسرته: «يعنى باخد بدل على الأكل والشرب والنومة وإحنا بصراحة بنحب ده، علشان ساعات بنعرف نوفر من الفلوس دى، وأهى حاجة تنفع عيالنا، ساعات مش بناكل لحمة غير مرة واحدة فى الأسبوع».

اقرأ أيضًا:

جولة فى المحافظات الدقهلية.. عاصمة الشفاء

فى مركز الكلى: جزيرة الرحمة.. اغسل كليتك بجنيه

مركز الجهاز الهضمى بالمنصورة.. خدمة «فايف ستار» وأعلى نسبة نجاح للعمليات.. والمرضى: «مش مصدقين أنها حكومى»

رئيس جامعة المنصورة: لدينا 17 مستشفى ومركزاً جعلت المدينة «عاصمة الطب»

«المنصورة الجديدة».. «سيمفونية» عمل لبناء 159 ألف وحدة سكنية

سوق الخواجات هنا يباع «شوار العروسة» من «الإبرة إلى الصاروخ»

«جمصة» ترفع شعار «التجارة شطارة» وتبيع الطاقة الشمسية لـ«الكهرباء»

محافظ الدقهلية: انتهاء المرحلة الأولى من «المنصورة الجديدة» قريباً

حاضنة أعمال الدقهلية: منطقة صناعية تضم 13 مشروعاً فى قلب المنصورة

«الأسمدة الورقية»: تجربة جديدة لتحسين إنتاجية المحاصيل بموافقة وزارة الزراعة

«الصندوق الاجتماعى»: «تعالى بعقد إيجارك وإحنا علينا التمويل والتسويق»

 


مواضيع متعلقة