دراسة لـ"سيداري" تبحث 100 سيناريو للآثار السلبية لتخزين مياه سد النهضة

كتب: محمد أبوعمرة

دراسة لـ"سيداري" تبحث 100 سيناريو للآثار السلبية لتخزين مياه سد النهضة

دراسة لـ"سيداري" تبحث 100 سيناريو للآثار السلبية لتخزين مياه سد النهضة

أعد مركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا (سيداري) دراسة علمية للآثار المترتبة على الملء الأول لبحيرة سد النهضة، ومعدلات تخزين المياه فيها خلف السد، وطريقة تشغيله، كما افترضت الدراسة معظم السيناريوهات المحتملة في هذا الشأن والتي تصل لأكثر من 100 سيناريو، وقدّرت حجم فواقد التسرب الأول والتسرب والبخر السنوى للمياه، بحسب حجم التخزين، ومساحة المسطح المائى لبحيرة السد.

واستعرضت سيناريوهات لحجم الملء الأول للبحيرة، الأول بحجم 15 مليار متر مكعب، والثاني بحجم 25 مليار متر مكعب، والثالث بحجم 62 مليار متر مكعب على فترة من 6 سنوات إلى 10 سنوات، واعتمدت الدراسة على السلسلة التاريخية للتصرف السنوى لمياه الفيضان للنيل الأزرق الذى يقام عليه السد فى الأراضى الإثيوبية، وتم دراسة سيناريوهات مختلفة لمنسوب المياه فى بحيرة السد العالى بأسوان تتراوح بين 150 متراً و175 متراً، عند بداية الملء الأول لبحيرة سد النهضة، كما تم دراسة ومحاكاة سيناريوهات مختلفة لتزامن وتوقيت تكرار الفيضانات التاريخية للنيل الأزرق فى المستقبل بعد إنشاء السد، وسيناريوهات للتشغيل السنوى لتقييم الآثار المختلفة المترتبة عليه، ومن أهمها تأثير السد على تصرف النيل الأزرق ومناسيب مخزون السد العالى، وإمكانية الوفاء بحصة مصر والسودان من مياه النيل، وعدد سنوات العجز المائى لمصر والسودان، وحجم هذا العجز.

 

وخرجت الدراسة بمجموعة من السيناريوهات المحتملة لمخزون السد العالى فى المائة سنة التالية لإنشاء سد النهضة بناء على متوسط تصرفات للنيل اﻷزرق أحدهم يقدر بـ50 مليار م3 عند الملء وآخر حوالي 45 مليار م3 والآخر حوالي 38 مليار م3، مقارنة بالسيناريو المرجعى بدون وجود سد النهضة.

وأوضحت أن كل السيناريوهات توضح انخفاض مخزون السد العالى تحت منسوب التخزين الميت (أى تحت مستوى التوربينات)، وذلك نتيجة التأثير التراكمى المتوقع لفواقد البخر والتسرب ببحيرة سد النهضة، الذى سيتضح أثره جلياً فى السنوات ذات الإيراد المنخفض للنيل الأزرق.

وذكرت أن المؤثر الأكبر في الوفاء بالحصة السنوية لمصر (55.5 مليار م3) والسودان (18.5 مليار م3) بعد إنشاء هذا السد، يتمثل في حجم التخزين الميت (التخزين حتى أعلى منسوب التوربينات)، وحجم الملء الأول، ومتوسط حجم التخزين السنوى بسد النهضة الذى يؤثر على حجم فواقد البخر والتسرب، والتأثير التراكمى لتلك الفواقد على حجم المخزون فى بحيرة السد العالى، فكلما قلّ المتوسط السنوى لمخزون سد النهضة قلّت فواقد البخر والتسرب من سد النهضة، وقلّ التأثير على الوارد إلى مصر والسودان.

وأثبتت الدراسة أيضاً أن سد النهضة سيؤدى إلى انخفاض الطاقة الكهربائية المولدة من السد العالى نتيجة تشغيل توربيناته على متوسط مناسيب أقل من الوضع المرجعى قبل إنشاء سد النهضة، وقالت إن حجم التخزين الميت لسد النهضة والتأثير التراكمى لفواقد البخر والتسرب أثناء التشغيل هو المؤثر الأكبر على نقص تدفقات النيل الأزرق إلى مصر والسودان، ومن ثم فإن الاتفاق بين البلدان الثلاث على قواعد التشغيل السنوى لا يقل أهمية عن الاتفاق حول قواعد الملء الأول.‎

وأكدت أن الخطر الأكبر قد يحدث فى فترة التشغيل وليس فى فترة الملء، ولذلك فإن التأثير الحقيقى لسد النهضة قد تشهده السنوات التالية للملء وأثناء التشغيل، وذكرت أن كل سيناريوهات الملء تؤول إلى نفس السيناريو على المدى الطويل، وأن التأثير الحقيقى سيظهر أثناء التصرفات الطبيعية المنخفضة للنيل الأزرق، وقد تم محاكاة المائة عام السابقة لإيراد النيل الأزرق بالدراسة، وافتراض تكرار هذه الإيرادات فى السنوات المقبلة للتنبؤ بما سيحدث فى تصرفات النيل الأزرق بعد إنشاء سد النهضة وتأثير ذلك على إمكانية حصول مصر والسودان على حصتهما كاملة.

وأشارت إلى أن سيناريوهات العجز فى توفير حصة مصر والسودان الحالية بسبب سد النهضة ستختلف فى توقيت حدوثها، ولكنها قد تستمر من نحو 10 إلى 20 سنة متتالية إذا توالت السنوات المنخفضة الفيضان كما حدث فى السابق لإيراد النيل الأزرق فى الفترة من 1978 إلى 1987.

وتعرض الدراسة أحد السيناريوهات لملء بحيرة السد بـ62 مليار متر، وهو ما يُنتج عجزاً فى حصص مصر والسودان يتراوح سنوياً بين 2 مليار و5 مليارات م3 لمصر ومثلها للسودان لمدة 14 سنة، أى عجز كلى نحو 110 مليارات م3 فى الـ40 سنة الأولى من ملء وتشغيل سد النهضة.

كما أوضحت الدراسة سيناريو آخر للملأ الأول بـحجم 25 مليار م3 وتشغيل سنوي يعود لهذا الحجم فنهاية كل عام، وتوقعت الدراسة لهذا السيناريو عجزاً فى حصص مصر والسودان سنوياً بكمية بلغت 2.5 مليار م3 لمصر ومثلها للسودان لمدة 12 سنة، أى عجز كلى نحو 60 مليار م3 بعد مرور 35 سنة من ملء وتشغيل سد النهضة.

أما السيناريو الثالث للملء الأول والتشغيل السنوى بحجم 15 مليار م3، فتوقعت الدراسة حجم العجز السنوى فى هذا السيناريو بنحو 2.5 مليار م3 لمصر ومثلها للسودان لمدة 8 سنوات، أى عجز كلى نحو 40 مليار م3 بعد مرور 9 سنوات من ملء وتشغيل سد النهضة.

وحسب اتفاقية 1959 الموقّعة بين مصر والسودان، والتى تحدد حصة مصر بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً والسودان بـ18.5 مليار متر مكعب سنوياً، فإن الدولتين تتقاسمان أى نقص فى مياه النيل بالتساوى، ومن ثم فإن التأثير الأكبر كنسبة من حصص الدول سوف يكون على السودان.

ونوهت الدراسة إلى أن حصة الـ18.5 مليار متر مكعب سنوياً هى حصة السودان وجنوب السودان معاً قبل الانفصال، وحصة جنوب السودان فى الـ18.5 مليار متر مكعب لم تحدد بعد، مع أن هناك بعض الاستخدامات من النيل فى جنوب السودان. وإذا اتفق السودان وجنوب السودان على تقاسم حصتهما فى الـ18.5 مليار متر مكعب فسيزداد التأثير الذى قد يتحمله السودان من جرّاء فواقد المياه الناتجة عن سد النهضة.

وقالت الدراسة إن النقص فى الكهرباء المولدة من السد العالى هو أمر مؤكد، إلا إذا تم الاتفاق على تصريف كامل الفيضان فى نفس أشهر وروده وليس موزعاً على كامل العام. وتابعت: ولكن إنتاج كهرباء منتظمة طوال العام من سد النهضة يؤدى إلى انخفاض متوسط مناسيب المياه فى السد العالى، حتى لو اتفقت الأطراف الثلاثة على تصريف كامل الفيضان سنوياً بعد فترة الملء، وقد تنخفض كهرباء السد العالى من 15 إلى 40%.

وأضافت أنه بالرغم من أن كهرباء السد العالى لا تمثل نسبة كبيرة من الكهرباء المولدة على مستوى الجمهورية فإنها تساهم فى توفير احتياجات محافظتين أو أكثر فى الصعيد.

وأشارت إلى أن هذه السيناريوهات تشير إلى انخفاض فى متوسط أقصى مخزون للسد العالى يصل لنحو 50 مليار م3، ونحو 11.5 متر انخفاضاً فى متوسط أقصى منسوب للمياه فى السد العالى.


مواضيع متعلقة