«الوطن» مع ابن شهيد مجزرة كرداسة فى أول يوم دراسى

كتب: ماهر أبوعقيل

«الوطن» مع ابن شهيد مجزرة كرداسة فى أول يوم دراسى

«الوطن» مع ابن شهيد مجزرة كرداسة فى أول يوم دراسى

أمام مدرسة السيدة زينب الابتدائية فى شارع العمدة المتفرع من شارع الهرم تعلو أصوات الطفولة الضاحكة لأول يوم من العام الدراسى الجديد، وفى الدور الثالث بالعقار المقابل لازدحام أولياء الأمور.. تجلس أسرة ثلاثية الأفراد تفارقها الابتسامة، تستقبل صباحها بشريط ذكريات يكسو المكان بالسكون والاشتياق لطقس «أبوى» تسبّب الإرهاب فى حرمانها منه. الساعة تشير إلى السابعة صباحاً.. يجلس علاء الدين عامر عبدالمقصود -نجل شهيد مجزرة قسم شرطة كرداسة- فى صمت، يعبث بخيوط فكره مستحضراً التوقيت نفسه من العام الماضى بين أحضان والده، حيث يستعد للخروج إلى مدرسته على صوت كلماته التشجيعية، فى صالة منزله يجلس طالب الإعدادية فى زى مدرسته إلى جوار صورة والده غير عابئ بالإسراع والذهاب إليها. يقول «علاء» إن اليوم الأول فى الدراسة وفى الامتحانات له ذكريات خاصة لديه: «بابا كان بيوصلنى المدرسة ويتصل بيا فى آخر اليوم يعرف منى عملت إيه»، حسب كلامه، دمعة فى عينى «ابن الـ14 عاما» لم تنسل، متظاهراً بانشغاله باللعب على الموبايل الذى اشتراه الشهيد له.. «مرة كان راجع من الشغل الساعة 6 الصبح، وأصر إنه يوصلنى المدرسة وبعدين ييجى يريّح فى البيت»، موقف يرويه «علاء» يزيد من افتقاده لأبيه، حيث انتقلت الأسرة بعد وفاة الأب للعيش فى بيت العائلة بمنطقة الدقى هرباً من جحيم غياب أبيها، وتفادياً لتهديدات كثيرة أرسلت إليهم، ثم عادت للعيش مع روح العميد عامر، حسب «أحمد» نجل الشهيد الأكبر. قليل الكلام.. خصيم الابتسامة.. وملامحه تقارب والده، يبرر تفضيله ارتداء الملابس الرياضية تشبّهاً بالعميد الشهيد، معتبراً نفسه وريث نشاطه وحيويته ولياقته البدينة، وفقا له، مضيفاً: «بابا كان رشيق ونشيط وكان كابتن نادى الترسانة». سهم الذاكرة يتجه لاهتمام الشهيد عامر بابنه الأصغر، يتذكر علاء الدين دور والده فى أيام الدراسة حال انشغاله عن الحضور قائلا: «كنت باكلمه ويوصينى أخلى بالى من نفسى وأذاكر وكده، لكن دلوقتى هو مش موجود هاكلم مين؟!».. «واحشنى يا غالى» عبارة اعتاد ابن الشهيد سماعها منه بعد عودته من غياب طويل للتعبير عن كثرة الاشتياق لابنه، بوجه غاضب ودموع حبيسة الجفون يرثى الطفل الصغير والده بكلمات عفوية تحمل أبلغ المعانى والأحاسيس: «هانزل دلوقتى وعارف إنه مش هيتصل بيا ولا هاكلمه عن أول يوم فى المدرسة»، وفقاً لقول الطفل علاء عامر. نجلاء سامى زوجة الضابط الشهيد، ترتدى ملابس سوداء قاتمة، معلنة الحداد الكامل على رفيق حياتها. وجودها إلى جوار الابن الأصغر لم يعوضه عن فراق والده، يعلق علاء: «بابا هو اللى كان بيشتريلى الكراسات والأدوات بتاعتى ويدفعلى المصاريف ودلوقتى ماما بتعمل ده». يبدى «علاء» تكاسلاً غير مبرر فى أول يوم دراسة، يرفض اصطحاب شنطته ثم يستجيب لكلام والدته، بعد وفاة العميد عامر عبدالمقصود ازداد تمسك الابن الأصغر فى الأسرة بالالتحاق بكلية الشرطة: «هابقى ظابط إن شاء الله عشان بابا كان شايفنى كده، وأنا دلوقتى عايز أشوف نفسى فى بدلته». أحمد عامر الابن الأكبر للشهيد، طالب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، يرحب ببدء الدراسة لأنها أمان له وأخيه بعد تهديدهم حتى باب شقتهم: «كانوا بيراقبونا ويطاردونا بإشارة رابعة على باب الشقة»، وفقاً له، مشاركاً أخيه ووالدتهما الحزن على غياب رب البيت، قائلاً: «فخر لينا ولكل مصر أن أبويا شهيد والناس كلها عارفة كده». مع اقتراب الثامنة صباحاً.. أمام إلحاح الأم يذهب «علاء عامر» بصحبتها إلى مدرسة «نارمر للغات» بالدقى، فور وصولهما يقبل أولياء الأمور داخل المدرسة إلى الأم لمصافحتها وتقديم العزاء لها: «أنا ماعرفكيش، بس عايزة أقولك البقاء لله وربنا يصبّرك، أنت زوجة بطل وراجل»، كلمات تقولها إحدى السيدات أمام مكتب مدير المدرسة لنجلاء سامى». اخبار متعلقة يوم دراسى هادئ.. رغم دعوات «الإخوان» وتحريضها على العنف أولياء أمور فى أول يوم دراسى: «لا تأمين ولا تنظيم.. والحكومة بتاعة كلام» الجامعات: مظاهرات إخوانية بإشارات «رابعة».. وحملات سلفية للحجاب والصلاة مدارس ميت عقبة فى حماية أولياء الأمور تلاميذ «دلجا» يستقبلون الدراسة بشعار «مسلم ومسيحى إيد واحدة» «النهضة»: إقبال بـ«القاهرة».. وأعمال الترميم والبناء مستمرة