بالفيديو| «الترام».. انطلق فى الستينات «ولسه بيجرى ويعافر» فى شوارع المدينة

كتب: أحمد عصر ومروة مرسى

بالفيديو| «الترام».. انطلق فى الستينات «ولسه بيجرى ويعافر» فى شوارع المدينة

بالفيديو| «الترام».. انطلق فى الستينات «ولسه بيجرى ويعافر» فى شوارع المدينة

فى محطة الرمل، وبين القطارات القديمة المتراصة بجوار بعضها البعض، كانت غرفة صغيرة، جلس بداخلها «ناظر المحطة»، وحوله وقف مجموعة من سائقى ومحصلى القطارات، يتسامرون فيما بينهم حتى يحين موعد انطلاق قطاراتهم، ومن بين هؤلاء انتفض الأربعينى محمد كامل، قبل أن يخرج مسرعاً من الغرفة متجهاً نحو «قطاره العتيق»، فيصعد على درجات عربته الأولى بسلاسة اعتاد عليها، ملقياً بصره إلى داخلها وإلى مَن فيها من ركاب، ليدفع بعد ذلك الباب الصغير على يساره بيديه فينفتح عن غرفة قيادة ضيقة، توسطها كرسى صغير، جلس عليه بمجرد دخوله واتجهت يداه بصورة تلقائية إلى أدوات التحكم، أمامه مباشرة كانت لوحة التحكم الخاصة بفتح وإغلاق أبواب القطار، وعلى يمينها كانت يد الفرامل، بينما كان على يسارها يد السرعة المتحكمة فى سير القطار.

{long_qoute_1}

«الترام ده فى إسكندرية أهميته كبيرة جداً، وناس كتير أعرفهم بيركنوا العربيات بتاعتهم ويركبوه، لأنه بيوصل أسرع عشان طريقه سالك من كل الطرق التانية»، يقولها «كامل» بعدما اعتدل فى جلسته داخل غرفة القيادة، ومن خلفه كانت 3 عربات يتكون منها القطار، فى تكوين هو الأغلب بين قطارات «ترام الإسكندرية»، ويتم تقسيم هذه العربات، حسب «كامل»، بحسب التذكرة، وبحسب طبيعة الركاب، فالعربة الأولى من القطار يتم تخصيصها للسيدات، وهذه العربة مع العربة الأخيرة يكون سعر التذكرة بها نصف جنيه، بينما يكون سعر التذكرة فى العربة الوسطى جنيهاً، وذلك فى محاولة لجعلها مكاناً هادئاً للعائلات، على حد تعبير «كامل».

محطة تلو الأخرى يقف بها قطار «كامل»، فيغادره ركاب ويصعد إليه آخرون، فى مشهد يتكرر 35 مرة طيلة الرحلة، حيث عدد المحطات فى الخط الذى يسير عليه «كامل»، تبدأ من «الرمل» وتنتهى عند محطة فيكتوريا: «بعمل فى اليوم 4 دورات وساعات 5، الدورة الواحدة بتاخد ساعتين ونص، لأن الرحلة بتخلص فى نحو 65 دقيقة»، ألوان مختلفة من المواطنين تتردد على «التروماى» طيلة اليوم وأثناء عمل «كامل»، يلمح فيهم جميع الفئات العمرية، إلا أن فئات بعينها يعدون هم زبائنه الدائمين ما جعله يعرف الكثير منهم بمجرد رؤيته على المحطة التى يقف بها: «أغلب اللى بيركبوا معايا حاجة من اتنين، يا إما ناس على المعاش، يا إما الحبيبة اللى عايزين يقعدوا مع بعض شوية حلوين عقبال ما يوصلوا»، وتختلف أوقات الذروة فى عمل «كامل»، وفق قوله، من يوم لآخر، كما تختلف من وقت لآخر فى اليوم نفسه، فتبلغ مداها فى يوم الخميس من كل أسبوع، كما يمثل وقت الظهيرة الوقت الأصعب بين كافة أوقات اليوم: «غير كده الشغل بيبقى عادى». «هتروح باكوس».. كانت تلك جملة وجهها أحد المواطنين إلى «كامل» قبل صعوده إلى القطار بعدما أجابه بـ«نعم»، ليدفع السائق إلى الحديث عن مثل هذه المواقف «الغريبة- المضحكة»، حسب ما وصفها: «معاملة الجمهور صعبة وبنشوف منهم مواقف ياما ولو اتكلمت عن المواقف اللى بشوفها هحتاج أكتب مذكرات»، قالها ضاحكاً قبل أن يكمل قائلاً: «ممكن تلاقى واحد جاى يسألك ويقول لك هو ده واحد ولا اتنين، ولما أقول له واحد، يقول لى طيب انت هتروح الحتة الفلانية، بكون عايز أقول له لما انت مش عارف المكان إلى انت عايزه بيروحه واحد ولا اتنين ما تسأل عن المكان على طول». لا يقتصر عمل «كامل» على قيادة القطار فحسب، وإنما تعددت مهامه: «أنا سواق محصل، يعنى بشتغل الاتنين، وده بيكون على حسب حاجة الشغل»، يسير «التروماى» فى شوارع الإسكندرية منذ ستينات القرن الماضى، بينما يرجع تاريخ القطار الذى يقوده «كامل» إلى عام 1986، حينما جاء إلى مصر من دولة اليابان، ورغم ذلك يعد هو الأحدث بين غيره من القطارات «التروماى ده بالنسبة لى حاجة أثرية، وفيه عندنا عربيات من الستينات من أول ما الترام اشتغل، ودى عشان سامعين إنها خلاص هتتكهن قريب بنقف جنبها وناخد معاها صور للذكرى فى أيامها الأخيرة»، ليضيف بنبرة ساخرة قائلاً: «اللى ملوش خير فى الترام ملوش خير فى الإسكندرية».

 

محصل «الترام» أثناء عمله


مواضيع متعلقة