خالد منتصر يكتب: «جمهورية كأن» كيف تكتب رواية رديئة بدون معلم؟!

خالد منتصر يكتب: «جمهورية كأن» كيف تكتب رواية رديئة بدون معلم؟!
- أبيض وأسود
- أجهزة الأمن
- أجهزة الدولة
- أقسام الشرطة
- الأمراض النفسية
- الجهاز الهضمى
- السينما الهندية
- الشرطة العسكرية
- الشهر العقارى
- علاء الأسواني
- الأسواني
- خالد منتصر
- أبيض وأسود
- أجهزة الأمن
- أجهزة الدولة
- أقسام الشرطة
- الأمراض النفسية
- الجهاز الهضمى
- السينما الهندية
- الشرطة العسكرية
- الشهر العقارى
- علاء الأسواني
- الأسواني
- خالد منتصر
العمل الفنى ليس بنبل القضية التى تتناولها ولا بأهميتها ولا بعظمتها أو فخامتها أو قوة تأثيرها، العمل الفنى لا بد وبالضرورة أن يكون فناً أولاً، بالأسلوب وبالتناول وبالسحر الداخلى والإيقاع المخبوء خلف السطور، حتى ولو كتبت عن أبسط الأشياء وأكثرها تفاهة، فليس معنى أن تكتب قصيدة عن فلسطين أنها صارت بالضرورة قصيدة جيدة، وليس معنى أن تكتب رواية عن الثورة أن يضمن لها ذلك النجاح والمصداقية، من الممكن جداً أن تكتب قصة عن دودة أو حشرة مسخ كما كتب كافكا وتخلد هذه القصة عبر التاريخ وتصبح من أيقونات الفن القصصى فى العالم كله، ولا يعنى رسمك لحذاء قديم ممزق أنك لست فناناً عظيماً فقد فعلها فان جوخ وصار أشهر الفنانين التشكيليين وصارت تلك اللوحة من ضمن الأغلى والأعلى ثمناً والأكثر قيمة مادياً وفنياً، مقدمة ضرورية حتى أتجنب التقييم الساذج لرواية الكاتب علاء الأسوانى الجديدة على أساس أنها تؤرخ لثورة يناير روائياً، وهذا يضمن لها الجودة أوتوماتيكياً، فمن الممكن أن يكون تأريخ الأسوانى فى نفس قيمة تأريخ حمادة هلال حين غنى شهداء يناير ماتوا فى أحداث يناير، وماتت الأغنية الهلالية كما ستموت الرواية الأسوانية، فالحقيقة أن رواية «جمهورية كأن» رواية فى منتهى الرداءة والسذاجة والمباشرة الفنية أو بالأصح اللافنية، فالفرق كبير بين المقال السياسى المباشر وما بين الرواية، وما بين التأريخ الفنى ووثائق الشهر العقارى، وما بين سرد فنى لنضال سياسى وثرثرة مقاهٍ وصالونات، وما بين شهادات على شهداء وقراءة صفحة وفيات!! كنت أظن أن رواية «نادى السيارات» هى مجرد كبوة فى مسيرة علاء الأسوانى الروائية، وأنها ستكون آخر الرداءات الروائية والعبث الفنى، وكتبت محذراً من نضوب بئر الإبداع الروائى من فرط جاذبية نداهة السياسة، ولكن اتضح لى أن هذا الجفاف الإبداعى هو الأصل والتصحر الروائى هو الجذر، لدرجة أننى بدأت أشك فى أن بعض الأعمال السابقة التى أعجبتنى وكتبت عنها فى حينها ليست بقلم علاء الأسوانى، فلا يمكن ولا أستطيع استيعاب أن يكون هو نفسه كاتب تلك الهلاوس والضلالات فى روايته الأخيرة، هل التضخم الطاووسى هو الذى جعله يتخيل أن كل ما يتبوله قلمه على الورق فناً لأنه بتوقيع علاء الأسوانى؟! هل ابتعاده عن أضواء الكاميرات والاستوديوهات وغياب رنات الموبايل من معدى برامج الفضائيات هو السبب الخفى؟ هل هو انهيار أحلامه فى مناصب ما أو تلميعات ما أو لسقوطه السريع من على الحجر الإخوانى برغم المصافحات والسلامات وترويجات الفصيل الوطنى المساند فى الميدان ثم تهميشه بعد 30 يونيو هو الدافع لهذا السلق الروائى الصارخ حتى يقول أنا هنا؟ أنا غير متأكد من السبب الحقيقى ولست خبيراً بالنوايا، لكن المتأكد منه هو أننى أمام عمل ينتمى إلى الروبابيكيا القصصية والاستمناء الروائى وبامتياز، رواية مفككة زاعقة بسذاجة فنية بالغة وغشومية فكرية تثير الرثاء على من تخيلناه يوماً مفكراً كبيراً ومحللاً عتويلاً ومنظراً فلسفياً عنتيلاً، كان مقرراً علينا ليل نهار فى الفضائيات يقدمه إلينا أصدقاؤه الإعلاميون كواحد من أحفاد برتراند راسل أو فولتير، ويحاولون تسويقه على أنه كوكتيل من هيكل وأحمد بهاء الدين! الرواية لا تستطيع أن تقول عنها إنها رواية رمزية، فهناك شخصيات واضحة وضوح الشمس لا تحتاج تلك الألعاب البهلوانية الروائية لكى تتعرف على ملامحها، ويكاد الأسوانى يكتب أسماءهم صراحة لولا دواعى الحبكة الروائية، وحتى لا يكتشف القراء أنه جمع مقالاته السياسية وقام بقصها ولصقها ليتحول من روائى إلى ترزى مقالات عربى، من نوعية هلاهيل الموسكى وبالات المنطقة الحرة! وقد مارس هذا فى روايته «عمارة يعقوبيان»، ووقع القراء فى فخ من هو فلان الوزير ومن هو علان الصحفى..إلخ وأخذتهم نشوة الفوازير عن الانتباه إلى البناء غير المتماسك نفسه، فليس صعباً أن نخمن من هو علوانى رئيس الجهاز، ومن هو شنوانى تاجر السيراميك وصاحب القناة الموالية للدولة الكارهة للثورة..إلخ، لكن هذا التشابه ليس هو سبب الرداءة، فمن الممكن الإيحاء والرمز والاستلهام، لكنها الفجاجة فى العرض هى المشكلة، ومحاولة الصراخ «خدوا بالكم ده فلان» هى التى تجعل بين القارئ والرواية سداً من الادعاء والكذب واستعراض العضلات الروائية المحقونة بهرمونات الغل والسواد، حتى الألفاظ الجنسية الصريحة ليست هى الصادمة، لأنها غير موظفة فنياً على الإطلاق، لا فرق بين كاتب الرواية فى استخدام الألفاظ ورداحة حوش بردق، فليست الواقعية الفنية أن تصور بكاميرا شخصاً فى التواليت مثلاً أثناء قضاء الحاجة وتطلق على هذا المشهد واقعية فنية، وكذلك الجنس الذى قرأناه فى يوسف إدريس ونجيب محفوظ وواسينى الأعرج والغيطانى.. إلخ، كان الجنس يقدم فى إطار فنى يختلف تماماً عما قدمه علاء الأسوانى، الذى قدم لنا فيلم بورنو وكمان بورنو ممل تفوح منه رائحة مراهقة برايز وزملائه أبطال فيلم ثقافى، الباحثين عن الريسيفر لاختلاس نظرة إلى ورك أو نهد فى غرزة مع الدخان الأزرق، إنها الكتابة السرية الشبيهة بالعادة السرية التى هى ليست جنساً وإنما هى كأن!! كذلك ما كتبه الأسوانى عن الجنس ليس فناً وإنما هو كأن! الفن الروائى هو أن تخلق أشخاصاً هم أبطال لرواياتك وليسوا شماعات لأفكارك، أبطال وشخصيات الرواية لا بد أن يكونوا متعددى الأبعاد، بنى آدمين، تحس معهم بوهج الحياة ولفحة النفس ونبض الشريان المتوتر، لكن شخصيات وأبطال علاء الأسوانى فى منتهى التسطيح، شخصيات كارتونية مثل كفار قريش ومسلمى زمن الهجرة فى أفلامنا الدينية، أبيض وأسود، عبدالرحمن على فى مقابل عدلى كاسب! شخصيات تذكرك بالسينما الهندية فى زمن سانجام وماسح الأحذية والفيل صديقى، بعد واحد ساذج، روبوتات يكسوها الجلد، يدوس عليها المؤلف بالأزرار ويشغلها بالزمبلك لكى تريحه من فكرته المزنوقة المحزوقة! الشخصية لا تنمو فى الرواية بل هى ساق نبات مبتورة من أرض جدباء لا خضرة إبداعية فيها ولا ماء فن يرويها، على سبيل المثال اللواء علوانى رئيس الجهاز -وهو طبعاً لا يقصد الجهاز الهضمى- وطبعاً الكل سيفهم من أول لحظة من هو رئيس الجهاز الذى كان موجوداً وقت الثورة والذى هو بشهادة الجميع كان رجلاً وطنياً شريفاً رغماً عن أنف الروائى المحترم، ولأنها رواية تلسين وليست رواية فن فأنت حتماً ستحتار هل تقرأها كرواية منزوعة الدسم الروائى أم تقرأها كوثيقة تأريخ لثورة يناير التى احتكر الوطنية فيها علاء الأسوانى وألتراسه، ولذلك فنحن مضطرون لقراءتها «دبل فيس» على الوجهين، مثل بلاطى البالة المستعملة، التى تباع فى سوق الكانتو الروائى، هذا العلوانى الذى سنتغافل عن شخصيته الحقيقية فى الواقع ونفترض حسن نية الكاتب ونتخيل أننا أمام رواية فنية بجد ولسنا أمام مقالات مملة مللاً زائداً عن الحد، اللواء علوانى هو كمال الشناوى فى الكرنك بصورة رديئة وساذجة، كوبى بيست، وكأنك أمام عملية استنساخ روائى لكنه استنساخ لا يتم إجراؤه فى معمل ولكن فى مسمط! اللواء متعلق بابنته دانية طالبة الطب التى تحب زميلها خالد ابن السائق وليس ابن الجناينى كما فى رد قلبى، وهذا استنساخ ردىء آخر لا يرضاه السبكى ذات نفسه، كيف يخلق المؤلف الروائى الجهبذ صراعاً هندياً له مسحة مسرحيات جورج أبيض وبكائيات حسين رياض، دانية بنت رئيس أخطر جهاز فى مصر هى التى تخرج فى مظاهرات يناير وتقودها مع زميلها خالد الذى يموت برصاصة أمام عينيها، وبالطبع القاتل الحقيقى الذى من خلف الستار هو والدها سيادة اللواء! إذا سامحنا المؤلف الجهبذ العظيم على هذا الهجص الروائى فكيف نسامحه على هذا التدليس السياسى المتعمد؟ هل رئيس الجهاز يا حضرة الروائى الكبير هو الذى وافق وتآمر مع وزير الداخلية على فتح السجون وتعيين ضباط على علاقة به لفتح الزنازين بل والأدهى لديهم أوامر منه شخصياً بقتل أى ضابط من ضباط السجن يعترض على تهريب المساجين؟! أى عقل وأى منطق؟
فى أى جلسة فرفشة هبط عليك وحى هذا المشهد الحلزونى الهمايونى المكتوب بحبر الدخان الأزرق؟
{long_qoute_1}
اقرأوا هذا الحوار ما بين اللواء علوانى ووزير الداخلية:
الوزير: الضباط عندهم تعليمات شفوية بالتعامل بالرصاص للسيطرة على المظاهرات، لا توجد ورقة واحدة تثبت تسليحهم بالرصاص، التسليح المثبت فى الدفاتر خرطوش وغاز.
علوانى: طبقاً للخطة ممكن تفتح السجون؟
ده حيحصل فقط فى حالة فشلنا فى السيطرة على المظاهرات.
حنفتح نحو خمسة سجون وعدد الهاربين حيكون بين 25 و30 ألف مسجون طبعاً زى ما كتبت فى الخطة، الهدف إحداث حالة هلع بين المصريين بحيث إنهم يقفوا مع الدولة ضد المخربين.
{long_qoute_2}
عندك غطاء قانونى؟
الموضوع سيتم تقديمه على أنه محاولات تمرد فى السجن تصدى لها الضباط، لكن هناك قوة خارجية ساعدت المساجين على الهرب.
عظيم لكن فيه نقطة مهمة، الضابط اللى طول عمره عقيدته إنه يحرس السجن، إزاى ممكن يقتنع فجأة إنه يسمح للمساجين بالهرب.
ابتسم الوزير وهمس: أنا شكلت داخل الوزارة مجموعة خاصة من الضباط الأكثر ولاء، المجموعة دى تتلقى أوامرها منى شخصياً وهم موجودون فى كل مكان، لكن زملاءهم لا يعرفون عنهم شيئاً، ضباط المجموعة الخاصة هم اللى حينفذوا فتح السجون!! {left_qoute_1}
طيب افترض أن الضابط العادى تصدى ومنعه.
تعليماتى حتكون واضحة لضباط المجموعة الخاصة إنهم لا يسمحوا بتعطيل الخطة مهما يكن السبب.
انتهى الحوار الذى لا يصدقه حمار! المهم عند علاء الأسوانى تبرئة الإخوان من جميع التهم، وسنرى تباعاً كلما توغلنا فى اللارواية التى أمامنا أن الإخوان ناس كيوت، أعلى جرائمهم وخطاياهم هى التحالف مع المجلس العسكرى، أما كل ما شاهدناه وسمعناه من اقتحامات إخوانية وحمساوية وحزب اللهاية لتهريب المساجين، ومنهم من سمعنا اتصالاته التليفونية بعدها بساعات من غزة فهو محض خيال، وتليفون الثريا الذى وجده مرسى صدفة، وطبعاً بمنطق علاء بك لا بد من أن ضابط شرطة هو الذى أعطاه له!! وقال إيه ضباط الشرطة هم الذين قتلوا زملاءهم ضباط الحراسة فى السجون!! بس اوعى تقول لا سمح الله إخوانى بيقتل عشان عمو علاء ما يزعلش منك وياخد على خاطره، خسئت هو فيه إخوانى بيقتل برضه؟! انتقلت إليه نفس عدوى التخاريف الإخوانية الجوادية من عينة السيسى اللى بيطلع فى التليفزيون ده دوبلير وجبريل نزل فى رابعة..إلخ، أما الشخصية الكارتونية الثانية التى أتحفنا بها الأسوانى فى الرواية فهى لأشرف ويصا، كومبارس فاشل وثرى عاطل وحشاش يهوى مؤخرات الخادمات، لدرجة أنه يقدمه لنا فى البداية أثناء تأليفه كتاب عن كيفية النوم معهن، فصله الأول بعنوان «دليل اللذات فى نكاح الخادمات»، وفصله الثالث عن «كيف تكون قواداً فى خمس خطوات»، هناك مشاكل بينه وبين زوجته ولا يستطيع طلاقها لأن الكنيسة تمنعه، المهم أن تلك الشخصية التى تقضى ليالى الأنس مع الخادمة إكرام فى المطبخ، إذ فجأة وبعصا الأسوانى السحرية الروائية التايوانية ينزل هذا الحشاش مدمن المؤخرات إلى المظاهرات هو ومعه إكرام الخادمة زوجة المدمن المبتز، ويندمجان فى الميدان! ومن الذى أقنعه؟ أسماء الطالبة الثورية التى اختبأت فى شقته والحمد لله أنه لم يتخيلها إكرام ويمارس معها الجنس الثورى، فيلم هندى آخر جادت به قريحة الروائى العالمى الذى يراهن على سذاجة القارئ لكى يمرر تلك الهرتلات الروائية والهطل الدرامى، المهم أن أشرف ويصا صار زعيماً وجعل شقته هى مكان اجتماعات قيادات الثورة، هذا الويصا الحشاش فى ص 329 يقدمه على أنه اكتشف أن الشباب كانوا «ما زالوا يعتقدون أن الجيش يساند الثورة، وسرعان ما تبينوا نياته الحقيقية»، قمة الوعى الثورى والنصاحة الأيديولوجية التى أدت بأشرف إلى الاستنتاج الأخطر والأهم، فالجيش من وجهة نظر الفيلسوف المنظر ويصا لم يضحك على الشباب فقط وإنما حرق الكنائس!! وهو اكتشاف يتفوق به ويصا الأسوانى على كارتر مكتشف توت عنخ آمون! ففى ص 366 يتحفنا الأسوانى باكتشافه على لسان أشرف ويصا قائلاً:
كل الاعتداءات على الكنائس مدبرة من أجهزة الأمن، عندنا أدلة كثيرة، كل الكنائس اتحرقت بالطريقة نفسها، السيناريو نفسه، الشرطة العسكرية تنسحب من قدام الكنيسة، والنور ينقطع، وبعدين يوصل البلطجية ويحرقوا الكنيسة براحتهم، وبعدين يختفوا فتظهر الشرطة العسكرية، النظام القديم غرضه يرعب الأقباط عشان يكرهوا الثورة، ويرتموا فى حضن المجلس العسكرى.
{long_qoute_3}
يسلم دينك يا أستاذ أسوانى انت وويصا، وتسلم السيجارة، وبالمناسبة هذا الحوار قيل فى جلسة الصلح ما بين أشرف ويصا وزوجته ماجدة، وكان المفروض أنه أقلع عن الحشيش، لكنى أشك أن هذا الحوار قيل بعد ترك الحشيش بل إننى أتوقع أن يكون مضافاً إليه الترامادول المضروب، وبالطبع مرة ثانية تتم تبرئة الإخوان الكيوت اللذاذ الطيبين، فهم فى رأى الروائى الفذ لم يفتحوا السجون ولم يحرقوا أقسام الشرطة، وإنما هم أفراد أجهزة الأمن منهم فيهم، ولم يلمسوا الكنائس لأن الإخوان كما تعرفون مغرمون بالأقباط ولا يمكن أن يلمسوا كنيسة، ممكن يفجروها بس كما حدث مع البطرسية فيما بعد، لكن حرق أستغفر الله، اوعى تقول الإخوان بيحرقوا حتى لا يغضب منك أنكل علاء! {left_qoute_2}
وبالطبع ومع المسلسل الهندى التركى المكسيكى الأسوانى اتضح أن القناصة على الأسطح هم من توزيع الجهاز وليس كما قال البلتاجى فى حواره إن الجيش هو الذى طلب من الإخوان إنزال رجال قناصتهم من على الأسطح، بالطبع لن أستطيع التعديل على علاء الأسوانى الذى يمتلك مفاتيح الجنة الثورية وصكوك الغفران النضالية، فهو مؤكد على حق، تتصاعد دراما الصابون الأسوانية فى ص 206 عندما يقول إن «الجيش أغلق ميدان التحرير حتى يتيح الفرصة للشرطة لقتلنا»، ثم بعدها «رأيت عسكرياً يتقدم نحو شهيد ويسرق ما فى جيوبه ثم يفك الساعة من معصمه ويأخذها والضابط يصيح: اضرب يا عسكرى!»، ثم فى ص 249 تنتفخ بالونة الخيال الترامادولى حينما يقول على لسان مازن المهندس حبيب أسماء «رأيت بعينى فرق البلطجية على الجمال وهى تمر بين قوات الجيش فيفسح لها الضباط»!! وهو كلام لم يقله حتى الإخوان أنفسهم، إنما هى المزايدة العلائية الأسوانية، حين يرمى الكاتب بياضه انتظاراً لحسنة أو إكرامية، الإخوان ليسوا خرفاناً إنما هم حملان وديعة لا تعرف الشر، فى رواية الخمسمائة صفحة التى كتبها علاء الأسوانى لم يظهروا إلا فى مشهد لقاء المرشد مع رئيس الجهاز، يعنى القائد ممكن يكون غلطان على استحياء طبعاً أما القواعد الإخوانية الشريفة العفيفة فقد صافحهم الأسوانى وويصا وإكرام..إلخ وقدموهم على المنصة بإمامة القرضاوى وباعوهم للشعب فى سوق نخاسة فيرمونت، إنه ماركتنج الأسوانى للفصيل الإخوانى الوطنى، ومحاولة إيهامنا بأن اللبوس الإخوانى قطعة بونبونى بالسكر! شخصية محورية أخرى فى الرواية تؤكد أن قلم الأسوانى يكتب بقوة الدفع الذاتى الأوتوماتيكى، لأنه لو كان خلف تلك المشاهد عقل يتساءل عن الحبكة لما خرج لنا هذا الهراء القصصى وتلك الهلهلة الروائية، الحاج شنوانى تاجر السيراميك الشهير وصاحب القناة الشهيرة، السبعينى العاشق لمؤخرات وأثداء المذيعات أيضاً، ومن أجل الارتباط بالمذيعة المحجبة المثيرة نورهان يضغط على الجهاز ورئيس الجهاز لكى يجبر زوج نورهان الشيوعى القديم الرأسمالى الحالى على تطليقها!، ويرضخ الجهاز لإرضاء بروستاتة شنوانى وتخفيف احتقانها، ولكن للأسف الحاج شنوانى كانت ستوافيه المنية أثناء أداء نورهان لحركة جنسية تستخدم فيها الفم بإغراء لم يتحمله الحاج!.
الرواية ملغومة بمناطق تحس أنك دخلت معها عنبر الخطرين فى مستشفى الأمراض النفسية، هناك فى المرضى النفسيين ما يطلقون عليه «flight of ideas»، تلك الرواية ببساطة هى تعبير نموذجى عن تطاير الأفكار الذى نعنيه فى الطب النفسى، تعمدت ألا أكتب الألفاظ الجنسية الصريحة وأسماء الأعضاء، فهذا ما انتقده الكثيرون قبلى ممن قرأوا الرواية وما اعتبروه خطيئتها الرئيسية، من وجهة نظرى إنها ليست الخطيئة، المشكلة أن ما كتبه ليس فناً روائياً على الإطلاق، إنه النموذج الجيد الذى لو قدمناه للشباب لا بد أن نقدمه وندرسه فى كليات الآداب على أنه درس فى كيف تكتب رواية رديئة فاشلة، ويؤكد المحاضر فى محاضرته على الطلبة اقرأوها واكتبوا عكسها حتى تصبحوا روائيين جيدين! فى هذه الرواية الرديئة المسمومة كتب علاء الأسوانى شهادة وفاته الروائية، وضعته رهاناته السياسية فى نعش خيانة الإبداع وتفاهة الكتبة لا نباهة الكُتّاب، ليس معقولاً أن أكتب رواية بنفس منطق نشال الأوتوبيسات الذى يجرح وجهه بموس استله من تحت لسانه ليصرخ أنا شريف وانتم اللى قتلتونى! أن أكتب رواية لأصرخ بشعارات سياسية زاعقة لمجرد أن تقول أنا هنا خدوا بالكم منى، أعتقد أن مثل تلك الروايات مصادرتها خطأ كبير، لأننى أولاً ضد المصادرة، ثانياً لأن الفن الحقيقى هو الذى يؤثر أما تلك النوعيات من الروايات الرديئة منتهية الصلاحية منزوعة الفن المصابة بأنيميا الإبداع، فتأثيرها مثل فقاقيع الصابون التى تموت بمجرد خروجها إلى الهواء، الضرب فى الجثة الروائية حرام، ورواية «جمهورية كأن» هى جسد بلا روح أصيبت فيها بؤرة الفن بصرع جعل نبضات الكتابة والإبداع تنبعث بلا مايسترو، كنت أتصور أن علاء الأسوانى سيطور من كتاباته ويعتذر عن جريمته الروائية «نادى السيارات» ويشق طريقاً إبداعياً جديداً، لكنه سقط فى فخ المباشرة السياسية الفجة وداعبته أحلام السطوة والسلطة ومغناطيس الأضواء، وجعل من روايته الأخيرة مصنعاً للكذب، جعلها جراحة تجميل لوجه الإخوان القبيح الدميم الكريه، وجعل يلوك ويمضغ كلمة الثورة بسطحية ومراهقة وكأنه طفل ينطق جملة كاملة لأول مرة، لاكها حتى فقدت معناها، وليطمئن ولينعم بسلامة وفى هدوء وسط دفء الألتراس العلائى المخدر، قليل من المبدعين يحيون وهم موتى، وكثير جداً يموتون وهم أحياء، فالحرف واللفظ المكتوب قد يؤديان إلى الطرد واللفظ المحتوم، وهذا ما كنت لا أتمناه لك.
- أبيض وأسود
- أجهزة الأمن
- أجهزة الدولة
- أقسام الشرطة
- الأمراض النفسية
- الجهاز الهضمى
- السينما الهندية
- الشرطة العسكرية
- الشهر العقارى
- علاء الأسواني
- الأسواني
- خالد منتصر
- أبيض وأسود
- أجهزة الأمن
- أجهزة الدولة
- أقسام الشرطة
- الأمراض النفسية
- الجهاز الهضمى
- السينما الهندية
- الشرطة العسكرية
- الشهر العقارى
- علاء الأسواني
- الأسواني
- خالد منتصر