مصر خارج خريطة «صناعة المعارض».. و«الهيئة» فى انتظار رصاصة الرحمة

كتب: صالح إبراهيم

مصر خارج خريطة «صناعة المعارض».. و«الهيئة» فى انتظار رصاصة الرحمة

مصر خارج خريطة «صناعة المعارض».. و«الهيئة» فى انتظار رصاصة الرحمة

بينما تبحث الحكومة عن وسيلة فعالة لزيادة الصادرات، وفى الوقت الذى تتركز فيه أغلب التصريحات الرسمية على أهمية زيادة الإنتاج، ودعم الصناعة المحلية، يبدو غائباً عن الحكومة وجود أى استراتيجية حقيقية لدعم وإعادة هيكلة صناعة المعارض المنهكة، التى تعد المكمل الأساسى لأى خطة للنهوض بالصناعة والسياحة فى أى بلد، وفقاً لآراء كثيرين من العاملين فيما يُعرف بـ«صناعة المعارض». لمعرفة موقع مصر على خريطة المعارض العالمية، يمكن النظر إلى معارض مثل «جلف فود» و«جايتكس» فى دبى، و«فروت لوجيستكا» و«هايم تكستايل» و«دومتكس» فى ألمانيا، و«موبايل وورلد كونجرس 2017» فى إسبانيا، و«سيال» فى فرنسا وغيرها من المعارض، هنا تبدو مصر خارج تلك الخريطة تماماً.

أهمية صناعة المعارض تنبع من تأثيرها القوى على باقى القطاعات، مثل السياحة والمقاولات، والخدمات بشكل عام، التى قد تصل لأقصى طاقاتها التشغيلية بفضل تلك الصناعة، كما تنبع أهميتها أيضاً من كونها محفزاً لا يستهان به للاقتصاد، فمعرض مثل «فروت لوجيستيكا» الذى يعقد سنوياً فى العاصمة الألمانية برلين، ويستقبل وحده نحو 70 ألف زائر من 138 دولة خلال 3 أيام فقط، ومعرض آخر مثل «هايم تكستايل» يجتذب شركات تمثل 130 دولة من شتى أنحاء العالم، ويشارك فيه نحو ألفى صانع، ومعرض «جلف فود» دبى يستقطب أكثر من 90 ألف زائر وأكثر من 4 آلاف شركة، ومعرض «إيدكس» للدفاع فى أبوظبى، الذى يعتبر أحد أهم المعارض المتخصصة فى المنتجات العسكرية، إذ تشارك فيه 1235 شركة مصنعة للأسلحة ووسائل الدفاع من 57 بلداً، وتصل قيمة الصفقات من خلاله إلى أكثر من 14 مليار درهم إماراتى.

{long_qoute_1}

معرض «موبايل وورلد كونجرس 2017» بمدينة برشلونة الإسبانية، دليل آخر على انعكاسات صناعة المعارض على الاقتصاد، فالمعرض الذى يعد أهم المعارض العالمية بمجال تكنولوجيا الهواتف النقالة، تشارك فيه 2200 شركة اتصالات وشركات إلكترونية وتكنولوجية من 200 بلد، وأكثر من 100 ألف مختص ومهنى فى القطاع حول العالم، ويبلغ ثمن التذاكر للمشاركة فى فعالياته بين 800 و4500 يورو، ويوفر 13 ألف وظيفة عمل فى برشلونة.

ووفقاً لتقارير جمعية المؤتمرات الدولية، بلغ عدد المؤتمرات والمعارض التى يتم تنظيمها سنوياً على مستوى العالم نحو 400 ألف مؤتمر ومعرض، بإجمالى نفقات نحو 280 مليار دولار.

وزير الصناعة الأسبق، رشيد محمد رشيد، أدرك أهمية صناعة المعارض، ووضع خطة للتطوير وإقامة مدينة حقيقية للمعارض تحت مسمى «إكسبو سيتى»، لكن الخطة توقفت بعد الثورة، ثم عادت مؤخراً من خلال ما أعلنه وزير التجارة الحالى طارق قابيل، عن وجود نية لإقامة مدينة للمعارض على مساحة 500 فدان فى العاصمة الإدارية الجديدة، لكن الأمر فيما يتعلق بهيئة المعارض القائمة بمدينة نصر، يشير إلى أن الهيئة العريقة التى تم تأسيسها فى العام 1957، فى انتظار «رصاصة الرحمة»، نظراً لحالة التجاهل شبه التام لعملية تطويرها وإعادة تأهيلها. عدد كبير من العاملين فى مجال المعارض يؤكدون أن مصر لا تمتلك حتى الآن صناعة حقيقية للمعارض، ويرون أنها خارج الخريطة تماماً، «الوطن» تحدثت لأكثر من صاحب شركة عاملة فى تنظيم المعارض، وأجمعوا على أهمية وجود صناعة معارض حقيقية، وقال أحد رؤساء شركات تنظيم المعارض -فضل عدم ذكر اسمه- لـ«الوطن» إن مصر تمتلك الإمكانات والفرص التى تؤهلها لكى تصبح دولة رائدة فى تلك الصناعة، وأكد أن تلك الصناعة ستدر دخلاً هائلاً من العملة الأجنبية لو تم العمل وفقاً للمعايير والمواصفات العالمية، خاصة أن نوعية السائح المشارك فى المؤتمرات يختلف عن نوعية السائح العادى.

{long_qoute_2}

وكشف أن هيئة المعارض والمؤتمرات الدولية، التى احتفلت العام الماضى باليوبيل الذهبى ومرور نحو 50 عاماً على إنشائها، تعانى أزمات مالية وإدارية متلاحقة، مضيفاً أن الهيئة تعرضت لكثير من الخسائر وصلت فى العام المالى 2015-2016 إلى نحو 82 مليون جنيه، وحجم مديونيات بلغ نحو 400 مليون جنيه، وأوضح أن وجود صناعة حقيقية للمعارض أمر لا يمكن لجهة أو وزارة واحدة أن تتكفل به. وكان رئيس الهيئة السابق، محمد سامى، الذى تقدم باستقالته قبل نحو عام، قد أعلن أن الهيئة ستنفذ خطة تطوير تتضمن إضافة نحو 24 ألف متر جديدة لقاعة المؤتمرات خلال الفترة المقبلة، وطرح أرض المعارض أمام شركات عالمية لتأهيلها، إلا أن تلك الخطة لم تر النور حتى اليوم.

وأضاف صاحب شركة تنظيم المعارض الذى تحدث لـ«الوطن» أن الصورة تبدو قاتمة فيما يتعلق بصناعة المعارض، نظراً لعدم رؤية تكامل وتنسيق واضح بين الهيئة ووزارات السياحة والداخلية والنقل، وفقاً لقوله، وتابع قائلاً إن كل ما يحدث فى الصناعة ربما كان وراء قيام الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإقامة أرض جديدة للمعارض على مساحة 100 فدان بمنطقة التجمع الخامس، تحت مسمى «مركز مصر للمعارض والمؤتمرات»، وهو يمثل «تدخلاً من الدولة» فى الوقت المناسب لإنقاذ صناعة المعارض، بعيداً عن «الفشل الذى يلاحق هيئة المعارض»، مؤكداً أن مصر لديها من الإمكانات ما يؤهلها لتكون محوراً قوياً فى المنطقة لصناعة المعارض، لكنه أفاد بأن هذا لن يتحقق ما لم توجد إرادة حقيقية واستراتيجية تتجاوز مكاتب المسئولين، وعنصر بشرى وكوادر مؤهلة وقادرة على التنفيذ.


مواضيع متعلقة