أزمة القوى السياسية مع عقيدة الدولة المصرية
- أمن الدولة
- اتفاقية سلام
- اتفاقية كامب ديفيد
- الأزمة السورية
- الأمن القومي
- التنظيمات الإرهابية
- الخليج العربي
- الدولة الليبية
- الدولة المصرية
- السلطة الحاكمة
- أمن الدولة
- اتفاقية سلام
- اتفاقية كامب ديفيد
- الأزمة السورية
- الأمن القومي
- التنظيمات الإرهابية
- الخليج العربي
- الدولة الليبية
- الدولة المصرية
- السلطة الحاكمة
أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فوز المرشح عبد الفتاح السيسي بمنصب الرئاسة لولاية ثانية، فوزا كان متوقعا، لكن مع هذا الفوز لا تزال القوى السياسية والمدنية في مصر محلك سر، لا تمتلك سوى النقد والشكوى الدائمة من غياب السياسة، ولا تستطيع حتى أن تستوعب وتتعلم مما حدث في مصر خلال الـ7 الماضية ولم تتعلم من الحراك السياسي والاجتماعي الذي شهدته مصر قبل يناير 2011، ليبقى السؤال الأهم والأصعب في مصر، لماذا ستظل الثقة غائبة بين هذه القوى المدنية والدولة المصرية، لماذا لن تأمن الدولة المصرية أن تكون قيادات وكوادر التيارات اليسارية والناصرية والليبرالية على هرم السلطة في مصر أو جزء من الإدارة الحاكمة، وهل المشكلة هى مشكلة الدولة أم مشكلة هذه التيارات المدنية !؟
المشكلة في رأي هى مشكلة القوى السياسية والمدنية في الأساس قبل أن تكون مشكلة الدولة، فهذه القوى لم تقوم على مدى عقود بعمل تغيير جذري في أفكارها وبرامجها يجعلها تتوافق مع "عقيدة الدولة المصرية"، نعم هناك عقيدة لأي دولة في العالم، عقيدة تكون فيها مصالح هذه الدولة فوق أي مصالح حزبية أو أيدلوجية.
عقيدة الدولة المصرية التي لا تقبل وقوف أي مصري مع أي طرف أجنبي ضد أي قرار داخلي حتى لو كان خاطئا، عقيدة ترفض تحت أي شكل وظرف أن تمارس ضغوط خارجية تمس سيادة الدولة، عقيدة تؤكد في مبادئها أن أي ضغوط خارجية على الدولة المصرية ليس من ورائها أي مصالح للشعب المصري، فكل الضغوط التي تمارسها دول كأميركا وبريطانيا وروسيا غرضها فقط تحقيق مصلحة هذه الدول، وعليه أي مصري يقدم نفسه على أنه قائد سياسي ومعارض للسلطة ويرى أنه من العادي أن يجلس مع سفير دولة أجنبية أو مسئول غربي ليطلب منه الضغط على بلده، سيظل هذا الشخص محل شك وريبه طوال الوقت، وهنا نتحدث عن المئات من المصريين العاملين في منظمات المجتمع المدني أو المنتمين لتنظيمات سياسية والمقيمين خارج مصر الذي قبل على نفسه أن يكون أداه في أيادي دول معادية لمصالح وطنه.
عقيدة الدولة المصرية التي تقدم مصلحة مصر فوق أي مصالح أخرى، فمصر أولا وأخيرا قبل كل شىء، بالتأكيد القضية الفلسطينية في صلب العقيدة السياسية للدولة المصرية، لكن أن يصل ببعض القوى السياسية في مصر خاصة اليسارية والناصرية منها أن تكون مصالح فصيل داخل غزة أهم من الأمن القومي المصري فلا تنتظر من الدولة المصرية أن تثق وتأمن لهذه القوى السياسية أن تكون على هرم السلطة في مصر أو حتى جزء من السلطة الحاكمة.
عقيدة الدولة المصرية التي تقدم علاقاتها مع دول الخليج العربي قبل أي علاقه مع دولة كإيران أو فصيل مسلح كحزب الله، عقيدة تتعامل مع حكومات وأنظمة حكم ولا تقبل بوجود تنظيمات مسلحة موازية للحكومات الشرعية كالحالة الموجودة في لبنان على سبيل المثال، ورغم ذلك هذا لا تزال مجموعات يسارية وناصرية مصرية تنتقد توجهات الدولة المصرية تجاه دولة كالسعودية ومع دول الخليج بشكل عام، وتراهم يدافعون باستماته عن فصيل حزب الله المسلح في لبنان ولا تعنيهم على الإطلاق لبنان الدولة وكله بزعم مساندة المقاومة.
عقيدة الدولة المصرية التي لا تزال تنظر لإسرائيل ككيان محتل وغاصب للأراضي العربية في سوريا ولبنان وفلسطين، هذه العقيدة لم ولن تتغير حتى لو فرض الواقع السياسي اتفاقية سلام بين القاهرة وتل أبيب لا سبيل تحت أي ظرف في ظل الواقع الحالي والقريب حتى من إلغائها ، وعليه لا يصح أن تبنى قوى سياسية مصرية ترغب في الصعود للسلطة، في صميم أهدافها إلغاء اتفاقية كامب ديفيد بما يهدد مصالح الدولة المصرية.
عقيدة الدولة المصرية التي تتعامل مع ليبيا كعمق استراتيجي وأمن حيوي لمصر، عقيدة لا تقبل أن تتحول ليبيا كساحة صراع لمجموعات إرهابية مسلحة، وعليه كان الهدف الاستراتيجي للدولة المصرية هو إعادة بناء الجيش الوطني الليبي والعمل على إعادة الدولة الليبية، ومع ذلك تجد مجموعات سياسية مصرية تختلف مع رؤية الدولة المصرية تجاه ليبيا وتستنكر دعم مصر للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وعليه لن تنتظر من الدولة المصرية أن تأمن مشاركة هذه القوى السياسية في الحكم، فهؤلاء لا يؤمنون بعقيدة ومبادىء الدولة المصرية تجاه ليبيا.
نفس الشىء تجاه الأزمة السورية، الجميع بلا استثناء مع إندلاع الصراع في سوريا، تعاطف مع الشارع السوري لدرجة أوصلت البعض أن يقول فلتذهب الدولة السورية للجحيم، وكان هناك انتقاد واسع لموقف مصر تجاه الصراع في سوريا، موقف لم يتغير على الإطلاق خلال ال7 سنوات الماضية، موقف مبني على أن مصلحة مصر العليا تقتضي الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية، ولَك أن تتخيل أن أحد جرائم محمد مرسي ضد عقيدة هذه الدولة، حين قرر قطع علاقة القاهرة بدمشق ودعا لمساندة التنظيمات الإرهابية المسلحة هناك في مواجهة الدولة السورية.
عقيدة الدولة المصرية بنيت في الأساس على وحدة النسيج الاجتماعي لهذا الوطن والحفاظ على ترابه وتماسكه مهما كلف من تضحيات، وهذه العقيدة لا تنظر للأقليات العرقية والدينية في مصر بنظرة شك بل كانت دائما تنظر للمصريين جميعا "مسلمين ومسيحيين ونوبيين وأمازيغ وبدو ...و ... " على أنهم جميعا مصريين، وعليه أي فصيل سياسي أو ديني أو حقوقي سيلعب على فكرة الانقسام المجتمعي واللعب على وتر الطائفية سيواجه بحالة شك وريبة طوال الوقت من الدولة المصرية.
عقيدة الدولة المصرية بنيت أن القوات المسلحة هى جزء رئيسي وحيوي في تحديد محددات الأمن القومي داخليا وخارجيا لهذا الوطن، لذا فحالة الاشتباك التي رأيناها في السنوات الماضية بين المكون المدني والمكون العسكري ستنتهي تحت أي ظرف لصالح المكون العسكري، لذلك فالمكون المدني يجب أن يراجع نفسه وأفكاره ويقبل بهذا الثابت في مبادىء هذه الدولة، فالقوات المسلحة هى الكيان المنوط به الحفاظ على هوية وحدود واستقرار هذا البلد الكبير.
خلاصة الأمر، أن القوى السياسية المصرية المعارضة باستمرار للإدارات الحاكمة، لديهم فرصة ليراجعوا أفكارهم ويقدموا برامج سياسية مغايرة لرؤي الإدارات الحاكمة لكن عليهم مع هذه الرؤي والأفكار أن يعوا طبيعة هذه الدولة والثوابت التي تسير عليها وأن تكون عقيدة هذه الدولة جزء رئيسي من تكوينهم الفكري ومشاريعهم السياسية.