2018.. انتخابات مصيرية بأوروبا والهجرة والضرائب تدعم "اليمين المتطرف"

كتب: سمر صالح

2018.. انتخابات مصيرية بأوروبا والهجرة والضرائب تدعم "اليمين المتطرف"

2018.. انتخابات مصيرية بأوروبا والهجرة والضرائب تدعم "اليمين المتطرف"

تشهد قارة أوروبا خلال العام الجاري، انتخابات داخلية مهمة قد تغير مصير عدة دول كبرى.

البداية من المجر، إذ أعلن رئيس البلاد يانوش أدير، أنه سيتم إجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد في الثامن من أبريل المقبل، تزامنا مع الذكرى الخمسين لانتخابات عام 1990، وهي الأولى عقب انتهاء الشيوعية.

وفي مارس الجاري، ينطلق سباق الانتخابات التشريعية في إيطاليا بعد حل البرلمان وفق ما أعلنت رئاسة الجمهورية، بعدما وقع رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا مرسوم حل البرلمان، وتتواجه ثلاثة معسكرات في هذه المعركة السياسية، فهناك تحالف يميني يضم "إيطاليا إلى الأمام" (فورتسا إيطاليا) حزب رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلوسكوني، والحزبين السياديين رابطة الشمال و"أخوة إيطاليا".

وفي التشيك، فاز الرئيس ميلوش زيمان على منافسه الأكاديمي ييرجي دراهوش في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد يناير الماضي، ويرى زيمان في تعاون بلاده مع روسيا والصين آفاقا واسعة للاقتصاد الوطني، كما كان زيمان الزعيم الأوروبي الوحيد الذي رحب بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.

كما تشهد السويد في نهاية العام الجاري، انتخابات برلمانية هامة، يتنافس فيها حزب الوسط وحزب المحافظين، وحسبما أفادت استطلاعات الرأي هناك، تراجعت نسبة دعم الناخبين لحزب المحافظين قليلا، وفي الوقت ذاته، تزايد الدعم لحزب الوسط.

وبشكل عام، هناك جنوح عالمي وأوروبي بشكل خاص للتوجه نحو "اليمينية" وانتخاب الأحزاب والقوى المحافظة والتي تعبر بشكل أو بأخر عن التوجهات القومية والهويات الوطنية المحلية والتي تتحفظ من قضايا التكامل الإقليمي وقضايا اللجوء والهجرة، وهذا الجنوح يعود في جزء كبير منه إلى خيبة أمل قطاعات واسعة من الأوروبيين من سياسات العولمة وتطبيقاتها وما قادت إليه من مشكلات بطالة وتضخم وخلافه، وحققت تلك الأحزاب مكاسب أكبر بعد الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية 2008، والمشكلات البينية التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أن ملفي اللجوء والهجرة والإرهاب اللذان شكلا الفرصة المواتية لبروزها إلى السطح، حسب قول شريف أبو الفضل، الباحث في الشؤون السياسية الأوروبية.

أضاف أبوالفضل لـ"الوطن"، أنه منذ العام 2011، اتجه الناخب الأوروبي لاختيار الأحزاب التي تضمن له بشكل أساسي توفير الأمن ومجابهة الهجرة والتطرف وتخفيض الضرائب والتعبير عن النزعات القومية اليمينية، كما حدث في السويد والمملكة المتحدة وفرنسا والنمسا وهولندا وسويسرا، والدانمارك، وألمانيا سواء بالمشاركة في الائتلاف الحاكم كما حدث في الدنمارك أو المنافسة على "رأس السلطة" كما حدث في فرنسا أو الوصول لسدة الحكم كما حدث في النمسا، في مشهد يستدعى إلى الذاكرة حقبة الثلاثينات من القرن العشرين.

{long_qoute_1}

وستشهد القارة الأوروبية عدد من الانتخابات في العام الجاري، مثلما هو الحال في إيطاليا المزمع إجراء الانتخابات البرلمانية بها في مارس الجاري، ومن المتوقع طبقاً لاستطلاعات الرأي، أن يفوز تحالف مكون أغلبه من حزب رئيس الوزراء الأسبق برلسكوني اليميني بأغلبية المقاعد مع تواجد لحركة "النجوم الخمس" اليمينية الشعبوية.

وفي حالة فوز هذا التحالف، سيلغي بعض الضرائب ما سيؤدي إلى عدم استقرار بالنسبة للوضع المالي والاقتصادي بالبلاد، فضلاً عن تبنيهم سياسات أكثر حدة مع طالبي اللجوء والهجرة وخاصة بعد تصريحات برلسكوني الخاصة بضرورة تعديل معاهدة "دبلن" وتوزيع اللاجئين على كل أوروبا بالتساوي، حسب قول أبوالفضل.

إلى جانب ما سبق، فإن فوز هذا التحالف سيؤدي إلى تبنيهم سياسات متعاطفة مع الروس، في حين لم يعلن بعد عن نية التحالف الذي سيفوز بأغلبية المقاعد من التواجد في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، وإن كان أمر الخروج مستبعد في الحالة الإيطالية.

وعن الوضع في السويد يرى أبوالفضل، أنه لا يختلف عن إيطاليا، والتي من المتوقع أن تجرى بها الانتخابات البرلمانية في 9 مارس 2018، ومتوقع أيضاً أن يفوز تحالف من أحزاب اليمين، وبحسب استطلاع لمكتب "نوفوس"، فإن 20% سيدلون بصوتهم لحزب المحافظين ما يعني ارتفاع شعبية الحزب، وكذلك الأحزاب الليبرالية وأحزاب الوسط، ويرجع ذلك أيضاً إلى أسباب تتعلق بكون قضية الهجرة والاندماج على قمة أولويات الناخب السويدي، فالسويد من أكثر دول أوروبا استقبالاً للاجئين والمهاجرين وفرضت بالفعل إجراءات صارمة لقبول طلبات اللجوء والهجرة.

ومن المتوقع في حالة فوز الأحزاب اليمينية، أن تفرض البلاد مزيد من هذه الشروط الصارمة، فضلاً عن إمكانية التفكير في الخروج عن الاتحاد الأوروبي على غرار ما فعلته بريطانيا، وخاصة إذا علمنا أن السويد لا تتبنى اليورو عملة رسمية لها، فضلاً عن اعتبارها -نفسها- المعادل الاسكندنافي لبريطانيا.

ونفس الوضع في المجر، والتي ستجرى بها الانتخابات البرلمانية في 8 أبريل المقبل، وتحكمها حكومة يمينية برئاسة "فيكتور أوربان" تتبنى سياسات حادة تجاه الهجرة واللاجئين، ولا تتعاطف مع سياسات الاتحاد الأوربي، وفي ضوء الاضطرابات التي تشهدها البلاد نتيجة بعض التظاهرات ضد الحزب المحافظ الحاكم، ويرى الباحث في الشؤون الأوروبية، أنه لا يتوقع أن يحصل الائتلاف الحاكم على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة بل سيكون تحالف موسع مع أحزاب المعارضة المتفرقة تغلب عليها النزعة اليمينية.

وبشكل عام، المتوقع من الانتخابات الأوروبية المزمع عقدها في 2018، أن تأتي بحكومات يمينية تقلص الضرائب وتناهض الهجرة واللجوء وتتخذ تدابير أمنية أكثر حدة وتشكل علاقات أكثر قوة مع موسكو ولا تحمل نوايا طيبة تجاه "بروكسل"، ما قد يؤدي إلى زعزعة في استقرار القارة العجوز ككل ولربما تأتي بـ"ربيع أوروبي".

فيما يرى السفير جمال بيومي، أمين عام المشاركة المصرية الأوروبية في وزارة التعاون الدولي سابقا، أن موجة الانتخابات التي تشهدها القارة العجوز خلال العام الجاري، تعد شرطا من شروط البقاء في الاتحاد الأوروبي، لخلق نوع من التوازنات في كافة الدول.

وأضاف بيومي في حديثه لـ"الوطن" أن هذه الانتخابات لن تغير كثيرا في سياسات دول القارة، باعتبار أن التركيز الأكبر هناك على النواحي الاقتصادية ولا توجد سياسة أوروبية موحدة وفي المسائل السياسية العالمية تكون الكلمة العليا لأمريكا التي تملك تأثيرا إلى حد كبير عليهم، حسب وصفه.


مواضيع متعلقة