حكاية صورة: بوابير الجاز.. نعمر

حكاية صورة: بوابير الجاز.. نعمر
يحمل صندوقاً من صفيح صدئ، يجوب أروقة القرية الفقيرة، يبحث عن شخص ينتمى مثله إلى زمن مضى، ويملك فى بيته «وابور جاز» يحتاج إلى لمسات يده السحرية، ليفترش الأرض ويُخرج أدواته؛ منفاخاً يختبر «الفونية»، مفتاحاً ينتزع «الكباس»، مطرقة، سندانا، قنينة زيت تبعث فى الـ«وابور» أنفاس الحياة.
يصلحه بكل أشكاله، «أبو فونية» و«أبو شرايط»، والنسخة المصغرة المسماة «سبرتاية»، لكن يبقى الأول هو الأكثر شهرة، يُستخدم فى «المطبخ» كوسيلة طهى، وفى غرف النوم كمدفئة فى جوف الليل البارد، وفى «حوش» البيت، توضع فوقه صفيحة مسلى فارغة غُسلت بعناية، وصارت تحمل لقب «صفيحة الغليّة» تُنقع فيها أغلى ثياب رجال البيت، تزهر وتبيض، وتخرج برائحة لا تشبهها رائحة، تُباهى بنظافتها ربة ذاك المنزل كل نساء الحى.. والفضل الأول يرجع إلى وابور الجاز.
يقضى فى إصلاح الوابور الواحد قرابة ساعة، تلك الآلة بدائية الصنع ليست معقدة التركيب، إلا أن ذلك الحرفى يأبى أن يقبل نفحته التى لا تتجاوز الجنيه الواحد دون أن يطلب من ربة البيت نصف ليمونة، ليقوم بتنظيفه وتلميعه وإعادة رونقه مرة أخرى، وكى لا تعلق به شحوم الطهى، يملأ قبضته بالرمل الأصفر، ويدلكه كما لو كان مصباح علاء الدين.