صنايعية وعمال سرِّيحة لـ«الوطن»: بقى لنا مظلة حماية من «غدر الزمن»

صنايعية وعمال سرِّيحة لـ«الوطن»: بقى لنا مظلة حماية من «غدر الزمن»
- إيد واحدة
- التأمينات الاجتماعية
- التفجيرات الإرهابية
- حاجة حلوة
- حسابات الحكومة
- سى فى
- شوارع القاهرة
- صاحب عمل
- غلاء المعيشة
- أبعاد
- إيد واحدة
- التأمينات الاجتماعية
- التفجيرات الإرهابية
- حاجة حلوة
- حسابات الحكومة
- سى فى
- شوارع القاهرة
- صاحب عمل
- غلاء المعيشة
- أبعاد
قال عدد من الصنايعية والعمال «السريّحة» إن الوثيقة الجديدة هى بمثابة مظلة حماية لهم من «غدر الزمن»، وإنها تؤكد أن الدولة أصبحت -أخيراً- تهتم بهم، بعد أن عانوا الإهمال طوال العهود السابقة.
«طالما فيها فايدة لأولادى بعد موتى، هتبقى حاجة كويسة».. هكذا يقول محمود محمدين، صاحب الـ36 عاماً، الذى يعمل فى مهن غير مستقرة: «اشتغلت فى محل عصير قصب، ومع واحد فكهانى، وفى فرن فينو، لكن فى النهاية أنا محتاج أطمن على عيالى لو حصلى حاجة، وهبدأ من دلوقتى أحوش تمن الشهادة وهشتريها».
لم يكن «محمود» يعلم عن موضوع الشهادة شيئاً: «احنا ناس مش متعلمين ومش بنتابع التليفزيون كتير، ويا ريت الحكومة تخلى ناس تنزل الشارع تتكلم معانا وتشوف أحوالنا وتعرفنا لو فيه حاجة حلوة زى كده»
أما عربى يوسف، 38 عاماً، فيقول: «طول عمرى نفسى فى وظيفة حكومى إن شاء الله حتى أشتغل فى المجارى، علشان بس لو حصلى حاجة عيالى يلاقوا مصاريف يعيشوا بيها وميبقوش محتاجين لحد»، ويضيف «عربى» الذى يعمل فى ورشة «كاوتش»: «ممكن العربية تقع عليّا تقطع إيدى وأنا بغيّر فردة، ساعتها هبقى عاجز ومش هعرف أجيب مصاريفى أنا وعيالى منين، كمان الكمبروسر بتاع الهوا ده خطير وممكن ينفجر فيّا ويحولنى مليون حتة، ساعتها إيه اللى هيحصل، وعيالى هيتعلموا ويعيشوا إزاى».
{long_qoute_1}
الأمر ذاته يؤكده مؤمن خليفة، الميكانيكى صاحب الـ28 ربيعاً: «من صغرى وأنا فى الشغلانة دى، لكن مفيش أمان، لو رقدت أسبوع عيان مش بلاقى فلوس أصرف على العيال، وممكن فى لحظة أتخانق مع صاحب الورشة وأسيبها وأمشى، ساعتها هصرف منين؟ يا عم ده فى حياتى ما بالك لو مت أو عجزت من الشغلانة».
رحلة طويلة قطعها «مؤمن» المقبل من جنوب محافظة سوهاج إلى القاهرة، بعد أن تسرب من التعليم الإعدادى، وتنقل بين الورش فى حى إمبابة بالجيزة لينتهى به المطاف ميكانيكياً: «لو أعرف إن الدنيا هتبقى صعبة كده، كنت كملت تعليمى على الأقل هلاقى وظيفة تلمنى وتأمن عليّا، لكن الشغل كده من غير تأمين اجتماعى عامل زى اللى بيرقص على الحبل، فى أى لحظة رقبتك ممكن تتكسر»، ولا يفوت «مؤمن» وهو يحكى عن عمله الذى اعتاد عليه أن يقول إن السنوات القليلة الماضية ورغم صعوبتها فى وجود التفجيرات الإرهابية وغلاء المعيشة، إلا أنها تشعره بالأمل كلما مر على كوبرى جديد أو سمع عن مدينة جديدة: «حتى لو مش ليّا، ممكن عيالى يستفيدوا فى المستقبل، وطول عمرى حياتنا ماشية بنفس الروتين، لكن حسينا بطفرة فى شغل الحكومة، وأتمنى تستمر».
ومن «مؤمن» إلى كامل أحمد، الذى ترك حقله فى أسيوط ليقضى شهور الشتاء فى القاهرة بحثاً عن لقمة العيش: «الشتا مابيكونش فيه شغل كتير فى الغيط زى الصيف، علشان كده باجى أقعدلى شهرين أشتغل فيهم أى حاجة، وآهو الواحد بيصرف على العيال علشان يكملوا تعليمهم، أنا مش عاوزهم يسيبوا التعليم ويتبهدلوا زيى لأن الدنيا صعبة»، ويقول «كامل» إنه لا يشعر بالأمان لأنه غير مسجل فى التأمينات الاجتماعية كعامل أو صاحب عمل، أو حتى فلاح: «الشهادة حلوة، والناس بتشكر فيها، بس أنا مش هشتريها، لأنى مش فاهم أبعاد الموضوع إيه».
من جهته، يقول خالد عبدالرحمن، صاحب الـ28 ربيعاً: «لما سمعت عن الشهادة فى التليفزيون فرحت، لأنى هيتأمن عليّا، وهيبقالى معاش، أو معاش لعيالى من بعدى، أنا شغال شغلانة خطرة، ومش ضامن الأيام مخبية إيه»، ولم يكن «خالد» الذى يعمل فى مهنة «قهوجى» يعلم أن الأيام ستلعب به هذه اللعبة بعد أن أنهى تعليمه فى مدرسة الصنايع بأسيوط، حسب تعبيره، قبل أن ينتقل للعمل بمحل عصير قصب: «كنت فاكر نفسى كام سنة وهبقى معلم، ومكنتش مهتم بالتعليم، خدت شهادة وخلاص، والناس فاكرة إن شغلانة العصير دى سهلة، لكن اللى حصلى ماكانش فى الحسبان، وأنا بغسل المكنة بتاعة العصير أخدت إيدى معاها وبقيت عايش بإيد واحدة، ومفيش تأمين، اضطريت أشتغل فى القهوة علشان أكمل حياتى وبشيل الصينية وأنزل المشاريب بإيدى السليمة»، حماس «خالد» للوثيقة يشبه حماسه فى المرة الأولى التى وطأت قدماه شوارع القاهرة: «كنت فرحان وعاوز أكون نفسى وأعمل قرشين حلوين للزمن، لكن التحويشة الحقيقية هى الشهادة اللى هروح أشتريها وأنا مستريح، مش أحسن ما يحصلى حاجة تانى وملاقيش حاجة تأمنى».
من جانبه، قال العم بدوى العيسوى، الذى يتجول فى ميدان الدقى، حيث يمر على المقاهى يمسح الأحذية: «أنا بتاع ورنيش أيوه لكن بتفرج على التليفزيون وعارف كل حاجة وبتابع الأخبار كلها، وهروح أشترى الشهادة، أهى تبقى حاجة للزمن». والأمر المبهج بالنسبة لـ«عم بدوى» هو أن الدولة التفتت أخيراً لهذه الفئة المهمشة: «طول عمرنا عايشين على هامش الدنيا، وكنا ساقطين من حسابات الحكومة».