استطلاع رأى: البيت هو المكان الطبيعى للمرأة.. والرجل أحق بفرص العمل

كتب: محمد الدعدع

استطلاع رأى: البيت هو المكان الطبيعى للمرأة.. والرجل أحق بفرص العمل

استطلاع رأى: البيت هو المكان الطبيعى للمرأة.. والرجل أحق بفرص العمل

كشفت دراسة حديثة تناولت الصورة الذهنية الاجتماعية عن المرأة المصرية، أن النسبة الأكبر من المواطنين يرون أن المرأة المصرية نكدية، وعنيدة، وتحتاج إلى من يراقب تصرفاتها ويوجهها، وأنه من غير المقبول أن تكون المرأة قوية الشخصية، علاوةً على حاجتها الدائمة إلى أن يكون هناك رجل مسئول عنها.

وأجريت الدراسة على عينة ممثلة للمجتمع المصرى قوامها 3000 مفردة من الذكور والإناث، واهتمت بدراسة سمات المرأة وأدوارها، وما تفرضه هذه الصورة من أشكال العلاقات والتفاعلات داخل الأسرة والحقوق التى يتعين أن تتمتع أو لا تتمتع بها المرأة، انتهاء برصد الموقف من الاحتياج إلى التغيير والاستعداد لحدوثه ومعوقات ذلك.

{long_qoute_1}

وتوصلت الدراسة، التى تنفرد «الوطن» بنشر نتائجها، وأجراها فريق بحثى برئاسة الدكتورة نادية حليم، ضمن برنامج بحوث المرأة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى أن 56.3% من العينة يرون أن المرأة لا تصلح للعمل فى القضاء، وأن 66.7% من العينة رفضوا حق المرأة فى شغل منصب رئيس الوزراء، و75.3% رفضوا حقها أيضاً فى شغل منصب رئيس الدولة، وإن قَبِل 70.1% منهم حقها فى شغل المناصب القيادية دون المنصبين، على ألا تكون فى منصبها رئيساً لزوجها بنسبة رفض 86.9%، إضافة إلى أن الرجل أحق بشغل فرصة العمل الواحدة من المرأة بنسبة تأييد 78.2%.

وتبين من نتائج الدراسة أن 32.3% يرون أن العمل مهم جداً للمرأة مثل الرجل، وأن 58.8% يرون المرأة تصلح لكل المهن والأعمال، وإن كانت النسبة الأكبر (70.8%) يرونها قادرة على النجاح فى عملها، وقادرة على قيادة فريق عمل بنجاح (59.8%)، على أنه ليس من المقبول اجتماعياً أن تعمل مأذوناً بنسبة تأييد 55.5%، وإن رأوا أن مكانها الطبيعى هو البيت (50.3%)، وأن العمل يبقى فى النهاية مسألة ثانوية فى حياتها (28.2%)، وأن السياسة هى عالم الرجال فقط (33.9%).

وأيَّد 93.7% حق المرأة فى أن تشارك فى قرار الإنجاب عقب الزواج، ورفض 87.6% أن تُحمَّل المرأة وحدها مسئولية عدم الإنجاب، مقابل 12.4% من المجتمع يراها مسئولة عن عدم الإنجاب، ووافق 61.7% حق المرأة فى أن تقرر تنظيم نسلها حفاظاً على صحتها، فيما رفض 55.6% من العينة، تحميل المرأة وحدها مسئولية رعاية الأسرة والأبناء دون الزوج، وأيَّد 92.1% أن المرأة تُضحى من أجل نجاح أسرتها، وإن وافق 50.6% على أنه ليس من حق المرأة التدخل فى كيفية الإنفاق على الأسرة، وأنها ليست مسئولة عن الإنفاق (79.9%)، و60.5% رأوا أن الإنفاق على الأسرة مسئولية مشتركة بين الزوجين.

{long_qoute_2}

وجاء الاتجاه واضحاً فيما يتعلق بأهمية زواج الفتاة فى سن صغيرة ويرون فيه حماية وسترة وأماناً، ومن الإيجابيات المتواضعة فى نسب الموافقة عليها، الوعى بأن كلاً من الزوجين قد يكون مسئولاً عن الإنجاب من عدمه، ومسئولية الزوج عن نوع الجنين، ولم يحظ حق الزوجة فى اتخاذ قرار تنظيم نسلها حماية لصحتها على نسب عالية بما يكفى، ويعبر الواقع الفعلى عن إجبار المرأة فى الأسر العديدة لا سيما فى الريف أن تستمر فى الإنجاب حتى الحصول على الذكر، وما زال العدد المفضل إنجابه ثلاثة، يليها إنجاب أربعة أبناء فما فوق أو الاستمرار طالما وجدت القدرة المالية، ولم يوافق على الاكتفاء بطفلين سوى ربع العينة فقط (تنخفض فى الريف إلى 13%). وهذه النتائج تعبر بوضوح عن أهمية العمل بكل قوة وحسم مع مشكلة انفلات الإنجاب، والتركيز على أهمية الوالدية المسئولة، واستحقاقات التنمية.

وفيما يتعلق بالعلاقات الأسرية، فالنتائج توضح العلاقات السلطوية وسيادة الذكور وإلقاء عبء رعاية البيت والأبناء على الزوجة وحدها، ومطالبة الزوجة بالطاعة للزوج وحتى للأخ أياً كانت سنه، وأهمية الاستئذان قبل أى تصرف، وحق الزوج فى منع الزوجة من السفر، ولم يرفض مجتمع العينة ضرب الزوجة تماماً وإن كان الاتجاه إلى مطالبتها بالطلاق إذا أصبح الاعتداء عليها معتاداً. ويرى الأزواج أن السبب فى الطلاق يعود إلى النكد المستمر والخناق، ويليه إهمال شئون البيت والزوج والأبناء، بينما تراه الزوجات فى قسوة الزوج وسوء المعاملة ثم الخيانة والبخل.

ومن الإيجابيات أيضاً، وإن كانت بنسب متواضعة، اعتبار التحرش مسئولية مجتمع، غير أن إلقاء المسئولية على المرأة بسبب لبسها وشكلها ما زال يحتل نسبة كبيرة، مما يعنى عدم النجاح حتى الآن فى خلق الاتجاه والوعى بحق المرأة فى شارع ومنزل وعمل آمن، والاستنكار المجتمعى للسلوك فى حد ذاته، وبداية تطبيق فعلى للقانون. ومن القضايا المهمة التى أثارتها الدراسة الموقف من الميراث الذى وافقت نسبة كبيرة على الحق الشرعى للمرأة فيه، غير أن تبريرات كثيرة لعدم تمتعها به، وعلى رأسها عدم ذهاب ممتلكات الأسرة للغريب، ولأن المرأة دائماً هناك رجل مسئول عنها.

وقالت الدكتورة نادية حليم إن التبرير الأول يعبر عن تجاهل الحق من أساسه الذى لا يبرر الحرمان، أما التبرير الثانى فيبتعد عن الواقع المعاش حيث لم تعد هذه القيمة موجودة الآن، وهو مؤشر على العقبات التى ستصادف تطبيق القانون الجديد الذى يعاقب على الحرمان من الميراث، حيث التلاعب والالتفاف على القوانين، يأخذ أشكالاً متعددة والبيروقراطية وتعقيد الإجراءات، وعدم وجود عدالة.

ومن أهم ما انتهت إليه نتائج الدراسة، الموقف من أهمية العمل للمرأة، حيث لا ترى نسبة عالية فى المجتمع، لا سيما الذكور، أن العمل يحتل لدى المرأة ذات الأهمية التى يحتلها لدى الرجل، وأنه مسألة ثانوية فى حياتها، وعليها التضحية به فوراً فى حال عدم قدرتها على التوفيق بين مهام البيت والعمل، وأن المكان الطبيعى للمرأة هو البيت، وأن العمل ليس من حق الزوجة طالما كان الزوج قادراً. كما احتلت الأعمال التقليدية التى تتفوق فيها المرأة أعلى النسب، رغم الإقرار بأن المرأة تستطيع أن تقوم بالعديد منها بنجاح، غير أنها لا تصلح لعدد آخر منها والتى يتقدمها العمل بالقضاء. وأوضحت «حليم» أن ما يلفت النظر هو موقف المرأة تجاه الموافقة العالية على إعطاء فرصة التعليم والعمل الواحدة إلى الرجل باعتباره أحق منها، ويتسق ذلك تماماً مع الاتجاه إلى اعتبار الرجل هو المسئول عن الإنفاق على الأسرة، وما أقرته ذلك نسبة عالية من الذكور والإناث على السواء. وقالت إن هذه المنظومة السابقة لموقف المجتمع من عمل المرأة يتجاهل الصورة الحقيقية لمشاركة المرأة الفعلية، والدور المحورى الذى تقوم به فى إعالة الأسرة، ونجاحها فى القيام بالعديد من الأعمال بما فيها مهنة القضاء التى لم تحُز على نسب موافقة عالية، غير أن هذه المنظومة بهذا التوجه تمارس تأثيراً سلبياً على نمط العلاقات الأسرية، وعلى فرص المرأة فى التكوين العلمى والمهنى، وتجعل العمل غير محورى فى حياتها ومن ثم لا يمارس تأثيره المفترض على علاقة الإنسان بذاته وقدراته، وأهمية وجود وعى لدى المجتمع بضرورة وجود الآليات التى تساعد المرأة على القيام بالعمل والاستمرار فيه.

وأكدت «حليم» أن هذه النتائج تحتاج إلى عدة تدخلات مهمة، منها أن المجتمع يحتاج بداية إلى وجود تناغم وتوافق بين النصوص التشريعية والدستور ما يستدعى غربلة ما هو قائم وإجراء التعديل اللازم، وتجنب تعقيد إجراءات وطول أمد التقاضى، ويحتاج إلى خطة إعادة وعى الأجيال المقبلة، ويسير العمل على منظومة قيم يتم إدراجها منذ أول السنوات الدراسية حتى الجامعة.


مواضيع متعلقة