«الوطن» من داخل عربات القطارات المطورة: «مفيش شبابيك ولا حمامات والكراسى لا تكفى.. والركاب بينطقوا الشهادة قبل انطلاق الرحلات»

«الوطن» من داخل عربات القطارات المطورة: «مفيش شبابيك ولا حمامات والكراسى لا تكفى.. والركاب بينطقوا الشهادة قبل انطلاق الرحلات»
- ارتفاع الأسعار
- ارتفاع درجة الحرارة
- الانفلات الأمنى
- الباعة الجائلين
- الدرجة الأولى
- الدرجة الثانية
- السكة الحديد
- ركاب
- قطار البحيرة
- ارتفاع الأسعار
- ارتفاع درجة الحرارة
- الانفلات الأمنى
- الباعة الجائلين
- الدرجة الأولى
- الدرجة الثانية
- السكة الحديد
- ركاب
- قطار البحيرة
«بنتشاهد قبل ما نركب القطر يا باشا يومياً، علشان حاسين إنه ممكن تحصل كارثة فى أى لحظة، هو ده القطر اللى بيقولوا عليه (مطور)، إحنا بنتعامل أقل من العادى رغم إن التذاكر بتزيد وبنقول لعل وعسى بالزيادة يعملوا صيانة لقطارات الغلابة، والمسئولين يحسوا بينا ويرحمونا من الرعب بتاع كل يوم ده»، هكذا بدأ كلامه الحاج عبدالدايم حسين، عامل، يبلغ من العمر 60 عاماً، وأحد ركاب القطارات المطورة، مضيفاً: «والله العظيم حرام اللى بيحصل فينا ده، مفيش حتى كراسى نقعد عليها، وكل شبابيك القطار مكسورة، وممكن أى واحد يحدف علينا طوب، وممكن ناس تموت، وإحنا رايحين شغلنا نتعب ونشقى علشان لقمة العيش، ولا رايحين نموت».
ويسرد «حسين»، خلال معايشة «الوطن» داخل قطار «منوف»، لحظات الرعب قبل الذهاب إلى العمل، قائلاً: «كل يوم باصحى الساعة 5 قبل أذان الفجر أصلى وأدعى إنى أرجع لولادى سليم، من غير ما يحصلى حاجة علشان هما لسه صغيرين ومن بعدى مش هيعرفوا يعملوا حاجة، وبتوكل على الله أروح شغلى وأستقل القطار وأنام خلال الرحلة نحو ساعة لحد ما أوصل المحطة اللى بنزل فيها علشان أروح مكان عملى، وببدأ شغل الساعة 9 صباحاً، وبخلص الساعة 4 عصراً، وبجرى على المحطة بسرعة علشان ألحق القطر قبل ما يفوتنى، بس الحمد لله ربك بيسترها فى رحلة الذهاب والعودة، وأول ما بدخل البيت بقول الشهادة 3 مرات، وبحمد ربنا إنى رجعت».
{long_qoute_1}
وعقب مرور نحو 30 دقيقة من بداية الرحلة يبدأ المُحصل فى تحصيل ثمن تذكرة القطار، ويطالب الركاب بدفع الأجرة، ليرد عليه أحد الركاب، قائلاً: «يا ريت توصل صوتنا للمسئولين فى الهيئة القومية لسكك حديد مصر لتحديث القطارات لحمايتنا من الموت». وتقول نعيمة الحسن، تبلغ من العمر 57 عاماً وتعمل بائعة سمن: «كل يوم باصحى الفجر علشان ألحق أركب القطر قبل ما يمشى علشان أنزل السوق وألحق أبيع السمن، بس أكتر حاجة بخاف منها وأنا راكبة القطر، لأن زى ما انت شايف كده مفيش كراسى نقعد عليها نرتاح من تعب العمل اليومى، ولا فيه شبابيك خالص، والتراب عمى عنينا، ويارب المسئولين يحسوا بينا شوية علشان والله تعبنا من كل حاجة».
وقال محمد حسن، عامل، يبلغ من العمر 54 عاماً، إن «هذه القطارات وصلت لحالة متردية للغاية، كما أن هيئة السكة الحديد لم تقم بأى تطوير حتى الآن، وأيضاً الجرارات والعربات لا تصلح للاستخدام الآدمى»، موضحاً «أن معظم الزجاج بمنافذ القطارات المطورة مكسور، كما توجد منافذ بدون شبابيك وبدون زجاج، وبعض العربات ليس بها أبوابها مما يسبب الخطورة على حياتنا، فنحن نرى الموت فى كل مرة نركب فيها هذا القطار، حيث إن بعض الأطفال والشباب الطائش يرمون الحجارة على القطار أثناء سيره فتصطدم بوجهنا، ومن 10 أيام حدث ذلك بالفعل مع طفلة اتبطحت بالحجارة وسال دمها على وجهها، وانتقلت إلى المستشفى لتداوى جروحها».
وأضاف «حسن»، لـ«الوطن»، أن «حالة الجرارات متهالكة تماماً، وذلك لأنها قد جار عليها الزمن، ولا تستطيع السير، وتحدث بها الأعطال باستمرار، مما يتسبب فى تأخيرنا عن العمل، حيث ينتج عنها الازدحام وتكدس الركاب، وفى معظم الأحيان ننتظر القطار فى موعد معين ولا يأتى بسبب عطل فى الجرار، ونضطر إلى الانتظار فى الموعد التالى، فالآن أصبح ركاب القطار الأول والقطار الثانى يركبون القطار الثانى فتحدث أزمة بمعنى الكلمة، حيث ترى ازدحاماً لا مثيل له».
وقال يوسف عواض، طالب بجامعة الأزهر فى عمر الـ20 عاماً، مؤيداً كلام «عم محمد»: «إنه فى ظل هذا الازدحام نرى الكثير من الركاب يقفون على الأبواب، وعلى المصعد الخارجى للقطار، والبعض يجلس على الشبابيك وتكون قدماه خارج القطار، وتجد الكثير من المشاجرات بين الركاب ويقومون بدفع بعضهم بعضاً، وكل ذلك يسبب خطورة على الركاب الواقفين على الأبواب من الخارج، ورغم ذلك تجد الباعة الجائلين يمرون بين زحمة الركاب مما ينتج عنه غضب المواطنين»، موضحاً أن «هذا المشهد يشعرك بحالة فزع وخوف أكثر من (الأفلام الرعب الدموية)، فهو مشهد غير آدمى إطلاقاً ولا يمت للإنسانية بشىء»، متسائلاً: «متى سيهتم المسئولون بمعاناتنا داخل قطار الطلاب والعمال والفقراء الشقيانين الذين يجرون وراء لقمة عيشهم فى ظل هذه الظروف العصيبة التى تمر بها الدولة من ارتفاع الأسعار فى جميع السلع؟!»، مؤكداً أن «القطارات المطورة أو المميزة بعيدة كل البعد عن التميز والتطوير».
{long_qoute_2}
وأضاف «عواض»، لـ«الوطن»، أن «القطارات المطورة سيئة للغاية وبالأخص (الحمامات)، فبمجرد مرورك على حمام القطار المطور على بعد عدة أمتار تشم منه رائحة كريهة تكاد تظن أنه لم يتم تنظيفه منذ قرون، يعنى كأنه مفيش حمامات»، مشيراً إلى «أن الأسباب الرئيسية وراء هذا التأخير أن هذه القطارات قليلة الحيلة فى تحقيق الأرباح لهيئة السكة الحديد مما يدفعها إلى اختيار الجرارات المتهالكة لجر القطار (المميز) أو كما يسميه البعض (قطار الغلابة)»، مشيراً إلى «أن سائقى القطارات المطورة كثيراً ما يتكاسلون ويهملون مواعيد ذهاب وإياب القطار، أما قطارات (الدرجة الأولى والدرجة الثانية) فيتم اختيار أفضل جرارات وعربات لها، وذلك نتيجة أنها من أهم مصادر الدخل وتحقق الربح وترفع من إيرادات هيئة السكة الحديد، حيث يركبها الأغنياء؛ من كبار الموظفين ورجال الأعمال».
وقال محمد صلاح، الطالب بكلية الطب بجامعة الأزهر، والبالغ من العمر 21 عاماً، إن «حالة النظافة بالسكة الحديد سيئة للغاية، إضافة إلى عدم وجود رجال أمن داخل القطارات المطورة وحالة من الانفلات الأمنى داخل عربات الركاب المسافرين، وانتشار الفوضى بين الركاب، كما أننى أشعر بمعاناة شديدة من الازدحام وتكدس الركاب، حيث إنه من شدة الازدحام لا أستطيع أن ألتقط أنفاسى، خاصة فى فصل الصيف، مع ارتفاع درجة الحرارة»، مضيفاً: «عند رؤيتك هذا الازدحام مع ارتفاع درجة الحرارة صيفاً، تقول فى نفسك (هذه نار الله فى الدنيا)». وأكد «صلاح»، لـ«الوطن»، أن «جميع القطارات المطورة بالسكة الحديد لا بد من تطويرها وتجديدها بالكامل»، مشيراً إلى «أنه يجب على المسئولين التركيز على تطوير وتحديث القطارات المطورة، لأنها أصبحت متهالكة تماماً، كما أنها من الأسباب الرئيسية فى وقوع الحوادث وذلك لقدم قاطراتها وعرباتها فهى متهالكة تماماً، حيث تعمل منذ أكثر من 50 عاماً».