«صيد الضفادع».. بيزنس.. وأكل.. وبحث علمى

كتب: مروى ياسين

«صيد الضفادع».. بيزنس.. وأكل.. وبحث علمى

«صيد الضفادع».. بيزنس.. وأكل.. وبحث علمى

كائن برمائى نسمع صوته مع قدوم الليل يملأ الأراضى المزروعة والترع والمستنقعات.. ربما لا يعى كثيرون أهميته، لتظل شريحة بسيطة من المواطنين هم الذين يعرفون قيمته، حيث يخرج عشرات الصيادين بحثاً عن «الضفدع» لساعات طويلة، يبيتون ليلهم فى العراء أملاً فى زيادة حصيلتهم منه، ليزيد معها دخلهم، إذ يتراوح سعر الواحد ما بين جنيهين و5 جنيهات للصياد، فيما يصل ثمنه إلى 50 جنيهاً للمعاهد البحثية والجامعات الخاصة، ويتغير سعره حسب التوقيت والطلب.

مهمة الصيد أولى الخطوات فى سلسلة كبيرة من العمل فى تجارة «الضفادع»، بعض التجار اشتهروا بالمهنة، ليقترن اسمهم بها. حيث يزداد الإقبال على شراء الضفادع فى فترات الدراسة، باعتبارها من أساسيات البحث العلمى، كما تعد التجارة مصدراً لجلب الدولارات، إذ يسعى آخرون لتصدير الضفادع إلى بعض الدول الأوروبية التى تستخدمها فى الطعام مثل فرنسا، ليصل سعر الواحد حالة تصديره إلى 10 دولارات.

فيما لجأ فريق ثالث لعمل مزرعة متخصصة بالاشتراك مع المعهد العالى للتعاون الزراعى، لكن التجربة لم تكتمل لأسباب شتى. لتظل تجارة الضفادع «بيزنس كبيراً» يسيطر عليه عدد محدود من التجار والصيادين والمصدرين، قننته الدولة بقرار وزير الزراعة مؤخراً، حين تم فتح باب الصيد والتصدير للضفادع والسماح لكل الشركات بتصدير 30 طناً فى الوقت الذى يحذر فيه أساتذة الحياة البرية من خطوة التصدير ومايسببه من إخلال للتوازن البيئى.

{long_qoute_1}

تقترب الشمس من الغروب، ينطلق صوت أذان المغرب فى أرجاء قرية «السعودية» بمركز العياط، محافظة الجيزة، ينهض محمد خيرى، 37 سنة، من مكانه حاملاً كشافاً وكيساً بلاستيكياً كبيراً أشبه بشيكارة، هى كل معداته بحثاً عن الضفادع، المهمة التى صار يتقنها لمدة تزيد على 15 عاماً، يهيم على وجهه فى الأراضى الخضراء، نقيق الضفادع يجذبه حيث كان، يبحث بين الحشائش الخضراء وحول الترع والمجارى المائية عن ذلك الكائن الصغير الذى يقفز بسرعة عالية، إلا فى وجود ذلك الكشاف الذى يشل حركته على حد قول «خيرى»: «أول ما أحط الكشاف فى عينيه بيقف مكانه وما بيتحركش، وساعتها بقدر أمسكه وأحطه فى الكيس وأبدا أجمع فيهم من كل مكان».

للصيد مهارات تعلمها «خيرى» بمرور الزمن، فالصبر صار حليفه فى كل مرة يخرج فيها بحثاً عن ذلك الكائن الرخو، والبقاء لساعات طويلة فى رحلة الصيد التى قد تمتد من بعد غروب الشمس وحتى اقتراب ظهورها، صار سمة واضحة فى كل رحلة يخرج فيها هو وزملاؤه من الصيادين.

مع قدوم الشتاء تبدأ رحلة البحث عن الضفدع، فوجوده يصبح شحيحاً، إلا تلك الأنواع السوداء كما يصفونها، فـ«خيرى» الذى اختار «صيد الضفادع» مهنة يأكل منها العيش هو وأسرته المكونة من طفلين وزوجة، يرى أن الأنواع الأكثر شيوعاً فى مصر هى الضفادع الخضراء والسوداء، وتلك الأنواع التى التقاها فى رحلات صيده على مدار سنوات طويلة، يقول: «لفيت محافظات كتيرة بحثاً عن الضفادع، بروح بنى سويف والفيوم والجيزة والعياط وكل مكان فيه مساحة خضراء بندوّر على الضفادع ونلمها ونبيعها للتجار بالكيلو»، عمل «خيرى» فى صيد الضفادع منذ أن كان سعر الضفدع الواحد 10 قروش واستمر حتى بلغ ثمنه 1.5 جنيه وأحياناً جنيهين للضفدع الواحد.

تنتهى مهمة «خيرى» مع ذلك الكائن بمجرد تجميعه فى تلك الأكياس الكبيرة، ثم يقوم بعدّ ما أنتجه فى مهمته وبيعه لأشهر تاجرة فى بيع الضفادع فى منطقة العياط أو كما يسمونها «عطيات بياعة الضفادع»، سيدة ستينية اقترن اسمها بذلك الحيوان وسط عدد من القرى التى لا تعرف الكثير عن تلك التجارة، تجلس على مقربة من المزرعة الصغيرة التى استأجرتها فى قرية اللشت بمركز العياط بمحافظة الجيزة، تنظر إلى تلك المساحة المخصصة لتجميع الضفادع وتشير إليها بحرص شديد، قائلة: «هى دى كل ثروتى. بشترى الضفادع من الصيادين وكلهم يعرفونى ومعايا أرقامهم وأبدأ فى تجميع كميات كبيرة تمهيداً لبيعها لتاجر كبير يعرف كيف يصرفها»، تعتدل عطيات فى جلستها بجسد ممتلئ أضعف من قدرتها على الحركة بعدما أصيبت بالغضروف منذ سنوات قليلة، لتعتمد فى مهنتها على سيدتين غيرها تعملان على رعاية الضفادع وحمايتها: «أنا تعبت خلاص مابقتش زى الأول. زمان كنت أنا اللى بعمل كل ده مع جوزى وهو اللى علمنى المهنة وعلمنى إزاى أتاجر فى الضفادع». {left_qoute_1}

زواجها الذى استمر لسنوات طويلة لم يسفر عن أبناء، كان سبباً فى فتح بيوت غيرها من خلال ذلك المشروع الصغير: «أنا مأجّرة المساحة دى علشان الضفادع، وزارعين فيها حشائش خضراء وعاملين أحواض صغيرة للميّه علشان هما بيحبوا يقعدوا فى الميّه شوية ويرجعوا للتربة تانى، شوية وشوية».. طباع مختلفة للضفدع تدركها عطيات جيداً فتعرف تلك الأماكن التى يعشق الاختباء فيها، لتضع له جذوعاً من النخيل مقطوعة بشكل محدد تم تنثرها فى أرض المزرعة يميناً ويساراً وفى المنتصف، لتكون هى الحصن الذى يلجأ إليه من برد الشتاء، تقول «عطيات»: «لازم أحط لهم فروع النخيل، هى دى اللى بتحميهم من الشتاء وتخليهم كويسين»، تبدأ عطيات فى سرد مهمة العاملات فى أحواض تجميع الضفادع أو كما تقول: «هى زىّ الحضانة أجمع العدد فيهم، وكبيرهم عندى يقعدوا شهرين وبعد كده أشحنهم فى عربيات وأوديهم للتاجر فى أبورواش هو اللى عارف إزاى يصدّرهم وإزاى يبيعهم للجامعة»، وتتابع: «الضفدع الواحد سعره بيوصل 3 جنيه لما يكون حجمه كويس ومن النوع المطلوب زى الأخضر اللى بيتصدّر، إنما النوع الأسود بيوصل لـ2.5 جنيه، وبجمع الضفادع زى ما يتلمّ معايا 800 ضفدع أو أكتر أو أقل وأبدأ أبيعه»، عملية النقل لها قواعدها وأصولها: «أنا بشترى أكياس مخصوص علشان أنقلهم صاحيين، الكيس الواحد بلمّ فيه 15 ضفدع، وأنقلهم فى عربيات صغيرة تودينى لحد التاجر يشتريهم منى، بس الدفع مش فورى»، وتوضح «عطيات» عملية البيع: «إحنا بنقبض كل فترة مش على طول ببعت له الضفادع المطلوبة وأستنى هو يبعت لى الفلوس على البنك، وأفضل أتعامل بالدين لحد ما تجيلى الفلوس أسدد اللى عليّا وأدفع مرتبات اللى شغالين معايا».

العمل فى خدمة الضفادع له دور بارز تتقنه منال محمد جيداً، فعلى حد قولها: «أنا شغالة فى خدمة الضفادع من 15 سنة.. بأنضّف المزرعة وأغيّر الميّه للكميات اللى بيجيبها الصيادين»، تشير منال إلى أن حماية الضفدع هى دور آخر تقوم به، فبحسب ما اعتادت فعله، تقوم بوضع أعشاب «الشيح» فى جوانب المزرعة من كل اتجاه، فعلى حد قولها: «الضفدع عدوه الأول هو التعبان، بييجوا من الأراضى يزحفوا عايزين ياكلوا ضفادع، لولا الشيح بننتره فى كل مكان علشان يبعدهم عننا». تدرك «منال» كم الحيوانات والطيور المعادية للضفدع بحكم التجربة التى باتت صاحبة خبرة فيها، لدرجة دفعتها لوضع شبكة أشبه بخيمة أعلى مساحة المزرعة: «ماينفعش أسيبهم معرّضين للطير زى أبوقردان والغربان اللى بييجو يلقّطوا الضفدع وياكلوه، فكل يوم أتابع الشبكة اللى حطيناها على المزرعة بامتدادها وأشوف إيه اتقطع فيها أخيّطه علشان مفيش طيور توصل لهم». «منال» التى تجاوزت الأربعين من العمر استطاعت أن تساهم فى تربية أبنائها من خلال تلك المهمة البسيطة: «أنا عندى أربع أولاد بنتين وولدين، واحد فيهم اتجوز ومراته بتساعدنى فى شغل الضفادع»، تحكى «منال» عن مهمات إضافية صارت تتقنها بمرور الوقت، فعلى حد قولها: «فيه تاجر بيشترى مننا الأنواع دى وعرفنا النوع اللى بياكلوه الأجانب اللى هو الأخضر بقينا نجهّز له كميات للأكل حسب ما يطلب، يعنى ممكن 5 كيلو أو أقل أو أكتر»، تقوم «منال» بذبح الضفدع وتنظيفه مثله مثل الأرنب على حد قولها، وتحرص على أن تهدر منه رأسه وقدميه الأماميتين وتترك الأقدام الخلفية وتسعى لتنظيفه جيداً بالمياه و«الردة» حتى تصبح المياه المحيطة به نظيفة، وهنا تبدأ فى تجميعه لتجميده فى أكياس مخصصة حتى يتسنى للتاجر طهيه لضيوفه الأجانب على حد قولها.

من الجيزة إلى المنوفية، حيث يوجد تجار الضفادع والصيادون والمتخصصون فى تصدير كل الكميات، «عطيات» ومن معها مجرد حلقة صغيرة فى عالم بزنس الضفادع الذى بات هدفاً جيداً للربح، وهو ما دفع عبدالله مجدى، طالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة، لأن يخصص مساحة نحو 200 متر فى مركز شبين الكوم بالمنوفية من أجل مزرعة صغيرة صارت معروفة فى محيطه وبين القرى لجمع تلك الضفادع المنتشرة فى ربوع الأراضى الخضراء، يحصل «عبدالله» على الضفدع بسعر 5 جنيهات فقط من الصياد، ويقوم بتوريده للجامعات بسعر 50 جنيهاً للضفدع الواحد، وبحسب ما قاله طالب الهندسة فإن المشروع استهواه منذ سنوات وبات يمتلك نحو 2000 ضفدع يحرص على رعايتها بطريقته الخاصة ما بين المياه المتوافرة فى كل مكان وبين الطحالب والحشائش الخضراء التى تؤمّن للضفادع حياتها على حد تعبيره، لافتاً إلى أن الضفادع الميتة أيضاً عليها طلب فى الأبحاث: «اللى بتموت عليها طلب، وكمان معامل الأبحاث بتحتاج كميات كبيرة بشكل دائم بعيداً عن الجامعات التى تعمل وقت الدراسة فقط».

{long_qoute_2}

بعض صيادى الضفادع قرروا الإعلان عن أنفسهم عبر صفحات التواصل الاجتماعى بحثاً عن تاجر يزيد معه المكسب، وهو ما فعله وائل الدغيدى، أحد سكان مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية، ويعمل فى مهنة الصيد منذ عشر سنوات، لكنه يرى أن صيد الضفادع هو الأسهل: «الصيد عموماً بيعلمنا الصبر. لكن صيد الضفادع أسهل كتير من صيد الأسماك»، استأجر «الدغيدى» مساحة صغيرة تصل فى مجملها إلى 40 متراً ببلدته، مقابل 1000 جنيه، فى الموسم الواحد، الذى يبدأ من ديسمبر وحتى شهر أبريل، ليجمع فيها نتاج صيده اليومى من الضفادع، ويتراوح سعر الكيلو من 100 إلى 150 جنيهاً.

«الدغيدى» الذى يجد فى صيد الضفادع لقمة عيش وباب رزق يعينه على تربية أطفاله يقول: «الإعلان اللى حطيته على الفيس بوك ساعدنى كتير فى الوصول لتجار تانيين غير التاجر اللى بتعامل معاه. هى دى مهنتى الوحيدة اللى باكل منها عيش وبتساعدنى على تربية أطفالى الاتنين». تصدير الضفادع له قواعده، فبعد فترة من عدم التصدير، نُشر قرار الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة، فى الجريدة الرسمية قبل شهرين، بالسماح بصيد وتصدير الضفادع الحية للاستهلاك الآدمى وأجزائها من النوع «رانا» لمدة عامين تنتهى فى مارس 2019 مع الالتزام بحظر الصيد فى أشهر أبريل ومايو ويونيو وفقاً للقرار الوزارى رقم 178 لسنة 1989، وشمل القرار أن يكون التصدير بنظام الكوتة، على ألا تزيد الكمية الإجمالية لكل الشركات العاملة مجتمعة على ثلاثين طناً سنوياً.

من داخل أشهر مزارع الحيوانات فى منطقة أبورواش، والمنوط بها تصدير الضفادع وتوريد كافة الكميات التى تحتاجها الجامعات والمعاهد البحثية يجلس نجاح شعبان طلبة، الذى يحظى بشعبية كبيرة فى ذلك المجال، فعلى حد قوله: «أنا بورّد ضفادع لكل جامعات مصر، النوع الأسود من الضفادع، والنوع الأخضر كانوا مانعين تصديره لسه فاتحينه من فترة بسيطة، وحالياً بنشتغل فيه كمان»، يوضح «نجاح» أن التصدير تم منعه لفترة طويلة، وأن قرار وزير الزراعة بعودة التصدير يُعد أمراً جيداً، لكنه بحاجة إلى تحركات على أرض الواقع: «لازم تكون فيه مزارع بتربى تربية حقيقية مش مجرد تجميع، يعنى يكون فيها مراحل التكاثر الخاصة بالضفادع كاملة حتى يكون للقرار فائدة كبيرة على الجميع». {left_qoute_2}

المهنة التى يعمل فيها منذ نحو 30 عاماً تخصص خلالها فى توريد كميات كبيرة للجامعات والمعاهد البحثية والتصدير إلى دول أوروبية وأجنبية، إذ قام بتأسيس شركة النجاح التى تقوم بتصدير الضفادع إلى فرنسا: «عملت الشركة فى التسعينات والحقيقة اشتغلنا فترة طويلة فى التصدير ودلوقتى سمعنا إن سعر الضغدع وصل لـ10 دولارات» لأنه عليه طلب وخصوصاً الأنواع اللى بتتاكل»، ويتابع: «التصدير ليه آليات معروفة وإجراءات خاصة بتصدير الحيوانات الحية، فيه سبت محدد للتصدير بنشتريه ونحط فيه الكميات المطلوبة، لأننا بنصدرها حية وتُعرض على طبيب بيطرى فى الجمارك وأيضاً متخصص فى الحياة البرية ثم يتم السماح بتصديرها، وكل تلك الإجراءات لا تستغرق وقتاً طويلاً، وهذه ميزة يجب التحدث عنها».

خبرة «نجاح» الكبيرة فى تربية الضفادع أهّلته لعمل مشروع خاص داخل معهد التعاون الزراعى الذى سمح له بتأسيس أول مزرعة إنتاجية للضفادع على مساحة 5 أفدنة، استغل فيها «نجاح» معارفه بالمعهد الزراعى، لكونه أبرز مورّدى الضفادع للجامعات، وقام بحفر الترع وتجهيز المساحات، وبحسب الأوراق التى حصلت «الوطن» على صورة منها، فإن العقد المبرم بينه وبين المعهد كان لفترة تصل إلى 3 سنوات، على أن يقدم هو الضفادع ويؤسس المشروع ويقدم المعهد الأرض، ما دفعه لتوريد كمية كبيرة من الضفادع على حد قوله وبدأت فى وضع البيض لكن أزمة حدثت، لا يعرف سبباً لها، بينه وبين المسئولين فى المعهد: «عملت لافتة كبيرة توضح أنه أول مشروع لتربية الضفادع فى مصر تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وفى اليوم التالى فوجئت بهم يمنعوننى من الدخول ومش عارف ليه». يشير «نجاح» إلى أنه تم إبلاغه بأن المشروع قد توقف دون سبب، ولفت إلى أنه أنفق قرابة 400 ألف جنيه على التجهيزات ولا يعلم مصير تلك الأموال التى أنفقها على حد تعبيره: «حفرنا أحواض وهيأنا مكان تربية الضفادع وزرعنا أشجار مانجو علشان يبقى فيه خضرة للضفدع وبيئة طبيعية يتغذى من خلالها». الضفادع التى وضعها «نجاح» وضعت بيضها فى المزرعة، وأنتجت كميات كبيرة مما يُعرف باسم «أبودنيبة»، ولكن الضفادع التى أنتجت لم يُعد يعرف عنها شىء، على حد قوله، بعد قرار منعه من دخول المعهد ومتابعة مشروعه دون سبب واضح، وأشار إلى أنه لا توجد فى مصر مزرعة بالمعنى المعروف لإنتاج الضفادع، وأن هذا النوع من المزارع يحتاج إلى ضرورة الوعى به وبأهميته لكى يتمكن صاحب المزرعة من التصدير ومواكبة السوق وما هو مطلوب منه من كميات، وأوضح «نجاح» أن نسب التوريد تختلف من شهر لآخر وبحسب ما يوجد فى البيئة المصرية من ضفادع، لافتاً إلى أهمية بناء تلك المزارع للحفاظ على نوع الضفادع المنتشرة فى مصر، مؤكداً أن غلق باب التصدير ساهم فى تقليل الكميات المصدرة لفرنسا بشكل كبير، وهو ما أكده اللواء إسماعيل جابر، رئيس هيئة الرقابة على الواردات والصادرات، مشيراً إلى أن نسبة تصدير الضفادع لا تُذكر، إذ تراوحت قيمتها خلال الشهرين الماضيين ما بين 500 و600 دولار.

وأكد الدكتور خالد الفقى، مدرس بكلية العلوم، كان شريكاً لـ«نجاح» فى المشروع، أنه بزنس مربح إذا تم الالتفات إليه، خاصة أن قيمة طبق شوربة الضفادع نحو 100 يورو فى بعض الدول، وأكد «الفقى» أن أسباب توقف المشروع الذى بدأه تعود للتعقيدات التى وُضعت أثناء تنفيذه، فعلى حد تعبيره: «فيه قانون بيحكم إنشاء المزارع دى. وطلبوا مننا دراسة الأثر البيئى، رغم إن الضفادع ليس لها أى أثر بيئى، واعتبروا إن تربية الضفادع تعنى إنشاء ترع وهو أمر غير دقيق»، وأكد «الفقى» أن الفكرة استهوته وهو باحث فى المجال: «أنا شغلى مرتبط بالضفادع، وقلت فكرة جيدة إنى أعمل مشروع فى صميم تخصصى، وخصوصاً إن الجامعة بتشترى ضفادع من نجاح بيوصل سعر الضفدع لـ5 و6 جنيهات، لكن الموضوع توقف نتيجة التعقيدات، فترخيص إنشاء المزرعة يستلزم بعض الموافقات من قبَل الوحدة البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، وهى إجراءات تبدو عادية لكنها بعيدة عن واقع المزارع».

{long_qoute_3}

وأشار الدكتور سيد دحروج، عميد المعهد العالى للتعاون الزراعى، إلى أن المعهد خصص نحو خمسة أفدنة لتربية الضفادع، بناء على عقد شراكة يجوز للطرف الأول فسخه فى حالة الإخلال بأى من بنود الاتفاق، مؤكداً أن الطرف الثانى، وهو «نجاح طلبة»، لم يكن جاداً فى عمله، إذ بادر بزراعة أشجار المانجو تاركاً مزرعة الضفادع، ما دفعه لفسخ التعاقد ومنعه من الدخول على حد قوله، موضحاً أن المزرعة كان الهدف منها استخدامها فى البحث العلمى بعيداً عن التصدير، لكن عدم جدية الطرف الآخر أنهت القصة، لافتاً إلى أن المعهد لديه أعمال كثيرة مختلفة مثل تربية المواشى وزراعة الصوب والنخيل وغيرها من النشاطات الأخرى التى تُستخدم فى البحث العلمى، مشيراً إلى أن قصة الضفادع انتهت بنهاية فسخ التعاقد.

من جانبه، قال الدكتور عمر تمام، أستاذ المحميات الطبيعية وعميد معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة السادات، إن مصر كانت مشهورة بأربعة أنواع، وهى ضفدع حلايب وشلاتين، وضفدع سيوة وكلاهما انقرض، وضفادع البوفو والرانا، لافتاً إلى أن «الرانا» فى طريقه للانقراض بسبب فتح باب التصدير له، موضحاً أن الضفدع له أهمية بيئية كبيرة تتعلق بكونه يتغذّى على الحشرات، إذ يتناول الضفدع يومياً 4 آلاف حشرة، وهو ما يحمى البيئة من انتقال الأمراض التى تتناقلها الحشرات، مؤكداً أن تجربة بنجلاديش فى هذا الشأن خير مثال، إذ ظهرت أمراض الفشل الكلوى والكبدى بها بعد فتح باب التصدير إلى فرنسا، وحينما تم عمل دراسات لمعرفة الأسباب، اكتشفوا أن غياب الضفادع التى تقضى على حشرات الأرز وغيرها من الزراعات، قابله وضع مبيدات كيماوية للقضاء على تلك الحشرات، وهو ما تسبّب فى ما بعد فى ظهور تلك الأمراض، ولفت «تمام» إلى أنه لا توجد مزارع حقيقية فى مصر، وكل ما هو موجود عبارة عن أحواض تجميعية تؤثر بصورة واضحة على الضفادع المنتشرة فى كل مكان.

 

«نجاح» يتحدث لـ«الوطن»

عطيات تبحث عن الضفادع

منال تعمل فى خدمة الضفادع

عطيات بياعة الضفادع


مواضيع متعلقة