"اتبرع واقبض".. "فيس بوك" سوق سوداء لتجارة الأعضاء في مصر

كتب: كريم سعيد

"اتبرع واقبض".. "فيس بوك" سوق سوداء لتجارة الأعضاء في مصر

"اتبرع واقبض".. "فيس بوك" سوق سوداء لتجارة الأعضاء في مصر

"هل أنت متبرع أم مريض أم وسيط؟"، سؤال تتعرض له بمجرد عثورك على صفحة "متبرعين كلى بمقابل مادي" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، مستغلة سوء الأوضاع الاقتصادية بمصر وبعض البلدان العربية خاصة مواطني سوريا وفلسطين، في استقطاب محدودي الدخل والعاطلين لشراء أعضائهم.

"جروب الفيس بوك"، الذي دُشن منذ 11 شهرًا فقط، من حساب باسم "أحمد.م.س"، لقى إقبالًا من قبل المهتمين بشراء أو بيع أو الوساطة في تجارة الأعضاء، وبلغ عدد أعضاؤه 2.9 ألف عضو، وهناك من يتفاوضون مباشرة على الصفحة العامة للجروب، ويناقشون تفاصيل بيع وشراء الأعضاء البشرية.

وبمجرد أن تعثر على مجموعة (جروب) "متبرعين كلى بمقابل مادي" على "الفيس بوك"، وتحاول الانضمام له، يشترط عليك الإجابة عن سؤال لقبول إرسال طلب الانضمام للمجموعة، وهو: هل أنت متبرع أم مريض أو وسيط؟، وسرعان ما تغرق بين عشرات المنشورات من عرض بيع كلى أو شراء  بأسعار خيالية، تبدأ من 20 ألف جنيه وصولًا إلى 150 ألف جنيه، بحسب فصيلة الدم، ومدى احتياج المشتري للكلى.

وخلال الـ24 ساعة الماضية، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط تشكيل عصابي بحلوان، يستقطب رعايا الدول العربية من راغبي بيع وشراء الأعضاء البشرية داخل البلاد، كما أحالت نيابة جنوب الجيزة تشكيلًا آخر إلى محكمة الجنايات بتهمة الإتجار في أعضاء البشر.

في الحادث الأول، أكدت معلومات وتحريات إدارة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر بقطاع مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، بالاشتراك مع قطاعي الأمن الوطني ونظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قيام "محمد ر.إ"، عاطل ، ومقيم المعصرة حلوان، و"عبدالله .ن" يحمل جنسية إحدى الدول العربية، ومقيم حاليًا بإحدى الدول الأوربية، بتشكيل "جروب" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بمسمى "متبرعين كلى بمقابل مادي" مستخدمين أسماء منتحله لاستقطاب رعايا إحدى الدول العربية من راغبي بيع وشراء الأعضاء البشرية وجلبهم للبلاد والتوسط في عمليات البيع والشراء مقابل مبالغ مالية مُتخذين في ذلك العديد من الوسائل الاحتيالية حتى يكونا بمنأى عن ضبطهما، وفقا لبيان لوزارة الداخلية، اليوم.

وأضاف بيان وزارة الداخلية، أنه عقب تقنين الإجراءات تمكنت القوات الأمنية من ضبط المتهم الأول وبصحبته 3 أشخاص "يحملون جنسية إحدى الدول العربية" وعثر بحوزتهم على مجموعة من المستندات والأشعة والتحاليل الطبية التي تؤكد صحة ما أسفرت عنه التحريات. وبمواجهة المتهم، اعترف في محضر الشرطة بمزاولة نشاطه الإجرامي بالاشتراك مع المتهم الثاني من خلال الموقع المشار إليه، وقيامهما بشراء عضو الكلى بمبلغ 8 آلاف دولار وبيعه بمبلغ 11 ألف دولار، واقتسام فارق عملية البيع والشراء فيما بينهما.

وعن الحادث الثاني، وافق المستشار حاتم فاضل المحامي العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، اليوم، على إحالة تشكيل عصابي لمحكمة الجنايات بتهمة الإتجار في الأعضاء البشرية. ووفقا لأمر الإحالة الذي أعدته نيابة حوادث جنوب الجيزة، فإن قرار الإحالة شمل استشاري أمراض كلى و8 آخرين بينهم أطباء وموظفين، ووجهت لهم النيابة تهمة تكوين تشكيل عصابي للإتجار في الأعضاء البشرية، ونقل زرع أعضاء بشرية وإدارة منشأة طبية دون ترخيص.

وعند الانضمام لمجموعة "متبرعين كلى بمقابل مادي" تجد صاحب حساب باسم "فلاور سوري" تعرض في أحد منشوراتها قائلة: "سلام عليكوم..أنا زمرة دمي A موجب.. ومحتاج كلية وياريت إللي معو تحليل أنسجة يبعتلي"، ولم يستغرق المنشور دقائق حتى أجابها حساب مصري باسم "محمد علي" معلقًا "السلام عليكم..متبرع كلى مصري 39 سنة فصيلة الدم O + كافة التحاليل والأنسجة جاد جدااااااااا".

وفي منشور آخر بتاريخ 25 يناير 2018، نشر حساب باسم محمد السيد قائلًا "أنا من مصر عايز اتبرع بكلى فصيله a موجب جاد جدا"، ليجيبه على الفور حساب باسم "الحياة غسيل وزراعة كلى" في تعليق ويطالبه بسرعة التحدث في الرسائل على الخاص، فيما يسأله آخر عن سرعة تقديم تحاليل الأنسجة للتأكد من حالته الصحية. بينما نشر حساب باسم "Yotatooty Totatooty"، قائلًا: "محتاجين متبرع كلي بأسرع وقت فصيله دم b+ بصحه جيده مصري الجنسية"، وعلى الفور أجابه حساب باسم "الحياة غسيل وزراعة الكلى"، والذي شارك من قبل في أكثر من منشور، في تعليق: "موجود".

ويقول تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول تجارة الكلى في مصر، صادر عام 2016، إن 95% من بائعي أعضائهم البشرية من الرجال و5%  من الإناث، ويؤكد التقرير أن نسبة 78% ممن باعوا  كليتهم تدهورت حالتهم الصحية بعدها، كما أن 78% منهم أنفقوا الأموال التي جمعوها من العملية خلال 5 أشهر، بينما 73% منهم تراجعت قدرتهم على أداء الوظائف الصعبة.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية عام 2015، فهناك أكثر من 10 آلاف عملية بيع وشراء أعضاء البشرية تتم في السوق السوداء سنويًا، وما بين 5% إلى 10% من عمليات نقل الكلى على مستوى العالم هي عمليات إتجار أو تهريب عبر الحدود، وتتراوح أرباحها بين 600 مليون دولار إلى 1.2 مليار دولار سنويا حول العالم.

 وتجدر الإشارة إلى أن متبرعين كلى بمقابل مادي، ليس الجروب الوحيد على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وهناك عشرات المجموعات والصفحات على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر، فمنها في مجموعات تحمل اسم "التبرع بالأعضاء"، و"مطلوب متبرعين كلى"، و"مطلوب متبرعين كلى للأهمية"، و"متبرعين كلى سودانيين". وهناك أيضا صفحات "فيسبوك" منها "متبرعين كلى"، و"متبرعين كلى في سوريا دمشق"، و"متبرعين كلى من مصر"، و"متبرعين والمحتاجين كلى".


مواضيع متعلقة