«البحيرة».. المتهم مجهول فى كوارث المصاعد.. وديوان المحافظة بلا «أسانسير»

كتب: إبراهيم رشوان وأحمد حفنى

«البحيرة».. المتهم مجهول فى كوارث المصاعد.. وديوان المحافظة بلا «أسانسير»

«البحيرة».. المتهم مجهول فى كوارث المصاعد.. وديوان المحافظة بلا «أسانسير»

رغم التوسع الأفقى للمبانى الحكومية بمحافظة البحيرة، والذى لا يتطلب وجود مصاعد لنقل الموظفين والجماهير، إلا أن هناك مصالح حكومية ببعض المراكز والمدن بالأدوار العليا، ولا توجد بالعمارات الموجودة بها مصاعد أيضاً، وعلى عكس جارتها «الإسكندرية» لا توجد سلالم كهربائية بالمبانى أو الكبارى والأنفاق بالمناطق العامة، وهو ما يحقق راحة البال للمسئولين ويعفيهم من المسئولية، حسب تقديرهم، وتبدأ رحلة العمل الوظيفى للمسئولين كباراً كانوا أو صغاراً، من السلم الموجود بالمؤسسة التابعين لها، حتى إن مبنى ديوان محافظة البحيرة لا يوجد به «أسانسير».

وفى المقابل تجد خدمة المصاعد متوافرة فى مستشفيات محدودة فقط داخل البحيرة، ولا يكفلها المسئولون للمواطنين أو المرضى العاديين، ويتطلب دخول «الأسانسير» إما أن يكون المواطن جثة هامدة ومتوجهاً من أحد عنابر المستشفى للمشرحة، أو محمولاً على «نقالة» لدخول غرفة العناية المركزة، وفى حالات كثيرة يذهب المريض المقرر إجراء عملية جراحية له، إلى غرفة العمليات على قدميه فى رعاية أهله فقط، دون إشراف طبى، وفى حالات أخرى يضطر أهالى المريض أو المصاب إلى حمله على أكتافهم لتوصيله لغرفة الكشف أو الحجز، بعد فشلهم فى دخول الأسانسير أو الحصول على كرسى متحرك.

مستشفى «حوش عيسى» العام، شهد حادثين خلال السنوات الثلاث الماضية هما الأبشع؛ الأول: ولادة سيدة لمولودها الأول أمام الأسانسير بالمستشفى المذكور، عقب رفض العامل المختص صعودها فيه، معللاً ذلك بضرورة الحصول على تصريح من مدير المستشفى آنذاك، والثانى: وفاة مشرفة تمريض أثناء محاولتها دخول الأسانسير من الدور الرابع، إلا أنه كان موجوداً بالدور الأرضى للصيانة.

{long_qoute_1}

باسم مريم، قيادى بحزب «مستقبل وطن» بالبحيرة، يقول: «سنوات طويلة من المعاناة عاشها الأهالى المترددون على المستشفى العام بحوش عيسى، بسبب أعطال فنية بالمصعدين الموجودين بمبنى المستشفى، ولا أحد ينسى واقعة مشرفة التمريض، فى أكتوبر عام 2017، التى لقيت مصرعها بعد أيام من تعرضها للسقوط داخل بئر مصعد المستشفى من الطابق الرابع، بعد أن استدعت أسماء أحمد إسماعيل المصعد، وعندما فتح الباب وضعت قدميها، إلا أنه لم يكن موجوداً فسقطت داخل البئر، وبعد أيام قليلة من وجودها بالعناية المركزة توفيت متأثرة بجراحها، وبعد التقدم بمذكرات وشكاوى من الأهالى والشعبيين بالمدينة، كانت الإدارة تلقى باللوم على المقاول، والمقاول بدوره يتحجج بالشركة المنفذة، وما بين توزيع الاتهامات كان المريض ومرافقه المتضرر الأول».

وقال سليمان المشد، فنى مصاعد بحوش عيسى، كثيراً ما كنت أسمع عن الأعطال الموجودة بأسانسير المستشفى العام، وبحكم عملى فى هذا المجال، كنت أتطلع لمعرفة أسباب العطل، وعلمت أنها أسباب بسيطة لا تستدعى إيقافه، والأزمة الأساسية هى الخلافات المادية بين الإدارة والمقاول، حيث إن العمل داخل المؤسسات الحكومية يتطلب الصبر للحصول على المستحقات المالية، وهو ما لا يرضى به المقاول أو الشركة المنفذة للأعمال، ويكون تعمد تعطيل الأعمال هو الطريقة الوحيدة للحصول على أموال من الجهة الحكومية. وأضاف أنه بسبب هذه الممارسات يقع ضحايا أبرياء من المرضى المترددين على المستشفى.

ولم يكن المستشفى العام هو المتهم الأول فى الإيقاع بضحايا «الأسانسيرات»، بل امتدت يد الإهمال للمستشفيات الخاصة أيضاً، ويقول حمدى شعبان، نقيب الفلاحين الزراعيين بالبحيرة، إنه قبل 3 أشهر شهد مستشفى «الزهراء» الخاص بمدينة حوش عيسى، حادثاً مأساوياً يضاف إلى سجلات الإهمال بالمدينة، بسبب عطل فنى فى أسانسير بالمستشفى، حيث استدعت إحدى العاملات المصعد بالدور الثالث، وأثناء محاولة دخولها فوجئت بوجوده بالدور الأرضى، ولم تستطع تفادى الأمر وسقطت فى بئر المصعد، لتلقى مصرعها بعد أيام قليلة من الحادث.

{long_qoute_2}

وأضاف أن يد الإهمال طالت المستشفيات الخاصة، التى يلجأ إليها المريض بعد التقصير الذى تشهده المستشفيات الحكومية، وبدأت رحلة الإهمال فى الواقعة المذكورة حينما أقدم ملاك المستشفى على افتتاحه قبل استخراج التصاريح اللازمة، وبعد إيقافهم من قبَل مسئولى الأمن الصناعى لعدم توافر وسائل الأمان اللازمة، إلا أنهم ضربوا كل ذلك عرض الحائط وافتتحوا المستشفى دون استكمال الإجراءات، ولحظهم العثر وقع الحادث الشهير الذى أودى بحياة عاملة بالمستشفى.

وفى مستشفى دمنهور العام، يوجد 5 مصاعد موزعة على المبانى الموجودة بالمستشفى، وتقول «م. ز»، ممرضة فى «صحة البحيرة»: «كنت أعمل بالمستشفى العام بدمنهور، ولا أنكر أن عمليات الصيانة الدورية للمصاعد تتم فى موعدها المحدد، ولا توجد أعطال تذكر بها، ولكن السبب الرئيسى لجودة حالتها هو منع أى أحد من المرضى أو الأهالى استخدام المصاعد، والتشديد على عامل الأسانسير بعدم استخدامه من قبَل الأهالى، وهو ما يزيد العبء على المترددين بالمستشفى، حيث إن هناك حالات لا تستطيع صعود السلم، خاصة مرضى العظام وضيق التنفس والقلب وكبار السن، وتكون الأزمة الكبرى للمحتجزين فى الأقسام الموجودة بالأدوار العليا مثل «الرابع، الخامس»، حيث يعانى مرافقوهم من الصعود والنزول المتكرر طوال اليوم، يصل إلى 10 مرات فى اليوم الواحد، نظراً لاحتياج المريض أدوية أو طعاماً خاصاً وخلافه».

وأضافت أنه لا يوجد بديل لاستخدام الأسانسير سوى السلم، وكثيراً ما كنت أرى حالات مرضية لا تستطيع صعود السلم، ويمنعهم العامل من استخدام المصعد، وفى المقابل يتم تجهيزه للأطباء والنواب وكبار المشرفين، بحجة عدم تعرض المصاعد للأعطال، ويستخدم المصعد الكبير فقط لحالات الوفاة والمرضى المتوجهين إلى غُرف العناية المركزة، وأحياناً يحصل العامل من أهل المريض على إكرامية لاستخدام الأسانسير.

وذكر مصدر بمديرية الصحة بالبحيرة، رفض ذكر اسمه، أنه تم تشكيل لجنة من المديرية للوقوف على سلامة مصعدى المستشفى العام بحوش عيسى، وأنه تم استخراج التراخيص اللازمة للمستشفى الخاص الذى شهد واقعة وفاة عاملة بسبب عطل الأسانسير قبل 3 أشهر، بعد استكمال إجراءات الأمن والسلامة المقررة، بالإضافة إلى المرور الدورى على المستشفيات من قبَل لجنة فنية متخصصة، لإجراء الفحص على المصاعد الموجودة بها.


مواضيع متعلقة