3 فرخات بـ50 جنيه

ظاهرة انتشرت فى الأسواق المصرية خلال الأيام القليلة الماضية، أصبحت حديث قطاع كبير من المصريين. شخص يجلس داخل إحدى الأسواق وأمامه مجموعة من الكراتين، وينادى على الـ3 فرخات بـ50 جنيه. كثيرون أقبلوا على الشراء، كيف لا وقد تجاوز سعر الدجاجة المجمدة بالمحال والسوبرماركت سعر الـ50 جنيهاً؟!. آخرون تشككوا فى الأمر وبدأوا يتساءلون عن صلاحية الدجاج المجمد المتوافر بهذا السعر المنخفض للاستهلاك الآدمى. وجاءت الإجابة الرسمية من الأجهزة المسئولة عن رقابة الأسواق، حيث أكدت القيام بحملات على الأسواق أثبتت صلاحية الفراخ المطروحة للاستهلاك الآدمى، وأن كل ما فى الأمر أن صلاحيتها تنتهى خلال شهر فبراير، وبالتالى يؤدى قِصر مدة صلاحيتها إلى خفض أسعارها (مؤكد أن توزيعها قبل أيام من انتهاء صلاحيتها أمر يثير التساؤل!). موقع الأهرام الزراعى أضاف معلومة جديدة إلى المسألة، حين أكد أن جهاز الخدمة الوطنية هو الجهة المستوردة للدجاج فى إطار خطة الدولة لإتاحة وتوفير السلع الأساسية والاستراتيجية وعدم ترك الساحة لتحكّم بعض التجار وزيادة الأسعار بدون مبرر على المستهلكين. فى المقابل اشتكى المنتجون الوطنيون للدجاج المجمد والطازة من التأثيرات السلبية للصفقة الجديدة على الصناعة التى يعمل بها ما يزيد على 2 مليون مواطن.

سؤال: الدجاجة المسعرة بـ17 جنيهاً خرجت من بلدها بكام؟. بإمكانك تحديد الثمن إذا خصمت من الـ17 جنيهاً تكلفة النقل والتوزيع والمتطلبات المالية الأخرى حتى تصل «الفرخة» إلى المستهلك. ولك أن تتخيل فى ضوء هذه الحسبة كم يكسب مَن يحتكرون استيراد الفراخ المجمدة فى مصر ويبيعونها للمستهلك بسعر يتراوح ما بين الـ50 والـ60 جنيهاً. وقِس على ذلك مكاسب محتكرى استيراد اللحوم وغيرها من السلع الحيوية بالنسبة للمواطن.

سؤال آخر جدير بالطرح: لماذا سمحت الدولة -فى هذا التوقيت بالذات- باستيراد وطرح هذه الفراخ الرخيصة فى حين تركت المواطن طيلة الشهور الماضية التى أعقبت تعويم الجنيه نهباً لارتفاعات غير مسبوقة فى الأسعار؟. ربما كان جهاز الخدمة الوطنية أرفق بالمواطن من الحكومة التى تسمح للاحتكارات بالبرطعة فى جيب المواطن، دون أن توقفها عند حدها. وقد يقول قائل إن الأمر يرتبط بأجواء الانتخابات الرئاسية التى تعيشها مصر هذه الأيام. أياً ما كانت الإجابة فإن هذه الواقعة تقول إن أجهزة الدولة تملك الكثير من الحلول التى تمكنها من التخفيف عن كاهل المواطن، وضرب الاحتكارات، وإغراق السوق بالسلع الأساسية التى يحتاج إليها المواطن بشكل يدفع بالتجار والمحتكرين إلى مراجعة قوائم أسعارهم، وفى الوقت نفسه تراعى العاملين فى الصناعة، حتى لا نحل مشكلة مواطن بخلق مشكلة لمواطن آخر.

أتعشم ألا يكون الأمر مرتبطاً فقط بالمناسبة الانتخابية، ليعود «أبوك عند أخوك» بعد الانتهاء منها، وأن تكون هذه الخطوة بداية تعقبها إجراءات أخرى لضرب الاحتكار والمحتكرين، خصوصاً المحتكرين بدعم أو سند من مسئولين حكوميين. فعليك ألا تعبر سريعاً على هذا النشاط الحكومى المكثّف للكشف عن صلاحية الفراخ المطروحة فى الأسواق حالياً، خصوصاً أن التجربة مع حكومتنا تؤكد أن حرصها على التاجر يفوق حرصها على المستهلك، وقلقها على أصحاب الأموال يزيد بدرجة محسوسة على قلقها على المواطن الغلبان!.