قضاة: اقتراح «المحكمة الشرعية» تعدٍ على «الدستورية».. وإنشاؤها يهدد بزوال سلطة القضاء المدنى

كتب: أحمد ربيع ومى رضا

قضاة: اقتراح «المحكمة الشرعية» تعدٍ على «الدستورية».. وإنشاؤها يهدد بزوال سلطة القضاء المدنى

قضاة: اقتراح «المحكمة الشرعية» تعدٍ على «الدستورية».. وإنشاؤها يهدد بزوال سلطة القضاء المدنى

رفض قضاة اقتراح حزب الأصالة السلفى بإنشاء محكمة شرعية عليا يتم النص عليها فى الدستور الجديد، تتولى مراقبة القوانين الشرعية واللوائح الإدارية والتنفيذية المخالفة للشريعة الإسلامية. واعتبروا أن ذلك تعدٍ على اختصاصات المحكمة الدستورية العليا، وإهدار لمبدأ الفصل بين السلطات، وحذروا من وجود تنازع قضائى وزوال سلطة القضاء المدنى. وقال المستشار الدكتور محمد ماهر أبوالعينين نائب رئيس مجلس الدولة، أن إنشاء المحكمة الشرعية العليا عودة لما قبل الستينات، حينما كانت موجودة تلك المحاكم وألغاها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحلت محلها محاكم الأحوال الشخصية التى تم تعديل قانونها بمحاكم الأسرة. وتوقع أبوالعينين رفض اقتراح إنشاء المحكمة الشرعية العليا لما يمثله من سلب لاختصاصات المحكمة الدستورية العليا، وقال إن الدافع وراء هذا الاقتراح هو تخوف أعضاء الجمعية التأسيسية من تفسير المحكمة الدستورية العليا لنص المادة الثانية من الدستور الخاصة بمبادئ الشريعة الإسلامية على النحو الذى فسرته به قبل ذلك، حينما قصرت تفسيرها لمبادئ الشريعة على الأحكام قطعية الثبوت وقطعية الدلالة فقط، وورد فى نص حكم المحكمة الدستورية قولها: «فلا يجوز لنص تشريعى، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً؛ لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً». وأوضح نائب رئيس مجلس الدولة أنه فى ظل الصراع بين البرلمان والمحكمة الدستورية العليا يزداد التخوف من الحكم بعدم دستورية مواد -على سبيل المثال- فى قوانين الرؤية أو الحضانة. من جانبه، قال المستشار خالد محجوب بمحكمة استئناف القاهرة أن هذا الاقتراح ينتزع من السلطة القضائية سلطتها فى مراقبة القوانين الممنوحة للمحكمة الدستورية العليا، بما يعد تعدياً عليها يناقض المبدأ الدستورى المقر فى جميع دساتير العالم «الفصل بين السلطات». وأضاف محجوب أنه يمكن تعديل الاقتراح بإنشاء إدارة داخل المحكمة الدستورية العليا تتبعها، تكون مهمتها تفسير المادة الثانية من الدستور ومدى مطابقة القوانين للشريعة الإسلامية بشرط أن ينص على أن تكون رقابة القوانين المتعلقة بالشريعة الإسلامية والمرتبطة بالمادة الثانية سابقة وليست لاحقة على إصدارها. وأشار إلى أن المحاكم الشرعية فى فترة إنشاء المحاكم النظامية كانت تعمل بأرجح الأقوال لمذهب الإمام أبوحنيفة وكانت الإجراءات فيها لا تخلو من نقد وعيب، وقد ظهر ذلك جليا عند إنشاء المحاكم النظامية، حيث كانت الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الشرعية تظل لأعوام كثيرة دون أن يفصل فيها، الأمر الذى دفع الشيخ محمد عبده، وبعض العلماء إلى البدء فى تعديل إجراءاتها بعد ورود شكاوى عديدة من المواطنين بتأخر حصولهم على حقوقهم نتيجة البطء فى التقاضى أمام المحاكم الشرعية. ووصف المستشار محمود الخضيرى، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل، الاقتراح بـ«الفرقعة الإعلامية التى لا قيمة لها». ونفى الخضيرى إمكانية تنفيذه، قائلاً: «هذه المطالب مبالغ فيها ولن تنفذ؛ لأن القضاة يعرفون القوانين الخاصة بالشريعة». وعن رد فعله فى حال إقرار هذا الاقتراح كمادة أساسية ضمن مواد الدستور الجديد ومن ثم الاستفتاء عليها، أكد الخضيرى أنه لا بديل للموافقة عليه طالما وافق الشعب عليها. ومن جانبه، أكد المحامى نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، أن مطلب حزب الأصالة لإنشاء «محاكم شرعية عليا» يعد إحدى الخطوات التى ينتهجها المنهج السلفى لتغيير شكل وهوية الدولة والنظام القضائى بها. وأشار جبرائيل إلى أن هذا المطلب يتشابه مع الفكر الوهابى فى المملكة العربية السعودية الذى يقوم على القضاء الشرعى دون القضاء الوطنى، لافتاً إلى أن المحاكم الشرعية تتعارض مع طبيعة مصر وتعدداتها الدينية والثقافية ومكوناتها الحضارية. وحذر جبرائيل من مخاطر إنشاء محاكم شرعية، مشيرا إلى أن إنشاء هذه المحاكم سيؤدى لوجود تنازع قضائى، متسائلاً عن القضاء الأعلى المناط به الفصل فى مسائل الاختلاف بين المحكمتين الدستورية العليا والشرعية العليا، مؤكدا أن المحكمة الشرعية العليا ستكون الأعلى بطبيعة أن الشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع، مما يسفر عنه زوال سلطة القضاء المدنى. وعن رد فعل الأقباط فى حال الموافقة على الاقتراح، أكد جبرائيل أنهم سيعترضون على تنفيذ هذا الاقتراح، وسيتقدمون بمذكرات لرئيس الجمهورية ووزير العدل، وسينظمون العديد من الوقفات الاحتجاجية المتتالية، لافتا إلى أن هذا المطلب يقيد من حرية الأقباط فى شرائعهم، قائلاً: «هذا الاقتراح ضد حقوق الإنسان وحرية العقيدة والشريعة الإسلامية نفسها».