«الوطن» فى «الدلاتون».. هنا عاش «أبوسويلم وصفية ودياب وعبدالهادى»

«الوطن» فى «الدلاتون».. هنا عاش «أبوسويلم وصفية ودياب وعبدالهادى»
- أجواء سياسية
- أستاذ جامعى
- أفضل الروايات
- أفلام سينمائية
- أهالى القرية
- الأزهر الشريف
- الدكتور عبدالمنعم
- عبدالرحمن الشرقاوي
- معرض الكتاب
- أجواء سياسية
- أستاذ جامعى
- أفضل الروايات
- أفلام سينمائية
- أهالى القرية
- الأزهر الشريف
- الدكتور عبدالمنعم
- عبدالرحمن الشرقاوي
- معرض الكتاب
فى صبيحة يوم 10 نوفمبر 1920 رُزق الشيخ أحمد الشرقاوى بأصغر أبنائه «عبدالرحمن»، الأجواء فى القرية مشتعلة، والحديث عن ثورة 1919 لا يخلو منه بيت فى قرية «الدلاتون»، الفلاحون يشتكون من ظلم الإنجليز ويتناقلون قليلاً من الروايات التى ينقلها لهم الوافدون من القاهرة. أجواء سياسية مشتعلة وأحداث متتالية كوّنت فكر الصغير الذى نشأ وتربى داخل بيت ميسور لأب حاصل على عالمية من الأزهر الشريف، فمنزلهم مكون من 5 غرف كبيرة ومتصل بهاتف «مانفيلة» لا يوجد مثيله سوى فى بيت العمدة.
حرص الوالد على تعليم أولاده الأربعة حتى تخرجوا فى جامعة فؤاد الأول، وكان نصيب الشرقاوى الصغير فى كلية الحقوق رغم رغبته فى دراسة الآداب، خاصة أنه يمتلك موهبة الكتابة، لكنه أنصت إلى نصيحة الوالد دون أن يتخلى عن موهبته التى نتج عنها أفضل الروايات الأدبية التى حُوِّل بعضها إلى أفلام سينمائية جاء على رأسها روايته «الأرض» التى تحولت إلى فيلم سينمائى أخرجه المخرج الكبير يوسف شاهين.
«الوطن» زارت قرية «الدلاتون» مسقط رأس الأديب الراحل عبدالرحمن الشرقاوى، لتكشف عن جزء من نشأته الريفية التى ترسخت فى وجدانه حتى بعدما ترك القرية واستقر فى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية ومن ثم انخرط فى عمله الصحفى والأدبى. على بُعد 10 دقائق من مدينة شبين الكوم كان بيت الأديب الراحل باقياً كما هو، مبنى يميل إلى شكل «الفيلا» وتحيطه حديقة كبيرة من جميع الاتجاهات لم يتغير فيه شىء منذ بنائه الذى يعود إلى العام 1944، مكون من خمس غرف ودورتَى مياه، والأثاث كما هو، فالغرفة ما زالت تضم سريرين من الحديد كانوا يطلقون عليه فى الماضى «أبوعمدان»، وهناك سفرة خشبية قديمة تحمل تراثاً قارب على المائة عام، وبجوار الباب كانت المضيفة الشاهدة على استقبال ضيوف الشيخ أحمد عبدالرحمن، وكذلك ضيوف أولاده وأبطال رواية فيلمه «الأرض» الذى تم تمثيل بعض مشاهده داخل البيت. أمام البيت كان ثلاثة من أقارب الأديب عبدالرحمن الشرقاوى فى استقبالنا، من بينهم أحمد الشرقاوى ابن شقيق الأديب الراحل، وبصحبته مجدى الصياد وحسن الصياد من أقاربه.
{long_qoute_1}
يقول أحمد الشرقاوى إن الحاج أحمد الشرقاوى كان واحداً من بين أهالى القرية المحبوبين، وكان بيته مفتوحاً لأهالى القرية، حتى العمدة كان يلجأ إليه لأخذ رأيه فى أمور القرية: «فى رمضان كان كل يوم يجيب مقرئ ويجمع أهالى القرية لإحياء الليالى الرمضانية بالقرآن، وفى آخر يوم فى الشهر يذبح الذبائح ويوزعها على أهالى القرية». ويضيف: «كان لدى الشيخ أحمد الشرقاوى أربعة أبناء هم عبدالفتاح وعبدالغفار وعبدالمنعم وعبدالرحمن، وكان هناك (حنطور) خاص بالبيت مخصص لتوصيل الأبناء إلى مدارسهم، وكان عبدالرحمن الشرقاوى يذهب إلى مدرسة المساعى المشكورة فى شبين الكوم يومياً».
ويتابع الشرقاوى: «عمى عبدالرحمن كان مرتبطاً بالقرية وكانت وصيته أن يتم دفنه فيها، لكن بعد وفاته تلقى أهله اتصالاً من رئاسة الجمهورية يفيد بصعوبة الأمر، خاصة أن هناك رؤساء ومندوبين عن دول عربية وأجنبية سوف يحضرون جنازته، وبالفعل تم تحديد موعد للعزاء فى عمر مكرم ودُفن عبدالرحمن الشرقاوى فى القاهرة». ارتباط الأديب عبدالرحمن الشرقاوى بقريته ظهر جلياً فى رواية الأرض التى تحولت إلى فيلم سينمائى كان حسن محمود عمر الصياد، أحد أقرباء الشرقاوى، شاهداً عليه أثناء تمثيل مشاهد من الفيلم فى قرية الدلاتون قائلاً: «كان ساعتها عندى 16 سنة عندما شاهدت الفنان محمود المليجى والفنانة نجوى إبراهيم هنا فى بيت الأستاذ عبدالرحمن الشرقاوى، كانت كل البلد بتيجى تقف قدام البيت وكل البيوت بتطلّع صوانى الأكل من الفطير المشلتت والقشطة والعسل، حتى ستات القرية طلعوا فى مشاهد التمثيل اللى كانت فيها الفنانة نجوى إبراهيم وهى بتملا الميّه من بحر شبين».
ويضيف الرجل الخمسينى مشيراً إلى المسجد المبنى على ضفة النهر والذى يبعد خطوات قليلة عن البيت: «كان مكان المسجد زمان مصلية اسمها الصيادين كانت الفنانة نجوى إبراهيم تروح تقعد عندها وستات البلد بتتجمع حواليها وهى لابسة الطرحة والعباية السوداء». يتذكر الحاج حسن مشهد الساقية الأشهر فى الفيلم حيث وقعت الجاموسة فى البئر، والخدعة السينمائية التى لجأ إليها يوسف شاهين حتى تظهر بهذا الشكل: «هما أصلاً ماكانوش واقعين بجد، وده ماكانش البير، بس المخرج عملها بخدعة سينمائية عشان تبان بالشكل ده»، لافتاً إلى أن الساقية لم تعد موجودة.
وحول رواية الأرض أكد الرجل الخمسينى أنها قصة حقيقية عايشها الأديب عبدالرحمن الشرقاوى: «كان البلد يحكمها مجموعة من الإقطاعيين والناس تطلع تشتغل بالأجرة بأجر رمزى والفلاح اللى كان بيتأخر عن الأرض كان بيتم طرده حتى الطريق اللى كان هيتعمل فى أرض الفلاحين والناس طلعت رمت الحديد كانت كلها قصة حقيقية». وأوضح أن الأديب عبدالرحمن الشرقاوى أظهر الشخصيات فى روايته بأسمائها الحقيقية، وأثناء تصوير الفيلم جلست تلك الشخصيات مع الفنانين: «وصفية وعلوان ودياب وعبدالهادى كانوا موجودين مع الفنانين قبل تصويرهم للفيلم عدا الشيخ الشناوى كان قد توفى وكان اسمه فى الحقيقة المنشاوى وتم تغييره بناء على طلب أسرته».
ومن المواقف التى تأثر بها الأديب عبدالرحمن الشرقاوى وأسرته قضية اعتقال أخيه الذى يكبره «عبدالمنعم الشرقاوى»، وهو ما حكاه مجدى أحمد الصياد، أحد أقارب الأديب: «كانت فترة صعبة جداً». وأضاف: «رأيت الدكتور عبدالمنعم بعد الإفراج عنه، كانت قدماه شديدتى التورم، وبسؤاله عن السبب حكى لوالده أنه خلال فترة اعتقاله كانوا يجبرونه على أكل الرنجة فى أشد فصول الصيف ويمنعون عنه المياه ما تسبب فى تورم قدميه». وتابع: من بين المواقف التى تعرض لها عبدالمنعم وجود أحد العساكر كان تلميذاً له ومكلفاً بحراسته وكان يمنحه فى الخفاء «زلط صغير» لكى يضعه أسفل لسانه فلا يشعر بالعطش.
ولفت مجدى إلى أنه خلال فترة اعتقاله طلب منه حسن عليش، وكيل جهاز المخابرات وقتها، دفع مبلغ 25 ألف جنيه حتى يتم الإفراج عنه، ولكنه أخبرهم أنه لا يمتلك هذا المبلغ فهو أستاذ جامعى ويمتلك مكتباً صغيراً للمحاماة ومكتب استفتاءات فى الكويت، إلا أن ابن عمه الدكتور عبدالمجيد الشرقاوى قام بالدفاع عنه وتمكنوا من تحويل صلاح نصر رئيس جهاز المخابرات وحسن عليش وكيل الجهاز للتحقيق وتم تفجير قضية صلاح نصر. وسبق أن تم اعتقال عبدالرحمن الشرقاوى أيام الملك فاروق خلال دراسته فى الجامعة فى القاهرة، ما انعكس على بعض رواياته وظهر بشكل واضح فى «الشوارع الخلفية».