من 2005 إلى 2018.. 4 انتخابات رئاسية والأحزاب خارج المنافسة

كتب: إمام أحمد

من 2005 إلى 2018.. 4 انتخابات رئاسية والأحزاب خارج المنافسة

من 2005 إلى 2018.. 4 انتخابات رئاسية والأحزاب خارج المنافسة

فى السابع من سبتمبر 2005 شهدت مصر أول انتخابات على منصب رئيس الجمهورية، خاضها 10 مرشحين مثلوا 10 أحزاب، وانتهت بفترة رئاسية جديدة للرئيس الأسبق حسنى مبارك، بعد حصوله على 88% من الأصوات، ومنذ ذلك التاريخ شهدت مصر استحقاقين انتخابيين على مقعد «الرئيس» فى 2012 و2014، وتقف الآن على بُعد خطوة واحدة من الاستحقاق الانتخابى الرابع. تغيرت أسماء المرشحين واختلفت الظروف السياسية وجاءت حكومات وذهبت حكومات إلا أن الشىء الوحيد الذى ظل مشتركاً طيلة 13 عاماً سابقة هو غياب الأحزاب عن المنافسة، إما بالمشاركة دون منافسة حقيقية أو الغياب تماماً عن المشهد وعدم خوض السباق الرئاسى.

وتمتد الحياة الحزبية فى مصر لأكثر من 110 سنوات، حيث يُعتبر 1907 عام نشأة الأحزاب السياسية المصرية مع ظهور حزب الأمة بقيادة أحمد لطفى السيد، والحزب الوطنى بقيادة مصطفى كامل، ويصل عدد الأحزاب حالياً لأكثر من 100 حزب لم يدفع أى منها بمرشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. الدكتور حسن أبوطالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال لـ«الوطن»، إن الأحزاب المصرية تعانى من ضعف كبير فى شعبيتها، لأنها غير موجودة على الأرض، ولا تتمتع بظهير جماهيرى واجتماعى حقيقى.

واعتبر «أبوطالب» أن غياب الأحزاب عن المنافسة فى أى انتخابات رئاسية يرجع إلى أنها تعانى من مشكلة ضخمة للغاية، وهى أنها منقطعة الصلة عن المواطن، وتوجد فجوة كبيرة بينها وبين المواطنين، وأضاف «أبوطالب» أن غياب الأحزاب عن الاتصال بالجماهير جعلها محل شك لدى المواطن الذى يفقد ثقته فيها، مؤكداً أن الأحزاب غفلت عن توثيق صلتها مع أبناء المجتمع، فى ظل التقلبات المتلاحقة التى شهدها الشارع المصرى خلال الأعوام الأخيرة، لافتاً إلى أن المجتمع أصبح لديه حالة من الشك تجاه الأحزاب بشكل عام، وحالة أخرى من الحيرة والترقب ناحية الأوضاع السياسية.

{long_qoute_1}

ودفعت 7 أحزاب بمرشحين فى انتخابات 2012 من بين 12 مرشحاً، وهى أحزاب: «التجمع» الذى دفع بالمستشار هشام البسطويسى، و«التحالف الشعبى الاشتراكى» الذى دفع بأبوالعز الحريرى، و«السلام الديمقراطى» الذى دفع باللواء حسام خيرالله، و«الأصالة» الذى دفع بالسفير عبدالله الأشعل، و«الجيل الديمقراطى» الذى دفع بفوزى عيسى، و«البداية» الذى دفع بالمرشح محمود حسام، إضافة إلى حزب «الحرية والعدالة» المنحل، الذى دفع بالرئيس المعزول، محمد مرسى.

وقال الدكتور يسرى العزباوى، الباحث السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الأحزاب تحتاج إلى عمل وجهد كبير حتى تصبح قادرة على المنافسة فى الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن غياب السباق الرئاسى عن أى مرشح حزبى يعكس حالة سياسية وحزبية متدهورة وتحتاج إلى إعادة نظر. واعتبر أن العدد الكبير للأحزاب أحد أسباب ضعفها، داعياً للدخول فى اندماجات حزبية. وأضاف أن الأحزاب المصرية فى مأزق كبير، فالعدد كبير والتأثير محدود، وذلك لعدة أسباب، منها أنه لم يأتِ أداء الأحزاب الممثلة فى البرلمان على المستوى المتوقع أو المأمول منها، وما زالت العضوية محدودة فى هذه الأحزاب، كما أن هذه الأحزاب لا تمتلك حركة أو وجوداً حقيقياً فى الشارع المصرى.

وأوضح الباحث السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن هناك مشكلة متعلقة بالتمويل والعمل العام للأحزاب، بالإضافة إلى غياب القيادات الطبيعية فى القرى والكفور والمحافظات عن الأحزاب وإن وُجدت فهى دائمة المشاكل مع القيادات الحزبية، بجانب الانشقاقات والانقسامات المستمرة داخل الأحزاب المصرية. وأشار «العزباوى» إلى أن الأحزاب ذات المرجعية الدينية أثرت على الحياة الحزبية بالسلب، خاصة التى مارست العنف والإرهاب بعد ثورة 25 يناير، مطالباً بضرورة أن يكون هناك تحالفات وتكتلات تضم عدة أحزاب متشابهة فى البرامج لتقليل عددها.

وقالت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق، ومؤسس «التحالف الجمهورى»، إن دمج الأحزاب هو السبيل الوحيد لإنقاذها لتصبح قادرة على المنافسة الحقيقية وبناء علاقات اجتماعية شعبية، مؤكدة أنها يجب أن تتم عن طريق تعديل قانون تأسيس الأحزاب السياسية بحيث يمنح القانون مهلة 6 شهور أو سنة على الأكثر للأحزاب للوصول بالعضوية العاملة فيها إلى ما لا يقل عن 50 ألف عضو موزعين على 10 محافظات على الأقل، والحزب الذى يعجز عن تحقيق هذه النسبة عليه الاندماج مع الأحزاب الأخرى التى تحمل نفس الأيديولوجيا، أو يتم حله بقوة القانون. وقالت «الجبالى»، لـ«الوطن»، إنه من خلال هذه الرؤية ستُمنح الأحزاب فرصة أكبر للاندماج فيما بينها، من خلال وضع حافز فى القانون للأحزاب للوصول لفكرة الدمج بشكل قانونى لأن ترك الأحزاب للأهداف والهوى الشخصى لرؤسائها لن يجدى، ومن الممكن أن يكون هذا الحافز دعماً مادياً أو من خلال توفير مساحة لها فى استخدام وسائل الإعلام والصحافة المملوكة للدولة، مما يُحدث الرغبة لدى الأحزاب فى الاندماج، وفتح مقرات الدولة كمراكز الشباب وقصور الثقافة أمامها، وهو ما يتيح الفرصة أمام التجمعات الشبابية والثقافية والطلابية طوال العام، مشيرة إلى أن هذا الأمر سيعزز العمل السياسى والحزبى بشرط ألّا يتحول الأمر إلى ساحة للصراع والاقتتال بين شباب الأحزاب.

{long_qoute_2}

وكان «الوفد» الحزب الوحيد الذى درس حتى اللحظات الأخيرة إمكانية الدفع بمرشح فى انتخابات الرئاسة 2018 قبل أن يعلن دعمه للرئيس السيسى لخوض دورة رئاسية جديدة. وقال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إشكالية ضعف الأحزاب السياسية وعجزها عن الدفع بمرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية تتمثل فى وجود مشكلات هيكلية داخل الأحزاب تحول بينها وبين إفراز كوادر سياسية والمبادرة بممارسة سياسية حقيقية، عبر طرح بعض الوجوه للانتخابات الرئاسية، فمنذ ثورة يناير وحتى 30 يونيو لم يحدث حراك داخل الأحزاب.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن الأحزاب المصرية فشلت فى استقطاب عناصر جديدة، ولم تدخلها القوى المستدعاة والفاعلة فى الحياة السياسية كالشباب، وظلت العناصر القديمة منذ فترة مبارك قابضة على مراكز صنع القرار داخل الأحزاب، موضحاً أن هناك أسباباً عديدة أدت لما وصلت له الأحزاب المصرية الآن، فى ظل عدم وجود برامج واقعية أو ممارسة سياسية بعد الثورة، ورفع الدولة يدها عن الأحزاب فى التمويل، واختلاط المال بالنفوذ السياسى داخل الأحزاب.

وانتقد «فهمى» عدم وجود تنشئة سياسية داخل الأحزاب، وعجزها عن إفراز جيل جديد من الكوادر، وعدم تطور برامجها ليتعامل معها الجمهور، وفشلها فى استدعاء الشخصيات، ليصبح كل ما يظهر منها الآن العناوين فقط، متابعاً: «كل هذه الأسباب جعلت حزب الوفد على ما هو عليه، وبدأ التجمع فى الاندثار، الأحزاب لا تتعامل مع المواطن وبالتالى فإنه يتعامل معها باعتبارها غير موجودة، ومن جانبها تكتفى بأنشطة ليست من مهمتها، كسفريات الحج والعمرة والأنشطة الاجتماعية التى لا علاقة لها بالسياسة، غير أنها لا تتعامل مع المشكلات الحقيقية التى يواجهها المجتمع، وتقف مكتوفة الأيدى أمام القضايا والاستحقاقات المهمة».


مواضيع متعلقة