الدولة المصرية
- الأوضاع الاقتصادية
- الدولة المصرية
- الرئيس السادات
- الرئيس عبدالناصر
- الصحة والتعليم
- الفترة الأخيرة
- باهظة الثمن
- تراجع أ
- ثورة يناير
- دولة قوية
- الأوضاع الاقتصادية
- الدولة المصرية
- الرئيس السادات
- الرئيس عبدالناصر
- الصحة والتعليم
- الفترة الأخيرة
- باهظة الثمن
- تراجع أ
- ثورة يناير
- دولة قوية
زاد خلال الفترة الأخيرة الاتجاه نحو التخويف من سقوط «الدولة المصرية». ولا خلاف على أن المصريين من أشد شعوب الأرض حرصاً على العيش فى دولة قوية ومتماسكة. الدولة بالنسبة للمواطن المصرى تمثل عمقاً تاريخياً ومطلباً إنسانياً، لأنها فى كل الأحوال - بما فى ذلك حالات ضعف الدولة - تمثل بالنسبة له نقطة توازن وجوهراً من جواهر البقاء والاستمرار. وبغض النظر عن صعود أو تراجع أدوار الدولة فى حياة المصريين، فهم حريصون كل الحرص عليها. أيام الرئيس عبدالناصر -رحمه الله- كانت الدولة تقوم بأدوار متنوعة ومؤثرة فى حياة المواطن، كانت غالبية المصريين تنظر إلى الدولة نظرة أبوية، ويعتبرون أنفسهم «عيالها». والدولة من ناحيتها لم تكن تقصّر معهم، فكانت تجتهد فى توفير ما يحتاجه المواطن على مستوى الصحة والتعليم والسكن وخلافه، ربما شكك البعض فى مستوى الجودة، لكن أحداً لا يستطيع أن ينفى عن الدولة الناصرية أنها كانت تجتهد فى منح المواطن قدر ما تستطيع. كما أن أحداً لا يستطيع أن ينفى أن الدولة كانت تقايض المواطن على حريته مقابل القوت.
حاولت الدولة التراجع عن بعض أدوارها فى حياة المواطن، فى عصر الرئيس السادات، لكن الأمر جُوبه بسخط جماهيرى واسع فى مظاهرات 18 و19 يناير 1977. تراجع السادات عن قراراته التى تتحلل فيها الدولة من مسئولياتها نحو المواطن. وفى عهد «مبارك» حرص النظام كل الحرص على عدم الاقتراب من هذا الملف بشكل مباشر، لكنه بدأ يعتمد على أسلوب أكثر حرفية، إذ أخذت الدولة تنسحب من حياة المواطن انسحاباً متدرجاً غير محسوس. فى كل الأحوال يبدو أن المواطن تصالح مع كافة الأنظمة الحاكمة بعد يوليو 1952 على معادلة «خُذ السياسة وراعِنى فى المعيشة».
بعد ثورة يناير اختلفت أمور عديدة، أولها أن قطاعاً لا بأس به من المصريين أصبح لديه تصورات ورؤى فى شكل الأنظمة السياسية التى تحكمه، من بينها على سبيل المثال رفض فكرة «التأبيد» التى عمل «مبارك» على ترسيخها، وقد بان ذلك واضحاً فى دستورى 2012 و2014، والأغرب أن الشعب لم يعد يطيق المواصلة مع حاكم لا يسرع فى تحقيق أشواقه السياسية نحو بناء دولة المواطنة، وخروج الناس فى 30 يونيو 2013 شاهد على هذا التحول. وتوازى مع ذلك تراجع فى قدرة الدولة على الرعاية، بسبب الأوضاع الاقتصادية المعقدة التى عاشتها مصر بعد 2011، فبدأت الدولة تحرر يديها من أية أعباء أو التزامات لها ناحية المواطن. معادلة جديدة/قديمة بدأ المواطن يعيشها، تتحلل فيها الدولة من التزاماتها الخاصة نحوه، فى وقت تتمسك فيه بحقها التاريخى فى الانفراد بالقرار. وبدلاً من أن تصبح المقايضة على القوت مقابل الحكم، أصبحنا أمام موقف يشبه موقف طبيب ذهب إليه مريض يشتكى أوجاعاً، فما كان من الطبيب إلا أن وصف لها أدوية باهظة الثمن، لم تؤد إلى تحسين حالته. وفى يوم الاستشارة شكا المريض للطبيب عدم تحسن حالته رغم الثمن الباهظ الذى دفعه، فبادره الطبيب بالقول «احمد ربك إنك عايش.. أنت كان المفروض تموت».