«السوشيال ميديا» سلاح ذو حدين.. سهلت فرص التواصل الإيجابى بين المواطنين وساهمت فى رفع حدة التوتر والخلافات

كتب: محمد عاشور

«السوشيال ميديا» سلاح ذو حدين.. سهلت فرص التواصل الإيجابى بين المواطنين وساهمت فى رفع حدة التوتر والخلافات

«السوشيال ميديا» سلاح ذو حدين.. سهلت فرص التواصل الإيجابى بين المواطنين وساهمت فى رفع حدة التوتر والخلافات

قبل 13 عاماً، وتحديداً فى الرابع من فبراير عام 2004، لم يكن يعرف مستخدمو الإنترنت فى العالم المنصة الاجتماعية الرقمية الأشهر «فيس بوك»، التى أصبحت الآن أهم منصة اجتماعية يستخدمها ما يقرب من 1.5 مليار شخص يومياً، بحسب ما أعلنه مارك زاكيربيرج، الرئيس التنفيذى ومؤسس الشبكة، فى نوفمبر الماضى، ويعد عام 2004 بالنسبة لمستخدمى الإنترنت نقطة تحول فى مسار البيانات الرقمية، حيث طرحت أيضاً شركة «جوجل» أسهمها فى اكتتاب عام، ما جعلها تتوسع فى الانتشار وكذا تقديم خدمات أفضل للمستخدمين، مع الاستحواذ على شركات جديدة تحت مظلتها مثل «جوجل بلاس» و«يوتيوب». «الإعلام البديل» أو «إعلام المواطن»، مصطلحات نشأت مع التوسع فى استخدام المنصات الرقمية فى نقل المعلومات والأحداث، وتحولت المنصات الرقمية والاجتماعية من مجرد أداة للتواصل الاجتماعى أو طريقة للبحث عن محتوى على الشبكة العنكبوتية إلى مصدر للمعلومات لدى بعض المستخدمين غير المتخصصين فى كل المجالات، وأصبح المواطن العادى صحفياً، ما تسبب فى تراجع دور الصحافة الكلاسيكية المطبوعة لصالح الصحافة الإلكترونية، ومع توسع الأحداث حول العالم وظهور بقع ملتهبة فى عدة مناطق، لم يستطع الصحفيون تغطية كل ما يدور حول العالم بمفردهم فاستعانوا بهذا «المواطن الصحفى» الذى يستخدم الشبكات الاجتماعية لنقل ما يدور حوله، ولأن الشبكات الرقمية يغذيها وينشطها مستخدموها بطريقة لا مركزية أصبحت بعد هذه الطفرة التى حدثت فى النصف الثانى من العقد السابق «سلاحاً ذا حدين»، حده الأول لتسهيل التواصل والبحث ولا مانع من قضاء وقت ترفيهى، وحده الثانى نقل معلومات غير موثقة وأخبار قد يكون لا أساس لها أو نشر محتوى إعلانى رمادى.

{long_qoute_1}

فى الثورة المصرية عام 2011، حققت المنصات الاجتماعية، خصوصاً «فيس بوك»، مثالاً لهذا الدور المتناقض، فكانت وسيلة للحشد الثورى والدعوات بالنزول للميادين، ما جعل السياسيين الثوريين والرافضين للثورة أيضاً جميعهم يطلقون عليها ثورة أو انتفاضة «شباب الفيس بوك»، فالجميع اعترف أنه لولا تلك المنصة لما استطاع هؤلاء الشباب أن يعبروا عن مطالبهم، أما على النقيض استخدمت تلك المنصات لترويج بعض الشائعات فى نفس التوقيت فى الأيام الأخيرة للثورة التى استمرت 18 يوماً، فاستخدمها المعارضون لحركة الشباب لتشويه صورتهم، كما استخدمها الشباب أنفسهم أو من يتعاطفون معهم فى نقل شائعات عن وجود عصابات هربت من السجون لسرقة المواطنين فى كل مكان فى مصر، ما أثار الهلع لدى بعض المواطنين، وهو ما دفع الشعب المصرى لتنظيم ما يمسى بـ«اللجان الشعبية» حتى داخل المناطق الشعبية والفقيرة، وحتى بعد 6 أعوام من ثورة يناير وما تبعها، وتحديداً فى بداية العام 2017، استخدمت المنصات الاجتماعية فى ترويج شائعات جديدة وكان لها أثر على اتخاذ القرار المصرى، حيث كانت هناك حالة من عدم الاستقرار فى سعر صرف العملات الأجنبية، خصوصاً الدولار الأمريكى، واستخدم مالكو الصرافات والعاملون فى العملات «السوشيال ميديا» فى ترويج شائعات بارتفاع السعر يومياً، بل كل ساعة، وكان هدفها انتشار السوق غير الرسمية للعملة، وبالتالى تحقيق مكاسب كبيرة لمن يملك قدراً من العملات الأجنبية ليبيعها بأعلى سعر، حتى وصل سعر الدولار إلى 20 جنيهاً فى السوق غير الرسمية وكما هو متداول على «فيس بوك»، فى حين أن سعره الرسمى فى البنوك لم يتجاوز حاجز الـ10 جنيهات، بحسب ما أعلنه طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، فى أغسطس الماضى، موضحاً أن القرار المصرى بتحرير أسعار الصرف كان من أسبابه القضاء على تلك الشائعات والسوق غير الرسمية أيضاً.

{long_qoute_2}

بدأ «فيس بوك» فى 2009، فى بناء نظام «الذكاء الاصطناعى» وكان هدفه حماية المجتمع من الإساءة والكراهية فى ظل وجود الأزمة الاقتصادية العالمية، ووضع معايير لتوثيق الصفحات الشخصية أو التابعة لمؤسسات صحفية أو تجارية أو شخصيات سياسية، ما من شأنه البدء فى توثيق المنشورات التى تنشر من خلاله، فأصبحت الصفحات الموثقة مسئولة عما تنشره، ومع الوقت فهم المستخدمون أن المنشورات عبر الصفحات «غير الموثقة» قد لا يصدقونها، ويرجعون لمصادر أخرى لتوثيق تلك المعلومات، وفى 27 نوفمبر الماضى أعلن «فيس بوك» تطوير تقنية «الذكاء الاصطناعى» حتى أصبح يقاوم ظاهرة الانتحار بالمساعدة بإبلاغ أصدقائه وعائلته بالوجود بجانبه إذا كتب منشوراً يعبر عن نيته أو تفكيره فى الانتحار، ويقول «زاكيربيرج» فى هذا الصدد: «نستثمر فى تعظيم الأمان وحماية مجتمعاتنا المحلية حتى لو أثر ذلك على أرباحنا المادية». أما عن «جوجل» فله استراتيجية مختلفة، فمحرك البحث الشهير يرى أن دوره الحقيقى فى مساعدة المستخدمين للوصول إلى ما يبحثون عنه داخل شبكة الإنترنت بغض النظر عن تصنيف هذه المعلومات، طالما هذه المعلومات موجودة ومنشورة على أى موقع على الإنترنت، فمحرك البحث ليس منافساً لـ«فيس بوك» لاختلاف طبيعة عمل الموقعين، وحاولت «جوجل» أن تنافس «فيس بوك» بإصدار موقعها الاجتماعى «جوجل بلاس» ووضعت فيه برنامجاً مشابهاً لبرنامج «الذكاء الاصطناعى» إلا أن مقاييس انتشار وفاعلية «جوجل بلاس» بين عامة الناس ليست كبيرة ولا تقارن مع الموقع المنافس، وبالتالى فنشر الشائعات خلاله غير مجد لراغبى نشر تلك الشائعات.


مواضيع متعلقة